ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى المجلد 3

اشارة

سرشناسه : صافی گلپایگانی، علی، 1281 - ، شارح

عنوان و نام پديدآور : ذخیره العقبی فی شرح العروه الوثقی [محمدکاظم بن عبدالعظیم یزدی]/ تالیف علی الصافی الگلپایگانی

مشخصات نشر : قم: مکتبه المعارف الاسلامیه، - 1372.

شابک : 2500ریال(ج.1)

وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی

يادداشت : ج. 2 (چاپ 1372)؛ بها: 2500 ریال

يادداشت : ج. 3 (چاپ اول: 1374)؛ بها: 6000 ریال

عنوان دیگر : العروه الوثقی. شرح

موضوع : یزدی، محمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1337؟ق. العروه الوثقی -- نقد و تفسیر

موضوع : فقه جعفری -- قرن ق 14

شناسه افزوده : یزدی، محمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1337ق. العروه الوثقی. شرح

رده بندی کنگره : BP183/5/ی4ع40216 1372

رده بندی دیویی : 297/342

شماره کتابشناسی ملی : م 74-5990

[تتمة كتاب الطهارة]

[الحمد و الثناء]

نحمدك يا ربّ على نعمائك و نشكرك على آلائك و نصلّي و نسلّم على محمّد خاتم انبيائك الّذي اعطيته دينا جامعا

وافيا لهداية خلقك و سعادة عبادك صلّ اللّهم عليه و على آله افضل ما صلّيت على اوليائك لا سيّما على الامام الثاني عشر الكاشف للضرّ عن احبّائك و المنتقم من أعدائك و اللّعن على أعدائهم الى يوم لقائك.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 5

فصل: فى اشتراط ازالة النجاسة عن البدن و اللباس فى الصلاة

اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 7

قوله رحمه اللّه

فصل فى اشتراط ازالة النجاسة عن البدن و اللباس فى الصلاة يشترط، في صحة الصلاة واجبة كانت او مندوبة ازالة النجاسة عن البدن حتى الظفر و الشعر و اللباس، ساترا كان او غير ساتر عدا ما سيجي ء من مثل الجورب و نحوه ممّا لا تتم الصلاة فيه، و كذا يشترط في توابعها من صلاة الاحتياط و قضاء التشهد و السجدة المنسيّين و كذا في سجدتى السهو على الاحوط، و لا يشترط فيما يتقدمها من الاذان و الاقامة و الأدعية التي قبل تكبيرة الاحرام و لا فيما يتأخرها من التعقيب، و يلحق باللباس على الاحوط اللحاف الذي يتغطّى به المصلي مضطجعا ايماء سواء كان مستترا به او لا، و ان كان الاقوى في صورة عدم التستّر به بان كان ساتر غيره عدم الاشتراط، و يشترط في صحة الصلاة أيضا ازالتها عن موضع السجود دون المواضع الآخر فلا بأس بنجاستها الّا اذا كانت مسرية الى بدنه او لباسه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 8

(1)

اقول:

يقع الكلام في الفصل المذكور في مواقع:

الموقع الاول: لا اشكال فتوى في اشتراط صحة الصلاة في الجملة بازالة النجاسة

عن البدن و اللباس و ادعى عليه الاجماع و الاتفاق بل الضرورة.

كما لا اشكال في ذلك نصا بل الاخبار بلغ حد الاستفاضة بل في اللباس حدّ التواتر.

فيدلّ في خصوص البدن بعض الاخبار:

منها الرواية 4 من الباب 29 و الرواية 5 من الباب 20 و الرواية 7 من الباب 30 من ابواب النجاسات من الوسائل و غيرها من الاخبار.

و يدلّ فى خصوص الثوب بعض الروايات كالرواية 1 من الباب 8 و الرواية 2 من الباب 16 و الرواية 1 و 2 و 4 و 6 من الباب 20 و الرواية

5 من الباب 25 و الرواية 12 من الباب 27 و الرواية 5 و 7 من الباب 30 و الرواية 1 و 2 و 5 من الباب 31 من ابواب النجاسات من الوسائل و غيرها من الاخبار فلا اشكال في الجملة في اصل المسألة.

الموقع الثاني: لا فرق في النجاسات من حيث هذا الحكم

فيجب الازالة البدن عن جميع النجاسات لان بعض الاخبار و ان كان مورده خصوص بعض افراد النجاسات لكن بعضها يكون مطلقا مثل الرواية 4 من الباب 29 من ابواب النجاسات في خصوص البدن و مثل الرواية 5 من الباب 30 و الرواية 2 من الباب 31 و الرواية 5 من الباب 31 من ابواب النجاسات من الوسائل في خصوص اللباس.

الموقع الثالث: لا فرق فى هذا الحكم بين ان تكون الصلاة واجبة

و بين ان

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 9

تكون مندوبة فيشترط ازالة النجاسة عن البدن في كل منهما بمقتضى اطلاق الادلة.

الموقع الرابع: لا فرق في النجاسة بين قليلها و كثيرها

لاطلاق بعض الاخبار فيشمل القليل كما يشمل الكثير، بل التصريح في بعض الروايات بوجوب الازالة حتى في القليل مثل الرواية 1 و 2 و 3 من الباب 19 و الرواية 1 من الباب 21 و الرواية 1 و 2 من الباب 24 من ابواب النجاسات من الوسائل الا في خصوص الدم الاقل من الدرهم لورود النص في خصوصه الدال على عدم الباس في الاقل من الدرهم.

الموقع الخامس: لا فرق في وجوب الازالة عن البدن بين اجزائه

فيشترط ازالة النجاسة عن جميع اجزاء البدن في الصلاة حتى الظفر و الشّعر لاطلاق الاخبار بحيث يشمل جميع اجزاء البدن خصوصا مع التصريح ببعض الاجزاء من البدن في بعض الروايات.

مثل الرواية 4 من الباب 29 من ابواب النجاسات من الوسائل لان فيها قال عليه السّلام «و ان كانت رجلك رطبة او جبهتك رطبة او غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع القذر فلا تصلّ على ذلك حتى ييبس» فان قوله او غير ذلك منك يشمل حتى الظفر و الشعر.

الموقع السادس: بعد ما عرفت من انه تجب ازالة النجاسة للصلاة

عن اللباس في الجملة و بعد ما يأتي إن شاء الله من اغتفار النجاسة اذا كانت فيما لا تتم فيه الصلاة مثل الجورب و نحوه.

يقع الكلام فيما هو المراد من اللباس، و انه هل يكون خصوص الثوب او مطلق اللباس و ان لم يطلق عليه الثوب مثل العمامة او ما يغطّى به البدن و ان لم يكن لباسا مثل ما اذا غطّي بدنه بالقطن او الصوف، او يكون اوسع من ذلك أيضا فيكفى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 10

فيما تجب ازالة النجاسة عنه كونه بحيث يقع اطلاق عنوان كون الصلاة فيه بالظرفيّة الاتّساعيّة لا الظرفيّة الحقيقية.

لا اشكال في عدم الانحصار بخصوص الثوب و ان كان في جلّ الاخبار او كلّها المذكور هو الثوب لانّا نعلم عدم الاختصاص به و المناط الموجود في الثوب موجود فيما يطلق عليه اللباس كالقطن او الصوف الغير المنسوجين المغطّي به الجسد لان ذكر الثوب يكون من باب المثال.

مضافا الى ما ذكرنا من ان المناط هو عدم كون ما يصلّي فيه نجسا.

و لهذا نقول الحق هو عدم الجواز حتى في الصورة الرابعة، و هى ما تكون الصلاة فيه

بغير الظرفيّة الحقيقيّة و الشاهد على تعميم الحكم و شموله لكل من الصور المذكورة ما ورد في عدم البأس بما لا تتم الصلاة فيه و ان الصلاة فيه جائز مع عدم كون كل افراد ما لا تتمّ الصلاة فيه ثوبا بل و لا لباسا بل و لا بنحو يغطّى به البدن بل يكون مجرد كون الصلاة فيه توسّعا و هذا اعني عدم الباس فيما لا تتمّ فيه الصلاة يكون الاستثناء من اللباس الذي تجب ازالة النجاسة عنه و بعد كون الظاهر من الاستثناء هو المتصل و كونه من جنس المستثنى منه نكشف من ذلك تعميم المستثنى منه بنحو يشمل جميع ما يصح ان يقال يصلّي فيه و لو توسّعا فمن ذلك الاخبار الواردة فيما لا تتمّ فيه الصلاة من انه لا بأس بالصلاة فيه مع كونه نجسا.

مثل ما رواها زرارة عن احدهما عليهما السّلام (قال كل ما كان لا تجوز فيه الصلاة وحده فلا بأس بان يكون عليه الشي ء مثل القلنسوة و التكة و الجورب). «1»

و مثل ما رواها حمّاد بن عثمان عمّن رواه عن أبي عبد اللّه عليهما السّلام (في الرّجل

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 31 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 11

يصلّى في الخفّ الّذي قد اصابه القذر فقال اذا كان مما لا تتم فيه الصلاة فلا بأس). «1»

و مثل ما رواها عبد اللّه بن سنان عمّن اخبره عن ابي عبد اللّه عليه السّلام (انه قال كلما كان على الانسان او معه مما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بان يصلّي فيه و ان كان فيه قذر مثل القلنسوة و التكة و الكمرة و

النعل و الخفّين و ما اشبه ذلك) «2»

و هذه الرواية تدلّ على ان ما كان على الانسان او معه مما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بان يصلّى فيه فاذا كان على الانسان او معه ما يتمّ الصلاة معه لا يجوز الصلاة فيه لانه بعد كون المرتكز عند السائل و المسئول عنه هو عدم جواز الصلاة في النجس يستفاد من الرواية جوازه فى هذا القسم و ان اللباس الموضوع لحكم النجاسة هو ما يكون عليه او معه غاية الامر هذا القسم يستثني من عدم الجواز.

نعم هنا كلام آخر و هو انها هل تدلّ على عدم الجواز في المحمول أم لا يأتي الكلام فيه إن شاء اللّه.

فيستفاد من هذه الاخبار باعتبار الاستثناء و باعتبار بعض الامثلة المذكورة و باعتباران مجرّد كون الصلاة فيه توسّعا يكفي فيما هو موضوع الحكم من اللباس و ان لم يكن لباسا اصلا مثل التكة مثلا ما قلنا في موضوع اللباس.

و كذلك يستفاد ذلك من بعض اخبار أخر مثل ما رواها ابن ابي عمير عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في الميتة قال لا تصلّ في شي ء منه و لا في شسع). «3»

بناء على ان الوجه في عدم الجواز في الميتة كونها نجسا فتدل الخبر على ان ما لا تصحّ فيه الصلاة اعمّ من اللباس بحيث يشمل الشّسع من النّعل.

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 31 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 5 من الباب 31 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 2 من الباب 1 من ابواب اللباس المصلي من الوسائل، ج 3.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 12

و مثل ما رواها وهب عن جعفر

عن ابيه ان عليا عليه السّلام (قال السيف بمنزلة الرداء تصلّي فيه ما لم ترفيه دم و القوس بمنزله الرداء) «1».

فهي تدلّ على ان السيف بمنزلة الرداء تجوز الصلاة فيه ما لم يكن نجسا فيستفاد منه انّ اللباس الموضوع للحكم اعم دائرة بحيث يشمل السيف و القوس.

و مثل ما رواها موسى بن اكيل النميري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام (في الحديد و فيها قال «قال لا تجوز الصلاة في شي ء من الحديد فانه نجس ممسوخ) «2».

و هذه الرواية و ان حملت على الكراهة لكن لا يضرّ بالاستشهاد للتعبير فيها بانه «لا تجوز الصلاة في شي ء من الحديد فانه نجس» فما منع من الصلاة فيه لاجل النجاسة من اللباس يكفي فيه مجرد الصلاة فيه و ان كان كالحديد و يستفاد من بعض الاخبار اطلاق اللباس على الخاتم و امثاله فراجع ابواب اللباس المصلي.

الموقع السابع: لا فرق في الحكم بوجوب الازالة بين كون اللباس ساترا او غير ساتر

لاطلاق الادلة الواردة في الباب.

الموقع الثامن: كما يجب ازالة النجاسة عن الثوب و البدن في صحة الصلاة

يجب ازالتها في صلاة الاحتياط لانه صلاة فيشملها الاطلاقات.

مضافا الى كونها على تقدير جزء من الصلاة فيجب اتيانها بنحو تكون قابلة لان تصير جزء للصلاة.

و كذلك في قضاء التشهد و السجدتين لا المنسيّتين لانها قضاء للتشهد و سجدة الصلاة فيعتبر في القضاء ما يعتبر في الاداء.

و أمّا في سجدتي السهو فقد يقال كما حكى عن بعض بان المنصرف من ادلتهما

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 57 من ابواب اللباس المصلي من الوسائل، ج 3.

(2) الرواية 6 من الباب 32 من ابواب اللباس المصلي من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 13

اشتراطهما بطهارة الثوب و البدن.

و فيه منع الانصراف بل ادلتهما مطلقة و مع الشك في الاعتبار يكون المرجع اصالة البراءة لكون الشك في الشرطية في المأمور به.

و قد يقال باعتبارها فيهما لكونهما من متمّمات الصلاة لان ما وقع منه أو فات سهوا صار موجبا لوجوبهما فهما مربوطتان بها و من متمماتها.

و فيه منع ذلك أيضا فان الاقوى كما قلنا في بعض تقريراتنا عن بحث سيدنا الأعظم آية العظمى البروجردي قدّس سرّه ان سجدتي السهو واجبتان مستقلتان و ان كان سبب وجوبهما ما وقع او ما فات عنه في الصلاة لكن ليستا من متمّماتها و لهذا لا يضرّ بهما وقوع المنافيات بينهما و بين الصلاة و لو تركهما عمدا لا تبطل صلاته بل يعاقب على ترك ما وجب عليه من سجدتي السهو و لكن مع هذا نقول في مقام العمل بان الاحوط اشتراطها فيهما.

اما في الاذان و الاقامة فلا دليل على اشتراط صحتهما بازالة النجاسة عن الثوب و البدن بل ما يأتي عاجلا بنظري القاصر عدم وجود الدليل

على استحبابها فيهما بالخصوص الا ان يقال باستحبابها فيهما من باب معلوميتها في مطلق حال الذكر و الدعاء.

و كذلك في التعقيب لان الادلة تدل على اعتبارها في الصلاة و ليس الاذان و الاقامة و التّعقيب من الصلاة.

الموقع التاسع: و يلحق باللباس اللحاف الذي يتغطّى به المصلي مضطجعا

ايماء سواء كان ساترا له أم لا لما قلنا في الموقع السادس من ان اللباس الذي يجب ازالة النجاسة عنه في صحة الصلاة اعم من الثوب و اللباس بل عمّا يتغطّى به المصلّي و يكفي في موضوعه مجرد وقوع الصلاة فيه و كونه ظرفا للصلاة و لو توسّعا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 14

و من الواضح ان اللحاف الذي يتغطى به المصلّي لا يكون امره اهون مما يتغطّى به من القطن او الصوف و بعد التغطي به حال الصلاة يجب ازالة النجاسة عنه سواء كان ساترا له أم لا، فما قاله المؤلف رحمه اللّه من ان الاقوى عدم الشّرطية في صورة عدم التّستر به ليس بتمام.

الموقع العاشر: و يشترط في صحة الصلاة ازالة النجاسة عن موضع السجود
اشارة

دون المواضع الآخر الا اذا كانت مسرية الى بدنه او لباسه فيقع الكلام في جهتين:

الجهة الاولى: في اشتراطها في موضع السجود

فنقول بعونه تعالى.

أمّا الحكم من حيث الفتوى فقد ادعى عليه الاجماع و من ذكر انّه مخالف من الفقهاء فقد استوجه كلامه بنحو لا يكون مخالفا للاجماع.

و أمّا من حيث النص فما استدل به فروايات:

الرواية الاولى: النبوى المشهور (جنّبوا مساجدكم النجاسة). «1»

و فيه انه من المحتمل كون المراد الأمكنة المعدّة للصلاة و السجود و بعبارة اخرى المساجد و لهذا استدل بها على عدم جواز تنجيس المسجد و وجوب ازالة النجاسة عنها.

الرواية الثانية: ما رواها زرارة (قال سألت أبا جعفر عليه السّلام عن البول يكون على السطح او في المكان الذي يصلّي فيه فقال اذا جفّفته الشمس فصلّ عليه فهو طاهر) «2».

بناء على شمولها لموضع السجدة فهى تدل على أن الارض بعد تجفيفها

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 24 من ابواب احكام المساجد من الوسائل ج 3.

(2) الرواية 1 من الباب 29 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 15

بالشمس حيث تصير طاهرة تصحّ الصلاة عليها فلا يرد عليها ما يتوهم من ان جواز الصلاة مع التجفيف يكون لا جل عدم سراية النجاسة.

لأنه ان كان لا جل ذلك لا يحتاج الى ان يقول فصلّ عليه فهو طاهر بل الحري ان يقول صلّ عليه لانّه جاف.

لكن يرد على الاستدلال ان مقتضى الخبر اعتبار طهارة مكان المصلى حتى غير موضع الجبهة و بعد دلالة بعض الروايات كما سيأتي إن شاء اللّه على عدم الاعتبار به و كفاية الجفاف و عدم السراية و ان لم يكن طاهرا لا بد من حمل الخبر على ان النظر في السؤال و الجواب

على صورة عدم الجفاف و ان مع الجفاف لا اشكال فيه، غاية الامر مع تجفيفها بالشمس صار طاهرا أيضا او يحمل على استحباب طهارة المكان مع الجفاف بقرينة ما يدل على عدم اعتبار الطهارة مع الجفاف و عدم السراية.

الرواية الثالثة: ما رواها عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام و فيها قال (و ان كانت رجلك رطبة و جبهتك رطبة او غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع القذر فلا تصلّ على ذلك الموضع حتى ييبس و ان كان غير الشمس اصابه حتى ييبس فانه لا يجوز ذلك). «1»

تدل على عدم جواز وضع الجبهة على الارض الرطبة حتى يبيس بالشمس و عدم كفاية صيرورتها جافة بغير الشمس لان بالشمس تطهر الارض لا بغيره فيستفاد من ذلك اعتبار طهارة المسجد و الا لو كان الجفاف كافيا لا فرق بين جفافها بالشمس او بغيرها.

ان قلت بعد عدم اعتبار الطهارة في غير مسجد الجبهة لا بد من حمل قوله لا

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 29 من ابواب النّجاسات و الاواني الجلود من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 16

يجوز ذلك على الكراهة.

قلت ما يدلّ عليه الدليل هو عدم الاعتبار في غير مسجد الجبهة ففي الرجل او غيرها من اعضاء البدن غير موضع السجدة يحمل على استحباب الطهارة او الكراهة بدون الطهارة.

و أمّا في خصوص الجبهة فالخبر باق بحاله من الحجّية و هذا ما خطر ببالي من الاستدلال بهذا الخبر و لم أر انّ غيري تمسّك به على اعتبار طهارة موضع الجبهة.

الرواية الرابعة: ما رواها الحسن بن محبوب (قال سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الجصّ توقد عليه العذرة و عظام الموتى ثمّ يجصّص

به المسجد أ يسجد عليه فكتب عليه السّلام إليّ بخطّه ان الماء و النار قد طهّراه). «1»

و الرواية و ان كان كانت بظاهرها مورد الاشكال من حيث ان وقود العذرة و عظام الموتى لا يوجب تنجس الجص و على فرض نجاسته لا يكون الماء و النار مطهّرين له و لكن مع هذا لا يضرّ ذلك على الاستشهاد بالرواية لانه يستفاد من الرواية كون المرتكز عند السائل و الامام عليه السّلام اعتبار طهارة موضع السجدة لانه سئل عن جواز السجود عليه مع نجاسته في نظره و يقرّره الامام عليه السّلام بان الماء و النار قد طهّراه و لو لم يعتبر الطهارة في موضع السجدة كان المناسب ان يجيب بانه لا يضرّ نجاستها لا ان يقول ان الماء و النار قد طهّراه فتدل على طهارة موضع السجدة و على كل حال لا اشكال في ذلك فتوى كما يستفاد ذلك من بعض النصوص المتقدمة.

الجهة الثانية: لا يعتبر طهارة غير موضع السجدة من المكان المصلى

الا اذا كان فيه نجاسة مسرية الى بدنه او لباسه للتنصيص بذلك في الروايتين و هما ما

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 10 من ابواب ما يسجد عليه من الوسائل. ج 3.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 17

رواهما على بن جعفر «1» عن اخيه موسى بن جعفر عليه السّلام «2» و الرواية الّتي رواها عمار الساباطي (قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البارية يبلّ قصبها بماء قذر هل تجوز الصلاة عليها فقال اذا جفّت فلا بأس بالصلاة عليها) «3».

و بها يجمع بين ما يدل على عدم الباس مطلقا بحيث يشمل اطلاقها صورة عدم الجفاف كالرواية 3 و 4 من الباب المذكور و بين ما يدل عدم الصلاة مطلقا في

مكان نجس كالرواية 6 من الباب المذكور فيقيّد اطلاق كل من الطائفتين بالروايات الثلاثة الدالة على عدم البأس اذا كان المكان جافّا.

و يحتمل حمل ما دل على عدم البأس على غير موضع السجدة و ما يدلّ على البأس على موضع السجدة.

و لكن مع هذا لا بدّ من تقييد ما يدل على النهى على المكان النجس بمفهوم الروايات المقيدة على الجواز على خصوص صورة كون المكان جافّا.

***

[مسئلة 1: اذا وضع جبهته على محل بعضه طاهر و بعضه نجس]

اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 1: اذا وضع جبهته على محل بعضه طاهر و بعضه نجس صحّ اذا كان الطاهر بمقدار الواجب فلا يضرّ كون البعض الآخر نجسا، و ان كان الاحوط طهارة جميع ما يقع عليه، و يكفى كون السطح الظّاهر من المسجد طاهرا و ان كان باطنه او سطحه الآخر او ما تحته نجسا، فلو وضع التربة على محل نجس

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 30 من ابواب النجاسات من الوسائل. ج 3.

(2) الرواية 2 من الباب 30 من ابواب النجاسات من الوسائل، ج 3.

(3) الرواية 5 من الباب 30 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 18

و كانت طاهرة و لو سطحها الظّاهر صحت الصلاة.

(1)

أقول: ان في المسألة جهتان من البحث:

الجهة الاولى: هل المعتبر طهارة خصوص المقدار الواجب من مسجد الجبهة

و ان كان باقي موضع السجود نجسا او يعتبر طهارة تمام الموضع الذي يقع عليه الجبهة و ان كان ازيد من المقدار الواجب من السجدة.

الحقّ هو الاول لان الدليل لا يدلّ على ازيد من ذلك سواء كان الدليل الاجماع او النص لان الواجب في السجود وضع الجبهة على الارض و يشترط طهارة هذا الموضع الذي يجب وضع الجبهة عليه فلو اعتبرنا فيه المسمّى او مقدارا لا يكون اقلّ من الدرهم فالمعتبر على هذا طهارة هذا المقدار و كل مقدار من الجبهة يقع على الموضع ازيد من هذا المقدار فهو كالحجر في جنب الانسان لا يكون دخيلا في الواجب فلو وقع هذا المقدار الزائد على ما لا يقع السجود عليه من جهة نجاسة هذا الموضع الزائد على الواجب او من جهة عدم كونه من الارض او ممّا انبتته الارض فلا يضرّ ذلك بتحقق الواجب فلا يعتبر في الزائد ما

يعتبر في المقدار الواجب.

ان قلت مع فرض وقوع الجبهة على المكان النجس و ان وقعت الجبهة بمقدار الواجب على المكان الطاهر لكن مع ذلك يصدق عرفا انه سجد على النجس فلا يتحقق الامتثال و فرق بين وقوع ازيد من الواجب على النجس و بين وقوعه على غير ما يصحّ السجود عليه لان الاول شرط في المسجد فيعتبر بنظر العرف كون تمام موضع السجود طاهرا و الثاني شرط في السجدة فلا يعتبر بنظر العرف الّا كون المقدار الواجب على يصحّ السجود عليه.

قلت انه و ان كان يصدق في المثال انه سجد على النجس لكن يصدق انه

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 19

سجد على الموضع الطاهر و لا نحتاج الّا الى وقوع مقدار الواجب على الطاهر و الفرق الذي ادعى بين شرط السجدة و شرط المسجد بنظر العرف ففيه انه ادعاء و ليس كما توهّم.

فلا اشكال في كفاية كون المقدار الواجب طاهرا و ان كان ينبغي الاحتياط.

الجهة الثانية: و هى انه هل يكفي في مسجد الجبهة طهارة سطحه الظاهر

المماس مع الجبهة و ان كان باطنه او سطحه الآخر نجسا او لا يكفي ذلك بل الواجب طهارة سطحه الظاهر المماس مع الجبهة و سطحه الآخر و جوفه.

الاقوى الاول لان الدليل سواء كان الاجماع او النصوص لا يدل على ازيد من ذلك فلا يجب طهارة جوفه و لا سطحه الآخر فضلا عن الموضع الذي يكون تحت سطحه الآخر فلو وضعت التربة على محل النجس و كان سطحها الظاهر طاهرا يكفي للسجود و لا يضرّ نجاسة جوفها و لا سطحها الآخر و لا ما تحت سطحها الآخر.

***

[مسئلة 2: يجب ازالة النجاسة عن المساجد]

اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 2: يجب ازالة النجاسة عن المساجد داخلها و سقفها و سطحها و طرف الداخل من جدرانها بل و الطرف الخارج على الاحوط الا ان لا يجعلها الواقف جزء من المسجد بل لو لم يجعل مكانا مخصوصا منها جزء لا يلحقها الحكم و وجوب الازالة فوري، فلا يجوز التأخير بمقدار ينافي الفور العرفي، و يحرم تنجيسها أيضا بل لا يجوز ادخال عين النجاسة فيها و ان لم تكن منجّسة اذا كانت موجبة لهتك حرمتها بل مطلقا على الاحوط و امّا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 20

ادخال المتنجس فلا بأس ما لم يستلزم الهتك.

(1)

اقول: الكلام يقع في موارد:

المورد الاوّل: في وجوب ازالة النجاسة عن المساجد في الجملة.
اشارة

فنقول بعونه تعالى انه ليس فيما يستدل به من الكتاب و السنة و الاجماع ما يدلّ على وجوب ازالة النجاسة عن المساجد الا الآية الشريفة التي نذكرها إن شاء الله و لا يتم الاستدلال بها نعم.

ما يكون معنونا في كلماتهم كما ترى من الشرائع هو وجوب ازالة النجاسة لدخول المساجد و انه لا يجوز ادخال النجاسة فيها و عليه يدعى دلالة بعض الآيات الشريفة او الاخبار او قيام الاجماع.

فيقال بعد فرض حرمة ادخال النجاسة في المساجد يجب ازالة النجاسة عنها لانه بعد ما كان ادخالها حراما فازالتها واجبة، فعلى هذا لا بد من عطف عنان الكلام الى ما يمكن ان يستدل به على حرمة ادخال النجاسة فى المساجد فنقول:

الدليل الأوّل: بعض الآيات

منها قوله تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلٰا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرٰامَ بَعْدَ عٰامِهِمْ هٰذٰا وَ إِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شٰاءَ إِنَّ اللّٰهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. «1»

بدعوى دلالة الآية على عدم جواز دخول المشركين في المسجد الحرام لاجل نجاستهم و انه لا فرق بين نجاسة الشرك و بين غيرها من النجاسات لعدم القول بالفصل و انه لا فرق بين المسجد الحرام فى هذا الحيث و بين غيره من المساجد مسلّما و عدم القول بالفصل.

______________________________

(1) سورة التوبة، الآية 28.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 21

استشكل بالاستدلال بها: أوّلا: بان الآية غاية ما تدل عليه هو عدم جواز ادخال خصوص المشرك في خصوص المسجد الحرام و أمّا غير المشرك من النجاسات و حرمة ادخال مطلق النجاسات حتى المشرك في غير المسجد الحرام فلا تدل عليه.

و فيه أنّه كما مرّ الكلام عند البحث عن نجاسة الكافر عن الآية هو ان

النهى عن دخول المشرك في المسجد الحرام في الآية الشريفة كان لنجاسته فكل نجاسة مثله فالآية تدل على عدم جواز دخوله في المسجد الحرام حتى لو قلنا بأن النجس في الآية اعم من النّجس المصطلح او كان المراد منه مطلق القذارة فتدل الآية على عدم جواز ادخال النجاسة في المسجد لانها من القذارات.

نعم دعوى عدم الفرق في هذا الحكم بين المسجد الحرام و بين غيره من المساجد فعهدته على مدعيه.

و كيف يمكن القول بعدم الفرق بين ساير المساجد و بين المسجد الحرام فى هذا الحكم.

ثانيا: استشكل في الاستدلال بالآية بان مقتضي ظاهر الآية على تقدير تمامية دلالتها هو عدم جواز إدخال النجاسة سواء كانت مسرية أم لا.

و اجيب عن ذلك بان النهى عن دخول المشركين فى المسجد الحرام يكون من باب ان الغالب سراية نجاسة بدنهم و لباسهم بالمسجد لعدم مبالاتهم في عدم السراية و انّهم متى يجلسون في المسجد يعرق ابدانهم و يسري الى المسجد.

فيه ان الغالب ليس كذلك و بعد كون النهى مطلقا سواء كان فيهم او معهم نجاسة مسرية أم لا فكيف يمكن حمل المطلق بخصوص مورد السراية لمجرد السراية الاتفاقيّة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 22

و لهذا لا بدّ إمّا من الالتزام بعدم جواز ادخال النجس مطلقا سواء كان مسريا أم لا او الجواب بنحو آخر و يأتي إن شاء الله عند التعرض للاجماع.

منها قوله تعالى وَ طَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ وَ الْقٰائِمِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ «1» و المراد هو التطهير من النجاسة.

هذه الآية على تقدير دلالتها تدل على وجوب ازالة النجاسة عن المسجد.

و فيه أمّا أولا فانها في خصوص المسجد الحرام و دعوى عدم الفرق بينه و بين

ساير المساجد قد عرفت فساده.

و أمّا ثانيا بان الامر بعد كونه بابراهيم عليه السّلام يحتمل ان يكون التطهر عن قذارة الشرك و الكفر و الأوثان و الشاهد انّ اللّه تعالى يأمر نبيه عليه السّلام بأن يطّهر بيته للطائفين الى الآخر يعني يفرغ هذا المكان الشريف عن المشركين و الكفار و يخلّيه للطائفين و القائمين و الرّكّع السجود.

الدليل الثاني: بعض الاخبار

منها النبوى المعروف «جنّبوا مساجدكم النّجاسة» «2» فان هذه الرواية تدل على وجوب تجنّب المساجد عن النجاسات.

فيه ان المسجد مجمل بين المسجد اى المعبد و بين موضع الجبهة حين السجود لانه مسجد أيضا و بعد كونه مجملا لا يمكن الاستدلال بهذه الرواية.

منها ما رواها ميمون القدّاح عن جعفر بن محمد عن ابيه عليهما السّلام (قال قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم تعاهدوا نعالكم عند ابواب مساجدكم و نهى ان يتنعّل الرجل و هو قائم) «3».

______________________________

(1) سورة الحج، الآية 26.

(2) الرواية 2 من الباب 24 من ابواب احكام المساجد من الوسائل.

(3) الرواية 1 من الباب 24 من ابواب احكام المساجد من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 23

و منها ما عن الطبرسي في (مكارم الاخلاق) عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (في قوله تعالى خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ قال تعاهدوا نعالكم عند ابواب المسجد) بدعوى دلالتها على ان الامر بالتعاهد و النظر الى النعال قبل دخول المسجد يكون لاجل ان لا يدخل الشخص مع النعل النجس.

حمل هذه الطائفة من الاخبار على التعاهد لاجل الصلاة لان الذهاب الى المسجد يكون لاجل اداء الصلاة حتى لا تقع صلاته في النجس بعيد لان تعاهد النعال ان كان للصلاة فلا يامر بتعاهده عند

ابواب المسجد فتدلّ هذه الطائفة من الاخبار على المدّعى فتأمل.

و ما قيل من ان الامر بالتعاهد لا يدل على الوجوب ففيه ان الظاهر هو الوجوب و لا قرينة على حمله على الاستحباب بل يكون وجوب التعاهد للغير و هو عدم ورود النجس في المسجد و هذا شاهد على اهميّة تجنب النجاسة عن المساجد و لهذا امر بالتعاهد.

منها ما رواها محمد الحلبي قال نزلنا في مكان بيننا و بين المسجد زقاق قذر (فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال اين نزلتم فقلت نزلنا في دار فلان فقال ان بينكم و بين المسجد زقاقا قذرا او قلنا له ان بيننا و بين المسجد زقاقا قذرا فقال لا بأس ان الارض تطهّر بعضها بعضا قلت فالسرقين الرطب اطأ عليه فقال لا يضرك.

مثله) «1» لكن يشكل الاستدلال بها لاحتمال كون السؤال من حيث الصلاة و انه يريد المسجد لاداء الصلاة.

و منها بعض الاخبار الدالة على جواز اتّخاذ الكنيف مسجدا بعد تنظيفه و لو بطرح التراب عليه مثل ما رواها عبيد اللّه بن على الحلبي (في حديث) (انه قال

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 32 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 24

لابى عبد اللّه عليه السّلام فيصلح المكان الذي كان حشّا زمانا ان ينظف و يتّخذ مسجدا فقال نعم اذا ألقى عليه من التراب ما يواريه فانّ ذلك ينظفه و يطّهره) «1».

بدعوى على ان المستفاد من هذه الطائفة من الاخبار انه لا يجوز كون المسجد نجسا و لهذا سئل عن موضع الذي كان نجسا بانه يصلح صيرورته مسجدا أم لا و اجاب الامام عليه السّلام بان هذا يصح بعد تنظيفة و تطهيره

و لو بإلقاء التراب عليه.

و قد يقال كون المستفاد من هذه الطائفة من الاخبار جواز اتخاذ الكنيف مسجدا بعد التنظيف و لا يبعد كون المراد صيرورة ظاهره بعد ازالة الخباثة و القاء التراب عليه طاهرا لا تمام الموضع الذي كان نجسا حتى باطنه الذي وضع عليه التراب فلا يستفاد من الرواية عدم جواز ادخال النجس في المسجد او وجوب ازالته لانّ باطن الموضع الذي كان كنيفا باق على النجاسة و ان القى عليه التراب و الحال انه بعد صيرورته مسجدا يصير مسجدا حتى باطنه.

و يدفع بان المستفاد من كيفيّة السؤال و الجواب ان طهارة المسجد و تجنّبه عن النجاسة كان امرا مركوزا عند السائل و المسئول عنه لان السائل يكون سؤاله من هذا الحيث و الامام عليه السّلام لا ينكر عليه ذلك بل قال بان الموضع الذي كان كنيفا و اريد جعله مسجدا يطهره أوّلا و يزيل عنه النجاسة ثم يجعله مسجدا فهذه الروايات الواردة في باب جعل الكنيف مسجدا يشعر منها بل تدلّ على وجوب تجنّب المساجد عن النجاسة.

الدليل الثالث: و هو العمدة في الباب الاجماع

على عدم جواز ادخال النجاسة في المساجد كما يظهر للمراجع دعواه في كلمات بعض من الفقهاء رضوان اللّه تعالى عليهم.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 11 من ابواب احكام المساجد من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 25

لكن هنا اشكال و قد اشرنا عند التعرض لقوله تعالى إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ و هو ان الآية على تقدير سلامتها عن ساير الاشكالات يرد عليها اشكال آخر كما ان هذا الاشكال يكون في الاجماع المدعى أيضا و هو ان لازم الآية و الاجماع هو عدم جواز ادخال مطلق النجاسات في المسجد سواء كانت مسرية أم لا

كما هو ظاهر اطلاق كلام القدماء من الفقهاء رضوان اللّه عليهم بخلاف ما يظهر من جلّ المتاخرين منهم من انّ التجنب واجب اذا كانت النجاسة مسرية بالمسجد او فيما كانت موجبة لهتك المسجد و ان كانت غير مسرية كما في كلمات بعضهم فما ينبغي ان يقال فهل نقول بوجوب التجنب مطلقا سواء كانت النجاسة مسرية أم لا او نقول بوجوب التجنب في خصوص صورة كانت مسرية و وجوب ازالة النجاسة المسرية عن المساجد و أمّا لو لم تكن مسرية فلا يحرم ادخالها و لا ابقائها في المساجد.

اقول ما يمكن ان يقال في وجه حصر الحكم بصورة السراية امران:

الأمر الاوّل: دعوى انصراف كلمات المجمعين بخصوص هذه الصورة و أن القدر المتيقن من اتفاقهم هذه الصورة كما يمكن ان يقال بذلك في الآية كما اشرنا بان يقال وجه عدم جواز دخول المشركين ليس الا تسرية نجاستهم بالمسجد لانهم في الغالب مصاحبين للنجاسة و يعرق ابدانهم فيسري نجاستهم بالمسجد.

الأمر الثاني: بعض ما يدل على جواز اجتياز الجنب و الحائض عن المساجد و لبث المستحاضة مع العمل بوظيفتها و الصبيان و المجانين مع عدم انفكاكهم عن النجاسة الواقعة في بدنهم و لباسهم غالبا و كذا من به السلس او القروح و الجروح و جواز وروده في المساجد مع كونه ملوثا بالبول و الدّم فيقال بانه يستفاد منها جواز ادخال النجاسة الغير المسرية في المساجد و عدم خصوصيّة لنجاسة المني او دم الحيض او البول او الدم.

اقول بعد ما نرى جواز دخول هذه الطوائف من المستحاضة و المسلوس

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 26

و المبطون و من به القروح و المجروح و الصبيان و المجانين في

المساجد و لا يبعد دعوى السيرة على ذلك.

فأمّا ان يجمد و يقال ان الاجماع دليل مطلق يدل على عدم جواز ادخال النجاسة مطلقا مسرية كانت او غير مسرية و بعد جواز دخول هذه الاشخاص نقول بانه يقيد الدليل المطلق بدليل يدل على جواز دخول هذه الطوائف فتكون النتيجة الجواز في خصوص المذكورات.

أو يقال بانه بعد تجويز دخول المذكورات في صورة عدم السراية مع عدم اضطرارهم في دخول المساجد نقول بتجويز دخول كل نجاسة غير مسرية لعدم خصوصية لهذه المذكورات قطعا حتى يخصّص الحكم بخصوص هذه المذكورات.

اذا نقول انه لا يجوز ادخال النجاسة المسرية في المساجد و على تقدير نجاستها تجب ازالتها.

اما اذا لم تكن مسرية فلا يجوز أيضا اذا كانت موجبة لهتك حرمة المسجد.

اما اذا لم تكن مسرية و لم يكن دخولها موجبة لهتك المسجد.

فنقول أمّا الآية الشريفة كما عرفت واردة في خصوص المشرك و في خصوص المسجد الحرام و لا يتعدى الى غير المسجد الحرام.

و أمّا الاجماع و ان قلنا بانه مع تجويز المذكورات و عدم فهم الفرق بينها و بين غيرها من النجاسات و احتمال كون القدر المتقين من الاجماع هو صورة السراية و لكن مع ذلك لا ينبغى ترك الاحتياط في خصوص المشرك لاحتمال وجود الفرق بينه و بين ساير النجاسات.

ثمّ اعلم انه لا فرق في الحكم المذكور بين النجس و المتنجس فان قلنا بعدم الجواز نقول في المتنجس أيضا لانّ المتنجّس مصداق للنجس شرعا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 27

المورد الثاني: بعد ما عرفت من وجوب ازالة النجاسة عن المساجد

في الجملة نقول يثبت هذا الحكم فى داخل المساجد لانه القدر المتقين من موضوع الحكم و كذا سطحها و سقفها و الداخل من جدرانها من المسجد.

اما الخارج من

جدرانها ففيه اشكال منشأه عدم شمول الحكم له بدعوى انصراف الدليل عنه.

لكن لا يبعد عدم الفرق بين قسمة الخارج من جدرانها و بين قسمة الداخل منها لان الجدران من المسجد و الدليل يشمله.

المورد الثالث: ما ليس جزء للمسجد

اى للمعبد بحسب وقفه و ان كان من مرافق المسجد و متعلقاته لا يشمله الحكم لاختصاص الحكم بالمسجد فالصحن الخارج من المسجد بحسب وقفه لا يشمله الحكم.

المورد الرابع: ازالة النجاسة عن المسجد واجب فوري

و لو لم نقل باقتضاء الامر الفورية مطلقا لخصوصيّة في المورد لانه بعد ما صار ادخال النجاسة حراما لاجل تعظيم المسجد و تفخيمه و كذلك ابقائها فيجب الازالة فورا لان ابقاء النجاسة مخالف للمصلحة التي اوجبت الامر بالازالة فتجب الازالة فورا و تخلية المسجد عن النجاسة.

المورد الخامس: قد عرفت في المورد الاول ان وجوب الازالة منحصر بصورة سراية النجاسة

و لا يجوز الادخال في خصوص هذه الصورة نعم لو كان وجود النجاسة في المسجد موجبا لهتك حرمة المسجد و لو لم تكن مسرية لا يجوز ادخالها فيه و على فرض ادخالها يجب اخراجها فورا و لا فرق في ذلك بين اعيان النجسة و المتنجسة فلو كان وجود المتنجس موجبا لهتك المسجد يحرم ادخاله فيه و على فرض الدخول يجب اخراجه فورا.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 28

[مسئلة 3: وجوب ازالة النجاسة عن المساجد كفائي]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 3: وجوب ازالة النجاسة عن المساجد كفائي و لا اختصاص له بمن نجّسها او صار سببا فيجب على كل احد.

(1)

اقول لأنّ المطلوب من الامر بالازالة هو خلوّ المسجد عن النجاسة و بعد كون المخاطب بالامر، الجميع فيجب على الجميع و يسقط بقيا بعض المكلفين بالازالة لان هذا معني الوجوب الكفائي و لا يجب على خصوص من نجّس المسجد لان الامر يكون بالجميع.

***

[مسئلة 4: اذا رأى نجاسة في المسجد و قد دخل وقت الصلاة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 4: اذا رأى نجاسة في المسجد و قد دخل وقت الصلاة يجب المبادرة الى ازالتها مقدّما على الصلاة مع سعة وقتها و مع الضيق قدمها و لو ترك الازالة مع السعة و اشتغل بالصّلاة عصى لترك الازالة لكن في بطلان صلاته اشكال و الاقوى الصحة هذا اذا امكنه الازالة و اما مع عدم قدرته مطلقا او في ذلك الوقت فلا اشكال في صحة صلاته و لا فرق في الاشكال في الصورة الاولى بين ان يصلي في ذلك المسجد او في مسجد آخر و اذا اشتغل غيره بالازالة لا مانع من مبادرته الى الصلاة قبل تحقق الازالة.

(2)

اقول أمّا فيما يكون وقت الصلاة موسّعا يجب المبادرة الى ازالة النجاسة عن

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 29

المسجد مقدّما على الصلاة لان الازالة من قبيل الواجب المضيّق لان الازالة يجب فورا و الصلاة من قبيل الواجب الموسّع و مع الدوران بينهما يجب تقديم المضيّق.

اما مع ضيق وقت الصلاة يقدم الصلاة لان وقت الازالة و ان كان مضيّقا لكون امره فوريا لكن حيث يكون وقت الصلاة مضيّقا يجب المبادرة نحوها لاهميّة الصلاة بالنّسبة الى الازالة و لا يمكن له صرف القدرة في كليهما فيجب صرف القدرة في الواجب

الاهم و مع ضيق الوقت تكون الصلاة أهمّا.

و امّا فيما كان في سعة وقت الصلاة فحيث يجب المبادرة بالازالة فلو تركها و صلّى عصى لتركه الواجب لكن يصح صلاته لان الامر بالشي ء لا يقتضي النهى عن ضدّه كما بيّنا في الأصول.

اما اذا لم يتمكن من الازالة مطلقا او في وقت الصلاة فلا اشكال في صحة صلاته و ان قلنا بان الامر بالشي ء يقتضي النهى عن ضده لانه مع عدم القدرة لم يكن امرا منجزا متعلقا بالازالة حتى يكون تركه موجبا للعصيان في صورة سعة وقت الصلاة فلا عصيان بترك الازالة و لا اشكال في صحة صلاته.

و فيما قلنا بصدق العصيان او قلنا بعدم صحة الصلاة مثل ما يكون الوقت موسّعا و ترك الازالة و اشتغل بالصلاة و التزمنا بان الامر بالشي ء يقتضي النهى عن ضده لا فرق بين ان يصلّي في ذلك المسجد الذي متنجس و يجب ازالة النجاسة عنه و بين ان يصلّي في مسجد آخر لان منشأ العصيان هو ترك الامر المضيّق و اشتغاله بالموسّع كما ان منشأ بطلان الصلاة هو ان الامر بالشي ء يقتضي النهى عن ضده ان قلنا بذلك.

اذا اشتغل غيره بالازالة لا مانع من مبادرته الى الصلاة و لو لم يتحقق الازالة بعد لان هذا معنى كون وجوبه وجوبا كفائيا فباشتغال احد من المكلفين باتيان

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 30

الواجب يسقط عن الآخرين بمعنى كون فعلية التكليف بالنّسبة الى غيره مراعي باتيان المشتغل بها و مع عدم فعلية الامر بالاهم يكون امر المهمّ فعليا و يتحقق بفعلها الامتثال نعم لو كانت الازالة مع اشتغال الغير موقوفا الى الاعانة فيجب عليه المبادرة بالاعانة و ترك الصلاة

في سعة وقت الصلاة و هذا خارج عن الفرض المعنون في كلام المؤلف رحمه اللّه.

***

[مسئلة 5: اذا صلّى ثم تبيّن له كون المسجد نجسا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 5: اذا صلّى ثم تبيّن له كون المسجد نجسا كانت صلاته صحيحة و كذا اذا كان عالما بالنجاسة ثمّ غفل و صلّى و اما اذا علمها او التفت إليها في اثناء الصلاة فهل يجب اتمامها ثم الازالة او ابطالها و المبادرة الى الازالة وجهان او وجوه و الاقوى وجوب الاتمام.

(1)

اقول: أمّا اذا صلّى ثم تبيّن له كون المسجد نجسا او كان عالما بالنجاسة ثمّ غفل و صلي فلا اشكال في صحة صلاته لان الامر بالازالة مع سعة وقت الصلاة و ان كان اهمّا و لكن الامر بالصلاة باق غاية الامر ان العقل يحكم بصرف القدرة في الازالة مع تنجّز امرها بالعلم بها و أمّا مع الغفلة عن الامر بالازالة فالامر بالصلاة منجّز على المكلف و يأتي بها و تقع صحيحة و لا يكون امر شاغلا عن صرف القدرة فيها لعدم تنجّز الامر بالازالة.

اما فيما علم بالنجاسة في اثناء الصلاة او علم قبلها و غفل ثم التفت في اثناء

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 31

الصّلاة بالنجاسة فهل يجب ابطال الصلاة و ازالة النجاسة ثمّ اتيان الصلاة بعدها او يجب اتمام الصلاة ثمّ الازالة بعد اتمام الصلاة او يتخير بين الابطال و ازالة النجاسة و بين اتمام الصلاة ثم ازالة و بين ما اذا علم بالنجاسة قبل الصلاة و غفل عنها و تذكر بها في اثناء الصلاة فيجب الاتمام ثمّ الازالة النجاسة او الفرق بين ما اذا علم بالنجاسة في أثناء الصلاة فيجب ابطال الصلاة و ازالة النجاسة ثمّ الاتيان بالصلاة احتمالات.

وجه وجوب اتمام الصلاة

هو دعوى ان قطع الصلاة غير جائز و دليل فورية الازالة قاصر الشمول للمورد كما اختاره المؤلف رحمه اللّه و علّله في فصل حرمة قطع الصلاة بما قلنا من قصور دليل فورية الازالة للمورد.

و فيه ان وجه الفورية هو ان مناسبة الحكم و الموضوع يقتضي الفورية لان الامر بعدم ادخال النجاسة في المسجد و وجب ازالتها عنه في صورة التنجس هو ان وجود النجاسة في المسجد مناف لتعظيم المسجد و المسجد بسبب موقعيته و حرمته لا بد من ان لا يكون فيه النجاسة و هذا يقتضي فورية الازالة و هذا موجود حين الاشتغال بالصلاة و حيث ان عمدة الدليل في حرمة قطع الصلاة هى الاجماع و القدر المتقين منه غير المورد فلا دليل على حرمة قطع الصلاة.

و أمّا وجه التخيير هو ان يقال ان دليل فورية الازالة قاصر عن شموله للمورد و دليل حرمة القطع كذلك فيدور الامر بين اتيان الواجبين الموسّعين فيكون مخيّرا في تقديم كل منهما على الآخر.

اما وجوب قطع الصلاة و الازالة فورا ثمّ اتيان الصلاة فقد عرفت في ردّ وجه الاول و هو ان الازالة تجب فورا و دليله يشمل المورد و دليل حرمة قطع الصلاة لا يشمل المورد فلهذا يجب قطع الصلاة و المبادرة بالازالة ثمّ اتيان الصلاة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 32

مع فرض سعة وقت الصلاة.

فالحقّ خلافا للمؤلف هو ابطال و المبادرة بالازالة ثمّ اتيان الصلاة مع سعة الوقت و الا يجب اتمام الصلاة ثمّ الازالة.

هذا كله فيما لا يتمكن من الزالة حال الصلاة و أمّا اذا تمكن من الازالة حال الصلاة بدون فعل مناف للصلاة فتجب الازالة حال الصلاة و اتمام الصلاة فافهم.

***

[مسئلة 6: اذا كان موضع من المسجد نجسا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 6: اذا كان موضع من المسجد نجسا لا يجوز تنجيسه ثانيا بما يوجب تلويثه بل و كذا مع عدم التلويث اذا كانت الثانية اشد و اغلظ من الاولى و الا ففي تحريمه تامل بل منع اذا لم يستلزم تنجيس ما يجاوره من الموضع الطاهر لكنه احوط.

(1)

اقول: قد مرّ سابقا عند التعرض لمسألة ان المتنجس هل ينجّس ثانيا أم لا بانه تارة تكون النجاسة الثّانية ذات اثر اشد فيجب ترتب الاثر الزائد مثل ما اذا لاقي الدم موضعا ثمّ لاقاه البول فيجب الغسل مرتين و ليس مربوطا بباب تداخل الاسباب اصلا.

فلذلك نقول في المقام بان المسجد لو تنجّس أوّلا بما يكون ذا أثر أخفّ لا يجوز تنجسه بما يكون ذا أثر أشدّ لان النجاسة و ان كانت ذوى مراتب فلا يجوز تنجيس المسجد بكل من مراتبه و ان لم توجب ملاقاة النجاسة الثانية لتلويث

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 33

المسجد.

و تارة تكون النجاسة الثانيّة متحدة في الاثر مع النجاسة الاولى سواء كانتا من جنس واحد مثل ما اذا تنجس المسجد بالدم ثمّ يريد تنجيسه ثانيا به او لا مثل ما اذا تنجّس أوّلا بالدم ثمّ يريد تنجسه بالعذرة فلهذه الصورة صورتان:

فتارة توجب تلويث المسجد بالنجاسة الثانيّة و تارة لا توجب تلويثه فان كانت موجبة لتلويثه فلا يجوز لان ذلك يوجب الهتك و لو فرض صورة لا يوجب الهتك فياتي حكمه إن شاء اللّه في الصورة الثانيّة.

اما فيما لا توجب الملاقات لتلويث المسجد فان قلنا بعدم تداخل الاسباب و لازمه سببيّة كل نجاسة لأثر مستقل فلا اشكال في عدم جواز تنجسه ثانيا لان ملاقاة النجاسة الثانية للمسجد توجب نجاسة ثانية

كما توجب الملاقاة الاولية للنجاسة و لا يجوز تنجيس المسجد.

و ان قلنا بتداخل الاسباب فليس معناه الا ان اجتماع السببين لا يوجب الا لمسبّب واحد و ما يكون في الباب حراما هو ادخال النجاسة في موضع من المسجد و كان مسريا و تنجّس به المسجد فلا يجوز ادخال فرد آخر لانه حرام مثل الاول.

و مجرد أنّه لو ادخل فردا آخرا و كان مسريا لا يوجب لاثر زائد اذا كان متحدا في الاثر مع الاول لا يوجب جواز الادخال فتفريع جواز تنجيس موضع من المسجد ثانيا اذا كان نجسا و عدم جوازه بالقول بتداخل الاسباب و عدم التداخل مما لا وجه له.

اذا نقول بان الاقوى حتى في صورة عدم موجبيّة النجاسة الثانية لاثر زائد على النجاسة الاولى و عدم تلويث المسجد بالنجاسة الثانيّة عدم جواز تنجيس

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 34

المسجد بالنجاسة الثانيّة.

***

[مسئلة 7: لو توقف تطهير المسجد على حفر ارضه]

اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 7: لو توقف تطهير المسجد على حفر ارضه جاز بل وجب و كذا لو توقف على تخريب شي ء منه و لا يجب طمّ الحفر و تعمير الخراب نعم لو كان مثل الآجر مما يمكن ردّه بعد التطهير وجب.

(1)

اقول: الكلام في المسألة يقع في جهات:

الجهة الاولى: في جواز تخريب المسجد

و طمّه لازالة النجاسة و عدمه و الكلام فيها في الموردين:

المورد الاول: فيما لا توجب الازالة لتخريب مثل ما توجب لحفر ارضه بمقدار بشر فلا ينبغى الاشكال فى جواز الازالة بل وجوبها.

المورد الثاني: فيما توجب ازالة النجاسة لتخريب شي ء من المسجد.

فنقول أن الاشكال تارة يكون في اطلاق دليل وجوب الازالة و انه هل يشمل اطلاقه لصورة تخريب شي ء من المسجد أم لا.

فلو قلنا بعدم اطلاق لدليله فلا يجب الازالة فيما اوجبت التخريب و ان لم يكن لنا دليل على حرمة تخريب المسجد نعم يمكن القول بجوازه مع عدم الدليل على حرمة التخريب.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 35

قد يقال بعدم شمول اطلاق دليل وجوب الازالة لما اوجبت تخريب شي ء من المسجد لان العمدة في المسألة تكون الاجماع و المتّقين منه صورة عدم ايجاب الازالة لتخريب المسجد.

و تارة يكون الاشكال من جهة اخرى و هى انه على فرض اطلاق دليل الازالة هل يكون لدليل حرمة تخريب المسجد اطلاق حتى يشمل هذا المورد اعنى ما يكون التخريب لاجل حفظ المسجد عن النجاسة او لا فان كان لدليل حرمة التخريب اطلاق يشمل المورد و يكون لوجوب الازالة اطلاق يشمل المورد فيصير وجوب الازالة و حرمة التخريب من قبيل المتزاحمين فيؤخذ بما هو الاهم ان كان اهم في البين و الا يكون الحكم هو التخيير.

أو لا يكون لحرمة التخريب

اطلاق يشمل المورد فيدور مدار اطلاق دليل وجوب الازالة و عدمه كما قلنا فان كان له الاطلاق يجب و ان كان مستلزما لتخريب شي ء من المسجد و الا فلا يجب ذلك.

اقول أمّا فيما توجب الازالة طمّ الارض او تخريب شي ء قليل من المسجد مثل قلع مقدار جصّ منه بمقدار يتعارف غالبا في الازالة هذا المقدار من الطمّ او التخريب فلا اشكال في وجوب الازالة لشمول دليل الازالة لذلك و عدم اطلاق لدليل حرمة التخريب حتى يشمل ذلك المورد كما سيأتي إن شاء الله في الصورة اللاحقة.

و كذلك فيما توجب الازالة تخريب المسجد ازيد من ذلك و يكون في البين من يتبرّع بتعميره بعد تخريبه فلا اشكال في جواز التخريب لعدم شمول.

دليل تحريم التخريب للمورد أيضا لان ادلة تخريب المسجد لا يشمله.

و امّا وجوب الازالة فى هذه الصورة فغير معلوم لان العمدة الاجماع و المتقين

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 36

منه غير المورد نعم يمكن ان يقال ان ملاك وجوب الازالة و هو تعظيم المسجد و ان موقعيته يقتضي تجنبه عن النجاسة موجود فى هذه الصورة و لا توجب الازالة ضررا بالمسجد بعد وجود من يعمر التخريب فيجب.

و امّا فيما توجب الازالة تخريب شي ء متعدّ به من المسجد و لم يكن من يعمره تبرعا فهل تجب الازالة أم لا و مفروض الكلام فيما لا يكون بقاء النجاسة موجبا لهتك المسجد.

فنقول في هذه الصورة بانه و لو فرض عدم وجود اطلاق لدليل تحريم تخريب المسجد و يقال ان ذلك التخريب حيث يكون لمصلحة المسجد لا اشكال فيه و لكن مع هذا، الإفتاء بوجوب الازالة مشكل لعدم اطلاق لدليل وجوب الازالة حتى يشمل المورد

لان العمدة الاجماع و المتيقن منه غير ذاك المورد.

و أمّا جواز التخريب للازالة فيدور مدار وجود اطلاق لدليل حرمة التخريب و عدمه او دعوى انه على فرض وجود الاطلاق له يزاحمه جهة الاقوى و هى تعظيم المسجد و لزوم تجنبه عن النجاسة و حيث ان دليل التحريم مثل قوله تعالى وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسٰاجِدَ اللّٰهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَ سَعىٰ فِي خَرٰابِهٰا «1» لم يكن له اطلاق يشمل حتى مثل المورد فيمكن دعوى جواز تخريب شي ء من المسجد لازالة النجاسة نعم تخريب كله او القسمة المهمة منه لا يمكن الالتزام بجوازه كما سيأتي إن شاء اللّه في المسألة التاسعة الا ان يتمسك لوجوب الازالة فى هذه الصورة بتحقق ملاكها و هو ان تعظيم المسجد يقتضي تجنبه عن النجاسة و هو موجود و ان لم يكن الدليل بإطلاقه اللفظي يقتضي الوجوب.

الجهة الثانية: بعد فرض جواز تخريب المسجد للازالة

يقع الكلام في انه هل

______________________________

(1) سورة البقرة، الآية 113.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 37

يجب على المخرّب تعميره و هل هو الضامن أم لا.

لا ينبغي الاشكال في عدم وجوبه و عدم ضمانه أمّا عدم الضمان في تخريبه لانه في تخريبه محسن مٰا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ. «1»

و أمّا عدم الوجوب لعدم دليل عليه.

الجهة الثالثة: لو خرّب بعض المسجد

فهل يوجب رده الى المسجد بعد تطهيره أم لا.

لا يبعد وجوبه لانه من المسجد مضافا الى دلالة بعض الروايات عليه.

مثل ما رواها زيد الشحام (قال قلت لابي عبد اللّه عليه السّلام اخرج من المسجد و في ثوبي حصاة قال فردها او اطرحها في مسجد) «2».

و مثل ما رواها وهب بن وهب عن جعفر عن ابيه عليهما السّلام (قال اذا اخرج احدكم الحصاة من المسجد فليردها مكانها او في مسجد آخر فانها تسبّح) «3».

***

[مسئلة 8: اذا تنجّس حصير المسجد وجب تطهيره]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 8: اذا تنجّس حصير المسجد وجب تطهيره او قطع موضع النجس منه اذا كان ذلك اصلح من اخراجه و تطهيره كما هو الغالب.

______________________________

(1) سورة التوبة، الآية 91.

(2) الرواية 3 من الباب 26 من ابواب المساجد من الوسائل.

(3) الرواية 4 من الباب 26 من ابواب المساجد من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 38

(1)

اقول الوجه في وجوب تطهير حصير المسجد ليس الا كونه من المسجد و تبعا له فاذا وجب تطهير المسجد يجب تطهير ما يضاف إليه من الفرش و الحصير بالتبع.

و أيضا ان ملاك وجوب الازالة موجود فيه لان تعظيمه تعظيم المسجد و تحقير فرشه و حصيره تحقير المسجد.

مضافا الى دعوى الاجماع على وجوب تطهير حصيره النجس.

نعم كما قال المؤلف رحمه اللّه حيث يكون المنظور تجنب المسجد و تبعاته من النجاسة فكما يحصل ذلك تارة بتطهير الحصير ذلك يحصل تارة بقطع الجزء النجس من الحصير اذا كان القطع اصلح من تطهيره مثل ما اذا التزم تطهير الحصير خروجه عن المسجد و هو يوجب لكسر جزء اعظم من جزء النجس فالقطع مقدم على التّطهير.

***

[مسئلة 9: اذا توقف تطهير المسجد على تخريبه اجمع]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 9: اذا توقف تطهير المسجد على تخريبه اجمع كما اذا كان الجص الذي عمّر به نجسا او كان المباشر للبناء كافرا فان وجد متبرّع بالتعمير بعد الخراب جاز و الا فمشكل.

(2)

اقول: فيما يكون متبرع في البين لا يبعد دعوى عدم شمول دليل حرمة التخريب للمورد الذي يكون لاجل حفظ مصلحته و هى ازالة النجاسة فلا اشكال في جواز التخريب كما لا يبعد دعوى وجوبه لوجوب ملاك الوجوب و هو حفظ تعظيم المسجد بتجنّبه عن النجاسة و ان لم يشمل دليل وجوب الازالة

ذخيرة

العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 39

للمورد بإطلاقه.

و أمّا فيما لا يكون متبرع بالتعمير بعد الخراب لا يجوز التخريب على الاقوى لان اطلاق دليل حرمة التخريب يشمل المورد و لا وجه للتمسك بدليل وجوب الازالة لعدم شموله للمورد لان الاجماع و هو العمدة في الدليل متيقّنه غير المورد.

و كذلك ملاك وجوب الازالة لان تعظيم المسجد لا يقتضي ذهاب موضوعه و في الفرض تتوقف الازالة على ذهاب موضوع المسجد نعم لو امكن في مفروض المسألة تطهير ظاهر المسجد يجب ذلك لانه كما تجب الازالة كليّة يجب تقليل النجاسة لان ملاكهما واحد.

***

[مسئلة 10: لا يجوز تنجيس المسجد الذي صار خرابا]

قوله

مسئلة 10: لا يجوز تنجيس المسجد الذي صار خرابا و ان لم يصلّ فيه احد و يجب تطهيره اذا تنجس.

(1)

اقول: للمسألة صورتان:

صورة صار المسجد خرابا و تغير عنوان مسجديته فياتي حكمه إن شاء الله في طى المسألة الثالثة عشر.

و صورة خرب المسجد و لم يتغير عنوان مسجديته فنقول في هذه الصورة بانه لا اشكال في حرمة تنجيسه مع صيرورته خرابا لانه مسجد بعد و يترتب عليه آثار المسجديّة و ان لم يصلّ فيه احد.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 40

[مسئلة 11: اذا توقف تطهيره على تنجيس بعض المواضع الطاهرة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 11: اذا توقف تطهيره على تنجيس بعض المواضع الطاهرة لا مانع منه ان امكن ازالته بعد ذلك كما اذا اراد تطهيره بصبّ الماء و استلزم ما ذكر.

(1)

اقول: لانه و ان كان تنجيس موضع الآخر حرام في حد ذاته لكن يدور الامر بين ابقاء النجاسة في الموضع الاول مطلقا و عدم تنجيس الموضع الآخر و بين تنجيس الموضع الآخر موقّتا أيضا و تطهير كل من الموضعين فيدور الامر بين المحذورين لكن حيث يكون الثاني و هو تنجيس بعض المواضع الطاهرة ثمّ تطهيره مع تطهير الموضع الاول اخف محذورا يجب اختيار الثاني كما قاله المؤلف رحمه اللّه.

***

[مسئلة 12: اذا توقف التطهير على بذل مال وجب]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 12: اذا توقف التطهير على بذل مال وجب و هل يضمن من صار سببا للتنجس وجهان لا يخلو ثانيهما من قوة.

(2)

اقول: أمّا وجوب بذل المال لو توقف التطهير عليه لان ذلك مقدمة الواجب فيجب بذله نعم لو كان موقوفا على بذل مال كثير يكون في بذله العسر و الحرج او ضرر ازيد مما يقتضي طبع الحكم يرفع بدليل نفى العسر و الحرج و لا ضرر.

و أمّا ضمان من صار سببا للتنجيس ففيه وجهان وجه عدم الضمان هو ان المباشر في المقام اقوى من السبب فلا معني لضمان السبب لان ضمان السبب يكون فيما

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 41

كان الشخص سببا للا تلاف و صدور الفعل من المباشر بدون الاختيار مثل ما اذا وضع زيد ابريقا عند رجل عمرو و الحال ان العمر و نائم فضرب عمرو رجله بالابريق و كسره ففي المقام يرجع الى السبب.

و أمّا اذا كان صدور الفعل باختيار المباشر مثل المقام فان من تصدي لازالة النجاسة

و تخريب المسجد يخربه باختياره فلا معني للرجوع الى السبب اعني من صار سببا لتنجيس المسجد و هو مختار المؤلف رحمه اللّه.

و أمّا وجه ضمان السبب و جواز الرجوع إليه هو ان المباشر و ان قام بالتخريب لكن قيامه بذلك كان من باب امر الشارع فهو و ان باشر ذلك لكن خرج من تحت اختياره خروجا شرعيّا و ان كان باختياره تكوينا فغير المختار الشرعي كغير المختار التكويني.

و هذا القول اختاره سيدنا الاعظم آية اللّه العظمى البروجردي اعلى اللّه مقامه في حاشيته على العروة.

اقول المحرر في كتاب الغصب هو ان سبب الضمان أمران التسبيب و المباشرة أمّا التسبيب فيدل على كونه سبب الضمان روايات متعرضة فيها لبعض صغريات التسبيب.

و فيما دار الامر بين ضمان المسبب و المباشر يلتزمون بضمان المباشر لكونه اقرب من السبب في ايجاد الفعل فهو اقوى من السبب.

و مع هذا بعض يقولون بضمان كل من السبب و المباشر و جواز رجوع من تلف ماله بكليهما و ان كان هذا الكلام غير مرضي و لكن الفرض هو ان الرجوع الى المباشر يكون لاقوائيته بالنسبة الى السبب و الا فيجب الرجوع الى المسبّب و في

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 42

المقام حيث لا يمكن الرجوع الى المباشر لانه محسن (و ما على المحسنين من سبيل) «1» فضمان السبب بحاله الّا ان يمنع ذلك و يقال بانه مع وجود المباشر يستند الفعل إليه لا الى المسبّب فلا ضمان على المسبب سواء كان المباشر ضامنا او لا.

و ان قلنا بذلك. فلو التزمنا بكون المباشر حيث كان مسلوب الاختيار شرعا و لو لم يكن مسلوب الاختيار تكوينا و غير المختار بسبب شرعي مثل

الغير المختار بالسبب التكويني فيرجع الى السبب لانه مع عدم صدور الفعل بالاختيار عن المباشر يرجع الى السبب و لكن هذا مشكل.

***

[مسئلة 13؛ اذا تغيّر عنوان المسجد]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 13؛ اذا تغيّر عنوان المسجد بان غصب و جعل دارا او صار خرابا بحيث لا يمكن تعميره و لا الصلاة فيه و قلنا بجواز جعله مكانا للزّرع ففي جواز تنجيسه و عدم وجوب تطهيره كما قيل اشكال و الاظهر عدم جواز الاول بل وجوب الثاني أيضا.

(1)

اقول اعلم أن في المسجد كلاما من حيث كيفيّة وقفه و انه يكون فك الملك او التمليك للمسلمين.

و كلاما آخرا في انه هل يجوز بعد زوال عنوان المسجدية للحاكم اجارة المسجد للزرع و غيره أم لا.

______________________________

(1) سورة التوبة 9، الآية 91.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 43

و كلاما آخرا في انه هل يجوز انتفاع الاشخاص منه بالزرع و غيره راسا قبل اذن الحاكم حال معموريته فيما لا يزاحم مع جهات مسجديته و بعد خرابه و ذهاب عنوانه مطلقا أم لا فهذه أمور ينبغي التكلم فيها في محله و لا نحتاج الى التكلم فيها في المقام الا في انه بعد بقاء المسجد لما يصلح ان ينتفع به و بعبارة اخرى يمكن ان يصلي فيه و قابليته بذاته لذلك و صلوحه له و ان منع مانع من ذلك الانتفاع او آجره الحاكم للزرع ان قلنا بجوازه كما نسب الى كاشف الغطاء رحمه اللّه هل يجب ترتيب آثار المسجدية عليه أم لا يجب ذلك لانه و لو كان صالحا لذلك لكن لا يكفي مجرّد الصلاحيّة بل يعتبر كونه بحيث يعدّ للانتفاع و مع ذهاب عنوان المسجدية عنه لا يكون معدّا لذلك.

و الحق الاول لان المسجد

مكان موقفه يصلحه لان يعبد فيه سواء عبد فيه أم لا و سواء كان معدّا له أم لا و لهذا لو فرض مسجد معمور و لكن قفل غاصب بابه او وقع في مكان باد اهله فعلا و لم يصل فيه لا يمكن ان نلتزم بذهاب عنوان المسجدية عنه بهذا فبناء عليه نقول في المقام بحرمة تنجيسه و وجوب ازالة النجاسة عنه نعم في الاراضي المفتوحة عنوة فلو قلنا فيها ملكية الارض بتبع بنائها يمكن ان يقال بعد خراب بناء المسجد يذهب عنوان المسجدية فتأمل.

***

[مسئلة 14: اذا رأى الجنب نجاسة في المسجد]

اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 14: اذا رأى الجنب نجاسة في المسجد فان أمكنه ازالتها بدون المكث في حال المرور وجب المبادرة إليها و الا فالظاهر وجوب التأخير الى ما بعد الغسل لكن يجب المباردة إليه حفظا للفوريّة بقدر الامكان و ان لم يكن التطهير الا بالمكث جنبا فلا يبعد جوازه بل وجوبه و كذا اذا استلزم التأخير الى ان يغتسل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 44

هتك حرمته.

(1)

اقول: اعلم ان الكلام فى امور:

الأمر الاول: اذا راى الجنب نجاسة فى المسجد

فان امكنه ازالتها بدون المكث فى حال المرور وجب المبادرة إليها لوجوب ازالة النجاسة عن المسجد و هو و ان كان جنبا لكن يجوز له المرور فى المساجد غير الحرام و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و المفروض غير المسجدين.

الأمر الثاني: ما اذا لم يتمكن من الازالة بلا مكث في المسجد

يجب التأخير الى ما بعد الغسل لدوران الامر بين وجوب الازالة فورا و بين حرمة مكث الجنب في المسجد و لا وجه لتقديم الازالة لعدم كونها اهم بالنّسبة الى مكث الجنب ان لم نقل بكون حرمة مكث الجنب اهم منها.

بل يقال بان دليل فورية الازالة لم يشمل المورد اصلا لعدم اطلاق له يشمل المورد بل ان كنّا و ملاكه من فورية رفع تحقير المسجد و اخراج ما يكون منافيا مع تعظيمه فابقاء الجنب فيه خلاف تعظيم المسجد أيضا و معه لا ملاك لفورية الازالة.

و هذا كله فيما لا يكون متمكّنا من التيمم قبل الغسل و أمّا اذا كان متمكّنا من التيمم في زمان اقصر من الزمان الذي يتمكن من الغسل فهل يشرع التيمم في هذا المورد او لا يجب بل يجب الغسل ثم الازالة.

قد يقال بوجوب التيمم أمّا من باب انّ الازالة واجب فوري و حيث لا يتمكّن من اتيانه مع الغسل فيجب التيمم مثل كل الموارد التي تجب فيها الطهارة و لا يتمكّن من الطهارة المائيّة منها فلا بد من تحصيل الطهارة الترابية.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 45

و أما من باب ان الكون في المسجد مستحب فيستحب له التيمم فاذا تيمم يجب عليه الازالة لتمكنه من الازالة مع الطهارة.

و استشكل على الثاني بان مشروعيّة التميم في مثل هذه المورد غير ثابتة و الا لجاز للجنب دخول

المساجد مع وجود الماء في خارج المسجد و هذا الاشكال لا يرد على الوجه الثاني اذ لا يلزم شرعا دخول المسجد و مشروعيّة التيمم فيه غير معلوم.

و أمّا الوجه الاول فان قلنا بان الفورية المعتبرة في الازالة تنافي مع مضى الوقت بقدر الغسل يجب عليه التيمم لان المفروض وجوب الازالة فورا و تتوقف على الطهارة و لا يتمكن من الطهارة المائية فتجب الترابية.

و ان قلنا بان الغسل لا ينافي مع حفظ الفورية او كان زمانه بقدر زمان التيمم من حيث الطّول و القصر فلا يجب التيمم لعدم تحقق موضوعه بل يجب الغسل و المبادرة الى الازالة.

و لا يبعد الاول اعنى فورية الازالة تقتضي القيام بها بلا تأخير و على الفرض لا يتمكن من الغسل بلا تاخير فيجب التيمم.

و أمّا اذا لم يتمكن من التطهير الا بالمكث جنبا فيجب عليه الازالة في حال الجنابة ان لم يتمكن فى هذا الحال من التيمم أيضا و الا فعليه ان يتيمم و يشتغل بالازالة الا اذا كان بقاء النجاسة في المسجد موجبا للهتك حتى بمقدار بقائها بقدر التيمم فتجب في هذه الصورة المبادرة الى الازالة جنبا و كذا في صورة تكون صرف الوقت بالغسل و بقاء النجاسة في المسجد موجبا لهتك المسجد.

فنقول ان كان صرف الوقت في التيمم ثم الاشتغال بالازالة غير موجب للهتك بان يكون زمان التيمم اقصر من زمان الغسل و يكون هذا الزمان الاقصر غير موجب للهتك يجب التيمم ثم الازالة و ان كان صرف هذا المقدار من الزمان

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 46

للتيمم موجبا للهتك مثل صرف الزمان للغسل فيسقط التيمم كالغسل و تجب الازالة الا ان يدّعى في صورة

عدم التمكن من الازالة الا جنبا و كون بقاء النجاسة بقدر الغسل و التيمم هتكا للمسجد بان الامر يدور بين الازالة و هى واجبة و بين المكث في المسجد جنبا و هو محرّم ففي هذه الصورة يدور الامر بين المتزاحمين و من اين تقول بتقدم جانب الازالة مع ان وجه فوريتها ليس الا ان بقاء النجاسة في كل آن ينافي تعظيم المسجد و كون النجاسة فيه مخالف لتعظيمه و هل يوجب ذلك تجويز ورود الوهن بالمسجد بادخال الجنب فيه و مكثه فيه مدة في بعض صوره و هل يكون الاول اهم من الثاني او الثاني اهم منه.

***

[مسئلة 15: في جواز تنجيس مساجد اليهود و النصارى اشكال]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 15: في جواز تنجيس مساجد اليهود و النصارى اشكال و اما مسجد المسلمين فلا فرق بين فرقهم.

(1)

اقول: لعدم كون معابد اليهود و النصارى مسجدا على مصطلح المسلمين و لهذا لا يمكن دعوى شمول بعض الاطلاقات الواردة في باب المسجد لها.

مضافا الى ان العمدة على ما عرفت في وجه حرمة تنجيس المسجد هو الاجماع و لا اشكال في عدم شموله لمعابد اليهود و النصارى و ان القدر المتقين غيرها كما ان بعض الروايات على تقدير دلالتها يكون المراد منها خصوص مساجد المسلمين.

و أمّا ما قيل من انه يرتّب على بعض معابدهم آثار المسجديّة في الاسلام مثل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 47

مسجد الاقصى و بيت المقدّس و أياصوفيّة فانّهما كانا معبدين قبل الاسلام و مع هذا يرتّب عليهما آثار المسجديّة في الاسلام فهذا يكون من باب جعلهما مسجدين و لا يجوز تنجيسهما و يجب ازالة النجاسة عنهما.

ففيه ان ترتيب آثار المسجديّة في الاسلام عليهما يكون من باب جعلهما مسجدين بعد تصرف المسلمين

لا من باب كونهما مسجدين قبل الاسلام.

و أمّا مساجد المسلمين فكما قال المؤلف لا فرق بين فرقهم لعدم كون دليل حرمة تنجيس المسجد او وجوب ازالة النجاسة عنه مخصوصا بالمسجد المتعلق بالشيعة الاثنا عشريّة.

***

[مسئلة 16: اذا علم عدم جعل الواقف صحن المسجد]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 16: اذا علم عدم جعل الواقف صحن المسجد او سقفه او جدرانه جزءا من المسجد لا يلحقه الحكم من وجوب التطهير و حرمة التنجيس بل و كذا لو شك في ذلك و ان كان الاحوط اللحوق.

(1)

اقول: فيما علم عدم كونه من المسجد بجعل الواقف فلا يحرم تنجيسه و لا تجب ازالة النجاسة عنه لان الحكمين مخصوص بالمسجد و على الفرض ليس هذا من المسجد.

و أمّا فيما شك في ان الواقف جعل المشكوك جزءا للمسجد أم لا فنقول لا يحرم تنجيسه و لا تجب ازالة النجاسة عنه لان مع الشك في كونه جزء للمسجد يكون

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 48

المورد مورد البراءة.

نعم لو كان في البين أمارة ثابتة حجيتها كالبيّنة او ما يورث الاطمينان بكون المشكوك جزء للمسجد كما لا يبعد حصول الاطمينان في السقف و الجدران نقول بحرمة التنجيس و وجوب ازالة النجاسة عنه.

***

[مسئلة 17: اذا علم بنجاسة احد المسجدين او احد المكانين]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 17: اذا علم بنجاسة احد المسجدين او احد المكانين من مسجد وجب تطهيرهما.

(1)

اقول: لان هذا مقتضي العلم الاجمالي فانه يجب الاحتياط بحكم العقل في الاطراف كى يعلم بموافقة القطعيّة و امتثال المعلوم في البين.

***

[مسئلة 18: لا فرق بين كون المسجد عاما او خاصا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 18: لا فرق بين كون المسجد عاما او خاصا و اما المكان الذي اعدّه للصلاة في داره فلا يلحقه الحكم.

(2)

اقول: اما اذا كان المسجد عاما فلا اشكال في حرمة تنجيسه و وجوب الازالة لو تنجّس.

و اما اذا كان خاصا و المحتمل من المسجد الخاص اثنان:

الاوّل: ان يكون نظر المؤلف من المسجد الخاص مسجدا بني بداع خاص

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 49

و ان كان وقفه عاما مثل من يبنى مسجدا بداعي ان يصلي فيه القبيلة او اهل السوق و به يقال مسجد القبيلة او مسجد السوق ففيها و ان كان داعي الواقف خاصا لكن وقفه يكون عاما فان كان هذا مراده فهو مثل ما يكون المسجد عاما.

الثاني: ان يكون ايقافه لافراد خاصّه مثل ان يجعله بوقفه لجماعة خاصّة كالطلاب ففي هذا القسم يكون الخلاف بين فقهائنا و الاقوال فيه ثلاثة قول بصحة وقفه و وقوعه مسجدا لخصوص الجماعة التي وفقه الواقف لها و قول بعدم وقوعه مسجدا لخصوص الجماعة التي وقفه لها و لا لمطلق المسلمين و قول بوقوعه وقفا مسجدا لجميع المسلمين و لو جعله الواقف لجماعة خاصّة.

و حيث انه لا يبعد كون حقيقة وقف المسجد تحريرا و فكّا عن الملكيّة و هذا غير قابل للتخصيص فلو وقف لجماعة خاصّة لم يصر مسجدا و لا يترتب عليه آثار المسجديّة و لهذا اجراء الحكمين اعني حرمة تنجيسه و وجوب ازالة النجاسة

عن مثل هذا المسجد مشكل.

و أمّا المكان الذي اعدّه للصلاة في داره فلا يلحقه الحكمين لعدم جعله مسجدا و ان اعدّه لان يصلي فيه.

و ما ورد في بعض الروايات من جواز جعل هذا المكان كنيفا شاهد على عدم صيرورته مسجدا و يكون النظر الى موضع اعده الشخص في داره لان يصلي فيه لا ان جعله مسجدا فافهم.

***

[مسئلة 19: هل يجب اعلام الغير اذا لم يتمكن من الازالة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 19: هل يجب اعلام الغير اذا لم يتمكن من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 50

الازالة الظاهر العدم اذا كان مما لا يوجب الهتك و الا فهو الاحوط.

(1)

اقول: الكلام يقع تارة في انه مع عدم تمكن الشخص من الازالة هل يجب عليه اعلام الغير من باب الارشاد او لا يجب ذلك فنقول لا دليل على وجوب الاعلام.

و تارة يقع الكلام في انه بعد ما كان الواجب على المكلف ازالة النجاسة عن المسجد بقيامه على الازالة و قيامه على الازالة اعم من المباشرة و التسبيب فاذا لم يتمكن من المباشرة يجب بنحو التسبيب بان يعلم شخصا او اشخاصا حتى يمتثل الواجب و هو الازالة كما اذا كانت ازالة النجاسة عن المسجد موقوفه بصرف مال من اجرة الاجير و غير ذلك.

فان كان الكلام في ذلك فلا ينبغي الاشكال في وجوب اعلام الغير مع احتمال التأثير و قيام الغير بها سواء كان بقاء النجاسة موجبا لهتك المسجد أم لا.

***

[مسئلة 20: المشاهد المشرفة كالمساجد]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 20: المشاهد المشرفة كالمساجد في حرمة التنجيس بل وجوب الازالة اذا كان تركها هتكا بل مطلقا على الاحوط لكن الاقوى عدم وجوبها مع عدمه و لا فرق فيها بين الضرائح و ما عليها من الثياب و ساير مواضعها الا في التّأكد و عدمه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 51

(1)

اقول و الوجه في ذلك أمّا دعوى وجوب تعظيم المشاهد المشرفة و يكون تنجيسها مناف للتعظيم و فيه ان كون التنجيس مطلقا منافا مع التعظيم الواجب ممنوع.

نعم فيما يوجب التنجيس الوهن بالنّسبة إليها يصح ذلك.

و أمّا دعوى ان التنجيس مستلزم للوهن و لا اشكال في حرمة اهانتها.

و فيه ان تحقق

الوهن مطلقا ممنوع نعم في بعض الموارد يصح ذلك.

فاذا نقول أمّا فيما يوجب التنجيس الوهن بالمشاهد المشرفة لا اشكال في حرمتها بل ربما يوجب الارتداد في بعض الموارد و كذلك تجب ازالة النجاسة اذا كان بقائها سببا للوهن.

و أمّا فيما لا يوجب الوهن فنقول بانه و ان لم يكن دليل وافيا على حرمة تنجيسها و لكن الاحوط ترك تنجيسها.

و أمّا وجوب ازالة النجاسة عنها فهو في الحكم مثل حرمة تنجيسها فاذا كان بقائها موجبا للهتك تجب الازالة و أمّا اذا لم يكن موجبا للوهن فالاحوط ازالتها و على كل حال لا فرق في الحكم بين الضرائح و غيرها الا في التأكد و عدمه فان الحكم في الاقرب آكد من الابعد.

***

[مسئلة 21: يجب الازالة عن ورق المصحف الشريف]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 21: يجب الازالة عن ورق المصحف الشريف و خطّه بل عن جلده و غلافه مع الهتك كما انه معه يحرم مسّ خطّه او ورقه بالعضو المتنجس و ان كان متطهرا من الحدث و اما اذا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 52

كان احد هذه بقصد الاهانة فلا اشكال فى حرمته.

(1)

اقول: أمّا وجوب ازالة النجاسة عن ورق القرآن الكريم و خطّه و جلده و غلافه مع كون ابقاء النجاسة فيه موجبا للهتك فممّا لا ينبغي الاشكال في وجوبها و لا حاجة للتمسك ببعض الروايات الدالة عليه لانه لا يبعد كون وجوب الازالة من المسلمات بل من الضروريات مع ان هتك القرآن غير جائز باىّ نحو كان.

و لا سيما فيما كان ابقاء النجاسة عليه بقصد الاهانة بل ربما يوجب الارتداد.

و أمّا حرمة مسّ خطّه و ورقه بالعضو المتنجس و ان كان متطهرا من الحدث فأيضا لا اشكال في حرمته اذا كان موجبا

للهتك و كذا لو كان ذلك بقصد الاهانة فانه حرام بل ربما يوجب الارتداد.

انّما الكلام فيما لا يوجب المسّ الوهن و لا يقصد به الاهانة فهل يحرم مسّ خطّه و ورقه بالعضو المتنجس أم لا.

و قد يتمسك بقوله تعالى لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ «1».

و فيه انه بعد فرض كون مرجع الضمير في قوله عزّ من قائل «لا يمسه» هو القرآن كما يدلّ عليه الخبر الآتي ذكره.

نقول ان المراد هو الطهارة من الحدث بقرينة نسبة المسّ الى الشخص الذي يمسّه اى الى الماسّ لا الى العضو الممسوس به.

و بدلالة الرواية و هى ما رواها ابراهيم بن عبد الحميد عن ابي الحسن عليه السّلام قال المصحف لا تمسّه على غير طهر و لا جنبا و لا تمسّ خطه و لا تعلّقه ان اللّه تعالى يقول

______________________________

(1) سورة الواقعة، الآية 79.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 53

لا يمسّه الا المطهرون. «1»

الا ان يقال ان المستفاد من الآية عدم جواز مسّ المصحف على غير طهر اى غير وضوء و لا في حال الجنابة لان اللّه تعالى يقول لا يمسّه الا المطهرون و لا يستفاد منها كون النهى في خصوص الحدث لا الخبث.

و لكن قد يقال بان الآية تدل على وجوب الازالة لانه بعد عدم جواز مسّه الا متطهرا يقال بالاولوية بوجوب ازالة النجاسة عن المصحف كما عن الشيخ الانصاري رضوان اللّه تعالى عليه.

و استشكل عليه العلامة الهمداني رحمه اللّه انه لو كان الواجب حفظ المصحف عن مسّ غير المتطهر و ان لم يكن مكلفا كالصغير و المجنون او العاقل بان يمنع عن مسّ غير المتطهر القرآن الكريم مطلقا و ان لم يكن مكلّفا يمكن ان يقال

بانه بعد لزوم حفظه مطلقا عن مس غير المتطهر تجب ازالة النجاسة عنه بطريق الاولى.

و لكن لا دليل على ذلك بل يمكن دعوى السيرة على خلافه لملازمتهم مع المصحف غالبا و انه يتفق كثيرا مسّهم المصحف بلا طهارة و عدم البناء على ردعهم.

اقول و قد عرفت عدم كون الآية معترضة الّا عن التطهر من الحدث.

و لكن مع هذا يمكن ان يقال بعدم جواز مسّ خط المصحف بالعضو المتنجس من باب ان غير المتطهر ليس الا من ارتكب احدا من النواقص للوضوء او الغسل مثلا خرج منه البول فمن تكون يده متنجّسة بالبول مثله اقلا و نقول بالنسبة الى وجوب ازالة النجاسة عنه بانه بعد عدم جواز مسّه بالعضو المتنجس و لو لم يكن مسريا فوجوب ازالة النجاسة عنه لا اشكال فيه بالاولوية و لا اقل من الاحتياط فعلى هذا نقول بان الاحوط في غير ما يكون هتكا او بقصد التوهين عدم جواز مسّ

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 12 من ابواب الوضوء من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 54

خط المصحف بالعضو المتنجس و أمّا ورقه و جلده و غلافه فلا فافهم.

***

[مسئلة 22: يحرم كتابة القرآن بالمركّب النجس]

قوله رحمه الله

مسئلة 22: يحرم كتابة القرآن بالمركّب النجس و لو كتب جهلا او عمدا وجب محوه كما انّه اذا تنجس خطّه و لم يمكن تطهيره يجب محوه.

(1)

اقول: أمّا اذا كان موجبا للهتك او بقصد الوهن فواضح.

و أمّا فيما لا يكون ذلك فوجهه ما ذكر في وجه حرمة مسّه بالعضو المتنجس.

و لو كتب بالمركّب النجس فان امكن تطهيره يجب و الّا يجب محوه لوجود الملاك المتقدم في المسألة السابقة فانه بعد عدم جواز مسّه محدثا و عدم جواز مسّه بالعضو

المتنجس فالقرآن الذي يكون كلماته متنجسة و لا يمكن ازالة النجاسة عنه يجب محوه كى لا يبقي القرآن مع النجاسة و كذلك اذا تنجس خطه و لا يمكن تطهيره يجب محوه.

***

[مسئلة 23: لا يجوز اعطائه بيد الكافر]

قوله رحمه الله

مسئلة 23: لا يجوز اعطائه بيد الكافر و ان كان في يده يجب اخذه منه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 55

(1)

اقول: أمّا فيما يوجب اعطائه اياه او بقائه عنده هتكا و و هنا بالقرآن الكريم يحرم اعطائه و لو كان في يده يجب اخذه منه و أمّا في غير هذه الصورة فمشكل بل لا دليل عليه.

***

[مسئلة 24: يحرم وضع القرآن على العين النجسة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 24: يحرم وضع القرآن على العين النجسة كما انه يجب رفعها عنه اذا وضعت عليه و ان كانت يابسة.

(2)

اقول: وجهه ما ذكر في المسألة 23.

***

[مسئلة 25: يجب ازالة النجاسة عن تربة الحسينية]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 25: يجب ازالة النجاسة عن تربة الحسينية بل عن تربة الرسول و سائر الائمة صلوات اللّه عليهم الماخوذة من قبورهم و يحرم تنجيسها و لا فرق في التربة الحسينيّة بين الماخوذة من القبر الشريف او من الخارج اذا وضعت عليه بقصد التبرك و الاستشفاء و كذا السّبحة و التربة الماخوذة بقصد التبرك لاجل الصلاة.

(3)

اقول: أمّا فيما يوجب ترك الازالة الوهن فلا اشكال في وجوبها.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 56

و أمّا في غير هذه الصورة فلانه بعد ما يكون معلوما من وجوب تعظيم التربة الحسينية و الرسول و سائر الائمة عليهم الصلاة و السلام كما حكى عن التنقيح دعوى تواتر النقل بذلك فيوجب تعظيمها ازالة النجاسة عنها و كذلك حرمة تنجيسها و منشأ اختصاص الحكم في تربة الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ساير الائمة عليهم السّلام بخصوص الماخوذ من قبورهم و تعميم الحكم بالنّسبة الى التربة الحسينية على صاحبها الصلاة و السلام حتى ما يؤخذ من الحائر و توضع على الضريح لان يتبرك به مثلا.

لعلّه يكون من باب ان التربة الحسينية التي يستشفى بها او جعلت مسجدا للمصلى اعم من التربة الماخوذة من الحرم.

***

[مسئلة 26: اذا وقع ورق القرآن او غيره من المحترمات في بيت الخلاء]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 26: اذا وقع ورق القرآن او غيره من المحترمات في بيت الخلاء او بالوعته وجب اخراجه و لو باجرة و ان لم يمكن فالاحوط و الاولى سدّ بابه و ترك التخلي فيه الى ان يضمحل.

(1)

اقول: أمّا وجوب اخراجه مع الامكان فلان إبقاءه فيه هتكا له فيجب اخراجه.

و أمّا وجوب الأجرة مع الاحتياج بها فلان ما يتوقف عليه الواجب واجب فتجب الأجرة و أمّا وجوب سدّ بابه لو لم

يمكن اخراجه عنه فلان به يدفع عنه الاهانة الزائدة فيجب ذلك.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 57

[مسئلة 27: تنجيس مصحف الغير موجب لضمان نقصه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 27: تنجيس مصحف الغير موجب لضمان نقصه الحاصل بتطهيره.

(1)

اقول: للمسألة صور:

الصورة الاولى: ان يكون السبب للتنجيس و المباشر للتطهير شخصا واحدا مثلا نجّس زيد مصحف العمرو و هو طهّره بنفسه ففي هذه الصورة يكون زيد ضامن النقص الحاصل في مصحف العمرو و سواء حصل النقص في المصحف بتنجيسه او بتطهيره او بكل منهما و هذا واضح لان السبب و المباشر يكونان واحدا.

الصورة الثانية: ما يكون السبب للتنجيس شخصا و مباشر تطهير المصحف شخصا آخرا و لكن حصل النقص في المصحف بتنجيسه فيكون السبب و المباشر للنقص واحدا و ان كان سبب التّنجيس و المباشر للتطهير متعددين فلا اشكال في ان الضامن هو السبب.

الصورة الثالثة: ما اذا يكون المباشر للتطهير غير المسبب للتنجيس و وقع النقص في المصحف بتطهيره.

اما المباشر للتطهير فلا ضمان عليه لانه بعد كون الواجب تطهير المصحف على كل مكلف فهو يكون محسنا مٰا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ «1».

و أمّا السبب و هو من نجّس مصحف الغير ففي ضمانه و عدمه وجهان تقدم الكلام فيه في المسألة 12 من هذه المسائل و يأتي في المسألة الآتية إن شاء اللّه.

و ممّا مر يظهر ما في كلام المؤلف رحمه اللّه من الاشكال فلان النقص الحاصل من

______________________________

(1) سورة التوبة، الآية 91.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 58

التطهير لم يكن مضمونا عليه كما مر في المسألة 12 و يأتي في المسألة الآتية إن شاء اللّه.

***

[مسئلة 28: وجوب تطهير المصحف كفائي]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 28: وجوب تطهير المصحف كفائي لا يختص بمن نجّسه و لو استلزم صرف المال وجب و لا يضمنه من نجّسه اذا لم يكن لغيره و ان صار هو السبب للتكليف بصرف المال

و كذا لو القاه في البالوعة فان مئونة الاخراج الواجب على كل احد ليس عليه لان الضرر انما جاء من قبل التكليف الشرعي و يحتمل ضمان المسبب كما قيل بل قيل باختصاص الوجوب به و يجبره الحاكم عليه لو امتنع او يستأجر آخر و لكن يأخذ الاجرة منه.

(1)

اقول: الكلام يقع تارة في ان وجوب الإزالة يختص بمن نجّس المصحف او لا يختص به بل يجب على الجميع و على تقدير تعلق الوجوب بالجميع هل يكون تعلق الوجوب على المكلفين وجوبا عينيا او كفائيا.

فنقول في هذا المقام بان الإزالة تجب على جميع المكلفين و ان كان سبب التنجيس شخصا خاصا لان العمدة في وجه وجوب الإزالة أمّا دعوى الاولوية القطعيّة ان قلنا بكون المستفاد من قوله تعالى لٰا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ.

هو عدم جواز المسّ لمن لم يكن طاهرا عن الخبث بالاولوية.

و امّا دعوى ان تعظيم المصحف ينافي مع تقريبه النجاسة فيجب تعظيما له ازالة النجاسة عنه لو تنجس و كلاهما يقتضي الوجوب على الجميع لا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 59

خصوص المسبب.

و هذا يقتضي كون الوجوب كفائيا لان الامتثال يحصل بقيام البعض بالازالة و على هذا لا وجه لاختصاص الوجوب بالمسبّب كما نسب المؤلف رحمه اللّه في ذيل المسألة بقوله «و قيل».

و تارة يقع الكلام في وجوب صرف المال على المكلف لو توقف ازالة النجاسة على صرفه فنقول لا اشكال في وجوب ذلك بعد فرض وجوب الازالة لتوقف الواجب عليه.

و تارة يقع الكلام في انه هل يكون للمباشر للازالة الرجوع فيما صرفه في طريق ازالة النجاسة الى، المسبّب لو لم يكن متبرعا في اقدامه على الازالة.

او لا يكون له ذلك.

او يقال بالتفضيل

بين الصورة التي يكون المصحف ملكا لمن نجسه فلا يضمن ما صرفه المباشر في مصير تطهيره و بين الصورة التي لا يكون من نجّس المصحف مالكا له فيضمن للمباشر ما صرفه في مصير تطهيره.

قد عرفت في مسئلة 12 من هذه المسائل عند التكلم في جواز رجوع المباشر لتطهير المسجد الى المسبّب و عدمه اختيار المؤلف رحمه اللّه عدمه كما اختاره في المقام غاية الامر قيّد عدم الضّمان فى هذه المسألة بانه اذا لم يكن المصحف لغيره و علّل عدم الضمان بان الضرر جاء من قبل التكليف الشرعي فلا ضمان على السبب.

و فيه ان وجه عدم ضمان السبب لا يكون الا ان المباشر في المورد يكون اقوى من السبب و عدم كون نفى الاختيار الشرعي مثل نفى الاختيار التكويني و في هذا لا فرق بين ان يكون المصحف ملكا للمسبب او لغيره.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 60

نعم في النقص الحاصل بالتنجيس فرق بين يكون المصحف من نفسه و بين كونه من غيره لان في الصورة الاولى لا معني لضمان السبب حيث انه ورد النقص في ملك نفسه.

و وجه الضمان ليس الا ما عرفت في مسئلة 12 من ان بعد كون الواجب على المباشر التطهير و لو انه غير مختار في الفعل شرعا و هو يكون مثل الغير المختار تكوينا فكما ان المباشر ان كان غير مختار تكوينا يرجع الى السبب كذلك اذا كان غير مختار شرعا.

***

[مسئلة 29: اذا كان المصحف للغير]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 29: اذا كان المصحف للغير ففي جواز تطهيره بغير اذنه اشكال الا اذا كان تركه هتكا و لم يمكن الاستيذان منه فانه حينئذ لا يبعد وجوبه.

(1)

اقول: ينبغي ان يجعل مورد الكلام خصوص مورد

لا يمكن الاستيذان من المالك او استوذن منه و لم يأذن بتطهيره و لم يتصدّ بنفسه او مع الواسطة لتطهيره و الا لو استوذن المالك فأذن به او تصدّي بنفسه او مع الواسطة لتطهير المصحف فلا معني للتصرف فيه بغير اذن مالكه لعدم جواز التصرف في ملك الغير بغير اذنه.

فاذا كان مورد الكلام في مسئلتنا ما اذا لا يمكن الاستيذان او ما اذا استوذن المالك و لم يأذن و لم يتصد للتطهير بنفسه و لا بواسطة الغير.

فيقال هل يجوز تطهير مصحف الغير بغير اذنه فى هذه الصورة أم لا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 61

لا وجه لجواز التّطهير بدون اذن المالك الا دعوى انه بعد ما نرى ان الواجب تطهير المصحف و نرى ان التصرف في ملك الغير بغير اذنه يكون حراما فيقع التزاحم بينهما فهل يقدم الواجب و هو تطهير المصحف و ان ارتكب حراما و هو التصرف في ملك الغير بغير اذنه او يقدم ترك الحرام و لا يتصرف في مصحف الغير بغير اذنه و يترك الواجب و هو تطهير المصحف.

و بعد التزاحم يقال بانه حيث يكون تطهير المصحف و ازالة النجاسة عنه اهم من حرمة التصرف في ملك الغير بغير اذنه فنقول بجواز تطهير المصحف مع عدم اذنه.

اقول لكن اهميّة وجوب ازالة النجاسة من حرمة التصرف في ملك الغير بغير اذنه غير معلوم لو لم نقل بأهمية عكسه و عدم جواز عدم التصرف في ملك الغير بغير اذنه على وجوب تطهير المصحف.

نعم فيما يوجب بقاء النجاسة في المصحف الهتك للمصحف لا يبعد اهميّة وجوب التطهير حتى مع عدم اذن المالك.

***

[مسئلة 30: يجب ازالة النجاسة عن الماكول]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 30: يجب ازالة النجاسة عن الماكول

و عن ظروف الاكل و الشرب اذا استلزم استعمالها تنجيس الماكول و المشروب.

(1)

اقول: بمعني عدم جواز، اكل المأكول النجس و شرب المشروب النجس.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 62

و كذا في ظروف الماكول و المشروب النجس اذا استلزم استعمالها تنجيس الماكول و المشروب لعدم جواز اكل النجس و المتنجس و كذا لا يجوز شرب النجس و المتنجس كما يظهر ذلك للمراجع بالابواب المتفرقة من الفقه.

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 3، ص: 62

***

[مسئلة 31: الاحوط ترك الانتفاع بالاعيان النجسة]

اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 31: الاحوط ترك الانتفاع بالاعيان النجسة خصوصا الميتة بل و المتنجسة اذا لم تقبل التطهير الا ما جرت السيرة عليه من الانتفاع بالعذرات و غيرها للتّسميد و الاستصباح بالدهن المتنجس لكن الاقوى جواز الانتفاع بالجميع حتى الميتة مطلقا في غير ما يشترط فيه الطهارة نعم لا يجوز بيعها لاستعمال المحرم و في بعضها لا يجوز بيعها مطلقا كالميتة و العذرات.

(1)

اقول: اعلم ان الكلام في المسألة يقع في جهات:

الجهة الاولى: هل يجوز بيع اعيان النجسة للاستعمال المحرم او لا يجوز ذلك.

«و قدمنا هذه الجهة و ان كان على خلاف ترتيب المؤلف رحمه اللّه» فنقول بعونه تعالى قد مرّ في بحث النجاسات في المسألة 2 من المسائل المتعلقة بالبول و الغاية و هما الاول و الثاني من النجاسات بانّه لا يجوز بيع بول غير مأكول اللحم من الحيوان لعدم وجود منفعة محللة معتدة بها له.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 63

مضافا الى ما في رواية تحف العقول «او شي ء من وجوه النجس» «1» المنجبرة بالنسبة إليه بعمل الاصحاب.

و كذلك الغائط لما ادعى الاجماع عليه و لدلالة رواية تحف العقول و هى هذه الفقرة المتقدمة ذكرها من قوله «او شي ء من وجوه النجس» المنجبرة بعمل الاصحاب بالنّسبة الى حرمة بيع البول و الغائط.

و لما ورد في رواية يعقوب بن شعيب عن ابى عبد اللّه عليه السّلام ثمن العذرة من السحت. «2»

و ما رواها محمد بن مضارب عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قاله لا بأس ببيع العذرة «3» و ان كان ظاهرها جواز بيع العذرة.

و ربما يتوهم ان مقتضي الجمع بين الرواية الاولى الدالة على عدم جواز بيع العذرة و بين الرواية الثانية الدالة على جواز بيعها هو حمل الرواية الاولى على الكراهة

بقرينة الرواية الثانية على الجواز.

لكن فيه ان الجمع بهذا النحو يصح فيما كان لسان احد الخبرين هو النهى مثلا يقول لا تبع و لسان الآخر جواز البيع يجمع بينهما بحمل النهى في الخبر الاول بقرينة جوازه في الخبر الثاني على الكراهة بنظر العرف لكن لا يصح هذا الجمع في ما نحن فيه لان لسان الرواية ليس النهى بل قال ثمن العذرة من السحت و «السحت» غير قابل للحمل على الكراهة فلا يمكن الجمع العرفي بين الروايتين بالحمل بما توهم يعني حمل الرواية الاولى على الكراهة.

______________________________

(1) الرواية من الباب 2 من ابواب ما يكتسب به من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 40 من ابواب ما يكتسب به من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 40 من ابواب ما يكتسب به من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 64

و بعد عدم امكان الجمع العرفي و وقوع التعارض بينهما فكما قلنا في باب التعادل و الترجيح بانه ان كان الترجيح لاحدى الروايتين على الآخر يؤخذ بما فيه المرجح و يطرح الآخر و ان لم يكن لاحدهما ترجيح على الآخر تكون النتيجة التخيير او التوقف على ما مر في محله.

فنقول في مقام الترجيح بان اوّل المرجحات الشهرة.

فنقول ان المراد من الشهرة المرجحة ان كانت الشهرة الفتوائية كما اختاره سيدنا الاعظم آية اللّه المعظم البروجردي قدّس سرّه فالترجيح يكون مع الرواية الاولى الدالة على عدم جواز بيع العذرة لان الشهرة الفتوائية على طبقها.

و ان كانت الشهرة الروائية فلا ترجيح لأحد من الروايتين على الاخرى لان كل منهما مشهورتان بالشهرة الروائية.

فلا بد من الرجوع الى ما عدّ مرجّحا بعد الشهرة و هو مخالفة العامة و بعد كون المشهور عند

العامة جواز بيع العذرة فالترجيح مع الرواية الاولى لانها تخالف العامة.

و قد يقال بالجمع بين الروايتين بنحو آخر و هو ان يحمل الرواية الاولى الناهية عن بيع العذرة على عذرة الانسان و الرواية الثانية المجوّزة لبيع العذرة على عذرة غير الانسان بقرينة الرواية التي رواها سماعة بن مهران (قال سال رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام و انا حاضر فقال اني رجل ابيع العذرة فما تقول قال حرام بيعها و ثمنها و قال لا بأس ببيع العذرة) «1».

لان فى هذه الرواية قال عليه السّلام في صدرها بحرمة بيع العذرة و في ذيلها بجواز

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 40 من ابواب ما يكتسب به من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 65

بيعها و لا يمكن ان يكون مورد الحرمة و الجواز واحدا و لا بد من ان يقال بان مورد صدر الرواية التي حرّم بيعها يكون عذرة الانسان و مورد ذيلها المجوّز بيعها يكون عذرة غير الانسان و بعد حمل هذه الرواية على ما قلنا من التفصيل بين عذرة الانسان و غير فتحرم الاولى و يجوز الثاني.

فبها يجمع بين الروايتين المتقدمتين الدالة إحداهما على حرمة بيع الغدرة و الثانية على جواز بيعها بحمل الاولى على عذرة الانسان و الثانية على عذرة غير الانسان بقرينة رواية سماعة بعد حملها على التفصيل بين عذرة الانسان و غيره من حيث الحرمة في الاوّل و الجواز في الثاني.

و فيه أمّا أولا يحتمل كون كل من الصدر و الذليل رواية مستقلة بمعني انه راى سماعة مرة سئل السائل عن حكم بيع العذرة و اجاب الامام عليه السّلام بحرمة بيعه و مرة اخرى راى سئل السائل و اجاب

عليه السّلام بعدم الباس ثم ان سماعة نقل ما راى في المجلسين مثلا متّصلا كل منهما بالآخر في مقام النقل فيكون الصدر رواية و الذيل رواية اخرى و الشاهد على ذلك ان سماعة بعد ذكر صدر الرواية قال «و قال لا بأس ببيع العذرة و على هذا الاحتمال تكون رواية سماعة روايتين متعارضين مثل الرواية الاولى اعني رواية يعقوب بن شعيب و الرواية الثانية اعني رواية محمد بن مضارب و لا بد معاملة التعارض بينهما.

و أمّا ثانيا يحتمل كون ذيل رواية سماعة صدر تقية لكون الجواز كما قلنا موافقا للمشهور عند العامة.

و أمّا ثالثا يحتمل حمل صدر رواية سماعة على عذرة غير مأكول اللحم من الحيوان و الذيل على عذرة مأكول اللحم من الحيوان و مع وجود هذه الاحتمالات لا يمكن حمل رواية سماعة على ما توهم حتى يمكن الجمع بما توهم بين رواية

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 66

يعقوب و مضارب.

اذا عرفت عدم امكان الجمع بين رواية يعقوب و رواية مضارب بما توهم من حمل الاولى الظاهرة فى عدم جواز بيع العذرة على عذرة الانسان و حمل الثانية الظاهرة في جواز بيعها على عذرة غير الانسان.

فتكون النتيجة ما اخترنا من انه بعد عدم امكان الجمع العرفي و بلوغ الامر بالتعارض و الاخذ بما فيه المرجع منهما لا بد من الاخذ بالرواية الاولى الدالة على حرمة بيع العذرة لما فيما من المرجّح و ردّ علم الثانية الدالة على جواز بيعها على اهله.

مضافا الى ان المذكور في هذه الروايات الثلاثة كلمة العذرة و ربما يدعى انّها اسم لخصوص غائط الانسان لا غيره.

فلا يمكن الجمع بين الروايتين بحمل ما دل على عدم جواز

بيع العذرة على عذرة الانسان و حمل ما دل على جواز بيعها على عذرة غير الانسان فلا تكون في البين ما يدل على عدم جواز بيع الغائط مطلقا اعني حتى بالنسبة الى عذرة غير الانسان و لا جوازه نعم لا يجوز بيع الغائط مطلقا من باب ما فى رواية تحف العقول المتقدمة ذكرها.

و كذلك لا يجوز بيع المني لدلالة رواية تحف العقول المتقدمة عليه و لعدم وجود منفعة محلّلة له معتدة بها.

و كذلك الدم أمّا لعدم وجود منفعة محللة معتدة بها له و ان كان يمكن الاشكال فيه للانتفاع به فعلا للمرضي او غيره فيقال في جواز بيعه في خصوص صورة له منفعة محللة و أمّا لما في رواية تحف العقول المتقدمة يشمل الدم.

و كذلك الكلب الا ما استثنى و الخنزير البريان لشمول ما في رواية تحف

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 67

العقول لهما.

و كذلك الخمر لدلالة بعض النصوص عليه و من جملتها ما في رواية تحف العقول للتنصيص به فيها بالخصوص.

و أمّا الميتة فقد مضى الكلام في حرمة بيعها في طى المسألة 19 من المسائل المتعلقة بنجاسة الميتة لان عدّة من النصوص تدل على عدم جواز بيعها و ليس لنا في البين ما يمكن ان يستدل به على الجواز بين الروايات الا رواية واحدة و هى مع الاشكال في دلالتها لا يمكن العمل بها لاعراض الاصحاب عنها و لا يمكن الجمع الدلالي بينها و بين النصوص الدالة على عدم الجواز بحمل ما دل على عدم الجواز على الكراهة بقرينة هذه الرواية لان التعبير في بعضها من المعصوم عليه السّلام ان السحت ثمن الميتة «او من السحت ثمن الميتة» و هذه

العبارة غير قابلة للحمل على الكراهة فلا يجوز بيع الميتة.

هذا كله بالنسبة الى عدم جواز بيع الاعيان النجسة الا فيما استثنى من بيع الاعيان النجسة كالعبد الكافر او غيره.

الجهة الثانية: و هى انه هل يجوز الانتفاع بالاعيان النجسة مطلقا
اشارة

بعد عدم جواز بيعها.

او لا يجوز مطلقا.

او يجوز في غير الميتة و لا يجوز الانتفاع في الميتة فنقول بعونه تعالى ما يمكن ان يكون وجها لعدم الجواز امور:

الأمر الاول: بعض الآيات:

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 68

منها قوله تعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ الخ «1»

بناء على كون المحرم جميع الانتفاعات.

و منها قوله تعالى إِنَّمَا الْخَمْرُ وَ الْمَيْسِرُ وَ الْأَنْصٰابُ وَ الْأَزْلٰامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطٰانِ فَاجْتَنِبُوهُ «2».

بدعوى دلالتها على وجوب الاجتناب عن كل رجس و هو نجس العين و الاجتناب لا يحصل الا بترك جميع الانتفاعات.

و منها قوله تعالى وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ «3».

و لا يحصل الهجر الا بترك مطلق الانتفاع عنه.

و فيه ان الظاهر من التحريم او الامر بالاجتناب او الهجر هو في كل نجس بحسبه ففي الميتة هو الاكل و في الخمر الشرب و في الميسر اللعب به لا جميع التقلبات فيه و حذف المتعلق يفيد العموم ان لم يكن فيه ما هو الظاهر فيه بنظر العرف كما فى المقام لان الظاهر من حرمة الميتة و الدم حرمة اكلهما و فلا دلالة للآيات الكريمة المتقدمة على حرمة جميع الانتفاعات.

الأمر الثاني: بعض الروايات:

منها ما ورد في رواية «4» تحف العقول بعد قوله «او شي ء من وجوه النجس» فهذا كله حرام محرم لان ذلك كله منهى عن اكله و شربه و لبسه و ملكه و امساكه و التقلب فيه فجميع تقلبه في ذلك حرام».

______________________________

(1) سورة المائدة، الآية 3.

(2) سورة المائدة، الآية 90.

(3) سورة المدّثر، الآية 5.

(4) الرواية 1 من الباب 2 من ابواب ما يكتسب به من الوسائل، ج 12، ص 56.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 69

و فيه أولا لا يبعد انصرافها الى خصوص الاكل و الشرب اللهم الا ان يقال ان قوله فلان ذلك كله منهى عن اكله و شربه و لبسه و ملكه و امساكه و التقلب فيه

محرم يشمل غير الاكل و الشرب أيضا.

و ثانيا ان الظاهر منه التقلبات التي تكون فيها وجه من وجوه الفساد بقرينة قوله قبل ذلك.

او شي ء يكون فيها وجه من وجوه الفساد» و عدّ من شي ء من وجوه النجس فلا يستفاد الا حرمة الانتفاع في الجهات المحرمة.

و منها ما دل على حرمة بيع النجس بناء على كون النهى من جهة حرمة الانتفاع به.

و فيه ان كون هذا منشأ الحرمة غير معلوم ان لم يكن معلوم العدم.

منها بعض ما ورد في حرمة الانتفاع بالميتة و قد ذكرنا في طى المسألة 19 من المسائل المتعلقة بنجاسة الميتة.

مثل ما رواها على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام قال سألته عن الماشية تكون للرجل فيموت بعضها يصلح له بيع جلودها و دباغها و لبسها قال لا الخ «1» و يمكن حملها على لبسها بعد الدباغ فلا يصلح الانتفاع بها لان جلد الميتة لا يطهر بالدباغ لا مطلق الانتفاع فلا تدل على حرمة الانتفاع بالميتة مطلقا.

و مثل ما في راية سماعة قال سألته عن جلود السباع ينتفع بها قال اذا رميت و سمّيت فانتفع بجلده و أمّا الميتة فلا «2»

______________________________

(1) الرواية 17 من الباب 5 من ابواب ما يكتسب به من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 49 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 70

و مثل ما في رواية على بن ابي المغيرة قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام جعلت فداك الميتة ينتفع منها بشي ء فقال لا، قلت بلغنا انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مرّ بشاة ميتة فقال ما كان على هذه الشاة اذ لم ينتفعوا بلحمها

ان ينتفعوا بإهابها «بجلدها» قال تلك شاة لسودة بنت زمعة زوجة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها فتركوها حتى ماتت فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما كان على اهلها اذ لم ينتفعوا بلحمها ان ينتفعوا بإهابها اى تذكي «1».

و مثل ما رواها الفتح بن يزيد الجرجاني عن ابى إسحاق عن ابي الحسن عليه السّلام قال كتبت إليه أسأله عن جلود الميتة التي يؤكل لحمها ذكيا فكتب عليه السّلام لا ينتفع من الميتة بإهاب و لا عصب الخ. «2»

و هذه الروايات و ان كانت في الميتة الا أنّه يمكن ان يقال بحرمة الانتفاع في مطلق النجاسات بإلغاء الخصوصية.

و فيه منع ذلك و لا اقل من عدم القطع بوجود الملاك في مطلق نجس العين.

الأمر الثالث: دعوى الشهرة بل الاجماع على حرمة الانتفاع بنجس العين.

و فيه انه يمكن مستند فتواهم الروايات فلا يكون في البين اجماع بنحو يكون دليلا مستقلا.

فعلى هذا نقول أمّا في مطلق نجس العين فليس في البين ما يستفاد منه حرمة جميع الانتفاعات فاذا نقول الاقوى جواز الانتفاع بالاعيان النجسة في غير الجهات المحرمة غير الميتة و ان كان الاحوط استحبابا ترك جميع الانتفاعات.

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 61 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب 33 من ابواب الأطعمة المحرمة من الوسائل، ج 16.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 71

و أمّا في خصوص الميتة فقد عرفت دلالة بعض الروايات على حرمة الانتفاع بها مطلقا و في قباله يستدل ببعض الروايات على جواز الانتفاع بها قدمنا ذكره عند البحث عن جواز الانتفاع بالميتة و عدمه و نذكرها مزيدا للفائدة.

و هى ما رواها ابو القاسم الصيقل

و ولده قال كتبوا الى الرجل جعلنا اللّه فداك انا قوم نعمل السيوف ليست لنا معيشة و لا تجارة غيرها و نحن مضطرون إليها و انما علاجنا جلود الميتة و البغال و الحمير الاهليّة لا يجوز في اعمالنا غيرها فيحلّ لنا عملها و شرائها و بيعها و مسّها بايدينا و ثيابنا و نحن نصلي في ثيابنا و نحن محتاجون الى جوابك فى هذه المسألة يا سيدنا لضرورتنا فكتب اجعل ثوبا للصلاة فكتب إليه جعلت فداك و قوائم السيوف التي تسمى السفن نتخذها من جلود المسك فهل يجوز لى العمل بها و لسنا ناكل لحومها فكتب عليه السّلام لا بأس «1».

و منها ما رواها الحسن بن على قال سألت أبا الحسن عليه السّلام فقلت جعلت فداك ان اهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها قال هى حرام قلت فنصطبح بها قال أمّا تعلم انه يصيب اليد و الثوب و هو «2» حرام.

و منها ما رواها ابن ادريس نقلا عن كتاب جامع البزنظي صاحب الرضا عليه السّلام قال سألت عن الرجل يكون له الغنم يقطع من ألياتها و هى احياء أ يصلح ان ينتفع بما قطع قال يذيبها و يسرج بها و لا يأكلها و لا بيعها «3».

و منها ما رواها ابو بصير قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصلاة في الفراء فقال كان على بن الحسين عليه السّلام كان رجلا صردا لا يدفئه الفراء الحجاز لان دباغها

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 38 من ابواب ما يكتسب به من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 32 من ابواب كتاب الاطعمة و الأشربة، ج 16.

(3) الرواية 4 من الباب 30 من ابواب الصيد و الذبايح من

الوسائل، ج 16.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 72

بالقرض فكان يبعث الى العراق فيؤتي ممّا قبلكم بالفرو فيلبسه فاذا حضرت الصلاة القاه و القى القميص الذي يليه فكان يسأل عن ذلك فقال ان اهل العراق يستحلون لباس جلود الميتة و يزعمون ان دباغه ذكوته «1».

اذا عرفت ذلك نقول انّ هذه الروايات الاربعة على تقدير دلالتها لا تقاوم مع الروايات الدالة على العدم.

امّا الاولى منها فلانها مع ما يلوح منها آثار التقية لاعراض الامام عن الجواب لانه لم يجب عما سأله بل كتب اجعل ثوبا للصلاة تكون مما اعرض عنها الاصحاب لانه بمفادها تدل على جواز بيع الميتة فهى معرض عنها.

كما ان الرابعة منها ضعيفة السند كما قدمنا في محله.

و أمّا الثانية و الثالثة منها فلا تدلان الا على جواز الانتفاع باليات الغنم لخصوص الاستصباح فليس في البين من الروايات ما يمكن الاستدلال بها على الجواز.

ثم بعد ذلك هل نقول بعدم جواز مطلق الانتفاعات بدلالة الروايات المتقدمة.

او نقول بان الظاهر منها بعض الانتفاعات الظاهرة من النجاسات و هو البيع و الشراء و الاكل و الشرب لا مطلق الانتفاعات كل محتمل.

اقول مضافا الى ضعف سند بعض الروايات الدالة على عدم جواز الانتفاع كرواية على بن ابي المغيرة و الفتح بن يزيد فانهما مجهولان كما عن العلامة المامقاني رحمه اللّه.

بانه ما يأتي بالنظر هو احتمال آخر فى هذه الروايات و هو انه بعد ما يكون

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 61 من ابواب لباس المصلى.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 73

العامة يقولون بان ذكاة جلد الميتة دباغه و ينسبون كذبا هذا الفتوى الى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يحتمل

ان يكون النظر فى هذه الروايات الى الانتفاع بهذا النحو و انه لا يجوز ان ينتفع بجلد الميتة بما يقول العامة لعدم صيرورته مذكى بالدباغ كما ان دلالة بعض الاخبار المتقدمة على ذلك واضح كرواية على بن ابي المغيرة و هذا الاحتمال ان لم يكن اظهر الاحتمالات فلا اقل من تساويه مع ساير الاحتمالات فاذا ليس في البين ما يدل على حرمة مطلق الانتفاعات.

و مع الشك في الجواز و عدمه يكون المرجع اصالة البراءة و مما ذكرنا يظهر لك جواز الانتفاع بالاعيان النجسة مطلقا في غير ما يشترط فيه الطهارة و في غير الاستعمالات المحرمة حتى في الميتة و ان كان لا ينبغي ترك الاحتياط مطلقا و في خصوص الميتة بطريق الاولى لان العمدة ما ورد و يدل على عدم جواز الانتفاع ورد في خصوص الميتة فافهم.

***

[مسئلة 32: يحرم التسبب لاكل الغير او شربه الشي ء النجس]

اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 32: كما يحرم الاكل و الشرب للشي ء النجس كذا يحرم التسبب لاكل الغير او شربه و كذا التسبب لاستعماله فيما يشترط فيه الطهارة فلو باع او اعار شيئا نجسا قابلا للتطهير يجب الاعلام بنجاسته و اما اذا لم يكن هو السبب في استعماله بان راى ان ما يأكله شخص او يشربه او يصلي فيه نجس فلا يجب اعلامه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 74

(1)

اقول: للمسألة صور ثلاثة:

الصورة الاولى: ان يكون دخل الشخص في فعل الغير بنحو التسبيب

بان يكون من قصده ايجاد المسبب بهذا السّبب لاعتبار القصد الى المسبب في التسبيب في هذه الصورة يكون صدور الفعل مثلا الاكل او الشرب من الآخر بتسبيب الشخص بان قصد من السبب ايجاد المسبب و حصوله من الاكل او الشرب من الشخص الآخر.

الصورة الثانية: ان يكون الشخص سببا لصدور الفعل من الآخر لكن لا يقصد في ايجاد السبب

حصول المسبّب منه و ان كان هو السبب مثل ما جعل الماكول عند رجل آخر و هو اكله بلا التفات و لا اختيار و لم يقصد بجعله عنده أكله او شربه و لكن مع ذلك اكله او شربه بلا التفات و اختيار يعدّ الشخص سببا لاكله او شربه.

الصورة الثالثة: ان لا يكون تسبيب في البين
اشارة

و لا التسبب مثل ما راى الآخر يأكل النجس او يشربه و هو عالم به و لم يعلمه.

و نحن نتكلم إن شاء الله في حكم الصورة الاولى من حيث حرمة التسبيب و عدمه فان ساعدنا دليل على حرمة التسبيب نعطف عنان الكلام الى الصورة الثانية و الثالثة و ان لم يساعد الدليل على حرمة الاولى فالثانية و الثالثة لم تكونا حرامين بطريق الاولى فنقول بعونه تعالى

ما يمكن ان يستدل به على حرمة التسبيب امور:
الأمر الاول: ان ذلك حرام و وقوعه مبغوض للشارع

فلا يجوز التسبيب إليه.

و فيه انه تارة نعلم بمبغوضية شي ء على كل حال و كون المطلوب عدم وقوعه راسا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 75

و تارة نعلم بمبغوضية وقوعه على خصوص من توجه إليه التكليف كما انه يمكن كون الامر باحد هذين النحوين.

فان كان كالاول يجب على كل احد فعله ان كان واجبا مثل ازالة النجاسة عن المسجد و يجب تهيّة اسباب تركه و عدم وقوعه في الخارج ان كان منهيا عنه لمبغوضية وقوعه على كل حال و من كل احد فالشارع كره وجود هذا الفعل مطلقا في الخارج فيحرم التسبيب على وجوده و كذا من يرى انه يوجده في الخارج شخص آخر جهلا به و هو عالم يجب اعلامه و منعه عن ارتكاب هذا الفعل المبغوض و في هذا القسم يكون في الحقيقة النهى عن الفعل متعلّقا بالسبب كما تعلّق بالمباشر.

و أمّا لو لم يكن كذلك بل الفعل المحرم مبغوض صدوره عن خصوص من يكون مورد النهى لا على غيره ففي هذه الصورة لا يجب اعلامه بل لا مانع من تسبيبه و التسبب الى الفعل لانه على الفرض ليس مبغوضا بمعني يشمل التسبيب و التسبب.

و المقام ليس من قبيل القسم الاول لان حرمة اكل

النجس او شربه المتعلق بكل مكلف يكون من باب وجود ملاك مخصوص بصدوره عنه او تركه بخصوص هذا المكلف لا على غيره بل لو شككنا في مبغوضيته المطلقة و عدمها يكون مورد البراءة فهذا الوجه لا يكفي لإثبات المطلوب.

الأمر الثاني: ان يقال بحرمة التسبيب بملاك الامر بالمعروف و النهى عن المنكر

و ارشاد الضال.

و فيه ان كل ذلك يكون فرع كون صدور الفعل عن المباشر مبغوضا و منهيا عنه فى هذا الحال فيقال بحرمة التسبيب به و الحال انه ليس على الفرض الاكل او الشرب مع جهل المباشر بالنجاسة منهيا عنه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 76

الأمر الثالث: انه إعانة على الأثم.

و فيه انه مع فرض جهل المباشر لا اثم حتى يكون التسبيب او التسبب اعانة على الاثم.

الأمر الرابع: يقال بان النجاسة عيب خفي يجب اعلامه عند البيع.

و فيه أمّا أولا، فكونها عيبا يتوقف على مبغوضية استعمالها حتّى مع جهل المباشر و هذا أوّل الكلام.

و أمّا ثانيا، على تقدير تماميته يفيد في خصوص لزوم الاعلام في مقام البيع.

الأمر الخامس: دعوى دلالة بعض الروايات على حرمة تقرير الجاهل

على عمله.

مثل ما رواها ابو عبيدة قال قال ابو جعفر عليه السّلام من افتى الناس بغير علم و لا هدى من اللّه لعنته ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب و لحقه وزر من عمل بفتياه «1» بدعوى صيرورة المفتي بغير علم سببا فعليه وزر من عمل بفتياه.

و فيه ان من يعمل بفتوى من يفتي بغير علم ان كان عالما بعدم علوم او جاهلا غير معذور فعليه الوزر فيما فعله على طبق فتواه فيكون مثل وزره على المفتي باعتبار نفس الفتوى بغير العلم نظير من سنّ سنة سيئة كان له وزرها و وزر من عمل بها لا من باب وجوب اعلام الجاهل او حرمة تقريره بترك اعلامه.

مضافا الى انه في صورة العلم لا معني لوجوب الاعلام او حرمة تركه.

و ان كان معذورا في العمل على طبق فتواه فلا وزر عليه حتى لحق المفتي

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 4 من ابواب صفات القاضي و ما يجوزان يفني به من الوسائل، ج 18.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 77

بغير العلم.

و المفتي بغير علم عليه الوزر لنفس فتواه الذي أفتى بغير علم لا من باب عدم اعلام المستفتي به.

و كذلك في باب امام الجماعة من دلالة بعض الروايات على انه ان كان في صلاة الماموم نقص فعلي الامام.

ففيه أولا أني ما رأيت و ما وجدت رواية بهذا المضمون في ابواب صلاة الجماعة في بعض ما عندي من كتب الاخبار.

نعم ورد بعض الاخبار على خلافه و

ان امام الجماعة لا يضمن شيئا الا القراءة.

و ثانيا ان كان المراد مما ذكره الشيخ رحمه اللّه من ان الروايات الدالة على ان تقصير المامومين على الامام هو انهم لا يلتفتون و لا هم متذكرون بذلك و هم معذورون فلا تقصير عليهم فى هذه الصورة حتى يكون التقصير عليه.

و ان كانوا متذكرين بتقصيرهم فلا اثر للاعلام فلا بد من ان يحمل على ما يكون هو سبب تقصيرهم و العقاب و التقصير عليه في هذه الصورة يكون لمجرد اضلالهم لا لعدم اعلامهم.

و مثل ما رواها ابو بصير قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الفارة تقع في السمن او في الزيت فتموت فيه فقال ان كان جامدا فتطرحها و ما حولها و يؤكل ما بقى و ان كان ذائبا فاسرج به و أعلمهم اذا بعته «1».

و مثل ما رواها معاوية بن وهب و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في جرذ مات في

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 6 من ابواب ما يكتسب به من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 78

زيت ما تقول في بيع ذلك فقال بعه و بيّنه لمن اشتراه ليستصبح به «1».

بدعوى دلالتهما على الاعلام لان الاستصباح ليس واجبا على المشتري حتى يكون الاعلام لاجل توقف الواجب عليه بل الامر بالاعلام ليستصبح يكون عرضا و في الحقيقة يكون الاعلام واجبا لدلالة المشتري.

و المورد و ان كان خاصا من حيث ان السؤال و الجواب في الروايتين عن السمن او الزيت او الزيت المتنجّس و بيعه لكن بإلغاء الخصوصية يعمّ الحكم بغير المورد يعني غير مورد البيع و غير السّمن و الزيت.

اقول بعد تسلم تقييد بعض المطلقات الواردة في

الدهن المتنجس من انه يستصبح به بدون التقييد بالاعلام بهاتين الروايتين و الالتزام بوجوب الاعلام فالتعدي عن مورد الدهن المتنجس بغير بيعه مثل صورة جعله تحت يد الغير بالتسبب او التسبيب بلا بيع غير بعيد بإلغاء الخصوصية.

و لكن التعدي عن الدهن المتنجس بغير الدهن المتنجس بإلغاء الخصوصية مشكل لعدم القطع بوجود الملاك في غيره ان لم نقل بان نفس استثناء الدهن المتنجس شاهد على خصوصية فيه فلا وجه للتعدي من الدهن المتنجس الى غيره.

نعم ينبغي الاحتياط بالاعلام خصوصا في الاعيان النجسة.

هذا كله فيما لا يوجب التسبب و التسبيب ضررا على المباشر الجاهل في نفسه او غير نفسه.

و أمّا اذا كان موجبا للضرر فياتي إن شاء الله في المسألة 33 من هذا الفصل حرمة التسبيب و التسبب بل يجب الردع و ان لم يكن تسبيبا اذا كان اكل النجس او

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 6 من ابواب ما يكتسب به من الوسائل، ج 12.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 79

شربه موجبا لاهلاك النفس.

و اذا لم يجب الاعلام في صورة التسبب لا يجب الاعلام في الصورة الثانية و هى صورة التسبيب و بعد عدم وجوب الاعلام فيهما لا اشكال في عدم وجوب الاعلام في الصورة الثالثة و هى الصورة التي لا تسبب و لا تسبيب فى العين بل يكون مجرد اطلاع الشخص بكون شي ء نجسا فيرى ان احدا يأكله او يشربه فلا يجب الاعلام.

و ممّا مر في الصور بالنّسبة الى الاعلام و التسبب للاكل و الشرب يظهر لك عدم حرمة التسبب لاستعماله فيما يشترط فيه الطهارة فلا يجب الاعلام الا في صورة البيع لما قلنا من انه يمكن الغاء الخصوصية بالنّسبة الى مطلق

النجس الذي يبيعه للاكل و الشرب او لاستعمالات المشروطة بالطهارة.

و أمّا في صورة البيع فأيضا لا دليل على وجوب الاعلام في غير الدهن المتنجس «و الزيت المتنجس لكونه مذكورا في رواية ابي بصير و رواية معاوية بن وهب» و كذا اذا اعاره بشخص.

و أمّا ما قال المؤلف رحمه اللّه من وجوب الاعلام فيما اذا باع او اعار شيئا نجسا قابلا للتطهير.

فلا وجه على مبناه للتقييد بصورة كون النجس قابلا للتطهير بل يجب الاعلام مع التسبيب حتى في النجس الذي لا يقبل التطهير.

***

[مسئلة 33: لا يجوز سقى المسكرات للأطفال]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 33: لا يجوز سقى المسكرات للأطفال بل يجب ردعهم و كذا سائر الاعيان النجسة اذا كانت مضرة لهم بل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 80

مطلقا و اما المتنجسات فان كان التنجّس من جهة كون ايديهم نجسة فالظاهر عدم البأس به و ان كان من جهة تنجس سابق فالاقوى جواز التسبب لاكلهم و ان كان الاحوط تركه و اما ردعهم عن الاكل او الشرب مع عدم التسبب فلا يجب من غير اشكال.

(1)

اقول: أمّا عدم جواز سقى المسكرات للأطفال فيدل عليه بعض الروايات:

منها ما رواها ابو الربيع الشامي قال سئل ابو عبد اللّه عليه السّلام عن الخمر فقال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ان اللّه عزّ و جلّ بعثني رحمة للعالمين و لأمحق المعازف و المزامير و أمور الجاهليّة و الاوثان و قال أقسم ربّي لا يشرب عبد لي خمرا في الدنيا الا سقيته مثل ما يشرب منها من الحميم معذّبا او مغفورا له و لا يسقيها عبد لي صبيا صغيرا او مملوكا ألّا سقيته مثل ما سقاه من الحميم يوم القيامة معذبا او

مغفورا له «1» و هذه الرواية في خصوص الخمر.

و منها ما رواها عجلان ابو صالح قال قلت لابي عبد اللّه عليه السّلام المولود يولد فنسقيه الخمر فقال لا من سقى مولودا مسكرا سقاه اللّه من الحميم و ان غفر له «2».

منها ما رواها حفص البختري و درست و هشام بن سالم عن عجلان أبي صالح قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول يقول اللّه عزّ و جلّ من شرب مسكرا أو سقاه صبيا لا يعقل سقيته من ماء الحميم مغفورا له او معذّبا و من ترك المسكر ابتغاء مرضاتي ادخلته الجنة و سقيته من الرحيق المختوم و فعلت من الكرامة ما فعلت

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 10 من ابواب الاشربة المحرمة من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 10 من ابواب الاشربة المحرمة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 81

بأوليائي «1».

منها ما رواها محمد بن على بن الحسين في «الخصال» باسناده عن على عليه السّلام في حديث الأربعمائة قال من سقى صبيّا مسكرا و هو لا يعقل حسبه اللّه عزّ و جلّ في طينة خبال حتى يأتي ممّا صنع بمخرج «2».

اقول ان الرواية الاولى من الروايات المذكورة و ان كانت في خصوص الخمر لكن الروايات الثلاثة الاخير تدل على حرمة سقى الصبيان كل مسكر فيحرم سقى كل مسكر الصبيان.

و أمّا وجوب ردع الصبيان عن سقى المسكرات فيستفاد ذلك من اهتمام الشارع بتركه و عدم وقوعه باى نحو كان لمبغوضية وجوده في الخارج اعنى مبغوضية تحقق شربه حتى مبغوضية غرس شجرها فيما كان بهذا الداعي و هذا يكفي لمطلوبية الردع عن سقيها بل وجوبه.

و أمّا وجه حرمة سقى الصبيان غير المسكرات

من الاعيان النجسة فقال المؤلف رحمه اللّه بانه تارة يكون في استعماله الضرر و تارة لا ضرر في استعماله من شربه فقال بحرمة سقيها في كلتا الصورتين.

اقول أمّا فيما يوجب سقيها الضّرر على النفس فلا يجوز سقيها الصبيان لان الاضرار بالنفس حرام سواء كان موجبا للاضرار بنفس من يشربها او بغيرها.

و أمّا في غير ذلك فلا دليل على الحرمة لما قلنا من عدم دليل على حرمة التسبيب و التسبب في غير الدهن المتنجس في المسألة السابقة.

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 10 من ابواب الاشربة المحرمة من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 10 من ابواب الاشربة المحرمة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 82

و أمّا الكلام في وجوب ردع الصبيان عن سقى النجس و عدمه فنقول بان سقيهم تارة يوجب الاضرار بالنفس فيجب الردع لان حفظ النفس المحترمة واجب.

و أمّا في غير الصورة المذكورة فلا يجب الردع لعدم الدليل حتى فيما يوجب سقى الصبيان الضرر غير الضرر على النفس لعدم دليل على وجوب دفع كل ضرر عن الاشخاص.

و أمّا فيما لا يوجب ضرر عليهم فلا يجب الا ان يقال بوجوب الاعلام بمن يرى انه يأكل او يشرب النجس و قد مرّ في المسألة السابقة ان الاقوى عدم وجوبه و أمّا في المتنجس فنقول ان كان الاكل او الشرب موجبا لضرر على الصبيان او بغيرهم و كان الضرر ضرر النفس فيحرم التسبيب و التسبب كما يجب ردعهم على الشخص و ان لم يكن سببا في هذه الصورة اعنى صورة الضرر.

و أمّا فيما لا يوجب ذلك فالاقوى عدم حرمة التسبيب او التسبب كما انه لا يجب الردع على الشخص فى هذه الصورة سواء كان

تنجيس المتنجس بيد هذا الشخص او بسبب نجاسة سابقة موجودة في المتنجس لما مر من عدم الدليل و مع الشك فالمرجع اصالة البراءة عن تحريم التسبب و وجوب الردع.

و في المقام يكون الدليل على عدم حرمة التسبب و التسبيب و عدم وجوب الردع ما ورد من جواز ارضاع الكتابية طفل المسلم و الحال انّ لبنه نجس و في المتنجس بطريق الاولى.

و امّا المؤلف رحمه اللّه قال في النجس بوجوب الردع مطلقا و في المتنجس فصلّ بين صورة كون سبب نجاسة المتنجس ملاقاته ليد النجسة من الصبي و بين النجاسة السابقة و لعلّ ذلك لعدم الحرمة في الصورة الاولى مسلّما لابتلاء الصبيان بالنجاسة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 83

غالبا فينجس ما يريدون ان يأكلوا او يشربوا بملاقاة بعض اجزاء بدنهم و لكن الاقوى عدم حرمة التسبب و التسبيب و عدم وجوب الردع في كلتا الصورتين.

***

[مسئلة 34: اذا كان موضع من بيته او فرشه نجسا فورد عليه ضيف]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 34: اذا كان موضع من بيته او فرشه نجسا فورد عليه ضيف و باشره برطوبة مسرية ففي وجوب اعلامه اشكال و ان كان احوط بل لا يخلو عن قوة و كذا اذا احضر عنده طعاما ثمّ علم بنجاسته بل و كذا اذا كان الطعام للغير و جماعة مشغولون بالاكل فرأى واحد منهم فيه نجاسة و ان كان عدم الوجوب في هذه الصورة لا يخلو عن قوة لعدم كونه سببا لاكل الغير بخلاف الصورة السابقة.

(1)

اقول: أمّا بناء على ما قلنا في المسألة 32 من عدم وجوب الاعلام حتى في صورة التسبيب و التسبب فلا يجب الاعلام في جميع الصور و ان كان احوط فيما كان تسبيب او تسبب من فبل صاحب البيت.

و أما بناء على

قول المؤلف رحمه اللّه من وجوب الاعلام فيما يكون تسبيب او تسبب فمنشأ وجوب الاعلام هو كون صاحب البيت سببا و منشأ عدم وجوب الاعلام هو عدم سببيّته الا اذا كان وروده في بيته و جلوسه فيه او على فرشه بدعوته.

و أما اذا أحضر عند الضيف طعاما و هو نجس فيصدق التسبيب و لو لم يكن من قصده تنجيسه و الا فمع التّقييد يصدق التسبيب و لا بدّ من ان من يقول بوجوب الاعلام ان يقول بوجوب الاعلام في ذلك المقام.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 84

و أمّا من وجد في طعام الغير نجاسة فلا يجب الاعلام حتى على مختار المؤلف رحمه اللّه لعدم تسبيب في البين.

***

[مسئلة 35: اذا استعار ظرفا او فرشا او غيرهما من جاره فتنجس عنده]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 35: اذا استعار ظرفا او فرشا او غيرهما من جاره فتنجس عنده هل يجب عليه الاعلام عند الرد فيه اشكال و الاحوط الاعلام بل لا يخلو من قوة اذا كان مما يستعمله المالك فيما يشترط فيه الطهارة.

(1)

اقول: أمّا على مختارنا من عدم وجوب الاعلام و مضى الكلام فى المسألة 32 فلا يجب الاعلام.

و اما بناء على مختار المؤلف رحمه اللّه من وجوب الاعلام في صورة كانت تسبيب او تسبب للنجاسة و لهذا قال في المسألة 32 بوجوب الاعلام فيما باع او أعار شيئا نجسا قابلا للتطهير يجب الاعلام بنجاسته فلا فرق بين المعير و المستعير بل يدور مدار التسبيب فان كان تسبيب يجب الاعلام و لم أدر لم مشى فى هذه المسألة بهذا النحو فراجع حتى يظهر لك الحال إن شاء اللّه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 85

فصل: فى الصلاة فى النجس

اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 87

قوله رحمه اللّه

فصل فى الصلاة فى النجس اذا صلى في النجس فان كان عن علم و عمد بطلت صلاته و كذا اذا كان عن جهل بالنجاسة من حيث الحكم بان لم يعلم ان الشي ء الفلاني مثل عرق الجنب عن الحرام نجس او عن جهل بشرطية الطهارة للصلاة و أما اذا كان جاهلا بالموضوع بان لم يعلم ان ثوبه او بدنه لاقي البول مثلا فان لم يلتفت اصلا او ألتفت بعد الفراغ من الصلاة صحت صلاته و لا يجب عليه القضاء بل لا الاعادة في الوقت و ان كان احوط و ان التفت في اثناء الصلاة فان علم سبقها و ان بعض صلاته وقع مع النجاسة بطلت مع سعة الوقت للاعادة و ان

كان الاحوط الاتمام ثم الاعادة و مع ضيق الوقت ان امكن التطهير او التبديل و هو في الصلاة من غير لزوم المنافي فليفعل ذلك و يتم و كانت صحيحة و ان لم يمكن اتمّها و كانت صحيحة و ان علم حدوثها في الاثناء مع عدم إتيان شي ء من اجزائها مع النجاسة او علم بها و شك في آنها كانت سابقة او

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 88

حدثت فعلا مع سعة الوقت و امكان التّطهير او التبديل يتمّها بعدهما و مع عدم الامكان يستأنف و مع ضيق الوقت يتمّها مع النجاسة و لا شي ء عليه و أما اذا كان ناسيا فالاقوى وجوب الإعادة او القضاء مطلقا سواء تذكر بعد الصلاة او في أثنائها امكن التّطهير او التبديل او لا.

(1)

اقول: الكلام فى الفصل يقع فى طى امور:

الأمر الاول: اذا صلي في النجس عالما عامدا بالحكم و الموضوع

بطلت صلاته بلا اشكال لان هذا مقتضي شرطيّة الطهارة عن الخبث او مانعيّة النجاسة الخبثيّة او كليتهما للصلاة «على الكلام فيها» فلو التزمنا بالصحة في الفرض يلزم لغوية اعتبارها فيها وجودا او عدما او كليهما و هو واضح الفساد.

الأمر الثاني: اذا صلي في النجس من باب الجهل بالحكم

و كان جهله عن تقصير فتبطل صلاته لعدم معذورية الجاهل المقصر في الحكم الا في موضعين و قد مضى بعض الكلام فى المجلد الاول من هذا الكتاب «ذخيرة العقبى» في مبحث التقليد.

الأمر الثالث: اذا صلي في النجس جاهلا بالحكم

و كان جهله عن قصور فلو لم يلتفت اصلا فهو يكون معذورا بناء على معذورية الجاهل القاصر.

و أمّا لو التفت فبعد الالتفات يكون بحكم العالم و تفصيل الكلام في محله.

الأمر الرابع: اذا صلي الشخص في النجس جهلا و كان جهله، الجهل بالموضوع

و لا يعلم بذلك الا بعد الفراغ من الصلاة بان كان جاهلا بوقوع النجاسة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 89

في بدنه او ثوبه و صلّى ثمّ تبين له بعد الصلاة آنها وقعت في النجاسة.

و لا اشكال في صحة الصلاة فى هذه الصورة لدلالة جملة من الروايات عليها و قبل ذكر الروايات نقول مضافا الى انه مع القول باجزاء المأمور به بالامر الظاهري عن المامور به بالامر الواقعي اذا كان المامور به هو الطبيعة و كان المامور به بالامر الظاهري فردا لها يكون المامور به بالامر الظاهري مجزيا عن الواقعى.

منها ما رواها ابو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل صلّى في ثوب فيه جنابة ركعتين ثمّ علم به قال عليه ان يبتدئ الصلاة قال: و سألته عن رجل يصلى و في ثوبه جنابة او دم حتى فرغ من صلاته ثمّ علم قال مضى صلاته لا شي ء عليه «1».

و منها ما رواها عبد اللّه بن سنان قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اصاب ثوبه جنابة او دم قال ان كان علم انه اصاب ثوبه جنابة او دم قبل ان يصلّي ثمّ صلّى فيه و لم يغسله قبله فعليه ان يعيد ما صلّى و ان كان لم يعلم به فليس عليه اعادة و ان كان يرى انه اصابه شي ء فنظر فلم ير شيئا أجزأه ان ينضحه بالماء «2».

و منها ما رواها عبد الرحمن بن ابى عبد اللّه قال

سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يصلّي و في ثوبه عذرة من انسان او سنور او كلب أ يعيد صلاته قال ان كان لم يعلم فلا يعيد «3».

و منها ما رواها العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل صلي في ثوب رجل اياما ثمّ ان صاحب الثوب اخبره انه لا يصلي فيه قال لا يعيد شيئا

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 40 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 3 من الباب 40 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 5 من الباب 40 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 90

من صلاته «1».

و منها ما رواها ابو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال ان اصاب ثوب الرجل الدم فصلّى فيه و هو لا يعلم فلا اعادة عليه و ان هو علم قبل ان يصلّي فنسى و صلّى فيه فعليه الاعادة «2».

و مفاد هذه الروايات كما ترى عدم وجوب الاعادة على من علم بالنجاسة بعد الصلاة و الاعادة أمّا اعم تشمل الاعادة في الوقت و كذلك القضاء في خارج الوقت او لا تكون أعمّ بل المراد من الاعادة خصوص الاعادة في الوقت فعلى الاول تشمل الروايات بمنطوقها اللفظي كلتا الصورتين اعنى صورة حصول العلم بالنجاسة بعد الصلاة مع بقاء وقتها و صورة العلم بالنجاسة بعد الصلاة و مضى وقتها يعني صورة حصول العلم بالنجاسة بعد الصلاة و بعد خروج وقتها و على الاحتمال الثاني تدل الروايات بمنطوقها اللفظي صورة حصول العلم بالنجاسة بعد الصلاة مع بقاء وقت الصلاة حين العلم بالنجاسة فيقال فى هذه الصورة اعنى صورة العلم بالنجاسة بعد الصلاة و

مع بقاء الوقت بانه لا تجب الاعادة اذا علم بالنجاسة بعد الصلاة و بعد انقضاء الوقت بالاولوية القطعية لانه مع عدم وجوب الاعادة فى فرض كون العلم بالنجاسة بعد الصلاة فى الوقت فاذا كان حصول العلم بالنجاسة بعد الصلاة مع مضى وقتها لا تجب الاعادة بطريق الاولى كما ذهب المشهور في صورة حصول العلم بالنجاسة بعد الصلاة بعدم وجوبها سواء كان العلم في الوقت او خارجه فلا تجب الاعادة و القضاء.

و في قبال هذه الروايات بعض الروايات يدل بظاهره على وجوب اعادة

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 40 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب 40 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 91

الصلاة اذا صلّى في النجس و علم به بعد الصلاة.

منها ما رواها وهب بن عبد ربه عن ابى عبد اللّه عليه السّلام في الجنابة تصيب الثوب و لا يعلم به صاحبه فيصلي فيه ثمّ يعلم بعد ذلك قال يعيد اذا لم يكن علم «1».

و منها ما رواها ابو بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن رجل صلّى و في ثوبه بول او جنابة فقال علم به او لم يعلم فعليه اعادة الصلاة اذا علم «2».

و ظاهر هذه الطائفة من الاخبار وجوب اعادة الصلاة و الاعادة عبارة عن اتيان الصلاة مجدّدا سواء كانت في الوقت او خارج الوقت.

لكن قد يقال كما ذهب إليه جمع من الفقهاء رضوان اللّه تعالى عليهم بالتفصيل في المسألة بين صورة حصول العلم بالنجاسة بعد الصلاة في الوقت و بين الصّورة التي حصل العلم بالنجاسة بعد الصلاة و بعد انقضاء وقتها و بعبارة اخرى علم بالنجاسة بعد الصلاة

و بعد مضى وقتها فيقال في الصورة الاولى بوجوب الاعادة و في الصورة الثانية بعدم وجوب اعادة الصلاة بحمل الطائفة الاولى من الروايات الدالة على عدم وجوب الاعادة بصورة كون حصول العلم بالنجاسة بعد الصلاة و بعد انقضاء الوقت و حمل الطائفة الثانية من الروايات المتقدمة الدالة على وجوب الاعادة على صورة كون العلم بالنجاسة بعد الصلاة مع كون العلم حاصلا في وقت الصلاة و عدم مضى الوقت و بهذا النحو يجمع بين الطائفتين المتقدمتين من الاخبار.

و فيه أولا ان هذا جمع تبرّعي لا يساعده نظر العرف.

و ثانيا انه يأبى ذلك بعض الروايات من الطائفة الاولى الدالة على عدم وجوب اعادة الصلاة لو علم بعد الصلاة وقوعها مع النجاسة مثل الرواية الاولى

______________________________

(1) الرواية 8 من الباب 40 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 9 من الباب 40 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 92

من هذه الطائفة التي رواها ابو بصير لانه قال عليه السّلام «مضت صلاته و لا شي ء عليه» و هذه الفقرة من الرواية تدل على ان صلاته صارت ممضاة و لا شي ء عليه لا ما يقتضيه الجمع المذكور من كون وجه عدم الاعادة هو حصول العلم بالنجاسة بعد مضى الوقت.

فعلي هذا يقع التعارض بين الطائفين من الروايات لو لم يمكن الجمع بين الطائفتين بنحو آخر.

لكن يمكن الجمع بنحو آخر و هو جمع عرفي بحمل الطائفة الثانية الظاهرة في وجوب الاعادة على الاستحباب بقرينة الطائفة الاولى الّتي تكون نصا في عدم وجوب الاعادة كما يصنع في نظائرهما.

و ان ابيت عن ذلك و التزمت بعدم امكان الجمع العرفي بينهما و كونهما متعارضين فنقول بانه في صورة التعارض

لا بد من الاخذ بما فيه المرجح ان كان في إحداهما المرجح و حيث ان اوّل المرجحات يكون الشهرة فالترجيح مع الطائفة الاولى سواء كانت الشهرة المرجحة هى الروائية او الفتوائية لان الطائفة الاولى اشهر رواية و فتوى من الطائفة الثانية فتكون النتيجة عدم وجوب اعادة الصلاة الواقعة في النجاسة اذا علم بها بعد الصلاة سواء حصل العلم بها بعد الصلاة في الوقت او في خارج الوقت.

و هنا تفصيل آخر حكى عن بعض المتاخرين و لا يرى قائل به بين المتقدمين رحمهم اللّه جميعا و هو التفصيل في محل الكلام بين صورة الفحص عن النجاسة قبل الصلاة و عدم الوقوف عليه ثمّ بعد اتيان الصلاة علم بوقوع النجاسة و وقوع الصلاة في النجاسة فلا يجب عليه اعادة الصلاة.

و بين صورة عدم الفحص قبل الصلاة عن النجاسة ثمّ بعد الصلاة علم بوقوع

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 93

الصلاة في النجاسة فيجب عليه اعادة الصلاة فى هذه الصورة.

و يستدل على هذا التفصيل بروايات:

الرواية الاولى: ما رواها محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام ذكر المني فشدّد فجعله اشدّ من البول ثمّ قال ان رايت المني قبل او بعد ما تدخل في الصلاة فعليك اعادة الصلاة و ان انت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثمّ صلّيت فيه ثمّ رايته بعد فلا اعادة عليك فكذلك البول «1».

الرواية الثانية: ما رواها ميمون الصيقل عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له رجل أصابته جنابة بالليل فاغتسل فلما أصبح نظر فاذا في ثوبه جنابة فقال الحمد للّه الذي لم يدع شيئا إلا و له حدّ أن كان حين قام نظر فلم ير شيئا فلا

إعادة عليه و ان كان حين قام لم ينظر فعليه الاعادة «2».

اقول اعلم ان هاتين الروايتين مضافا الى كونهما مخالفتين مع ما ذهب إليه المشهور تكونان معارضتين مع كل من الطائفتين المتقدمتين لان الطائفة الاولى منهما دالة على عدم وجوب اعادة الصلاة اذا علم بعد الفراغ عن الصلاة بوقوعها في النجاسة مطلقا سواء نظر قبل الصلاة و لم ير النجاسة او لم ينظر.

و الطائفة الثانية منهما دالة على وجوب اعادة الصلاة اذا علم بعد الصلاة بوقوع الصلاة في النجاسة سواء نظر قبل الصلاة و لم ير النجاسة او لم ينظر لان مفاد هاتين الروايتين هو التفصيل بين صورة النظر قبل الصلاة و عدم رؤية النجاسة فلا تجب الاعادة و بين صورة عدم النظر فتجب الاعادة اذا علم بالنجاسة بعد الصلاة.

و لا يمكن الجمع بينهما بما يستفاد من الروايتين من التفصيل بين النظر قبل

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 41 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 3 من الباب 41 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 94

الصلاة و بين عدم النظر لان بعض من الروايات الطائفة الاولى الدالة على عدم وجوب اعادة الصلاة اذا علم بعدها بوقوع الصلاة في النجاسة مطلقا يدل على عدم الاعادة حتى مع الفحص و النظر قبل الصلاة فانظر الى الرواية الثالثة من هذه الطائفة من الروايات و هى ما رواها العيص بن القاسم المتقدمة ذكرها نذكرها تتميما للفائدة «روى العيص «1» بن القاسم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام رجل صلّى في ثوب رجل ايّاما ثمّ ان صاحب الثوب اخبره انه لا يصلي فيه قال لا يعيد شيئا من صلاته» وجه الدلالة على

ان موردها عدم الفحص و النظر لانه لو تفحص قبل صلاته من نجاسة الثوب و عدمه فلا بد من الفحص عن صاحبه و لو سئل عنه يعلمه بانه لا يصلي فيه فمع كون موردها عدم النظر و الفحص قال عليه السّلام «لا يعيد شيئا من صلاته».

و بعد عدم امكان الجمع بينهما و وقوع التعارض فحيث انه قلنا في المتعارضين بانه لو كان لاحدهما ترجيح على الآخر بسبب احد المرجحات يؤخذ به.

نقول بان الترجيح مع الطائفة الاولى من الروايات الدالة على على عدم وجوب الاعادة لو علم بعد الصلاة بوقوع الصلاة في النجاسة لان اوّل المرجحات يكون الشهرة و هى ان كانت فتوائية فالترجيح مع هذه الطائفة من الاخبار لان المشهور قائلون بعدم الاعادة و ان كانت الروائية فهذه الطائفة اشهر.

مضافا الى ان الطائفة الثالثة من الروايات اعنى ما يدل على التفصيل بين الفحص و النظر قبل الصلاة و عدمه في عدم وجوب الاعادة و وجوبها تعارضت مع واحدة من روايتي زرارة المتمسكة «2» بها لحجية الاستصحاب لان فيها بعد ما قال

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 40 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 37 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 95

السائل «فهل عليّ ان شككت في انه اصابه شي ء ان النظر فيه» قال عليه السّلام «لا و لكنك انما تريد ان تذهب بالشك الذي وقع في نفسك» لان مفاد هاتين الروايتين دخل الفحص و النظر قبل الصلاة و عدمه في عدم وجوب الاعادة و وجوبها و الحال ان مقتضي رواية زرارة عدم كون الفحص و النظر مؤثرا في عدم وجوب الاعادة بل لا اثر للفحص

بمقتضى رواية زرارة الا ذهاب شك الشخص فيقع التعارض بينهما و بين رواية زرارة و مع التعارض فالترجيح مع رواية زرارة.

فتلخص مما مرّ أنه اذا صلّى الشخص في النجس جهلا و كان جهله من باب الجهل بالموضوع و علم بالنجاسة بعد الصلاة لا يجب عليه اعادة الصلاة اذا علم بعد الصلاة في الوقت و لا خارج الوقت اذا علم خارج الوقت بوقوع صلاته في النجاسة.

الأمر الخامس: اذا راى الشخص في بدنه او ثوبه نجاسة حال الصلاة فللمسألة صور ثلاثة:

الصورة الاولى: صورة علم بالنجاسة حال الصلاة و علم بحدوث النجاسة في الحال

بحيث لم يقع جزء مما مضى من اجزاء الصلاة و لا ما بقى منها في النجاسة مثلا يعلم برعافه في الحال بعد اتيان الجزء الماضي و قيل اتيان الجزء اللاحق من صلاته.

فنقول بعونه تعالى بانه تارة يتمكن الشخص من نزع النجس او طرحه او تبديله اذا كانت النجاسة في ثوبه او تطهر بدنه او ثوبه النجس بدون فعل المنافي.

و تارة لا يتمكن من ذلك كله.

فان تمكن من ازالة النجاسة الواقعة في بدنه او ثوبه بنحو من الانحاء فلا اشكال في انه لو فعل ما يوجب ازالة النجاسة بالنحو الشرعي يتمّ صلاته و تقع

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 96

صلاته صحيحة.

لان الكلام تارة يقع فى صحة ما مضى من صلاته و عدمها فلا اشكال في صحتها لان ما وقع من صلاته وقع صحيحا واجدا للاجزاء و الشرائط و منها الطهارة على الفرض مضافا الى دلالة بعض الاخبار الوارد في مورد من رعف في صلاته على ذلك نذكر لك إن شاء الله في طى هذا البحث.

و تارة يقع الكلام في صحة الصلاة من حيث الزمان الذي يحتاج في ازالة النجاسة الواقعة في الثوب او البدن الى نزع الثوب او تبديله او تطهير الثوب او البدن بعد حصول العلم

له بالنجاسة فيقع هذا الكون الواقع للازالة مع النجاسة مع كونه الكون الصلاتي لانه واقع في اثناء الصلاة فالمصلي في هذا الحال الذي هو الكون الصلاتي يكون مع النجاسة.

فنقول هذا المقدار مغتفر.

اما أولا فلدلالة بعض الروايات الواردة فيمن رعف في الصلاة بانه يغسل انفه و يتم صلاته.

مثل ما رواها عمر بن اذينة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه سأله عن الرجل يرعف و هو في الصلاة و قد صلّى بعض صلاته فقال ان كان الماء عن يمينه او عن شماله او عن خلفه فليغسله من غير ان يلتفت و ليبن على صلاته فان لم يجد الماء حتى يلتفت فليعد الصلاة قال و القي ء مثل ذلك «1».

و مثل ما رواها محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السّلام عن الرجل يأخذه الرعاف و القي ء في الصلاة كيف يصنع قال ينفتل فيغسل انفه و يعود في صلاته و ان

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 2 من ابواب قواطع الصلاة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 97

تكلم فليعد صلاته و ليس عليه وضوء «1».

و مثل ما رواها الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن الرجل يصيبه الرعاف و هو في الصلاة فقال ان قدر على ماء عنده يمينا و شمالا او بين يديه و هو مستقبل القبلة فليغسله عنه ثمّ ليصلّ ما بقى من صلاته و ان لم يقدر على ماء حتى ينصرف بوجهه و يتكلم قطع صلاته «2».

و مثل ما رواها معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرعاف أ ينقض الوضوء قال لو ان رجلا رعف في صلاته و كان عنده ماء او

من يشير إليه بماء فتناوله فقال «فمال ظ» برأسه فغسله فليبن على صلاته و لا يقطعها «3».

و مثل ما رواها على بن جعفر عن اخيه قال و سألته عن رجل رعف و هو في صلاة و خلفه ماء هل يجوز له ان ينكص على عقيبه حتى يتناول الماء فيغسل الدم قال اذا لم يلتفت فلا بأس. «4»

و يستفاد من هذه الروايات اغتفار النجاسة الحادثة في الصلاة بعد العلم به في المقدار الذي يخرج الدم و يحتاج الى الازالة بنزعه او تبديله او تطهيره.

و مورد الروايات و ان كان دم الرعاف لكنه من الواضح عدم انحصار الحكم بخصوصه دم الرعاف بل يتعدى منه الى كل دم حادث في حال الصلاة بل من الواضح انه يتعدى الى غير الدم من النجاسات فلو تنجس الثوب او البدن حال الصلاة بنجاسة اخرى مثل البول او الغائط يكون حكمه في حمل الكلام حكم دم

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 2 من ابواب قواطع الصلاة من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 2 من ابواب قواطع الصلاة من الوسائل.

(3) الرواية 11 من الباب 2 من ابواب قواطع الصلاة من الوسائل.

(4) الرواية 18 من الباب 2 من ابواب قواطع الصلاة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 98

الرعاف.

و ثانيا قيل بان القدر المتقين من اعتبار الطهارة عن الخبث و عدم النجاسة في الصلاة وجودا او عدما او كليهما «على الكلام فيه» هو دخلها في خصوص اجزاء الصلاة و افعالها و أمّا في اكوان الصلاة فدخلها غير معلوم لو لم يكن معلوم العدم فلو لم يكن المصلي مشتغلا بجزء من اجزاء الصلاة و لا فعل من افعالها و كان بدنه او

ثوبه نجسا فى هذا الحال فلا يضر بصلاته.

و لكن اورد عليه بان هذا المقدار الذي يزيل النجاسة فيه يكون من الصلاة و الصلاة عبارة عن الاعم من اجزائها و شرائطها و الاكوان المتخللة ببينها و لهذا قلنا بان بعض الامور قواطع للصلاة لان المصلي اذا كبّر فهو في الصلاة الى ان يسلّم.

هذا كله في ما مضى من صلاته فى هذه الصلاة.

ثمّ نقول و تارة يقع الكلام فيما بقى من صلاته فنقول بعد فرض صحة ما مضى من صلاته و اغتفار النجاسة في الزمان المتخلّل بين العلم بها و بين ازالتها فعلى الفرض فقد اوجد الطهارة لما بقى من صلاته فيقيم باقي صلاته واجدا للشرط و فاقدا عن المانع و تصير الصلاة صحيحة فلا اشكال في هذه الصورة.

و أمّا اذا علم بحدوث النجاسة في اثناء الصلاة بحيث لم يقع جزء من صلاته مع النجاسة في بدنه او ثوبه و لم يتمكن من تطهيره و لا تبديل ثوبه و لا نزعه ان كانت النجاسة في ثوبه.

فتارة يكون في سعة الوقت فيقطع الصلاة و يحصّل الشرط و يصلّي و لا يمكن له اتمام الصلاة مع النجاسة لان ما مضى من صلاته و ان وقع صحيحا و المقدار من الزمان الّذي علم بالنجاسة الى زمان ازالة النجاسة و تحصيل الشرط و ان كان مغتفرا و لكنه على الفرض لا يتمكن من ازالة النجاسة فلا يمكن له حفظ الشرط

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 99

او ازالة المانع لما بقى من صلاته فلا يمكن له اتمام هذه الصلاة فيقطعها ثمّ يعيدها.

و تارة يكون في ضيق الوقت فياتي الكلام فيه إن شاء الله في طى المسألة الرابعة من

مسائل هذا الفصل.

الصورة الثانية: اذا رأى الشخص في بدنه او ثوبه نجاسة في حال الصلاة

و شك في انها حدثت في الآن بحيث لم يقع جزء او شرط من الصلاة مع النجاسة او حدثت قبل ذلك بحيث انه وقع تمام ما مضى من صلاته او بعضها مع النجاسة فنقول بانه تارة يتمكن من تطهير بدنه او ثوبه او نزع ثوبه او تبديله فلا اشكال في انه لو ازال النجاسة باحد الانحاء و يأتي بما بقى من صلاته تقع الصلاة صحيحة.

اما أولا فلان مع الشك في حدوث النجاسة فى الحال او آنها كانت سابقة يكفي استصحاب طهارة البدن او الثوب او كليهما مع الشك في كونها فيها سابقا او لا لصحة ما مضى من صلاته.

و حدوثه في الحال كما قلنا في الصورة السابقة مغتفر في المقدار الذي يزيل النجاسة بعد العلم و يأتي بما بقى من صلاته فتكون صلاته صحيحة كما ينادي بذلك ما في احدى روايتي زرارة المتمسكة «1» بهما في باب الاستصحاب و هو هذا «و ان لم تشك ثمّ رأيته رطبا قطعت و غسلته ثمّ بنيت على الصلاة لأنّك لا تدري لعله شي ء اوقع عليك فليس ينبغي ان تنقض اليقين بالشك ابدا».

و ثانيا يدل على صحة ما مضى من الصلاة ما ذكرنا من الروايات الدالة على صحة الصلاة الواقعة في النجس جهلا بالموضوع و تذكّر بعد الصلاة بالاولوية لانه بعد كون معلوم النجاسة بعد الانكشاف مغتفرا فالمشكوك نجاسته يكون اولى هذا

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 44 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 100

بالنسبة الى ما مضى من صلاته.

و أمّا بالنسبة الى الزمان المتخلل بين زمان العلم بالنجاسة و بين زمان ازالتها بتطهيرها او نزع الثوب الواقع فيه

النجاسة او تبديله فلما قلنا في الصورة الاولى.

و كذا بالنسبة الى ما بقى من صلاته بعد ازالة النجاسة بالتطهير او طرح الثوب او تبديله تكون الصلاة واجدة للشرط و فاقدة للمانع.

الصورة الثالثة: اذا رأى الشخص في حال الصلاة نجاسة في بدنه او ثوبه و علم بان تمام ما مضى من صلاته او بعضها وقع في النجس
اشارة

ففي المسألة قولان:

القول الاول: صحة الصلاة

لو تمكن المصلي بعد العلم بالنجاسة في اثناء الصلاة بتطهير بدنه او ثوبه او نزعه او تبديله.

و ان لم يتمكن من ذلك ففي سعة الوقت يقطع صلاته و يحصّل الشرط و يعيد صلاته و مع ضيق الوقت يتمّ صلاته فى هذه الحالة و تصح صلاته و هذا القول ذهب إليه المشهور.

القول الثاني: القول بفساد الصلاة

و ان امكن للمصلي ازالة النجاسة عن البدن او الثوب بالتطهير او طرح الثوب او تبديله في سعة الوقت ذهب إليه جمع من المتاخرين و أمّا في ضيق الوقت فان امكن ازالة النجاسة بدون استلزامه للمنافي بتطهير بدنه او ثوبه او نزعه او تبديله فليفعل و يتم صلاته و تقع صحيحة و ان لم يمكن ذلك اتمها و كانت صحيحة و هذا القول مختار المؤلف رحمه اللّه.

اذا عرفت ذلك نقول بانه لو كنّا و ما ورد من الاخبار الدالة على عدم وجوب اعادة الصلاة على من صلي في النجس جهلا بالموضوع مع انكشاف الحال بعد الصلاة و قدّمنا ذكرها يكون الحق في المسألة هو القول الاول لانه بعد فرض صحة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 101

الصلاة مع وقوع تمامها في النجاسة فكذلك بعض الصلاة ان لم نقل بكون الصحة فى البعض اولى.

مضافا الى انه لو قلنا بمقالة سيدنا الاعظم آية اللّه البروجردي قدّس سرّه من اجزاء المامور به بالامر الظاهري عن المأمور به بالامر الواقعي فيما كان المأمور به الطّبيعة و كان المأمور به بالامر الظاهري فردا للطبيعة و بعد صحة ما مضى من صلاته فان امكن ازالة النجاسة بتطهير بدنه او ثوبه او نزع ثوبه او تبديله بدون فعل المنافي يتم صلاته و تقع صحيحة.

و لكن في المقام بعض

الأخبار قيل بدلالته على القول الثاني فنذكر هذه الروايات و مقدار دلالتها و ما يمكن ان يعارضها و ما يمكن به الجمع بينهما ثمّ ما ينبغي ان يقال في المسألة إن شاء اللّه.

فنقول أمّا ما قيل بدلالته على فساد الصلاة في الصورة المفروضة روايات:

الرواية الاولى: من الروايات هى فقرة من رواية زرارة المتمسكة بهذه الرواية في باب الاستصحاب و هذه الفقرة ما نذكره «أن رأيته في ثوبي و انا في الصلاة قال تنقض الصلاة و تعيد اذا شككت في موضع منه ثمّ رايته و أن لم تشك ثمّ رأيته رطبا قطعت و غسلته ثمّ بنيت على الصلاة لانك لا تدري لعلّه شي ء اوقع عليك فليس ينبغي ان تنقض اليقين بالشك ابدا «1».

يستدل بصدر هذه الفقرة على فساد الصلاة في مفروض الكلام بناء على حمله على صورة وجود الدم في الثوب من السابق و علم به في اثناء صلاته «لا على صورة العلم الاجمالي بوقوع الدم في ثوبه من السابق و كون شكه في موضعه لا في

______________________________

(1) و هذه الفقرة جعلها صاحب الوسائل؛ الرواية 1 من الباب 44 من ابواب النجاسات من الوسائل و بعض الاخر من الرواية في بعض الابواب الآخر من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 102

اصله و علم في أثناء الصلاة وقوع الدم في الثرب» بقرينة مقابلتها مع الصورة الثانية و هى صورة رؤية الدم في الثوب و شكه في انه حدث في الحال او كان من السابق.

و أما ذيلها فلان المستفاد من التّعليل و هو قوله «لانك لا تدري لعله شي ء اوقع عليك» كون العلة لعدم الاعادة احتماله وقوع النجاسة في الاثناء و طروّها فعلا حيث انه

لم يقع جزء من اجزاء صلاته مقترنا بالمانع.

فاذا علم بسبقها عن الصلاة و وقوع بعض اجزائها مع المانع تبطل الصلاة لعدم وجود العلة و ان اشكل في الفقرة الاولى لان فيها احتمالين و لكن لا اشكال في الفقرة الثانية.

الرواية الثانية: ما رواها محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال ذكر المني فشدّده فجعله أشدّ من البول ثمّ قال ان رأيت المنى قبل او بعد ما تدخل في الصلاة فعليك اعادة الصلاة و ان انت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت فيه ثمّ رايته بعد ذلك فلا اعادة عليك فكذلك البول «1» بناء على حمل الفقرة الاولى على صورة جهله بالنجاسة و علمه بذلك في الاثناء.

و فيه انه يحتمل كون موردها هو علمه بالنجاسة قبل الصلاة فنسيها فتذكر في اثناء الصلاة لان المفروض فيها رؤية المني قبل الصلاة او بعد ما يدخل في الصلاة فنسيها و لا يمكن حمل رؤيته قبل الصلاة على دخوله في الصلاة عالما عامدا فيكون دخوله فيها بحسب الظاهر نسيانا.

الرواية الثالثة: ما رواها ابو بصير عن ابي عبد اللّه عليه السّلام في رجل صلّى في ثوب فيه جنابة ركعتين ثمّ علم به قال عليه ان يبتدى الصلاة قال و سألته عن رجل

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 41 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 103

يصلّي و في ثوبه جنابة او دم حتى فرغ من صلاته ثمّ علم قال مضت صلاته و لا شي ء عليه. «1»

و في قبال تلك الاخبار بعض الاخبار يدلّ على عدم فساد الصلاة او يمكن ان يقال بدلالته على ذلك.

الرواية الاولى: ما رواها داود بن سرحان عن ابي

عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يصلّي فابصر في ثوبه دما قال يتمّ «2» بناء على حمل الدم فى مورد السؤال على الاكثر من الدرهم و الا فلا يتمّ الاستدلال بها على عدم فساد الصلاة فيما نحن فيه.

الرواية الثانية: ما رواها عبد اللّه بن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال أن رأيت في ثوبك دما و انت تصلّي و لم تكن رأيته قبل ذلك فأتمّ صلاتك فاذا انصرفت فاغسله قال و أن كنت رأيته قبل ان تصلّي فلم تغسله ثمّ رأيته بعد و انت في صلاتك فانصرف فاغسله واعد صلاتك. «3»

اذا عرفت ذلك نقول بانه قد يقال بان الطائفة الاولى من الطائفتين المتقدمتين من الروايات تدل على فساد الصلاة برؤية الدم او المني في اثناء الصلاة مطلقا سواء تمكن من ازالة النجاسة بتطهير بدنه او ثوبه او تبديل ثوبه او طرحه او لا يتمكن من ذلك و سواء كان في سعة الوقت او ضيق الوقت.

و تدلّ الطائفة الثانية على عدم فساد الصلاة و اتمامها بهذا الحال سواء تمكن من ازالة النجاسة باحد من الانحاء او لا و سواء كان في سعة الوقت او ضيقه و لا يمكن العمل بإطلاق كلتا الطائفتين لان من يقول ببطلان الصلاة يقول ببطلانه مع

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 40 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 44 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 44 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 104

سعة الوقت لازالة النجاسة بتطهير بدنه او ثوبه او تبديل ثوبه او نزعه و الاعادة و الا لو لم يكن الوقت موسّعا للاعادة بعد تطهير

بدنه و لباسه او ثوبه او نزع ثوبه او تبديله في حال الصلاة بدون فعل المنافي ان امكن له ذلك يقول بأنه يصلّي في النجس او يصلي عريانا على الكلام فيه.

و من يقول بعدم نقض الصلاة و عدم فساده لا يقول بالاتمام مطلقا مع النجس بل يقول ان تمكن الشخص حال الصلاة من ازالة النجاسة بتطهير بدنه او ثوبه او نزعه او تبديله بدون فعل المنافي يفعل ذلك و ان لم يتمكن من ذلك ففي سعة الوقت ينقض صلاته و يعيد و في ضيق الوقت يصلي في النجس او يصلي عريانا على الكلام فيه فلم تكن الطائفتان من الروايات محمولة بهما.

و لكن يمكن الجمع بينهما بحمل الطائفة الاولى الدالة على فساد الصلاة على صورة عدم تمكن المصلّي من اتمام الصلاة بازالة النجاسة من تطهير بدنه او ثوبه او نزع ثوبه او تبديله مع عدم فعل المنافي و في سعة الوقت للاعادة.

و حمل الطائفة الثانية على خصوص صورة لا يتمكن من ذلك فيقيّد اطلاق هذه الطائفة الدالة على الاتمام مطلقا على خصوص صورة لا يتمكن من ازالة النجاسة بتطهير بدنه او ثوبه او نزعه او تبديله بدون فعل المنافي و في صورة ضيق الوقت للاعادة فيرتفع التعارض بينهما و تكون النتيجة على وفق مذهب المشهور و يقال بانه يدلّ و يشهد على هذا الجمع.

ما روى محمد بن مسلم قال قلت له الدم يكون في الثوب عليّ و انا في الصلاة قال ان رأيته و عليك ثوب غيره فاطرحه و صلّ في غيره و ان لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك و لا اعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم و ما كان اقل

من ذلك فليس بشي ء رأيته قبل او لم تره و اذا كنت قد رأيته و هو اكثر من مقدار

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 105

الدرهم فضيّعت غسله و صليت فيه صلاة كثيرة فاعد ما صليت فيه «1» ما ذكرنا من متن الرواية كان المذكور بنقل الكافي «محمد بن يعقوب».

و رواه الشيخ باسناده عن محمد بن يعقوب و رواه الصدوق باسناده عن محمد بن مسلم عن ابي جعفر و ذكر الحديث و زاد «و ليس ذلك بمنزلة المني و البول».

بدعوى دلالتها على التفصيل ففي صورة تفسد الصلاة و في صورة تصح الصلاة فتحمل الطائفة الاولى الدالة على الفساد على صورة تدل رواية محمد بن مسلم على فسادها و تحمل الطائفة الثانية الدالة على الصحة على خصوص صورة تدل رواية محمد بن مسلم على صحتها.

و بعبارة اخرى يقيد كل من الطائفتين برواية محمد بن مسلم و تكون الرواية شاهدة الجمع.

اقول أمّا التمسك برواية محمد بن مسلم بعنوان شاهدة الجمع.

فنقول بانه ان كان قوله «ما لم يزد على مقدار الدرهم» قيد الكل من الشرطين فلا تدل الرواية الا على صحة الصلاة بطرح الثوب فيما يمكن الطرح بكون ثوب آخر له و صحة الصلاة بدون طرح الثوب فيما لا يكون له ثوب آخر و فيما لا يكون الدم الواقع اكثر من الدرهم.

فهذه الرواية مضافا الى عدم قابليتها لان تصير شاهدة للجمع بين الطائفتين المتقدمين من الروايات لان الكلام في النجاسة الغير المعفوّ عنها من الدم لان مفاد الطائفتين من الروايات الدالتين على فساد الصلاة او صحتها فيما يرى النجاسة المانعة للصلاة في البدن او الثوب حال الصلاة و لم يكن الدم الغير البالغ حدّ الدرهم

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 20 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 106

من جملة الموانع سواء راه قبل الصلاة او في اثنائها، تعارضت مع بعض الروايات الدالة على العفو من الدم الذي لم يبلغ حد الدرهم في الصلاة لان مفهوم. قوله في رواية محمد بن مسلم هو العفو فيما لم يزد الدم عن الدرهم و ان كان بقدر الدرهم فيعارض بمفهومها مع ما يدل على عدم العفو اذا كان بقدر الدرهم لان ظاهر هذا البعض فيما يكون بقدر الدرهم هو عدم العفو.

و ان كان قيد الخصوص الشرطيّة الثانية فتعارض مفهوم الشرطيّة الثانية مع منطوق الشرطيّة الاولى لان مفهوم الثانية هو انه ان كان لك ثوب غيره و الدم يزيد على مقدار الدرهم فلا تمض في صلاتك و الحال ان منطوق الاولى و هو قوله «ان رايته و ليس عليك ثوب غيره فلا تطرحه و صلّ» عدم وجوب طرح الثوب و المضى في الصلاة سواء كان الدم اكثر من الدرهم او الاقل و أمّا مع قطع النظر عن رواية محمد بن مسلم فلا شاهد لهذا الجمع.

فما نقول في المقام قد يقال بالجمع بين الطائفتين المتقدمتين من الاخبار بحمل الطائفة الاولى الآمرة باعادة الصلاة على الاستحباب بقرينة الطائفة الثانية الدالّة على جواز المضى في الصلاة و عدم وجوب الاعادة.

و فيه ان نتيجة هذا الجمع هو اتمام الصلاة مع النجاسة و هذا مما لم يقل به احد لان الفقهاء رضوان اللّه تعالى عليهم بين من يقول بفساد الصلاة اذا علم بالنجاسة في ثوب او بدنه حال الصلاة و كون النجاسة في احدهما من قبل و بين من يقول بانه ان تمكن

من ازالة النجاسة بتطهير بدنه او ثوبه او طرحه او تبديله يفعل ذلك و يتم صلاته و ليس قائل باتمام الصلاة مع النجاسة مع التمكن من تطهير بدنه او ثوبه او طرح ثوبه او تبديله بدون فعل المنافي وسعة الوقت.

فلهذا لا يمكن الجمع بهذا النحو كما انه لا مجال للجمع بين الطائفتين بحمل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 107

الطائفة الثانية منهما على صورة كون الدم الذي يراه حال الصلاة اقل الدرهم.

وجه عدم المجال هو ان ذلك الجمع مناف مع اطلاق الرواية الاولى من هذه الطائفة اعنى الطائفة الثانية و ما في ذيل الرواية الثانية من هذه الطائفة من الانصراف عن الصلاة و غسل موضع المتنجس بالدم و اعادة الصلاة اذا كان دخوله في الصلاة ناسيا عن الدم لانه لو كان الدم في الرواية هو الاقل من الدرهم فلا يضر وجوده و ان دخل في الصلاة عالما به فضلا عن صورة النسيان.

ثمّ بعد ذلك نقول أولا يحتمل كون المفروض فى الطائفة الثانية صور العلم بالنجاسة فى الاثناء مع فرض العلم بحدوثه او شك بين كونها حادثا و بين كونها سابقا ففي هذه الصورة قال يتمّها و ظاهرها و ان كان مطلقا للامر بالاتمام بدون ذكر تطهير موضع النجس من البدن او الثوب او طرحه او تبديله لكن نقيّد اطلاقها بما دلّ على ذلك و تقدم في الصورة الاولى و الثانى من الامر الخامس.

و ثانيا على فرض كون الظاهر من هذه الطائفة صورة العلم بالنجاسة في الاثناء مع العلم بكونها من السابق.

نقول بان اطلاق الخبرين اعنى الطائفة الثانية تقتضي وجوب الاتمام و صحة الصلاة بهذه الحالة اعنى مع النجس حتى مع التمكن من

تطهير بدنه او ثوبه او نزع ثوبه او تبديله و بعبارة اخرى تكون نتيجة اطلاقها عدم شرطية الطهارة عن الخبث حتى بعد العلم فيما بقى من اجزاء الصلاة و هذا مما لم يقل به احد و لا يمكن الالتزام به لان لازمه كما عرفت عدم شرطية الطهارة عن الخبث او مانعيّة النجاسة حتى في حال العلم بالنجاسة و هذا خلف لان المفروض شرطية الطهارة عن الخبث او مانعية النجاسة او كليهما «على الكلام في ذلك».

و ما قيل من حمل الطائفة الثانية على صورة عدم التمكن من ازالة النجاسة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 108

بتطهير بدنه او ثوبه او طرح ثوبه او نزعه و ضيق الوقت عن الاعادة.

ففيه انه لو قيل بذلك في رواية داود بن سرحان لا يقبل ذلك الحمل رواية عبد اللّه بن سنان لانه فرض فيها صورة النسيان فامر بقطع الصلاة و التطهير و الاعادة فيكشف كون موردها سعة الوقت.

فتلخص انه ان امكن حمل الطائفة الثانية على صورة احتمال حدوث النجاسة في الاثناء او علمه بذلك فهو، و الا فليست معمولا بها و لذلك يحصل الوهن فيها و تبقي الطائفة الاولى بلا معارض و لو اشكل في دلالة بعضها لا يمكن الاشكال في دلالة كلها فتكفي دلالة بعضها على فساد الصلاة لو علم بالنجاسة في الاثناء مع علمه بكونها سابقة بحيث انه وقع تمام ما مضى من صلاته او بعضها مع النجاسة.

و لكن مع ذلك حيث لم يعمل المشهور بهذه الاخبار و افتوا بانه اذا تمكن من ازالة النّجاسة بتطهير بدنه او ثوبه او طرح ثوبه او تبديله يفعل و يتم صلاته نقول بان الاحتياط مع امكان ازالة النجاسة

و حصول التطهير باحد الانحاء المذكورة بعد التذكر في اثناء الصلاة باتمام الصلاة ثمّ اعادة الصلاة.

هذا كله فيما علم بالنجاسة في اثناء الصلاة و يكون الوقت موسّعا لان يعيد صلاته واجدة للشرط و أما مع ضيق الوقت عن اعادة الصلاة واجدة للشرط مثل ما اذا لم يبق من الوقت مقدار اداء ركعة فقالوا بأنه أن أمكن له التطهير او طرح الثوب او تبديله اذا كانت النجاسة في الثوب و إتمام الصلاة واجدة للشرط فهو و الا يتمّ الصلاة مع النجس او يصلي عريانا عند من يقول بتقديم الصلاة عريانا على الصلاة مع النجس فيما لا يتمكن من تطهير الثوب و لا محظور في طرحه.

و أمّا بناء على قول المشهور فلا اشكال في الصورتين لانهم في صورة سعة الوقت افتوا بوجوب التطهير او الطرح او تبديل الثوب ان امكن ذلك.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 109

و أمّا بناء على قول من يقول في سعة الوقت عن الاعادة ببطلان الصلاة في مسئلتنا من باب دلالة الاخبار المتقدمة مثل خبر زرارة و محمد بن مسلم و ابي بصير فهو كيف يقول مع ضيق الوقت ان امكن التطهير او طرح الثوب او تبديله يفعل و يتم صلاته و الا يتمّ صلاته مع النجس و صحت و لا تجب الاعادة.

قد يقال وجه اتمام الصلاة في ضيق الوقت باحد النحوين أمّا بتطهير الثوب او طرحه او تبديله و أمّا بالصلاة فيه بان لم يتمكن من التطهير او طرح الثوب او تبديله او الصلاة عريانا أمّا من باب دعوى انصراف الروايات المتقدمة عن مورد ضيق الوقت فان المتيقن منها مورد يكون الوقت باقيا بعد قطع الصلاة لاعادتها و فيه

انه لا وجه للانصراف.

و أمّا من باب ان شرطية الطهارة او مانعية النجاسة تزاحم مع شرطية الوقت لانه ان صار في مقام تحصيل الطهارة يمضي الوقت و في هذا الحال تكون متزاحمين و في صورة التزاحم لا بد من الاخذ بالاهم منهما ان كان اهم في البين و الاهم هو الوقت فلا بد من حفظه فان امكن تطهير البدن او الثوب او نزع الثوب او تبديله حفظ شرطية الطهارة و الوقت كليهما يجب ذلك و ان لم يتمكن من ازالة النجاسة باحد الانحاء المذكورة لا بد له من حفظ الوقت و اتمام الصلاة فى الثوب النجس او الصلاة عريانا «على الكلام فيه».

و فيه انه ان كان منشأ الاشكال فيما بقى من الصلاة مع فرض صحة ما مضى منها كان لذلك الكلام مجال اذ يقال بانه بعد عدم بقاء الوقت بقدر ادراك ركعة في الوقت لو قطع الصلاة لان يحصّل شرط الطهارة و يمضي الوقت فيدور الامر بين حفظ الوقت و اتمام الصلاة في النجس و بين قطع الصلاة لاجل تحصيل الشرط اى شرط الطهارة فيزاحمان الشرطين و حيث ان الوقت اهم فيكون التكليف الصلاة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 110

فيه او عاريا فيقال و ان كان اطلاق الروايات المتقدمة يقتضي قطع الصلاة و تحصيل الشرط لكن لا بد من حفظ الوقت كما قلنا لك.

و لكن العمدة هى ان مقتضي الروايات المتقدمة بناء على العمل على طبقها هو فساد ما تقدم من الصلاة فالمصلي حال تذكره في اثناء الصلاة يكون مثل من لم يشرع في الصلاة و ضاق الوقت و على الفرض لا تزاحم بين شرطيّة الطهارة و بين شرطية الوقت لانه

لا يمكن مع فرض عدم امكان ركعة فى هذا الحال حفظ الوقت حتى يكون مورد التزاحم فبهذا النحو لا يمكن تصحيح صحة الصلاة في ضيق الوقت على مبنى المتاخرين القائلين بفساد الصلاة في سعة الوقت.

الا ان يقال بان فساد الصلاة في صورة ضيق الوقت في صورة وقوع بعض الصلاة في النجس لم يقل به احد فالرواية من هذا الحيث لا تكون معمولة بها و بعد عدم كون هذه الروايات من هذا الحيث معمولا بها.

فنحكم بانه في ضيق الوقت أن أمكن التطهير او التبديل او طرح الثوب يفعل و يتم صلاته و ان لم يتمكن يصلي مع النجس او عاريا «على الكلام فيه» لما دلّ من الروايات على صحة الصلاة فيما تذكر بعد وقوعها من النجس من باب عدم عدم الفرق بين علمه بعد الصلاة او في اثنائها بالنسبة الى ما مضى من الصلاة مع النجس.

و أمّا بالنسبة الى الزمان المتخلل بين العلم و الطرح او التبديل او التطهير فلما ورد فيمن يرعف في الصلاة.

و فيما بقى من صلاته لاجل كونه بعد التطهير او الطرح او التبديل واجدا للشرط و فيما لا يمكن من كل ذلك فلما يأتي من انه لا بد و ان يصلّي مع الثوب النجس او عاريا في المسألة الرابعة.

الأمر السادس: اذا علم بالنجاسة فنسيها و صلّى فيها ثمّ تذكر

اشارة

فللمسألة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 111

صورتان:

الصورة الاولى: ما اذا نسى النجاسة و لم يتذكر بها الا بعد الصلاة

ففيها اقوال ثلاثة:

قول بوجوب اعادة الصلاة اذا تذكر بعد الصلاة في الوقت و القضاء في خارج الوقت.

و قول آخر بعدم وجوب الاعادة و القضاء كليهما.

و قول ثالث و هو وجوب الاعادة لو تذكر بعد الصلاة في الوقت و عدم وجوب القضاء لو تذكر بعد الوقت.

و منشأ ذلك اختلاف الاخبار فنذكر الروايات ثمّ ما ينبغي ان يقال إن شاء الله في المقام.

فنقول أمّا ما يمكن ان يستدل به على وجوب الاعادة و القضاء فروايات:

الرواية الاولى: ما رواها عبد اللّه بن سنان قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل اصاب ثوبه جنابة او دم قال ان كان قد علم انه اصاب ثوبه جنابة او دم قبل ان يصلي ثمّ صلّى فيه و لم يغسله فعليه ان يعيد ما صلّى و ان كان لم يعلم به فليس عليه اعادة و ان كان يرى انه اصابه شي ء فنظر فلم ير شيئا أجزأه ان ينضحه بالماء «1».

الرواية الثانية: ما رواها ابو بصير عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال ان اصاب ثوب الرجل الدم فصلّى فيه و هو لا يعلم فلا اعادة عليه و ان هو علم قبل ان يصلّي فنسى و صلّى فيه فعليه الاعادة «2».

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 40 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب 40 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 112

الرواية الثالثة: ما رواها على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر عليهم السّلام قال سألته عن الرجل احتجم فاصاب ثوبه دم فلم يعلم به حتى اذا كان من الغد كيف يصنع

قال ان كان رآه فلم يغسله فليقض جميع ما فاته على قدر ما كان يصلّي و لا.

ينقص منه شي ء و ان كان رآه و قد صلّى فليعتد بتلك الصلاة ثمّ ليغسله. «1»

الرواية الرابعة ما رواها زرارة قال قلت له اصاب ثوبي دم رعاف او غيره او شي ء من منى فعلمت اثره الى ان اصيب له الماء فاصبت و حضرت الصلاة و نسيت ان بثوبي شيئا و صليت ثمّ اني ذكرت بعد ذلك قال تعيد الصلاة و تغسله قلت فاني لم اكن رايت موضعه و علمت انه اصابه فصليت فلم اقدر عليه فلمّا صليت وجدته قال تغسله و تعيد. «2»

الرواية الخامسة: ما رواها ابن مسكان قال بعثت بمسألة الى أبي عبد اللّه عليه السّلام مع ابراهيم بن ميمون قلت سله عن الرجل يبول فيصيب فخذه قدر نكتة من بوله فيصلّي و يذكر بعد ذلك انه لم يغسلها قاله يغسلها و يعيد صلاته «3».

الرواية السادسة: ما رواها سماعة قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يرى في ثوبه الدم فينسى ان يغسله حتى يصلّي قال يعيد صلاته كى يهتمّ بالشي ء اذا كان في ثوبه عقوبة نسيانه قلت فكيف يصنع من لم يعلم أ يعيد حين يرفعه قال و لكن يستأنف. «4»

الرواية السابعة: ما رواها الحسين «الحسن» بن زياد قال سئل ابو عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يبول فيصيب فخذه قدر نكتة من بوله فيصلى ثمّ يذكر بعد انه لم يغسله

______________________________

(1) الرواية 10 من الباب 40 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 42 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 4 من الباب 42 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(4) الرواية 5 من

الباب 42 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 113

قال يغسله و يعيد صلاته «1».

الرواية الثامنة: ما رواها سماعة قال ابو عبد اللّه عليه السّلام اذا دخلت الغائط فقضيت الحاجة فلم تهرق الماء ثمّ توضأت و نسيت ان تستنجي فذكرت بعد ما صلّيت فعليك الاعادة و أن كنت ارهقت الماء فنسيت ان تغسل ذكرك حتى صليت فعليك اعادة الوضوء و الصلاة و غسل ذكرك لان البول مثل البراز «2».

الرواية التاسعة: ما رواها محمد بن مسلم «و هذه الرواية ذكرناها في الامر الخامس من الامور الراجعة بالفصل و نذكر هنا الفقرة التي يستدل بها على فساد الصلاة و وجوب اعادتها و هى هذه» و اذا كنت قد رأيته و هو اكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله و صليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه «3».

و مفاد ما ذكرنا من الروايات كما ترى وجوب اعادة الصلاة لو صلّى في النجس نسيانا و تذكر بعد الصلاة.

اما ما يستدل على عدم وجوب الاعادة في محل الكلام فروايات:

الرواية الاولى: ما رواها هشام بن سالم عن ابي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يتوضأ و ينسى ان يغسل ذكره و قد بال فقال يغسل ذكره و لا يعيد الصلاة «4».

الرواية الثانية: ما رواها على بن جعفر اخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال سألته عن رجل ذكر و هو في صلاته انه لم يستنج من الخلاء قال ينصرف و يستنجي من

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 42 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 5 من الباب 10 من ابواب احكام الخلوة من الوسائل.

(3) الرواية 6 من الباب 20 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(4) الرواية

2 من الباب 10 من ابواب احكام الخلوة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 114

الخلاء و يعيد الصلاة و ان ذكر و قد فرغ من صلاته فقد أجزأه ذلك و لا اعادة عليه «1» تدل هذه الرواية على التفضيل بين صورة التذكر في اثناء الصلاة لا تبطل الصلاة و بين التذكر بعد الصلاة فلا تجب الاعادة.

الرواية الثالثة: ما رواها عمار بن موسى قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لو ان رجلا نسي ان يستنجي من الغائط حتى يصلي لم يعد الصلاة «2».

الرواية الرابعة: ما رواها ابو العلاء عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن الرجل يصيب ثوبه الشي ء فينسي ان يغسله فيصلّي فيه ثمّ يذكر انه لم يكن غسله أ يعيد الصلاة قال لا يعيد قد مضت الصلاة و كتبت له «3» هذا كله فيما يدل على عدم وجوب اعادة الصلاة فيمن صلّى في النجس نسيانا و تذكر بعد الصلاة.

و أمّا ما يستدلّ به على التفضيل او يمكن ان يستدل به للتفصيل بين صورة تذكره بعد الصلاة في الوقت و بين تذكره بعد الصلاة و بعد الوقت فهي الرواية التي رواها على بن مهزيار (قال كتب إليه سليمان بن رشيد يخبره انه بال في ظلمة الليل و أنه أصاب كفّه برد نقطة من البول لم يشك انه اصابه و لم يره و انه مسحه بخرقة ثمّ نسى ان يغسله و تمسح بدهن فمسح به كفيه و وجهه و رأسه ثمّ توضأ وضوء الصلاة فصلّى فأجابه بجواب قراءته بخطّه أمّا ما توهمت ممّا أصاب يدك فليس بشي ء الا ما تحقق فان حققت ذلك كنت حقيقا ان تعيد الصلاة

اللواتي كنت صلّيتهن بذلك الوضوء بعينه ما كان منهن في وقتها و ما فات وقتها فلا اعادة عليك لها من قبل ان الرجل اذا كان ثوبه نجسا لم يعد الصلاة الا ما كان في وقت و اذا كان جنبا او صلّى

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 10 من ابواب احكام الخلوة، من الوسائل.

(2) الرواية 3 من الباب 10 من ابواب احكام الخلوة من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 42 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 115

على غير وضوء فعليه اعادة الصلوات المكتوبات اللواتي فاتته لانّ الثوب خلاف الجسد فاعمل على ذلك إن شاء اللّه) «1».

اذا عرفت ذلك نقول قد يقال او قيل بالتفصيل في المسألة كما نقلنا في مقام ذكر الاحتمالات بين صورة التذكر بعد الصلاة في الوقت و بين التذكر في خارج الوقت فاذا نسى النجاسة و صلّى معها ثم تذكر بعد الصلاة فان كان تذكره في الوقت يجب عليه الاعادة و ان تذكر بعد الوقت لا يجب قضاء الصلاة فيدعى ان بذلك يحصل التوفيق و الجمع بين الطائفة الاولى من الروايات الدالة بظاهرها على وجوب الاعادة مطلقا في الوقت و خارجه.

و بين الطائفة الثانية من الروايات الدالة بظاهرها على عدم وجوب الاعادة مطلقا في الوقت و خارجه و الشاهد الطائفة الثالثة اعنى رواية على بن مهزيار الدالة على هذا التفضيل.

و فيه أنه مضافا الى ضعف سند رواية على بن مهزيار لكونها مضمرة و لا ندري عمن روى الراوي.

و مضافا الى كون سليمان بن رشيد مجهول الحال كما قال سيدنا الاعظم آية اللّه البروجردي قدس سره الشريف.

و مضافا الى اضطراب متن الحديث أولا للتعليل المذكور فيه لوجوب

اعادة الصلاة في الوقت بقوله.

«ان الرجل اذا كان ثوبه نجسا لم يعد الصلاة الا ما كان في وقت» و الحال انه في الفرض المذكور في الحديث كان وضوئه فاسدا و صلّى قهرا بلا طهارة حدثية

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 42 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 116

و لا اشكال في وجوب الاعادة فى هذه الصورة مطلقا في الوقت و خارجه مع فقد الطهارة الحدثية كما هو صريح ذيل الرواية.

و ثانيا بان ما قال في ذيل الحديث و هو قوله «لان الثوب خلاف الجسد» فلما لم يكن في مقام بيان حكم الجسد في الصدر استند في الحكم الذي يكون في الثوب على ما قاله و هو قوله بعد وجوب الاعادة في الوقت «من قبل ان الرجل اذا كان ثوبه نجسا لم يعد الصلاة الا ما كان في وقت».

نقول بان لا يمكن التعويل على هذه الرواية لكونها مما اعرض عنه الاصحاب.

و مع قطع النظر عن رواية على بن مهزيار و ما فيها من الاشكال.

نقول بأنه لا يمكن الجمع بين الطائفة الاولى من الطائفتين الدالة بظاهرها على وجوب الاعادة في مفروض المسألة مطلقا يعني سواء كان التذكر بعد الصلاة بوقوعها في النجاسة ناسيا في الوقت او في خارج الوقت و بين الطائفة الثانية الدالة بظاهرها على عدم وجوب الاعادة مطلقا سواء كان التذكر بعد الصلاة في الوقت او خارج الوقت بحمل الطائفة الاولى على صورة تذكره في الوقت و حمل الطائفة الثانية على تذكره خارج الوقت حتى تكون النتيجة وجوب الاعادة في صورة التذكر في الوقت و عدم وجوب القضاء في صورة تذكر الشخص بعد الوقت.

اما أوّلا فلان الجمع بهذا

النحو يكون تبرعيّا لعدم مساعدة العرف معه.

و ثانيا لا يساعد مع هذا الجمع ظاهر بعض الروايات بل صراحته في شمول وجوب الاعادة لخارج الوقت و قضاء الصلاة مثل ما في رواية محمد بن مسلم و هى التاسعة من الروايات الطائفة الاولى لانه قال فيها «و اذا رايته و هو اكثر من مقدار

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 117

الدرهم فضيّعت غسله و صليت فيه صلاة كثيرة فاعد ما صليت فيه» «1» فان الظاهر من صلاة كثيرة هو اكثر من الصلاة المفروضة في وقت واحد و مع ذلك امر بالاعادة فيها فلم يمكن الجمع بين الطائفتين بهذا النحو.

اذا عرفت ذلك نقول هل يمكن الجمع بين الطائفتين من الروايات بحمل الطائفة الاولى الظاهرة في وجوب الاعادة على الاستحباب بقرينة لطائفة الثانية التي نص في عدم وجوب الاعادة بحمل الظاهر على النص كما هو المعمول به في نظائرها و هو جمع عرفي او لا يمكن ذلك.

اقول يشكل الجمع بهذا النحو فيما نحن فيه لاباء بعض من الروايات عن ذلك مثل الرواية السادسة من الطائفة الاولى حيث ان التعليل الوارد فيها من ان الاعادة تكون عقوبة لنسيانه لا يلائم مع الاستحباب لانه مع فرض استحباب الاعادة لا يكون عقوبة له من جهة وقوع صلاته نسيانا مع النجاسة لعدم تحفظه.

مضافا الى ان الظاهر من الطائفة الاولى هو الفرق بين الجاهل و الناسي و لا يمكن الالتزام بالاستحباب فقط في الناسي لان الجاهل يستحب له الاعادة كما قلنا فلا بد ان يكون الفرق بينهما بوجوب الاعادة في الناسى دون الجاهل.

فاذا نقول بعد عدم امكان الجمع العرفي بين الطائفتين تصيران متعارضتين و المرجح ان كانت الشهرة الفتوائية فهى مع

الطائفة الاولى لان المشهور يفتون على طبقها و ان كانت الشهرة الشهرة الروائي فلا يبعد أيضا كون الطائفة الاولى اشهر من الثانية.

و لو اغمضنا عن هذا المرجح فلا يبعد كون الاولى مخالفا للعامة.

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 20 من ابواب النجاسات من الوسائل (و ما ذكرنا هنا جزء من الرواية).

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 118

و بعد الإغماض عن هذا المرجح فالطائفة الاولى كما قيل اصح سندا و اشهر مضمونا.

الصورة الثانية: اذا صلّى في النجس نسيانا و تذكر في اثناء الصلاة

فحكمها حكم الصورة الاولى.

اما أولا فلان المستفاد من الاخبار المتقدمة الدالة على وجوب الاعادة اذا صلّى نسيانا في النجس هو كون النجاسة موجبة لاعادة الصلاة و لا فرق في ذلك بين وقوع تمام الصلاة في النجس او بعضها خصوصا مع جعل النسيان في قبال الجهل بالموضوع.

و ثانيا العقوبة المذكورة في الرواية السادسة من الطائفة الاولى و هى كون وجوب الاعادة عقوبة لنسيانه النجاسة و موجودة في فرض نسيان النجاسة في بعض الصلاة.

و ثالثا دلالة الرواية الثانية من الطائفة الثانية فان فيها و ان لم تجب الاعادة على من صلي في النجس نسيانا و تذكر بعد الصلاة لكن فيها قال فيمن يتذكر في اثناء الصلاة على وقوع ما مضى من صلاته في النجس «ينصرف و يستنجي و يعيد الصلاة».

ثمّ انه لا فرق في بطلان الصلاة و وجوب الاعادة بين صورة يتمكن الشخص في اثناء الصلاة عن ازالة النجاسة بتطهير بدنه او ثوبه او تبديل الثوب او طرحه و بين عدم التمكن من ذلك لاطلاق الادلة الدالّة على بطلان الصلاة و وجوب الاعادة في صورة نسيان الصلاة و وقوع الصلاة كلها او بعضها في النجس.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 119

[مسئلة 1: ناسى الحكم تكليفا او وضعا كجاهله]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 1: ناسى الحكم تكليفا او وضعا كجاهله في وجوب الاعادة و القضاء.

(1)

اقول من نسى ان الواجب عليه ازالة النجاسة عن بدنه و ثيابه حال الصلاة و صلي فيها فهو بحكم الجاهل بالحكم و لا فرق في الجاهل بالحكم بين من يكون جاهلا بالحكم راسا و بين من علم الحكم ثمّ نسيه من حيث وجوب الاعادة و القضاء عليه لاطلاق الدليل.

اعلم انه لا بد و ان يكون مفروض الكلام ناسي الحكم

وضعا لعدم وجوب الطهارة عن الخبث في الصلاة تكليفا بحيث يكون من اخلّ به في الصلاة يعاقب على ترك صلاته و فسادها لترك الطهارة التي كانت شرطا في الصلاة مضافا الى عدم كون نسيان الحكم تكليفا بدون نسيان الحكم الوضعي اى الشرطية موجبا للاعادة و القضاء فما قال المؤلف رحمه اللّه من فرض ناسي الحكم تكليفا غير تمام و التعجب من انه لم نر احدا من المحشّين يتذكر بذلك فتأمّل.

***

[مسئلة 2: لو غسل ثوبه النجس و علم بطهارته]

اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 2: لو غسل ثوبه النجس و علم بطهارته ثمّ صلّى فيه و بعد ذلك تبيّن له بقاء نجاسته فالظاهر انه من باب الجهل بالموضوع فلا يجب عليه الاعادة او القضاء و كذلك لو شك في نجاسته ثمّ تبين بعد الصلاة انه كان نجسا و كذا لو علم بنجاسته فاخبره الوكيل في تطهيره بطهارته او شهدت البيّنة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 120

بتطهيره ثم تبين الخلاف، و كذا لو وقعت قطرة بول او دم مثلا و شك في آنها وقعت على ثوبه او على الارض ثمّ تبيّن آنها وقعت على ثوبه و كذا لو راى في بدنه او ثوبه دما و قطع بانه دم البق او دم القروح المعفو او انه اقل من الدرهم او نحو ذلك ثمّ تبين انه مما لا يجوز الصلاة فيه و كذا لو شك في شي ء من ذلك ثمّ تبين انه مما لا يجوز فجميع هذه من الجهل بالنجاسة لا يجب فيه الاعادة او القضاء.

(1)

اقول في مسئلة مسائل:

المسألة الاولى: اذا غسل الشخص ثوبه النجس و حصل له العلم بطهارته

و صلّى فيه ثمّ بعد ذلك تبيّن انه نجس فهل يكون المورد من صغريات الجهل بالموضوع حتى لا يجب عليه الاعادة او القضاء او لا.

اعلم ان ما يمكن ان يكون وجها لكون المورد من صغريات الجهل بالموضوع بعض الروايات:

الرواية الاولى: ما رواها ميمون الصيقل عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له رجل اصابته جنابة بالليل فاغتسل فلمّا اصبح نظر فاذا في ثوبه جنابة فقال الحمد للّه الذي لم يدع شيئا إلا و له حدّ ان كان حين قام نظر فلم ير شيئا فلا اعادة عليه و ان كان حين قام لم ينظر فعليه الاعادة «1».

بدعوى

ان مفاد الرواية التفصيل بين الفحص و غيره فلا يجب الاعادة في

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 41 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 121

الاول و يجب في الثاني و ظاهرها موضوعية الفحص سواء كان الفحص عن اصل النجاسة او الفحص عن زوال النجاسة.

و فيه ان ظاهر الرواية موردها الفحص عن اصل النجاسة و لا اطلاق لها يشمل صورة الفحص عن زوال النجاسة.

مضافا الى ان السيد المؤلف رحمه اللّه القائل بعدم وجوب الاعادة و القضاء في المورد لم يقل في صورة الجهل بالموضوع بالتفصيل بين الفحص و عدمه.

الرواية الثانية: ما رواها ميسّر قال قلت لأبى عبد اللّه عليه السّلام آمر الجارية فتغسل ثوبي من المني فلا تبلغ في غسله فاصلي فيه فاذا هو يابس قال أعد صلاتك أمّا انك لو كنت غسلت انت لم يكن عليك شي ء «1».

بدعوى دلالة قوله عليه السّلام «امّا انّك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شي ء» على موضوعية غسله و علمه بالطهارة لعدم وجوب الاعادة و القضاء عليه.

و فيه انه من المتحمل ان عدم شي ء عليه في صورة غسله بنفسه كان من باب انه يجاهد بنفسه في تطهيره و ازالة النجاسة عنه فيحصل تطهيره و لم ينكشف الخلاف بعد ذلك له و الشّاهد، انّ المذكور في الصدر هو عدم مراقبة الجارية في الغسل و لاجل هذا بقى الوسخ في الثوب.

و بعد هذا نقول ما يمكن ان يكون وجها للمسألة هو ان هذا المورد يكون باعتبار علم الشخص بزوال النجاسة جاهلا بالموضوع اى بموضوع النجاسة فيشمله ما دل على معذورية الجاهل بالموضوع لو انكشف بعد الصلاة كونه مستصحب النجاسة حال الصلاة.

______________________________

(1) الرواية 1

من الباب 18 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 122

و الاستدلال برواية ميسّر المتقدمة على كون المورد من صغريات الصلاة في النجس عالما بالطهارة من باب ان الصلاة في الثوب الذي غسلته الجارية يكون من باب العلم بطهارة الثوب او الاعتماد بقولها و فعلها من باب اصالة الصحة و بعبارة اخرى حمل فعل المسلم على الصحة فكان دخول الشخص في الصلاة عالما بزوال النجاسة و مع هذا قال عليه السّلام اعد صلاتك.

فتدل الرواية على وجوب الاعادة فيما غسل ثوبه النجس و علم بطهارته و صلي فيه ثمّ تبين بقاء نجاسته ليس في محله.

لان الصلاة في النجس في مفروض الرواية تكون من باب الاعتماد بقول الجارية او فعله باصالة الصحة فمع الشك في التطهير صلّى فيه اعتمادا بالاصل و معني الرواية الردع عن العمل باصالة الصحة.

و لو لم تكن هذه الرواية لقلنا في موردها بانه من الجهل بالموضوع و لا يجب الاعادة فيه و هذا غير موردنا يكون الدخول بالقطع.

المسألة الثانية: اذا شك في نجاسة الثوب فصلّى فيه

ثمّ تبين بعد الصلاة نجاسته فتارة تكون حالته السابقة النجاسة ثمّ شك في زوال نجاسته و بقائها فحيث انه يكون مقتضي الاستصحاب بقاء النجاسة يكون الشخص بحكم العالم بالنجاسة يجب عليه الاعادة و القضاء و الظاهر ان نظر المؤلف رحمه اللّه ليس بهذه الصورة و تارة لا يكون كذلك بمعنى انه لم يكن فى حال الشك محكوما بالنجاسة بدليل او اصل ففى هذه الصورة يكون من الجهل بالموضوع.

المسألة الثالثة: اذا علم الشخص بنجاسة ثوبه فأخبره البينة او الوكيل بطهارته

و تطهيره.

أمّا فيما اخبرت البينة بالطهارة فلا اشكال في كون المورد من الجهل بالموضوع

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 123

مثل الفرض الثاني من المسألة الثانية فلو صلي في الثوب ثمّ تبين بقاء النجاسة لا تجب الاعادة و القضاء.

أمّا فيما اخبر الوكيل بطهارته و تطهيره فان قلنا باعتبار قوله و انه من جملة طرق ثبوت الطهارة و النجاسة أمّا من باب انه ذو اليد و أمّا من باب ما ورد من اعتبار قول القصار و الجزار و الجارية المامورة بتطهير ثوب مولاها و الحجام فهو مثل البينة و يكون من صغريات الجهل بالموضوع و اما لو أشكلنا في ذلك «و يأتي الكلام فيه إن شاء الله في الفصل المنعقد له في المطهرات» فيكون المورد من صغريات العالم بالحكم و محكوما به فتجب على من صلي في الثوب في الفرض الاعادة و القضاء.

و أمّا رواية ميسّر المتقدمة فلا تدل على عدم اعتبار قول الوكيل مطلقا بل فيما لم يكن مأمونا و يكون غير مبال للتصريح فى هذه الرواية بان الجارية لم تبالغ في تطهير الثوب.

المسألة الرابعة: ما لو قطرت قطرة بول او دم و شك في انها وقعت على ثوبه او على الارض.

فتارة يكون طرفي العلم الاجمالي مثلا في المثال الثوب و الارض مورد الابتلاء كليهما و مع هذا صلي في الثوب الذي احد طرفي المعلوم بالاجمال لا اشكال في انه يكون بحكم العلم التفصيلي لان العلم الاجمالي مع تنجزه كالعلم التفضيلي فلو صلي فى هذا الثوب يجب عليه الاعادة و القضاء.

و تارة يكون الاطراف خارجا عن محل الابتلاء بحيث لم يصر العلم منجّزا و كانت الحالة السابقة في الثوب قبل الشك الطهارة و طرأ مجرد الشك في قطرة البول او الدم وقعت على الثوب او على الارض فيكون المورد

من صغريات الجهل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 124

بالموضوع و لا يجب فيه بعد كشف الخلاف بعد الصلاة اعادتها او قضائها.

المسألة الخامسة: اذا رأى الشخص في بدنه او ثوبه دما

و قطع بانه من الدماء الطاهرة مثلا قطع بانه من البق او قطع بانه من دم القروح المعفوة او قطع بانه من الدم الاقل من الدرهم فصلي فيه و بعد الصلاة انكشف الخلاف.

فنقول أمّا فيما قطع بانه من الدماء الطاهرة مثلا يكون دم البق فانه من قبيل الجهل بالموضوع لانه جاهل بالنجاسة فلا يجب عليه بعد كشف الخلاف الاعادة او القضاء.

و أمّا فيما قطع بان الدم الواقع في بدنه او ثوبه من الدماء النجسة لكن يقطع بانه من الدماء التي تكون معفوا عنها في الصلاة مثل دم القروح و الجروح او دم الاقل من الدرهم.

فيقع الكلام في هذه الصورة هل تكون ملحقا بالعالم بالنجاسة حتى يجب عليه في صورة كشف الخلاف بعد ما صلي فيه الاعادة و القضاء.

او ملحق بالجاهل بالموضوع يعني الجاهل بالنجاسة فلا يجب عليه الاعادة و القضاء وجهان.

وجه عدم الالحاق بالجاهل بالموضوع هو ان مقتضي ما دل على عدم وجوب الاعادة و القضاء هو كونه جاهلا بالنجاسة فلا تجب عليه الاعادة و القضاء و في الفرض ليس الشخص جاهلا بنجاسة الدم بل هو عالم بها و لكنه جاهل بانه ليس من الدم الغير المعفو عنه في الصلاة.

وجه الحاق المورد بالجاهل بالموضوع هو ان الجهل الذي يكون موضوعا لعدم وجوب الاعادة و القضاء هو الجهل بالنجاسة التي تجب ازالتها في الصلاة فهو

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 125

على الفرض مع علمه بنجاسة الدم يكون جاهلا بالنجاسة التي تجب ازالتها في الصلاة لجهله بان هذا

الدم اكثر من الدرهم او ليس من الدم الذي يعفي عنه من دم الجروح و القروح و مناسبة الحكم و الموضوع يقتضي الثاني لان مفاد الاخبار المتقدمة المذكورة في محله الواردة في معذورية الجاهل بالموضوع في النجاسة هو كون الجهل علة لمعذورية ما لو لا الجهل له لم يكن معذورا و في الفرض لو كان الدم اقل من الدرهم و كان عالما به او كان من الجروح و القروح كان معذورا فلا يمكن ان يكون الجهل سببا لذلك بل هو ان كان عالما بكون الدم اكثر من الدرهم او يكون من القروح و الجروح و صلّى فيه تفسد صلاته و يجب عليه اعادتها فالجهل يكون عذرا في هذا المورد.

فلو كان جاهلا بان الدم اكثر من الدرهم او كان جاهلا بكونه غير دم القروح و المجروح و ان كان عالما باصل الدم يكون معذورا لان ما يثبت العلم يرفع بالجهل.

و بعبارة اوضح نقول ان كلمة النجاسة ليست مذكورة في الادلة بل المذكور افرادها كالمني و الدم و البول و غيرها و انه لو صلي الشخص فيها مع نسيانها يجب عليه الاعادة لو تذكر بعد الصلاة و ما يجب فيه الاعادة من الدم هو الدم الاكثر من الدرهم و غير دم القروح و الجروح «بالتفضيل المذكور في محله بدليل استثنائهما» و اذا كان المصلي جاهلا بها لا تجب الاعادة عليه.

فقهرا يكون ما لا تجب فيه الاعادة مع الجهل هو ما يجب عليه الاعادة في صورة النسيان و ليس هذا الادم الاكثر من الدرهم و غير دم القروح و الجروح كما صرّح بذلك فيما رواها إسماعيل الجعفي عن ابي جعفر عليه السّلام قال في الدم يكون في الثوب.

ان

كان اقلّ من قدر الدّرهم فلا يعيد الصلاة و ان كان أكثر من قدر الدّرهم و كان رآه فلم يغسل حتّى صلّى فليعد صلاته و أن لم يكن رآه حتى صلّى فلا يعيد

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 3، ص: 126

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 126

الصّلاة «1» فانّ المصرّح فيها وجوب اعادة الصلاة في الدم الاكثر من الدرهم في صورة النسيان و عدم وجوب الاعادة في الدم الاكثر من الدرهم اذا صلّى فيه جهلا بالموضوع.

فنقول ان محل كلامنا عين موضوع الرواية لانه مع تصريحه فيها بكونه مع الدم الذي في ثوبه أقل من الدرهم يكون جاهلا بالدم الاكثر من الدرهم فلا يجب عليه الاعادة و القضاء فالحق كون المورد من صغريات الجهل بالموضوع.

المسألة السادسة: اذا شك في ان الدم الذي يكون في ثوبه

من الدم الذي يعفى عنه في الصلاة او من الدم الذي لا يعفى عنه في الصلاة ثمّ تبيّن بعد ما صلّى فيه كونه من القسم الذي لا يعفى عنه في الصلاة فلا يجب عليه اعادة الصلاة و قضائها لان هذا المورد مثل الصورة السابقة يكون من صغريات الجهل بالموضوع.

***

[مسئلة 3: لو علم بنجاسة شي ء فنسى و لاقاه بالرطوبة و صلّى]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 3: لو علم بنجاسة شي ء فنسى و لاقاه بالرطوبة و صلّى ثمّ تذكّر أنه كان نجسا و ان يده تنجّست بملاقاته فالظاهر انه أيضا من باب الجهل بالموضوع لا النسيان لانه لم يعلم نجاسة يده سابقا و النسيان انما هو في نجاسة شي ء آخر غير ما يصلّي فيه نعم لو توضّأ او اغتسل قبل تطهير يده و صلّى كانت باطلة من جهة بطلان وضوئه او غسله.

(1)

اقول لانه جاهل بنجاسة يده فهو جاهل بالموضوع.

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 20 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 127

أمّا لو توضأ أو أغتسل في الحال الذي تنجس يده و صلّى فصلاته تكون فاسدة لفساد وضوئه او غسله الا اذا تطهر يده قبل الوضوء او الغسل او صبّ الماء للوضوء او الغسل و قلنا بكفاية صب الماء الواحد لتطهير الخبث و الوضوء و الغسل «على الكلام فيه يأتي في محله إن شاء اللّه».

***

[مسئلة 4: اذا انحصر ثوبه في نجس]

اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 4: اذا انحصر ثوبه في نجس فان لم يمكن نزعه حال الصلاة لبرد او نحوه صلّى فيه و لا يجب عليه الاعادة و القضاء و ان تمكّن من نزعه ففي وجوب الصلاة فيه عاريا او التّخيير وجوه الاقوى الاول و الاحوط تكرار الصلاة.

(1)

اقول يقع الكلام في المسألة في موردين:

المورد الاول: ما اذا كان له ثوب واحد نجس و لم يتمكن من نزعه

لبرد او نحوه مثل وجود الناظر المحترم حال الصلاة و صلّى فيه لا يجب عليه الاعادة و القضاء.

و يدل على ذلك ما رواها محمد الحلبي قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يجنب في الثوب او يصيبه بول و ليس معه ثوب غيره قال يصلي فيه اذا اضطرّ إليه «1» بناء على حمل قوله عليه السّلام «اذا اضطر إليه» على الاضطرار الناشي من البرد و نحوه.

و أمّا بناء على حمل الاضطرار بالاضطرار بلبسه من باب عدم وجود ثوب

______________________________

(1) الرواية 7 من الباب 45 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 128

آخر له لا تدلّ الرواية على جواز الصلاة في الثوب النجس من جهة عدم امكان نزعه لبرد او نحوه.

انما الكلام في انه هل تجب عليه الاعادة و القضاء بعد رفع الاضطرار او لا.

قد يتوهم وجوبها بدعوى دلالة رواية عمار الساباطي عن ابي عبد اللّه عليه السّلام انه سئل عن رجل ليس عليه إلا ثوب و لا تحلّ الصلاة فيه و ليس يجد ماء يغسله كيف يصنع قال يتيمّم و يصلّي فاذا اصاب ماء غسله و اعاد الصلاة «1».

و فيه أمّا أولا يمكن كون وجوب الاعادة لاجل وقوع صلاته مع التيمّم كما يدل عليه بعض الآخر من الاخبار فيحمل على الاستحباب.

و أمّا ثانيا تكون الرواية

مما اعرضت عنه الاصحاب.

المورد الثاني: اذا انحصر ثوبه في النجس و يمكن نزعه

فهل تجب عليه الصلاة في هذا الثوب النجس او يصلي عاريا او يكون مخيّرا بينهما.

اعلم انه لا يرى قائل بالقول الاول بين القدماء و المتاخرين رضوان اللّه تعالى عليهم الى زمان المحقق الاردبيلي قدّس سرّه و صاحب المدرك تلميذه قدّس سرّه فاحتملا وجوب الصلاة في الثوب النجس لو لم يخالف الاجماع فكانّ هذا القول يجري بينهم مجري الاحتمال الى زمان مؤلف كشف اللثام الفاضل الهندي قدس سرّه شيخ الامامية في اصفهان في اواخر القرن الحادي عشر الى اوائل القرن الثاني عشر فهو افتى بنحو الجزم في مفروض المسألة بوجوب الصلاة في الثوب النجس الى ان صار مورد التّسلم لدى مقاربي عصرنا و معاصرينا فلا يكون من هذا القول و الفتوى عين و لا اثر بين قدماء اصحابنا رضوان اللّه تعالى عليه بل يكون الفتوى على خلافه في

______________________________

(1) الرواية 8 من الباب 45 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 129

احد عشر قرنا تقريبا.

و أمّا القول الثاني فهو القول المشهور من زمان الشيخ قدّس سرّه الى زمان المحقق فالمحقق قال بهذا القول كما في جملة من كتبه كالشرائع و النافع.

و أمّا القول الثالث فهو مختار المحقق قدس سرّه في المعتبر و تبعه العلامة قدّس سرّه و جماعة من المتاخرين قدس سرّهم.

هذا كله بحسب الأقوال و الفتوى.

و أمّا بحسب الاخبار و الروايات:

فطائفة منها تدل بظاهرها على وجوب الصلاة في النجس.

الاول: الرواية المتقدمة ذكرها في المورد الاول و هى ما رواها محمد الحلبي قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يجنب في ثوبه او يصيبه بول و ليس معه ثوب غيره قال يصلّي فيه إذا

اضطرّ إليه «1».

الثانية: ما رواها محمد بن على الحلبي قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام من رجل اجنب في ثوبه و ليس معه ثوب غيره «آخر ل» قال يصلي فيه فاذا وجد الماء غسله. «2»

الثالثة: ما رواها محمد بن على الحلبي انه سال أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يكون له الثوب الواحد فيه بول لا يقدر على غسله قاله يصلّي فيه «3».

الرابعة: ما رواها عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه انه سئل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل

______________________________

(1) الرواية 7 من الباب 45 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 45 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 45 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 130

يجنب في ثوب ليس معه غيره و لا يقدر على غسله قال يصلّي فيه «1».

الخامسة: ما رواها أيضا عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن الرجل يجنب في ثوب و ليس معه غيره و لا يقدر على غسله قال يصلّي فيه «2» يحتمل كون هذه الرواية و الرواية السابقة واحدة لكون الراوي و المروي عنه فيهما واحدا و كذا مورد السؤال و يبعد سؤال السائل عن مسئلة مرّتان.

السادسة: ما رواها على بن جعفر عن اخيه موسى عليه السّلام قاله سألته عن رجل عريان و حضرت الصلاة فاصاب ثوبا نصفه دم او كله دم يصلّي فيه او يصلّي عريانا قال ان وجد ماء غسله و ان لم يجد ماء صلّى فيه و لم يصلّ عريانا «3».

السابعة: ما رواها عمار الساباطي عن ابي عبد اللّه عليه السّلام انه سئل عن رجل ليس

معه إلا ثوب و لا تحلّ الصلاة فيه و ليس يجد ماء يغسله كيف يصلّي قال تيمم و يصلّي فاذا اصاب ماء غسله و اعاد الصلاة «4».

هذا كله الروايات التي يمكن ان يتمسك بها على القول الاول.

و أمّا ما يمكن ان يستدل به على القول الثاني.

فالاول: ما رواها محمد بن على الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السّلام في رجل اصابته جنابة و هو بالفلاة ليس عليه إلا ثوب واحد و اصاب ثوبه مني قال يتيمم و يطرح ثوبه فيجلس مجتمعا فيصلي و يؤمى إيماء «5».

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 45 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 45 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 5 من الباب 45 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(4) الرواية 8 من الباب 45 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(5) الرواية 4 من الباب 46 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 131

الثانية: ما رواها سماعة قاله سألته عن رجل يكون في فلاة من الارض و ليس عليه إلا ثوب واحد و أجنب فيه و ليس عنده ماء كيف يصنع قال و يتيمم و يصلّي عريانا قاعدا و يؤمى إيماء «1».

الثالثة: ما رواها سماعة أيضا قال سألته عن رجل يكون في فلاة من الارض فاجنب و ليس عليه إلا ثوب فأجنب فيه و ليس يجد الماء قال يتيمّم و يصلّي عريانا قائما يؤمى إيماء. «2»

الرابعة: ما رواها ابن مسكان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في رجل عريان ليس معه ثوب قال ان كان حيث لا يراه احد فليصل قائما «3».

و أمّا وجه القول الثالث و هو التخير بين الصلاة في الثوب النجس

و بين الصلاة عريانا فهو ان يقال بانه مقتضي لسان الطائفة الاولى من الروايات و ان كان الامر بالصلاة في الثوب النجس تعيينا و مقتضي لسان الطائفة الثانية من الروايات هو الامر بالصلاة عريانا لكنه في مقام الجمع بينهما نرفع اليد عن تعيّن كل منهما و نقول بمقتضى الجمع بينهما بالتخيير بينهما.

اقول أمّا القول الثالث فلا يمكن اختياره لعدم كون الجمع بالتخيير جمعا عرفيا أولا و لعدم ملائمة هذا الجمع مع بعض الروايات من الطائفتين ثانيا فيبقى في المقام القولان القول الاول و القول الثاني.

قد يقال في المقام بانه بعد ما يكون الدوران في المسألة بين حفظ الموصوف و المشروط و هو الستر و بين شرطه و وصفه و هو طهارته لانه لو صلّى في الثوب

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 46 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 3 من الباب 46 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 2 من الباب 46 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 132

النجس فقد حفظ الموصوف و المشروط و لم يحفظ شرطه و هو الطهارة التي شرط فيه و ان صلّى عريانا فلم يحفظ المشروط أيضا و مع هذا الدوران يكون المتعين الصلاة في الثوب النجس لانه به يحفظ الستر اعنى المشروط و ان لم يحفظ شرطه و لو صلّى عريانا لم يحفظ كل منهما فالمتعين هو الصلاة في الثوب النجس.

و هذا الكلام على تقدير تماميّته يفيد في صورة رفعنا اليد عن الروايات الواردة في المسألة مثل ما اذا سقطت الاخبار الدالة على وجوب الصّلاة في الثوب النجس و كذا الاخبار الدالة على الصلاة عاريا بالتعارض عن الحجية فيقال بان الوظيفة هى

الصلاة في الثوب النجس لان به يحفظ اصل الستر و ان لم يحفظ شرطه و هو طهارة الساتر.

و لكن فيه انه ان كانت الطهارة شرط للستر او كانت النجاسة مانع له او كان كل من الطهارة شرط و النجاسة مانع للستر «على الكلام في ذلك» فيكون لما ذكر مجال و لكن ليس الامر كذلك بل يكون كل من الستر و الطهارة شرط للصلاة في وزان واحد لا ان يكون الثاني اعنى الطهارة شرطا للاول اعنى الستر فعلى هذا لا يمكن ان يقال مع الدوران بتقديم الستر على الطهارة بدعوى تقديم المشروط و حفظه على الطهارة لان كلا منهما شرط لامر آخر و هو الصلاة هذا.

ثمّ بعد ذلك بعونه تعالى نقول في المقام بانه قد يقال كما حكى عن الشيخ رحمه اللّه بانه يجمع بين الطائفة الاولى و الثانية من الاخبار بحمل الطائفة الاولى بصورة الاضطرار بلبس الثوب النجس لبرد او وجود ناظر محترم او غير ذلك و حمل الطائفة الثانية على صورة التمكن من الصلاة عاريا و هو جمع يلائم مع الطائفتين من الروايات المتقدمة ذكرهما بل يشهد بذلك الرواية الاولى من الطائفة الاولى لان فيها قال «اذا اضطر إليه» بناء على كون المراد من الاضطرار هو الاضطرار لبرد

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 133

و نحوه لا الاضطرار بلبس الثوب النجس من باب عدم ثوب آخر له.

و أمّا ما قيل من ان الرواية السادسة من الطائفة الاولى لا تلائم مع هذا الجمع لان فيها فرض كون الشخص عاريا و تمكنه من الصلاة عاريا امره بان يصلي في الثوب النجس.

ففيه ان المفروض في الرواية كون الشخص عريانا فاصابه ثوب نجس و في

هذا الفرض قال يصلّي فيه و هذا صار سببا لتوهم انه مع فرض كونه عاريا يتمكن من الصلاة عاريا.

و لكن نقول بانه لا يستفاد من الرواية الا كونه عريانا ثمّ اصابه ثوب و يمكن ان الشخص مع كونه عاريا قبل الصلاة لعدم وجود ناظر محترم اضطر إليه حين حضور الصلاة لوجود ناظر محترم في هذا الحال او ان هذا الشخص المفروض يمكن انه كان قبل اصابة الثوب و ان كان عاريا تحمل البرد و مشقة لعدم وجود ما يدفع به مشقة البرد و لكن بعد ما اصابه الثوب يتمكن من رفع المشقة بلبس الثوب النجس و يرفع الاضطرار به فيكون فى هذا الحال مما اضطر الى الثوب النجس فلا ينافي كونه عاريا قبل اصابة الثوب مع اضطراره بلبس الثوب النجس.

فلا تنافي هذه الرواية مع هذا الجمع اعني الجمع بين الطائفتين من الاخبار بحمل الاولى منهما على صورة الاضطرار لبرد او وجود ناظر محترم فيصلي في الثوب النجس و حمل الطائفة الثانية على صورة امكان نزع الثوب و الصلاة عاريا لعدم برد و عدم وجود ناظر محترم و غيرهما مما يوجب الاضطرار.

و لو اشكل في هذا الجمع و قلنا بعدم امكان الجمع بين الطائفتين من الروايات بنحو آخر و وقوع التعارض بينهما فان كان لإحداهما ترجيح على الاخرى يؤخذ بما فيه المرجع «كما مرّ الكلام فيه في تعادل و الترجيح».

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 134

فنقول بان اوّل المرجحات هو الشهرة و المراد من الشهرة ان كان الشهرة الفتوائية كما هو مختار سيدنا الاعظم آيت اللّه الحاج آقا حسين بروجردي قدس سره الشريف فالترجيح مع الطائفة الثانية من الاخبار.

و ان كان المراد منها

الشهرة الروائية فحيث ان كلتا الطائفتين مشهورتان بالشهرة الروائية تصل النوبة بما هو المرجع بعد ذلك و هو مخالفة العامة و هذا المرجع أيضا مع الطائفة الثانية لانه على ما نقل الشيخ قدّس سرّه في الخلاف المالك منهم يقول بالصلاة في الثوب النجس و ابو حنيفة يقول بالتفصيل بين كون الثوب اكثره النجس او اقله فتجب الصلاة عاريا في الصلاة الاولى و في الثّوب في الصورة الثانية و ما يتداول من فتواهم في زمن الامام الصادق عليه السّلام هو فتوى مالك و ابي حنيفة و كلاهما مخالفان مع الصلاة عاريا و خصوصا مع كون فتوى المالك المتداول فتواه في المدينة على الصلاة في الثوب النجس ففتواه مخالف مع الصلاة عريانا فالترجيح مع الطائفة الثانية من الاخبار.

***

[مسأله 5: اذا كان عنده ثوبان يعلم بنجاسة أحدهما]

قوله رحمه اللّه

مسأله 5: اذا كان عنده ثوبان يعلم بنجاسة أحدهما يكرّر الصلاة و ان لم يمكن الا من صلاة واحدة يصلي في احدهما لا عاريا و الاحوط. القضاء خارج الوقت فى الآخر أيضا ان امكن و الا عاريا.

(1)

اقول أمّا فيما يتمكن من الصلاة في كلا الثوبين مرة في احدهما و مرة في الآخر

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 135

فيصلى فيهما و بذلك يحصل الامتثال بالامر المتعلق بالصلاة لما اسلفناه في الاصول من كفاية الامتثال الاجمالي حتى مع التمكن من الامتثال التفصيلى لعدم ورود الاشكالات التي أوردها على كفاية الامتثال الاجمالى مثل الاشكال بان الامتثال الاجمالى لعب و عبث بامر المولى او انه ينافى مع الجزم المعتبر في النية او ينافي مع قصد الوجه. لعدم كون الاحتياط لعبا و عبثا بامر المولى بعد كون داعيه امتثال امره و عدم اعتبار الجزم في النية و عدم

اعتبار قصد الوجه مضافا الى انه لا يضر به بل ينافى مع التميز المامور به عن غيره و هذا غير لازم.

فلو لم يكن في البين دليل خاص على كفاية الامتثال الاجمالى بتكرار الصلاة فيهما لقلنا بكفايته بمقتضى القاعدة خصوصا في مفروض الكلام و هو مورد عدم التمكن الا عن الامتثال الاجمالى فلا اشكال في الاكتفاء به.

و قد يستدل على ذلك بما رواها صفوان بن يحيى انه كتب الى ابى الحسن عليه السّلام يسأله عن الرجل معه ثوبان فأصاب احدهما بول و لم يدر ايهما هو و حضرت الصلاة و خاف فوتها و ليس عنده ماء كيف يصنع قال يصلى فيهما جميعا «1».

و المفروض في الرواية هو صورة عدم التمكن من الامتثال التفصيلى و على كل حال يكون الحكم على القاعدة و افتوا على طبقه المشهور خلافا للحلى في السرائر و المحكى عن ابن سعيد فأوجبا طرح الثوبين و ان يصلى عاريا.

و منشأ ما قاله ابن ادريس على ما يظهر من كلامه أمّا ان الامتثال الاجمالي يضرّ بقصد الوجه و التميز او بقصد التقرّب و الحق كما عرفت عدم اعتبار قصد الوجه و التميز و لا بقصد التقرب فانه بكل منهما يقصد التقرب لكن لا يقصد حين اتيان بكل واحد منهما انه الواجب و لا يضرّ التميز كما عرفت.

______________________________

(1) الرواية من الباب 64 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 136

و أمّا من باب التمسك بالمرسلة المذكورة في المبسوط من انه يتركهما و يصلى عاريا و فيه انها مرسلة و لا يصحّ الاعتماد عليها.

و أمّا اذا لم يتمكن لضيق الوقت الا من صلاة واحدة فهل يصلى فى احد الثوبين المشتبهين

و يحصل الامتثال به او يصلّى عاريا اختار الاوّل جملة من الفقهاء و منهم المؤلف رحمهم اللّه و اختار الثاني جمع منهم عليهم الرحمة.

اقول بانه تارة يقال في المسألة السابقة فيما اذا انحصر ثوبه في النجس و لا يتمكن من تطهيره بوجوب الصلاة في الثوب النجس حتى مع التمكن من الصلاة عاريا كما اختاره المؤلف رحمه اللّه.

فينبغى ان يقال فى هذه المسألة بوجوب الصلاة في أحد من الثوبين المشتبهين لانه على هذا يقوّى جانب حفظ شرطية الستر على جانب شرطية الطهارة عن الخبث او مانعيتها «على كلام فيها» بمعنى انه مع فرض الالتزام بتعين الصلاة في الثوب النجس في المسألة السابقة حفظا لجانب شرطية الستر مع معلومية نجاسة ثوبه فلا بد ان يقال بتعيّن الصلاة في احد الثوبين المشتبهين بطريق الاولى.

لان كل واحد من الثوبين المشتبهين يكون محتمل النجاسة لانه مع تقديم جانب شرطية الستر على جانب الطهارة عن الخبث في صورة معلومية النجاسة فيكون الحكم بالصلاة في احد الثوبين المشتبهين المشكوك نجاسة كل واحد منهما لحفظ جانب شرطيّة الستر اولى.

و أمّا لو قلنا في المسألة السابقة بوجوب الصلاة عاريا فربّما يشكل الامر لانه على هذا قويّنا جانب شرطية الطهارة عن الخبث او مانعيّة نجاستها على جانب شرطية الستر و لهذا قلنا بوجوب الصلاة عاريا.

فلا بد ان يقول في المقام بوجوب الصلاة عاريا لانه اذا صار شي ء دخيلا في

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 137

شي ء بعنوان الشرطية فلا بد مقام امتثال المشروط من احراز الشرط أمّا بالعلم او الامارة او الاصل.

مثلا اذا كان الشرط في الصلاة الطهارة فلا بدّ حين الصلاة من احراز هذا الشرط أمّا بالعلم او الامارة او الاصل

المعتبر فاذا لا يحصّل الشرط باحد الطرق المذكورة فهو يكون بحكم من فقد الشرط و معه لا تصح صلاته.

اذا عرفت ذلك نقول بانه بعد كون الثوبين المشتبهين طرفى العلم الاجمالى و مع العلم الاجمالى لا يجرى الاصل اصلا كما هو مختار بعض او يجرى الاصل و لكن يسقط بالتعارض كما هو مختار بعض.

و على كل حال لا مجال لاحراز الشرط باستصحاب طهارة الثوبين المشتبهين لعدم جريان الاصل راسا او لسقوطه بالتعارض فكما انه مع العلم التفصيلى بنجاسة الثوب لا يمكن الصلاة فيه كذلك مع العلم الاجمالى بنجاسة احد الثوبين.

فمن يقول بوجوب الصلاة عاريا مع العلم التفصيلى بنجاسة الثوب مع امكان نزع الثوب كذلك لا بد ان يقول بوجوب الصلاة عاريا مع العلم الاجمالى بنجاسة احد الثوبين مع امكان نزع الثوب.

فتكون هذه المسألة من صغريات المسألة السابقة لانه بعد كون العلم الاجمالى كالعلم التفضيلى من حيث عدم اجراء الاصل المخالف للعلم فيكون الثوبين المعلوم بالاجمال بنجاسة احدهما كالثوب الواحد المعلوم تفصيلا بنجاسته فكل ما يقال في المسألة السابقة لا بد ان يقال فى هذه المسألة فكما انه كان الدوران بين حفظ شرطية الستر، و بين حفظ شرطية الطهارة الخبيثة او مانعيتها «على الكلام فيه» في المسألة السابقة كذلك يكون الدوران بينهما في هذه المسألة.

و فى مقام الجمع بين الاخبار لو قلنا بحمل الطائفة الدالة من الاخبار على

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 138

وجوب الصلاة عاريا على صورة امكان نزع الثوب في المسألة السابقة يقال في المقام بوجوب الصلاة عاريا مع امكان نزع الثوب و قد عرفت وجهه فافهم.

***

[مسئلة 6: اذا كان عنده مع الثوبين المشتبهين ثوب طاهر]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 6: اذا كان عنده مع الثوبين المشتبهين ثوب طاهر لا يجوز

ان يصلى فيهما بالتكرار بل يصلى فيه نعم لو كان له غرض عقلائى في عدم الصلاة فيه لا بأس بها فيهما مكرّرا.

(1)

اقول: ما قاله مبنيّ على عدم جواز الامتثال الاجمالى عقلا مع التمكن من الامتثال التفصيلى لوجوه اشرنا إليها في المسألة السابقة و بينا في الاصول في محله و أجبنا عنه اما الوجوه.

فدعوى كون الامتثال الاجمالى مع التمكن من الامتثال التفصيلى لعبا و عبثا بامر المولى و قلنا في جوابه بعدم كونه لعبا و عبثا اوانه يضرّ بقصد الوجه او التميز و قلنا بعدم مضريته بقصد الوجه أولا و عدم وجوب قصد الوجه ثانيا و عدم اعتبار قصد التميز او الاشكال بانه يضر بقصد القربة و قد بيّنا عدم كونه مضرّا به نعم ينبغى الاحتياط بترك الامتثال الاجمالى مع التمكن من الامتثال التفصيلى لان الاحتياط حسن على كل حال.

***

[مسئلة 7: اذا كان اطراف الشّبهة ثلاثة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 7: اذا كان اطراف الشّبهة ثلاثة يكفي تكرار

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 139

الصّلاة فى اثنين سواء علم بنجاسة واحد و شك في نجاسة الآخرين او في نجاسة احدهما لان الزائد على المعلوم محكوم بالطهارة و ان لم يكن مميزا و ان علم في الفرض بنجاسة الاثنين يجب التكرار باتيان الثلاث و ان علم بنجاسة الاثنين في الاربع يكفي الثلاث و المعيار كما تقدم سابقا التكرار الى حد يعلم وقوع احدها في الطاهر.

(1)

اقول: الميزان الكلى في اطراف العلم الاجمالى هو ان يأتى المكلف بمقدار من الاطراف يعلم بامتثال المعلوم في البين اذا كان المعلوم في البين واجبا و يترك من الاطراف بمقدار يعلم بترك المعلوم الاجمالى الواقع في البين ان كان المعلوم الاجمالى حراما.

فعلى هذا في الامثلة المذكورة في المتن

نقول اذا كان المعلوم الاجمالى الواحد بين الثلاثة يكفى تكرار الصلاة في الاثنين منهما و ان كان المعلوم الاثنين بين الثلاث يجب التكرار باتيان الثلاث و ان كان المعلوم بالاجمال الاثنين في الاربع يكفي الثلاث أيضا.

و أمّا فيما علم بنجاسة واحد من الاثواب الثلاثة يحصل الامتثال، كما عرفت باتيان الصلاة في الثوبين منهما، سواء علم بنجاسة واحد منها و بطهارة الاثنين منها او علم بنجاسة واحد منها و شك في نجاسة الآخرين لان بعد كون الاصل في المشكوك الزائد على المتيقن الطهارة فالزائد من الواحد محكوم بالطهارة فيعلم بنجاسة واحد من الثلاثة فقط فلو صلى في الاثنين منها يقطع بالامتثال.

ان قلت انه لا مجال لاجراء الاصل في المشكوك منها من جهة عدم التميز

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 140

و كونه مرددا بين الاكثر و الواحد و لا مجال لاجراء الاصل في الفرد المردد.

قلت، لا اشكال في صحة اجراء الاصل هنا لو نلتزم بعدم اجراء الاصل في الفرد المردد، لان منشأ عدم اجراء الاصل في الفرد المردد هو معلومية حال الاطراف خارجا فلا معنى لاجراء الاصل في الفرد المردد، لانه ليس فرد غير الافراد الخارجية و هي معلومة الحال بخلاف المقام فانه ليس حال الافراد في الخارج معلوما فان المشكوك نجاسته من الثوب على تقدير انطباقه على كل واحد من الاطراف يكون مشكوكا فافهم.

***

[مسئلة 8: اذا كان كل من بدنه و ثوبه نجسا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 8: اذا كان كل من بدنه و ثوبه نجسا و لم يكن له من الماء الا ما يكفي احدهما فلا يبعد التخيير و الاحوط تطهير البدن و ان كانت نجاسة احدهما اكثر او اشد لا يبعد ترجيحه.

(1)

اقول أمّا على ما اختاره المؤلف عليه الرحمة في

المسألة الرابعة من تعين الصلاة في الثوب النجس مع انحصار ثوبه في الصلاة فيه و عدم جواز الصلاة عاريا حتى مع التمكن من نزعه من باب تقديم جانب حفظ شرطية الستر في الصلاة على جانب حفظ شرطية الطهارة الخبيثة او مانعيّة نجاستها «على الكلام في ذلك» ففي المقام لا بدّ ان يقول بالتخيير بين صرف الماء في تطهير البدن او الثوب الا في صورة مرجح لاحدهما كأكثريتها او أشدّيتها.

و قد يقال بتعين تطهير البدن في مفروض المسألة و ان كانت نجاسة الثوب

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 141

لها ترجيح عليه من الاكثرية او الاشدية من باب كون نسبة البدن الى الشخص اقوى من نسبة الثوب إليه و من نسبة الشخص الى الثوب و هذا يوجب اولوية اختيار البدن في مقام الامتثال و هذه الاولوية لو لم تكن قطعية لكن يكفى احتمالها في مقام الامتثال لانه يكون المورد لاجل هذه الاولوية المحتملة من صغريات دوران الامر بين التعيين و التخيير في مقام الامتثال و يكون اللازم الاخذ بالمتعيّن من باب حكم العقل و ان قلنا في دوران الامر بين التعيين و التخيير في مقام اثبات التكليف بعدم لزوم الاخذ بالمعيّن من باب ان التعيين المحتمل كلفة زائدة يدفعها الاصل لم نقل بذلك في احتمال الامر بين التعيين و التخبير في مقام الامتثال لحكم العقل باخذ المعين في مقام الامتثال.

و فيه انه لا وجه للاولوية و مجرد كون نسبة البدن الى الشخص اقوى من نسبة ثوبه إليه لا يوجب كون بدنه أ هما من حيث النجاسة في الصلاة فالاولوية ممنوعة.

نعم لو احتمل الأولوية يصح ما قيل من انه يشك في ان الامتثال هل

يحصل بخصوص تطهير البدن معيّنا او يحصل به او بتطهير الثوب مخيّرا فيقال ان مقتضى الاشتغال اليقينى هو تطهير البدن معيّنا و لعلّ هذا صار سببا لاحتياط المؤلف عليه الرحمة بتطهير البدن بعد ما أفتى بالتخيير بين تطهير الثوب و البدن.

و أمّا على ما قلنا في المسألة الرابعة بانه يجب ان يصلّى عاريا مع انحصار الثوب في النجس في صورة امكان نزع الثوب.

فنقول بانه على هذا يلزم ترجيح جانب شرطية طهارة البدن او مانعية نجاسته «على الكلام فيه» على جانب شرطية طهارة الستر او مانعية نجاسته فيجب تطهير البدن في المقام لانه بعد تطهير البدن يصلى عاريا فانه لو غسل ثوبه و بقى البدن نجسا فقد تقدّم شرطية الستر على شرطية الطهارة او مانعية النجاسة «على الكلام فيه و الحال ان مقتضى وجوب الصلاة عاريا هو تقديم جانب شرطية

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 142

الطهارة الخبثيّة فى البدن على شرطية الستر فيستفاد من المختار في تلك المسألة وجوب تطهير البدن في هذه المسألة معيّنا.

مضافا الى انه يمكن ان يقال باحتمال كون تطهير البدن اولى من تطهير الثوب لما عرفت و مع احتماله لا يحصل اليقين بالامتثال الا بتطهير البدن فلهذا لا بد ان يقال بتعيّن تطهير البدن على تطهير الثوب و بعد تطهير البدن يصلى عريانا لان المورد يصير من صغريات المسألة الرابعة لانه ليس له الا ثوب واحد نجس و يتمكن من الصلاة عاريا على الفرض.

و لكن هذا كله فيما يتمكن من الصلاة عاريا سواء كان لاحدى النجاستين اهمية على الاخرى أو لا.

نعم فيما لم يتمكن من الصلاة عاريا لبرد او غيره و ابتلى بنجاسة ثوبه و بدنه و لم

يكن له ماء الا بمقدار غسل احدهما يكون مخيرا بين غسل بدنه و غسل ثوبه الا اذا كان لاحدهما اهمية او احتمال الاهمية الذي يوجب ترجيح غسل احدهما على الآخر.

و لهذا كان الحري ان يقيّد كلام المؤلف عليه الرحمة بصورة التمكن من نزع الثوب على مختارنا في المسألة الرابعة المتقدمة.

و أمّا في غير صورة التمكن فهو مخير بين تطهير كل منهما الا اذا كان لاحدهما اهمية او احتمال الاهمية فيغسله كما يأتى في المسألة الآتية إن شاء اللّه أمّا على مبنى المؤلف في المسألة الرابعة المتقدمة هو التخيير في غير صورة اهمية احدهما او احتمال الاهمية على الآخر سواء تمكن من الصلاة عاريا أو لا.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 143

[مسئلة 9: اذا تنجّس موضعان من بدنه او لباسه و لا يمكن أزالتهما]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 9: اذا تنجّس موضعان من بدنه او لباسه و لا يمكن أزالتهما فلا يسقط الوجوب و يتخيّر إلا مع الدّوران بين الأقل و الأكثر او بين الأخفّ و الأشد او بين متحد العنوان و متعدده فيتعيّن الثاني في الجميع بل اذا كان موضع النجس واحدا و امكن تطهير بعضه لا يسقط الميسور بل اذا لم يمكن التطهير و امكن ازالة العين وجبت بل اذا كانت محتاجة الى تعدد الغسل و تمكن من غسلة واحدة فالاحوط عدم تركها لانّها توجب خفّة النجاسة الا ان يستلزم خلاف الاحتياط من جهة اخرى بان استلزم وصول الغسالة الى المحل الطاهر.

(1)

اقول اعلم ان كل امر من الاوامر الانحلاليّة تنحلّ بأوامر متعددة بعدد موضوعاتها و منها الامر بازالة النجاسة مثلا حال الصلاة عن البدن و الثوب فالامر المتعلّق بها ينحلّ بأوامر متعددة بعدد النجاسات الواقعة في البدن او الثوب فان كان في موضع من

بدنه نجاسة و في موضع من لباسه نجاسة فأمر متعلق بازالة النجاسة عن البدن و كذلك أمر بإزالة النجاسة عن اللباس.

فعلى هذا اذا تمكن المكلف من امتثال جميع الاوامر المتعلقة بغسل النجاسة الواقعة في مواضع من بدنه او لباسه يجب امتثال الجميع و ان لم يتمكن من امتثال الجميع يتخيّر بينها مثلا اذا وقع دم في يده و وقع دم في رجله يقتضي الامر المتعلق بازالة النجاسة عن اليد ازالة النجاسة عنها و يقتضي الامر المتعلق بازالة النجاسة عن الرجل وجوب ازالة النجاسة عنه فان تمكن من ازالة النجاسة عن كل منهما يجب ذلك و ان لم يتمكن الا عن ازالة النجاسة عن احدهما يكون مخيرا بين كل منهما.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 144

الا اذا كان لاحدهما أهمية على الآخر فيجب صرف الماء في ازالة النجاسة عنه و غسله لأهميته كما انه لو كان احدهما محتمل الاهمية تقدم غسله على الموضع الآخر كما تقدم في المسألة السابقة لانه يدور الامر بين التعيين و التخيير في مقام الامتثال لانه يعلم بكفاية محتمل الاهمية اما لكونه هو الواجب معيّنا و أمّا من باب كونه احد طرفى الواجب المخيّر و لكن يشك في الاكتفاء بغسل الآخر لعدم احتمال أهميته و يجب الاحتياط في صورة دوران الامر بين التعيين و التخيير في مقام الامتثال بحكم العقل و ان لم نقل بالاحتياط في صورة دوران الامر بين التعيين و التخيير في مقام التكليف.

ثم ان الموارد الاهمية على ذكره المؤلف عليه الرحمة أمّا بان يكون احدهما اكثر من الآخر.

و امّا بكون احدهما أشدّ من الآخر مثلا كان احد الموضعين متلوثا بدم الحيض و الآخر متلوّثا بدم الغنم

او كان احدهما متلوّثا بنجس ذى عنوانين مثل دم القلب و الآخر ملوثا بدم نجس ذى عنوان واحد و هو دم الحيوان الماكول اللحم فانه ليس فيه إلا عنوان كونه دما فانه في كل ذلك أمّا يكون نجاسة احد الموضعين معلوم الاهمية من الآخر او محتمل الأهمية ففى كلتا الصورتين يجب تقديم تطهيره على الآخر لما عرفت من حكم العقل بتقديمه.

و أما اذا كان موضع النجس واحدا و لا يتمكن تطهير كله بل يتمكن من تطهير بعضه قال المؤلف عليه الرحمة بوجوب تطهير البعض و هذا يصح بناء على شمول قاعدة الميسور له.

بل قال اذا تمكن فيما يحتاج الى التعدد من بعضه مثلا صار موضع من بدنه متنجسا بالبول و قلنا بوجوب غسله مرتين و لا يكون له الماء الا بقدر غسل واحد

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 145

يجب ذلك و لكن فى المورد مضافا الى الاشكال فى الفرض الاول يشكل القول بكون تلك المرتبة ميسور المركب لان بها لا تحصل مرتبة من الطهارة الا ان يقال لكل غسل يحصل تخفيف في النجاسة و تذهب مرتبة منها و لهذا نقول الاحوط ما قاله في كلا الفرضين.

و كذا لو امكن من ازالة عين النجاسة عن اللباس او البدن دون اثرها اعنى لا يتمكن من تطهير المحل لكن يتمكن من ازالة العين.

قال المؤلف عليه الرحمة بوجوب ازالة العين و لا دليل عليه إلا قاعدة الميسور و شمولها لمثل المورد غير معلوم لانه لا يتمكن من الميسور أيضا لان الميسور لا بد و ان يكون مطلوبا بمرتبة و ليس مجرد ازالة العين بدون التطهير المحل مطلوبا نعم يكون ذلك الاحوط.

نعم لو صار تطهير بعض

موضع النجس و كذا ازالة العين موجبا لخلاف الاحتياط من جهة اخرى بان استلزم وصول النجاسة الى موضع آخر بسبب التطهير او الازالة لا يكون تطهير البعض مطلوبا و يكون تطهيره على خلاف الاحتياط.

و قد يستدل على وجوب الازالة العين و ان لم يتمكن من تطهير المحل بما رواها على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر عليه السّلام، و سالته عن الرجل يمرّ بالمكان فيه العذرة فتهب الريح فتفى عليه من العذرة فيصيب ثوبه و راسه يصلى فيه قبل ان يغسله، قال نعم ينفضه و يصلى فلا بأس «1».

بدعوى انه عليه السّلام اوجب النفض و الحال انه لا يغسله و فيه، ان مفروض الكلام

______________________________

(1) الرواية 12 من الباب 26 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 146

في الرواية صورة كون العذرة يابسة و بالنفض تلقى عن ثوبه و راسه و الا كان المناسب أن يأمر بالغسل لتمكنه من الغسل.

***

[مسئلة 10: اذا كان عنده مقدار من الماء لا يكفي الا لرفع الحدث]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 10: اذا كان عنده مقدار من الماء لا يكفي الا لرفع الحدث او لرفع الخبث من الثوب او البدن تعيّن رفع الخبث و يتمّم بدلا عن الوضوء او الغسل و الاولى ان يستعمل في ازالة الخبث أولا ثم التيمم ليتحقق عدم الوجدان حينئذ.

(1)

اقول: قد يقال في وجه تقديم صرف الماء في ازالة الخبث بانّه بعد الدوران حيث يكون لطهارة الحديثة بدل و هو التيمم يقدم الطهارة الخبثيّة من باب ان ما لا بدل له مقدم على ما يكون له البدل، كما يظهر من كلام المؤلف عليه الرحمة في التيمّم عند تعرضه للمسألة و يوجد ذلك الوجه في كلام بعض الفقهاء السابقين عليهم الرحمة.

و فيه، ان

مجرد كون البدل لاحد المتزاحمين لا يوجب تقديم ما ليس له البدل عليه، لان مجرد ذلك لا توجب الأهميّة لما ليس له البدل حتى يحكم العقل بتقديمه.

و قد يقال بان التيمّم شرّع في كل مورد يلزم محذور من الطهارة المائية- و انّ مع ذلك المحذور لا يجب على المكلّف الطهارة المائية و لا فرق في المحذور بين كونه عقليّا او شرعيّا فيقدم الطهارة الخبثيّة على الحديثة لاجل ذلك.

و ان امكن اثبات ذلك فله وجه و ليس ببعيد.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 147

و قد يقال بتقديم الطهارة الخبثيّة من باب كون ذلك مسلّما عند الاصحاب حتى ان المحقق قدّس سرّه في المعتبر قال و لا اعلم فى هذه خلافا بين اهل العلم.

فان انكشف من تسلّمه عندهم وجود نص لم يبلغ بايدينا و بعبارة اخرى كان اجماع في المسألة فهو و الا ان كان منشأ تسلّمه عندهم احد الامرين المتقدمين فلا يزيد لنا شيئا. و لا يبعد تقديم الطهارة الخبثيّة لما قلنا من ان ادلة وجوب الوضوء او الغسل قاصرة الشمول للمورد لان مبنى جعل التيمم هو التسهيل على المكلّفين كما يظهر من مشروعيّته في بعض الموارد الذي يمكن ذلك و انه في كل مورد يلزم محذور من الطهارة المائية، تصل النوبة بالطهارة الترابية، و لكن دليل اشتراط الطهارة الخبثية مطلق يشمل المورد فيمكن القول بكون صرف الماء الموجود في ازالة الخبث مقدما على صرفه في ازالة الحدث.

ثم ان الاولى كما قال المؤلف عليه الرحمة هو ازالة الخبث بالماء أوّلا ثم التيمم ليتحقق عدم الوجدان، الّذي هو موضوع التيمم بلا اشكال.

***

[مسئلة 11: اذا صلى مع النجاسة اضطرارا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 11: اذا صلى مع النجاسة اضطرارا لا يجب عليه

الاعادة بعد التمكن من التطهير، نعم لو حصل التمكن في أثناء الصلاة أستأنف في سعة الوقت، و الاحوط الاتمام و الاعادة.

(1)

اقول: اعلم ان مفروض المسألة فيما يجوز البدار اما للقول بجوازه مطلقا سواء كان عالما بزوال العذر أو لا يعلم بزواله او على القول بجوازه في خصوص صورة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 148

يعلم عدم زوال العذر.

و أمّا بناء على عدم جواز البدار مطلقا حتى فيما يعلم عدم زوال العذر او عدمه فيما يرجو زوال العذر فلا مورد لهذه المسألة.

و حيث ان الاخبار المتقدمة الدالة على الصلاة في النّجس في صورة الاضطرار و كذا الاخبار الدالة على الصلاة عاريا مطلقة فيجوز البدار.

نعم لا يبعد انصرافها عن صورة العلم بزوال العذر و على كل حال في كل صورة جاز البدار لو صلى مع النجس لا يجب عليه الاعادة بعد التمكن من التطهير لان المامور به بالأمر الاضطراري فرد لطبيعة المامور بها فيسقط الامر المتعلق بالطبيعة باتيان فردها و يأتى الكلام في ذلك في التّيمم إن شاء اللّه.

و أمّا لو شرع في الصلاة و حصل التمكن في أثناء الصلاة يستأنف الصلاة في سعة الوقت لانه على الفرض يتمكن الشرط فعلا و ما مضي من صلاته و ان وقعت صحيحة على فرض جواز البدار و الاضطرار عن تحصيل الشرط فلا بدّ له من تحصيله بالنسبة الى ما بقى من صلاته و استيناف الصلاة.

و أمّا ما قاله المؤلف رحمه اللّه بان الاحوط فى هذه الصورة الاتمام و الاعادة فلعلّ وجهه هو تزاحم المتخيل بين حرمة الابطال و مانعية النجاسة، و لكن لا يحرم ابطال الصلاة في الفرض.

أمّا أوّلا لان العمدة في حرمة الابطال هو الاجماع

و القدر المتيقّن فيه غير المورد، و ثانيا يحرم الابطال فيما يمكن الاكتفاء بما يده من الصلاة و على الفرض لا يمكن الاكتفاء به.

و ما يأتي بنظرى القاصر عاجلا هو انّه في سعة الوقت و في أثناء الصلاة أن أمكن له تطهير البدن او الثوب او تبديله او طرحه بدون فعل المنافي يفعل ذلك و يتم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 149

صلاته و تقع صحيحة لان ما تقدم من صلاته وقع صحيحا على الفرض و ما يبقي من صلاته بعد التطهير او الطرح او التبديل يصير واجد الشرط و المقدار من الزمان المتخلل بين وجود الماء و التطهير او التبديل او الطرح لا يضرّ لما ورد في باب من عارضه الرعاف في اثناء الصلاة و ذكرناها سابقا و الحاصل ان مفروض كلامنا يكون مثل ما اذا يعلم بالنجاسة في الاثناء و لا يدرى انه كان حادثا او كان سابقا و مثل ما اذا يعلم بحدوثه في الحال فكما قلنا بانّه أن امكن له التطهير او طرح الثوب او تبديله، يجب ذلك و يتم صلاته كذلك في المقام.

و أن ابيت من كونه مثلها، فلا اقل من الاحتياط بالتطهير أن أمكن و اتمام الصلاة ثم الاعادة وجوبا، و الحال ان الاقوى ما قلنا من التطهير ان امكن بدون فعل المنافى و اتمام الصلاة و وقوعها صحيحة.

و ان لم يتمكّن من ذلك، يقطع الصلاة و يزيل النجاسة و يعيد، فتأمّل.

و العجيب انه كيف لم يقل بذلك احد من المحشين و لم ينتقل به.

هذا كله في سعة الوقت بان يكون الوقت واسعا لتحصيل شرط الطهارة او لرفع النجاسة المانعة «على الكلام فيه» و يستأنف الصلاة.

و

امّا لو لم يكن الوقت واسعا لذلك فان أمكن له التطهير حال الصلاة او طرح الثوب او تبديله فليفعل و يتم صلاته و ان لم يتمكّن من ذلك يصلّى مع النجس ان كانت النجاسة في بدنه و ان كانت في ثوبه فعلى مختار السيد رحمه اللّه عليه ان يصلّى في الثوب النجس، و على قول من يختار الصلاة عاريا يصلّى عاريا مع التمكّن من نزع الثوب و الا يصلى في الثوب النجس.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 150

[مسأله 12: اذا اضطر الى السجود على محل نجس]

قوله رحمه اللّه

مسأله 12: اذا اضطر الى السجود على محل نجس لا يجب اعادتها بعد التمكن من الطاهر.

(1)

اقول: وجه ذلك هو ان العمدة في اعتبار طهارة مسجد الجبهة الاجماع و المتيقّن منه صورة عدم الاضطرار، لكن هذا بناء على جواز البدار و السجود على موضع النجس في سعة الوقت و الا مع عدم جواز البدار لا يبقى لمفروض المسألة مورد، لانه مع ضيق الوقت لا يكون وقت الاعادة حتى يبحث عن وجوبها و عدمها.

و يمكن دعوى جواز البدار في المقام لانه بعد كون دليل الاعتبار الاجماع و القدر المتيقّن منه حال التمكّن فاذا دخل الوقت و لم يتمكّن من تحصيل طهارة موضع الجبهة فليس شي ء يمنع البدار الا هذا و شمول دليله للمورد مشكوك فتجرى البراءة و تصح الصلاة فتأمل و يأتى الكلام في ذلك إن شاء اللّه في محله.

***

[مسأله 13: اذا سجد على الموضع النجس جهلا او نسيانا]

قوله رحمه اللّه

مسأله 13: اذا سجد على الموضع النجس جهلا او نسيانا لا يجب عليه الاعادة و ان كانت احوط.

(2)

اقول: يمكن ان يقال بان العمدة في اعتبار طهارة موضع السجدة و هو الاجماع لا يشمل لمورد الجهل بالموضوع و النسيان، لعدم اطلاق له. يشمل الموردين. و في خصوص ما صلى على الموضع النجس نسيانا يكفي لعدم وجوب

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 151

الاعادة حديث لا تعاد بناء على ان طهارة موضع السجدة كانت شرطا للصلاة و الا ان كانت شرطا للسجدة فتكون السجدة من جملة الخمسة المستثناة في حديث لا تعاد الا اذا ترك هذا الشرط في خصوص سجدة واحدة من كل ركعة.

و بناء على كون المراد من الطهور المستثنى من عدم الاعادة في الحديث، هو الطهارة عن الحدث فقط.

و كذا

في صورة الجهل و في خصوص الجهل اشكال، من حيث شمول الحديث الرّفع لصورة الجهل.

و عندنا في ذلك التّأمل، يأتى إن شاء اللّه في محله فعلى هذا ان امكن دعوى عدم شمول الاجماع لحال الجهل و النسيان فهو، و الا لا بد و ان يقال بان الاحوط وجوبا في صورة الجهل اعادة الصلاة و الحمد له و الصلاة و السلام على رسوله و آله اجمعين.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 153

فصل: فى ما يعفى عنه فى الصلاة

اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 155

قوله رحمه اللّه

فصل فى ما يعفى عنه فى الصلاة و هو امور:

[الاوّل دم الجروح و القروح]

اشارة

«الاوّل» دم الجروح و القروح ما لم تبرأ في الثوب او البدن قليلا كان او كثيرا امكن الازالة او التّبديل بلا مشقّة أم لا، نعم يعتبر ان يكون ممّا فيه مشقّة نوعيّة فان كان ممّا لا مشقّة في تطهيره او تبديله على نوع النّاس فالاحوط أزالته او تبديل الثّوب و كذا يعتبر ان يكون الجرح ممّا يعتدّ به و له ثبات و استقرار و الجروح الجزئية يجب تطهير دمها و لا يجب فيما يعفي عنه منعه عن التنجيس نعم يجب شدّه اذا كان في موضع يتعارف شدّه و لا يختصّ العفو بما في محلّ الجرح فلو تعدّى عن البدن الى اللّباس او الى اطراف المحلّ كان معفوّا لكن بالمقدار المتعارف في مثل ذلك الجرح و يختلف ذلك باختلافها من حيث الكبر و الصّغر و من حيث المحلّ فقد يكون في محلّ لازمه بحسب المتعارف

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 156

التّعدى الى الاطراف كثيرا او في محلّ لا يمكن شدّه فالمناط المتعارف بحسب ذلك الجرح.

(1)

اقول: لا اشكال في الجملة في ان دم الجروح و القروح ممّا يعفي عنه في الصلاة و الروايات الدالة على الحكم المذكور بحدّ الاستفاضة فنذكر الاخبار المربوطة بهذا الحكم حتى يتبيّن حكم القروح المترتبة على اصل هذا الحكم فنقول، بعونه تعالى أما ما يدل على عفو دم كل من القروح و الجروح.

ما رواها سماعة مضمرة قال سألته عن الرجل به الجرح و القرح فانّه فلا يستطيع ان يربط و لا يغسل دمه، قال يصلى و لا يغسل ثوبه

كل يوم إلا مرة فانه لا يستطيع ان يغسل ثوبه كل ساعة «1».

و أمّا ما يدل على خصوص الجرح فهي ما رواها عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام الجرح يكون في مكان لا يقدر على ربطه فيسيل منه الدم و القيح فيصيب ثوبي فقال دعه فلا يضرّك ان لا تغسله «2».

و ما رواها ابن ابى عمير عن بعض اصحابنا عن سماعة بن مهران عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال اذا كان بالرجل جرح سائل فاصاب ثوبه من دمه فلا يغسله حتى يبرأ و ينقطع الدم «3».

و اما ما يدل على خصوص القروح.

فالرواية التى رواها ابو بصير قال دخلت على ابى جعفر عليه السّلام و هو يصلى فقال

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 22 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 22 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 7 من الباب 22 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 157

لى قائدي ان في ثوبه دما فلما انصرف قلت له ان قائدي اخبرنى ان في ثوبك دما فقال ان بى دماميل و لست أغسل ثوبى حتى تبرأ «1».

و الرواية التي رواها محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السّلام قال سألته عن الرجل يخرج به القروح فلا تزال تدمى، كيف يصلى فقال يصلى و ان كانت الدماء تسيل «2».

الرواية التي رواها ليث المرادي قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام الرجل تكون به الدماميل و القروح فجلده و ثيابه مملوّة دما و قيحا و ثيابه بمنزلة جلده فقال يصلّى في ثيابه و لا يغسلها و لا شي ء عليه «3».

و الرواية التي رواها

عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قاله سألته عن الدمل يكون بالرجل فينفجر و هو في الصلاة قال يمسح و يسمح يده بالحائط او الارض و لا يقطع الصلاة «4».

و الرواية التي رواها على بن جعفر في كتابه عن اخيه عليه السّلام قال سألته عن الدمل يسيل منه القيح كيف يصنع قال ان كان غليظا او فيه خلط من دم فاغسله كل يوم مرّتين غدوّة و عشيّة و لا ينقض ذلك الوضوء و ان اصاب ثوبك قدر دينار من الدم فاغسله و لا تصل فيه حتى تغسله «5».

و الرواية التي رواها عبد اللّه بن عجلان عن ابى جعفر عليه السّلام قال سألته عن الرجل به القرح لا يزال يدمى كيف يصنع قال يصلّى و ان كانت الدماء تسيل «6» اذا

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 22 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 22 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 5 من الباب 22 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(4) الرواية 8 من الباب 22 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(5) الرواية 8 من الباب 20 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(6) البحار الانوار، ج 80، ص 84، (باب 3)- (نجاسة الدم و اقسامه و احكامه) ح 1.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 158

عرفت ما بينا لك من الاخبار نقول بعونه تعالى بان

الكلام يقع في موارد.
المورد الاول: هل العفو في دم القروح و الجروح مطلق

بحيث يشمل لهما بمجرد حدوث الدم بأى كيفيّة كان حتى يبرأ و يذهب موضوعه.

او يكون العفو مختصا بخصوص صورة يكون الدم سائلا و لا يسكن و لا ينقطع و يشق التحرز منه او يعتبر احد الامرين أمّا السيلان و أمّا المشفقة اقوال و المنشأ اختلاف الاخبار بحسب الظاهر

البدوى.

اقول أمّا من حيث اعتبار السيلان الدائمى و عدمه فالظاهر من بعض الروايات و ان كان في خصوصه لكن منه. ما يكون القيد في كلام السائل او في كلام الامام عليه السّلام من باب ذكر المورد اى ذكر مورد يكون السيلان فلا يستفاد منه الانحصار بصورة السيلان الدّم لعدم مفهوم له.

و امّا ما يكون بصورة القضية الشرطية كالرواية الثالثة من الروايات المتقدّمة الّتي ذكر فيها لفظ سائل فتدل بمفهوم الشرط على اعتبار السيلان فى العفو عن الدم لكن مع كون موردها الجرح لو كانت الغاية فيها الفترة من السيلان تدل على اعتبار السيلان لكن الغاية فيها «حتى يبرأ و ينقطع الدم» و انقطاع الدم غير الفترة من السيلان بل بقرينة عطفه على البرء هو الانقطاع من رأس المساوق للبرء و هذا دليل عل عدم اعتبار السيلان و يكون الغاية البرء و انقطاع الدم كلها و لهذا لو حصلت الفترة عن الدم و لم يبرأ لم تحصل الغاية و يكون الدم معفوا عنه مضافا الى ان بعض الروايات مطلق من هذا الحيث مثل رواية ليث المرادى و ابى بصير و عمار لان في الاولى جعل غاية عدم الغسل البرء لا السيلان و الثانية مطلق من حيث السيلان و عدمه و الثالثة لا يبعد كون موردها صورة عدم السيلان و مع هذا امر بعدم قطع الصلاة لانه مع امكان ذهاب الدم بمسح اليد و مسح اليد بالتراب نهي عن قطع

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 159

الصلاة. فنفهم وجود الحكم حتى في غير صورة السيلان الدائمى.

نعم، لو لم يكن هذه الاخبار المطلق او الظاهرة في صورة عدم السيلان حيث يكون مورد بعض الآخر خصوص

صورة السيلان من حيث كون السيلان مورد السؤال لم يكن دليل لنا على العفو في غير صورة السيلان لكن لنا مع بعض الاخبار غنا و كفاية.

و أمّا من حيث اعتبار المشفقة العرفية لا بحدّ تصل الى الحرج فيكفي تصريح بعض الأخبار باعتبار المشقة و ظهور بعضها الآخر.

لان المتأمل في كل الاخبار يرى ان موردها هو مورد المشقة العرفية مضافا الى ان هذا مقتضى مناسبة الحكم و الموضوع.

و لا يبعد كون المشقة المعتبرة هي المشقة النوعية لا الشخصية لما في مورد رواية عمار من الامر بمسح الدم باليد و عدم قطع الصلاة و لما يرى من ان الغسل مشقة نوعا و الا كان اللازم ان يقول ان كان له المشقة فلا يقطع الصلاة كما ان فعل الصادق عليه السّلام من عدم غسله حتى يبرأ كما في احد الاخبار المتقدمة دليل على ذلك و الحال انه لم يكن له مشقة بحسب شخصه غالبا.

و ممّا مر منّا في المقام تظهر لك ان الميزان وجود المشقة العرفية و هي تارة تحصل بسيلان الدم و تارة بغيره فلا يبعد ان يقال ان اعتبار السيلان في بعض الاخبار يكون لبيان المشقة.

المورد الثاني: يعتبر في الجرح ان يكون له ثبات و استقرار

فالجروح الجزئية التى لا مشقة في تطهيرها لا يعفى عنه في الصلاة لان اعتبار المشقة في الجملة يستفاد من اخبار الباب.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 160

المورد الثالث: هل يجب فيما يعفى عنه منعه عن التنجيس أم لا

لا يجب ذلك لاطلاق الاخبار.

المورد الرابع: هل يجب شدّه ان امكن له شدّه و ربطه او لا يجب ذلك.

لا يبعد عدم وجوبه الّا ان يدّعى انصراف الاخبار الى خصوص مورد لا يتمكّن من الشّد اوان يشدّه مع امكانه فيخرج مورد امكن الشدّ و لا يشدّ و الاحوط شدّه مع الامكان.

المورد الخامس: لا يختص العفو بخصوص محل الجرح و القرح

فلو تعدّى عن البدن الى اللباس او الى اطراف المحل كان معفوا لاطلاق بعض الادلة و التصريح في بعضها الآخر.

نعم المعفو عنه المقدار المتعارف في ذلك فيختلف ذلك باختلاف صغر الجروح و القروح و كبره لان هذا هو متعيّن العفو اى مقدار المتعارف.

***

[مسأله 1: كما يعفي عن دم الجرح كذا يعفي عن القيح المتنجّس]

قوله رحمه اللّه

مسأله 1: كما يعفي عن دم الجرح كذا يعفي عن القيح المتنجّس الخارج معه و الدواء المتنجس الموضوع عليه و العرق المتصل به في المتعارف أمّا الرطوبة الخارجيّة اذا وصلت إليه و تعدّت الى الأطراف فالعفو عنها مشكل فيجب غسلها اذا لم يكن فيه حرج.

(1)

اقول: أمّا العفو القيح المتنجس الخارج معه فتدل عليه رواية عبد الرحمن

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 161

و ليث المرادى.

و أمّا العفو عن الدواء المتنجس الموضوع عليه فان كان متنجسا قبل الوضع على الجرح او القرح فلا دليل على عفوه الا ان يكون غسله و تطهير موضوعه موجبا للعسر و الحرج فلا بد من تقييد كلام المؤلف رحمه اللّه بالصورة الثاني و أمّا ان كان طاهرا قبل الوضع و تنجس بنجاسة الجرح او القرح فهو معفو عنه لانه و ان لم يكن تعرض في الروايات له لكن بعد كونه غالبا مورد الابتلاء و لا بدّ من وضع الدواء على الجروح و القروح بحيث انه قلّما يتفق عدم وضع الدواء عليه فالحكم بالعفو عن نفس الجروح و القروح لازم للعفو عنه.

لأنه لا بدّ أمّا ان يحمل الاخبار على المورد النادر و هو مورد لا يوضع عليها الدواء و هو بعيد فى الغاية و أمّا ان نلتزم بالعفو عن الدواء الموضوع عليها لان مع هذا الملازمة و مع كون الحكم فعليا لا حيثيا فالعفو

عنها ملازم للعفو عن الدواء.

و كذلك في العرق المتصل بهما على المتعارف لانه لا بد امّا من حمل الاخبار على الشّتاء الذي لم يعرق فيه الشخص و هو بعيد في الغاية او الالتزام بالعفو عنه كما قلنا في الدواء.

و أمّا الرطوبة الخارجية التى وصلت بهما و تعدّت الى الاطراف فالعفو عنها مشكل بل معلوم العدم لعدم دليل على عفوها بالخصوص و عدم كونها ملازما لها حتى يقال بالعفو عنها بالملازمة الا اذا كان غسل الاطراف التى وصلت إليها الرطوبة موجبة للعسر و الحرج فلا يجب.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 162

[مسئلة 2: اذا تلوثت يده في مقام العلاج]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 2: اذا تلوثت يده في مقام العلاج يجب غسلها و لا عفو كما انه كذلك اذا كان الحرج مما لا يتعدى فتلوثت اطرافه بالمسح عليها بيده او بالخرقة الملوثتين على خلاف المتعارف.

(1)

اقول: لكون ذلك من غير المتعارف و لا دليل على العفو عنه نعم في رواية عمار المتقدمة ذكرها فرض مسح اليد بالدمل بعد انفجاره و مع هذا قال عليه السّلام «يمسح يده بالحائط او بالارض و لا يقطع الصلاة».

و ربّما يستفاد من ظاهرها العفو عن اليد المتلوثة بالقروح و حملها على صورة خروج القيح الخالى من الدم، حمل على مورد النادر.

مضافا الى ان ترك الاستفصال في الجواب و الحكم مطلقا بعدم قطع الصلاة شاهد على اثبات الحكم مطلقا سواء انفجر و خرج منه الدم او القيح او كليهما و عليه لا يمكن الافتاء بوجوب غسل اليد فعلى هذا نقول بان الاحوط وجوبا غسل اليد.

و أمّا المقدار المتلوث به الخارج عن المتعارف فلا عفو عنه الا اذا كان غسله موجبا للعسر و الحرج.

***

[مسئلة 3: يعفي عن دم البواسير]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 3: يعفي عن دم البواسير خارجة كانت او داخلة و كذا كل قرح او جرح باطنى خرج دمه الى الظاهر.

(2)

اقول: منشأ الاشكال تارة يكون في صدق دم القرح على دم البواسير

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 163

و عدمه بعد معلومية عدم كونه دم الجرح.

فنقول بان القرح بالفتح على ما يظهر من كلام بعض اللّغويين مثل المنجد هو اثر السلاح بالبدن القرحة بالفتح و القرحة بالضم الجراحة المتقاومة التى اجتمع «1» و قريب ممّا قال في المنجد عبارة القاموس و اقرب الموارد و منتهى الأرب. و قال فى مجمع البحرين القرحة بالفتح و

السكون واحدة القرح و القروح و هي حبّة تخرج فى البدن «2» فعلى هذا نقول شموله لامثال البواسير اذا كان في خارج البدن غير بعيد.

نعم اذا كان في الداخل فشمول لفظ القرح له و إن كان غير بعيد و كذا كل ما يكون في الباطن مثل البواسير لكن الاحوط الغسل الا اذا كان حرجيّا.

و كذلك الامر في الجرح لان الجرح عبارة عن شق بعض البدن على ما في كلام بعض اهل اللغة فاذا كان في الخارج لا اشكال في ثبوت الحكم له و أمّا اذا كان في الباطن فلا يترك الاحتياط بالغسل الا اذا كان حرجيّا.

و تارة يكون الاشكال بعد الفراغ عن شمول القروح للبواسير او الجروح سواء كان في الداخل او في الخارج في أن مورد الأخبار هو الجرح و القرح الخارجى و لا اطلاق لها يشمل الجرح و القرح الداخلي.

فنقول لا يبعد دعوى الانصراف الى الجرح و القرح الخارجى فعلى هذا كما قلنا في الداخلي منهما أن الاحوط وجوب غسل المتنجس بهما فيما اذا تلوّث بهما الخارج من البدن او الثوب لانه ما لم يسريا بالخارج لا يجب الاجتناب عنهما كما عرفت في محله الا اذا كان تطهير محل الغسل من البدن او الثوب حرجيّا.

***

______________________________

(1) المنجد، ص 618.

(2) مجمع البحرين، ص 178.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 164

[مسئلة 4: لا يعفي عن دم الرعاف]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 4: لا يعفي عن دم الرعاف و لا يكون من الجروح.

(1)

اقول: أمّا عدم كونه من القروح موضوعا يكون مبنيا على عدم كون منشأ الرعاف وجود قرحة في باطن الانف كما هو الحق او عدم كون القرحة الواقعة في الباطن من القروح لغة.

و اما عدم كونه من القروح حكما فلاجل

الروايات الواردة في خصوص الرعاف و انه لا يجوز الصلاة معه و يجب الغسل و قد ذكر بعض اخباره بالمناسبة في الفصل السابق.

فعلى كل حال و لو فرض كون دم الرعاف من مصاديق القروح موضوعا لا يكون مثله حكما فلا يعفي عنه في الصلاة الا اذا كان غسله موجبا للعسر و الحرج.

***

[مسئلة 5: يستحب لصاحب القروح و الجروح ان يغسل ثوبه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 5: يستحب لصاحب القروح و الجروح ان يغسل ثوبه من دمهما كل يوم مرّة.

(2)

اقول قد عرفت ان مضمرة سماعة المتقدمة و رواية محمد بن مسلم المنقولة من مستطرفات السرائر تدلان على غسل الثوب عن دم القروح و الجروح كل يوم مرة و تدل رواية على بن جعفر المتقدمة على الغسل كل يوم مرّتين.

فهل نقول بوجوب الغسل أم لا اعلم ان العمدة في عدم وجوب ذلك هو عدم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 165

عمل الاصحاب في ذلك بهما لان الشهرة على خلافهما بل لم ينقل من الاصحاب من يلتزم بذلك الا ما حكى عن صاحب الحدائق من الميل بوجوب الغسل كل يوم مرة و عدم عملهم يكشف عن اعراضهم عن الروايات بالنسبة الى هذه الفقرة مضافا الى ان نفس اختلاف رواية على بن جعفر مع مضمرة سماعة و رواية العلاء عن محمد بن مسلم من وجوب الغسل كل يوم مرتين كما في الاولى و من وجوبه كل يوم مرة كما في الاخيرتين شاهد على الاستحباب و بيان مراتب الفضل.

و ان ابيت عن ذلك نقول بانه حيث يكون ظاهر هذه الاخبار وجوب الغسل كل يوم و ظاهر غيرها عدم وجوب الغسل الى يبرأ كما في رواية سماعة عن ابي عبد اللّه عليه السّلام ففيها قال عليه السّلام «فلا

يغسله حتى يبرأ و ينقطع الدم» و كذلك ما في رواية ابى بصير فان فيها قال عليه السّلام و لست اغسل ثوبى حتى تبرأ» يقع بينهما التعارض و لا يمكن الجمع بينهما بتقييد ما دل على عدم وجوب الغسل الى ان يبرأ بهذه الاخبار الدالة على الغسل كل يوم مرة او مرتين لاباء ما دل على عدم وجوب الغسل حتى يبرأ عن هذا الحمل.

و مع التعارض لا بد من الاخذ بما دل على عدم وجوب الغسل الى ان يبرأ بناء على كون المرجح الشهرة الفتوائية لان الشهرة الفتوائية على طبقها و بناء على كون الشهرة المرجّحة، الشهرة الروائية فأيضا يكون الترجيح معها لكونها المشهور او الاشهر.

و لو لم يكن ترجيح فبناء على التساقط بعد التعارض و عدم المرجّح فالمرجع العمومات التى في الفوق الدالة على عدم العفو عن كل دم في الصلاة و بناء على التّخيير يمكن الاخذ بما دل على عدم وجوب الغسل أيضا.

و الحاصل انه لا يمكن الالتزام و الافتاء بوجوب الغسل و لكنّه

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 166

موافق للاحتياط.

***

[مسئلة 6: اذا شك في دم انه من الجروح او القروح أم لا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 6: اذا شك في دم انه من الجروح او القروح أم لا فالاحوط عدم العفو عنه.

(1)

اقول بعد ما امضينا في الاصول عدم صحة التمسك في الشبهة المصداقية بالعام فلا يمكن التمسك بعموم ما دل على عدم صحة الصلاة مع الدم في المقام و لا على ما دل على العفو عن دم الجروح و القروح فمقتضى القاعدة هو الرجوع الى الاصل العملى بعد عدم وجود الاصل اللّفظى و الاصل العملى اذا لم يكن له حالة سابقة في البين هو البراءة.

و النتيجة صحة الصلاة في الدّم المشكوك

كونه من الجروح او القروح أم لا و لكن في كلام بعض معاصرينا «1» هو انه بعد عدم كون الشك في اصل الوجود حتى يقال انه لا يمكن استصحاب عدم كون ما وجد من دم القروح او الجروح لانه من قبيل الاستصحاب عدم الازلى لان كون الدم من القروح او الجروح ليس من عوارض وجود الدم بل يكون من عوارض بقائه لان الدم الموجود في بدن الانسان ان خرج من الجرح او القرح يكون دم الجروح او القروح المعفو عنه في الصلاة فاذا كان كذلك فاصالة عدم خروج هذا الدم المشكوك من القرح و الجرح يكفى في عدم العفو فتكون النتيجة عدم صحّة الصلاة في هذا الدم المشكوك.

______________________________

(1) المتمسك ج 1، ص 533.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 167

و استشكل أولا عليه بان ما قلت من كون الدم من القروح و الجروح من عوارض البقاء غير صحيح لانه ربما يتكون الدم في القرح و الجرح فلا يعلم بوجود الدم في البدن قبل القرح و الجرح حتى يكون اصل الدم محرزا و يكون الشك في خروجه من سبيل القرح او الجرح او محل آخر.

و ثانيا يعارض هذا الاصل اصالة عدم خروجه من غير الجرح و القرح.

*** اقول: أمّا الاشكال الاول فتكوّن الدم في نفس الجرح و القرح غير معلوم خصوصا في الجرح.

و امّا في الاشكال الثانى فأصالة عدم خروج الدم من غير محل الجرح و القرح لا يثبت كون الدم من القرح او الجرح الا على القول بالاصول المثبتة.

***

[مسئلة 7: اذا كانت القروح و الجروح المتعددة متقاربة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 7: اذا كانت القروح و الجروح المتعددة متقاربة بحيث تعدّ جرحا واحدا عرفا جرى عليه حكم الواحد فلو برء بعضها لم

يجب غسله بل هو معفو عنه حتى يبرأ الجميع و ان كانت متباعدة لا يصدق عليها الوحدة العرفية فلكل، حكم نفسه فلو برء البعض وجب غسله و لا يعفى عنه الى ان يبرأ الجميع.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 168

(1)

اقول أمّا فيما كانت متقاربة بحيث تعدّ جرحا او قرحا واحدا فيجرى عليه حكم الواحد كما قال المؤلف رحمه اللّه.

و اما اذا كانت متباعدة فلكل حكم نفسه فلو برء بعضها يرتفع حكم العفو بالنسبة إليه و يبقى بالنسبة الى ما بقى من الجروح و القروح الاخر.

و ما قال «1» بعض المعاصرين من العفو في الصورة حتى عما انقطع دمه و برء موضعه تمسكا بذيل رواية ابى بصير المتقدمة المحكية عن قول الصادق عليه السّلام بالنسبة الى ما فيه من الدماميل من قوله «ان بى دماميل و لست اغسل ثوبى حتى تبرأ».

لا وجه له لعدم كون الامام عليه السّلام في بيان هذه الجهة بل كان في مقام بيان ان الدمل ما لم يبرأ لا يجب غسل الثوب المتلوث به.

______________________________

(1) المتمسك، ج 1، ص 533.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 169

قوله رحمه اللّه

[الثاني الدم الاقل من الدرهم]

اشارة

«الثاني» مما يعفى عنه فى الصلاة الدم الاقل من الدرهم سواء كان في البدن او اللباس من نفسه او غيره عدا الدماء الثلاثة من الحيض و النفاس و الاستحاضه او من نجس العين او الميتة بل او غير المأكول مما عدا الانسان على الاحوط بل لا يخلو عن قوة و اذا كان متفرقا في البدن او اللباس او فيهما و كان المجموع بقدر الدرهم فالاحوط عدم العفو، و المناط سعة الدرهم لا وزنه و حدّه سعة اخمص الرّاحة و

لمّا حدّه بعضهم بسعة عقد الابهام من اليد و آخر بعقد الوسطى «و آخر بسعة السبّابة فالاحوط الاقتصار على الاقل و هو الاخير.

(1)

اقول: أمّا كونه معفوّا عنه في الصلاة في الجملة مما لا اشكال فيه نصّا و فتوى نذكر الاخبار المربوطة به لدخلها في فهم حكم بعض الخصوصيات المبحوثة عنها:

الاولى: ما رواها عبد اللّه بن ابي يعفور (في حديث) قال قلت

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 170

لابي عبد اللّه عليه السّلام الرجل يكون في ثوبه نقط الدم لا يعلم ثم يعلم فينسى ان يغسله فيصلى ثم يذكر بعد ما صلّى أ يعيد صلاته قال يغسله و لا يعيد صلاته الا ان يكون مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله و يعيد الصلاة «1»

الثانية: ما رواها جميل بن دراج عن بعض اصحابنا عن ابى جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام انهما قالا لا بأس بان يصلى الرجل في الثوب و فيه الدم متفرقا شبه النضح ان كان قد راه صاحبه غير ذلك فلا بأس ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم «2».

الثالثة: ما رواها مثنى بن عبد السلام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له انى حككت جلدى فخرج منه الدم فقال ان اجتمع قدر حمصة فاغسله و الا فلا «3».

الرابعة: ما رواها إسماعيل الجحفى عن ابى جعفر عليه السّلام قال في الدم يكون في الثوب ان كان اقل من قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة و ان كان اكثر من قدر الدرهم و كان راه فلم يغسله حتى صلى فليعد صلاته و ان لم يكن رآه حتى صلى فلا يعيد الصلاة «4»

الخامسة: ما رواها محمد بن مسلم قال قلت له الدم يكون في

الثوب عليّ و انا في الصلاة قال ان رأيته و عليك ثوب غيره فاطرحه و صلّ فى غيره و أن لم يكن عليك ثوب غيره فأمض في صلاتك و لا اعادة عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم و ما كان اقل من ذلك فليس بشي ء رأيته قبل او لم تره و اذا كنت قد رايته و هو اكثر من مقدار الدرهم فضيّعت غسله و صليت فيه صلاة كثيرة فاعد ما صليت فيه «هذا بنقل الكافى و أمّا بنقل التهذيب فقال بعد قوله فلا اعادة عليك «و ما لم يزد على

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 20 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 20 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 5 من الباب 20 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(4) الرواية 2 من الباب 20 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 171

مقدار الدرهم فليس بشي ء رأيته قبل او لم تره الخ و لم ينقل «و ما كان اقل من ذلك» بعد قوله ما لم يزد على مقدار الدرهم «1». ثم بعد ذلك يقع الكلام في جهات:

الجهة الاولى: المعفوّ عنه هو خصوص أقل من الدرهم

بحيث يكون مقدار الدرهم غير معفو عنه او يكون غير معفوّ عنه اكثر من الدرهم بحيث يكون مقدار الدرهم و الاقل منه معفوا عنه.

الاكثر على الاول و يدل عليه الرواية الاولى و الثانية.

و قد يقال بالثاني تمسكا في العفو في مقدار الدرهم بالاصل.

و فيه انه لا تصل النوبة الى الاصل لانه ان ثبت من الادلة الخاصة الواردة في المقام العفو او عدم العفو فناخذ به و لا تصلّ النوبة بالاصل و ان لم يثبت ذلك فالاطلاقات الواردة الدالة على عدم

صحة الصلاة في مطلق الدم يكفي لنا و لا تصل النوبة بالاصل أيضا.

و قد يتمسّك في ذلك بالرواية الرابعة و الخامسة من الروايات المذكورة لان في الرابعة قال «و ان كان أكثر من قدر الدرهم و كان راه فلم يغسله حتى صلى فليعد صلاته» و مفهومه هو انه ان لم يكن اكثر من قدر الدرهم فلا تجب الاعادة فتدل على ان مقدار الدرهم معفو عنه.

و فيه ان المذكور فى هذه الرواية شرطان «ان كان اقل من قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة و ان كان اكثر من قدر الدرهم و كان راه فلم يغسله حتى صلى فليعد صلاته» و فيهما احتمالات:

الاحتمال الاول: كون الشرطين مهملتين من حيث قدر الدرهم بمعنى ان

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 20 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 172

الشرطيّة الاولى معترضة لاقل الدرهم و الثانية معترضة لاكثر من الدرهم و كلتاهما ساكتتان عن الدم البالغ قدر الدرهم.

فان كان المراد من الرواية هذا الاحتمال فالرواية غير معترضة للعفو عن الدم البالغ قدر الدرهم و عدمه و هذا مبنى على عدم كون مفهوم للشرطين و حيث ان مقتضى الرواية الاولى و الثانية عدم العفو تكون النتيجة عدم العفو عن مقدار، الدرهم.

الاحتمال الثاني: ان يكون المفهوم لكل من الشرطين و على هذا فمفهوم الشرطية الاولى عدم العفو ان كان الدم بقدر الدرهم و مفهوم الثانية العفو، ان كان بقدر الدرهم فيقع التعارض بين مفهومهما لان مفهوم الاولى يقتضي عدم العفو عن مقدار الدرهم و مفهوم الثانية يقتضي العفو عنه و مع التعارض تساقطا و لا يمكن التعويل عليهما فتكون الرواية الاولى و الثانية الدالتان على عدم العفو

في مقدار الدرهم بلا معارض.

الاحتمال الثالث: كون المفهوم للشرطية الاولى و عدم المفهوم للثانية بمعنى كونها في مقام تحقق الموضوع و على هذا يستفاد من الشرطية الاولى باعتبار مفهومها عدم العفو عن مقدار الدرهم.

الاحتمال الرابع: عكس الثالث بمعنى كون الشرطية الاولى في مقام تحقق الموضوع و عدم مفهوم لها و لكن يكون المفهوم للشرطية الثانية فتكون النتيجة على هذا، العفو عن مقدار الدرهم أيضا لكن هذا خلاف الظاهر و انه لو بنينا على كون المفهوم لاحد الشرطين من باب ان الالتزام بالمفهوم لكل منهما يلزم التناقض و تساقطهما كما عرفت في الاحتمال الثاني فيقال بعدم المفهوم لاحدى الشرطين و اذا دار الامر بين كون المفهوم للشرطية الاولى و بين كون المفهوم للثانية فالاول لو لم يكن

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 173

ارجح لم يكن الثانى ارجح جزما فبناء عليه تكون النتيجة عدم العفو عن مقدار الدرهم لو رجّحنا كون المفهوم للشرطية الاولى و لو لم نرجّح ذلك فحيث لا ترجيح لكون المفهوم للثانية فلا ندرى ان الشرطية التى لها المفهوم هل هي الاولى او الثانية فلا يمكن الاخذ بالرواية فى هذا الحيث و لكن مع ذلك نقول بعدم العفو عن مقدار الدرهم لدلالة الرواية الاولى و الثانية عليه.

الاحتمال الخامس: هو كون الشرطية الثانية مفهوم الشرطية الاولى المذكورة بصورة المنطوق كما يرى في الروايات كثيرا و لا يبعد كون هذا الاحتمال اقوى الاحتمالات.

ان قلت ان الشرطية الثانية تعرضت صورة اكثرية الدم من الدرهم و الحال ان كانت مفهوم الشرطية الاولى كان المناسب ان يقول و ان كان بقدر الدرهم و الاكثر فليعد صلاته لكون الموضوع في الاولى اقل من الدرهم فلا بد

من ان يكون مفهومه الدرهم و الاكثر.

قلت حيث يكون المتكلم في مقام بيان حكم المنطوق و يستفاد منه المفهوم قهرا فذكر المفهوم في الجملة بإلغاء بعض خصوصياته فيكون ذكر المفهوم بالاجمال فعلى هذا لا ينافى عدم ذكر بعض افراد المفهوم في الشرطية الثانية فعلى هذا يكون العفو مخصوصا بصورة عدم كون الدم اقل من الدرهم.

و أمّا الرواية الخامسة اعنى رواية محمد بن مسلم ففيها قال عليه السّلام «ما لم يزد على مقدار الدرهم و ما كان اقل من ذلك فليس بشي ء» لا ندرى ان المشار إليه في قوله «من ذلك» هو الدرهم او ما لم يزد على مقدار الدرهم فلا يمكن القول بان المستفاد منه من العفو هو اقل من الدرهم او هو و مقدار الدرهم أيضا فتأمل.

الجهة الثانية: لا فرق بين كون الدم في ثوب الشخص او بدنه

و هذا هو

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 174

المشهور بل ادعى عليه الاجماع و ليس في الروايات ما يدلّ على شمول حكم العفو للبدن الا الرواية الثانية من الروايات المتقدمة ذكرها.

و استشكل بانه لا يمكن الاخذ بمضمونها لعدم العبرة في العفو بمقدار الحمصة.

و صار بعض بسدد توجيه ذلك و ان المراد مقدار الحمصة وزنا لا سعة أو أن الكلمة الخصمة بالخاء لا الحمصة بالحاء.

و لكن نقول بانه لو فرض اجمال ما قدّر فى هذه الرواية في مقام تحديد العفو و عدم امكان الاخذ بهذه الفقرة و عدم عمل الاصحاب بهذه الفقرة لكن لا مانع من الاخذ بما هو ظاهر فيها من العفو في الدم في الجملة اذا كان في البدن مع هذه الرواية و الشهرة بل فى الاجماع المحكى لنا غنى و كفاية.

الجهة الثالثة: لا فرق بين كون الدم في بدنه او لباسه منه او من غيره

لاطلاق الادلة.

نعم قد يتوهم عدم العفو اذا كان الدم من الغير لما رواها على بن ابراهيم عن احمد بن أبي عبد اللّه عن ابيه رفعه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قال دمك انظف من دم غيرك اذا كان في ثوبك شبه النّضح من دمك فلا بأس و ان كان دم غيرك. قليلا او كثيرا فاغسله «1».

و فيه أمّا أولا لازم ذلك عدم الباس في دم الشخص قليلا كان او كثيرا اذا كان شبه النضح.

و ثانيا تكون الرواية مرفوعة و لا نعلم من الواسطة بين أبي عبد اللّه و بين الامام الصادق عليه السّلام.

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 21 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 175

و ثالثا اعرض عنها الاصحاب فلا يمكن التعويل عليها.

الجهة الرابعة: هل العفو مطلق يشمل الدماء الثلاثة او لا يشملها.

اقول تارة يقع الكلام في دم الحيض فاعلم ان الشهرة الفتوائية على عدم العفو عن دم الحيض و ان كان أقل من الدرهم بل ادعى عليه الاجماع بل ادعى ان الاجماع عليه مستفيض.

قد يقال بانّ ما ذكرنا من الاخبار المتقدمة بإطلاقها لا يشمل الدماء الثلاثة لان دم الحيض حيث يكون وقوعه في البدن او اللباس نادرا خصوصا مع كون مورد السؤال في الاخبار الرجل و وقوع دم الحيض في بدنه و ثوبه نادر فيمكن دعوى انصراف الاخبار عنه.

و فيه منع الانصراف و منع ندرته و الرجل المذكور في الاخبار لا خصوصية له و الا فلا بد من الالتزام بعدم العفو مطلقا للنساء.

و قد يستدل بما رواها الكليني عن احمد بن ادريس عن محمد بن احمد عن محمد بن عيسى عن نضر بن مؤيد عن ابى «الحسين بن» سعيد المكارى عن ابى بصير عن

أبي عبد اللّه او ابى جعفر عليهما السّلام قال لا تعاد الصلاة من دم لا تبصر «من دم لا تبصره خ» غير دم الحيض فان قليله و كثيره في الثوب ان رآه او لم يره سواء «1» و مقتضى هذه الرواية وجوب الاعادة اذا كان دم الحيض في ثوب قليلا كان او كثيرا و تكون نسبة هذه الرواية مع الاخبار المتقدمة عموما من وجه لان الأخبار المتقدمة اعمّ من حيث شمولها لكل الدماء و أخص من حيث اختصاصها باقل من الدرهم و هذه الرواية اعم من حيث شمولها لمطلق دم الحيض كان اقل من الدرهم او اكثر منه

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 21 من ابواب النجاسات من ل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 176

و اخص باعتبار ورودها في خصوص دم الحيض.

فنقول لا يبعد كون شمول رواية ابي بصير للمورد اظهر من الروايات الدالة على العفو من الدم الاقل من الدرهم.

و ان ابيت عن ذلك فلا اشكال في عدم كون الروايات الدالة على العفو اظهر من حيث شمولها لمورد الاجتماع فيتعارضان و يتساقطان و المرجع بعد تساقطهما الاطلاقات الدالة على عدم عدم صحة الصلاة في الدم فتكون النتيجة هي عدم العفو عن دم الحيض ان كان اقل من الدرهم.

ان قلت بعد قوله في رواية ابى بصير «فان قليله و كثيره في الثوب أن رآه او لم يره سواء» فقليله مطلق يشمل كلّما يكون من مراتب القلة فعلى هذا نقول بانه يمكن تقييدها بالروايات الدالة على العفو بان يقال قليله و كثيره سواء الا اذا كان في مقام القلة بحد لا تصل الى مقدار الدرهم.

قلت ان امكن ذلك في غير المورد و فرض

قابلية تقييد القليل لكن لا يمكن في هذه الرواية لان مفاد الرواية كون القليل من دم الحيض و كثيره سواء و ان فرض استثناء مقدار الدرهم لم يكن القليل و الكثير سواء فالتقييد ملازم لطرح الرّواية فلا يمكن التقييد.

ان قلت ان الرواية تدلّ على ما لا يمكن الالتزام به و هو وجوب اعادة الصلاة مع دم الحيض حتى في صورة الجهل بالموضوع و لا يمكن الالتزام به لانه قال «فان قليله و كثيره في الثوب ان راه او لم يره سواء».

قلت أولا يمكن ان يكون المراد من الرؤية و عدمها كون الدم بمقدار يرى بالبصر او لا يرى و الشاهد في الصدر قال «لا تعاد الصلاة من دم لا تبصره».

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 177

و ثانيا على فرض كون المراد من الرؤية و عدمها العلم بدم الحيض و عدمه فغايته.

عدم امكان الاخذ بهذه الفقرة من الرواية لكونها على خلاف الرواية الدالة على عدم وجوب الاعادة مع الجهل بالنجاسة موضوعا و أمّا هذه الجهة التى لنا بصدده و هو عدم العفو عن قليل دم الحيض فلا مانع من الاخذ بالرواية.

ان قلت ان الرواية ضعيفة بالحسين بن سعيد المكارى الراوى عن ابى بصير قلت و ان كان الحسين بن ابى سعيد و ابوه من الواقفية على ما نقل في جامع الروات و لكن ضعف الخبر في المورد منجبر بعمل الاصحاب على طبقة.

و تارة يقع الكلام في ان العفو عن مقدار اقل الدرهم يشمل الاستحاضة و النفاس أم لا.

اعلم ان المشهور على الثانى بل ادعى عليه الاجماع و لكن مع قطع النظر عن الشهرة و دعوى الاجماع لا وجه له وجها يمكن الاتكال عليه

خصوصا في دم الاستحاضة و في النفاس و ان قيل بكونه حيضا موضوعا كما حكى من ان دم النفاس حيض احتبس او انه بحكم الحيض و ان لم يكن منه موضوعا.

لكن ذلك غير تمام لعدم كون دم النفاس دم الحيض و مجرد كون بعض الاحكام الثابتة للحيض ثبت بالدليل لدم النفاس لا يدل على ان جميع احكام الحيض ثابت له لعدم دليل عام دال على انه بحكم الحيض في جميع الاحكام.

فاذا نقول الاحوط وجوبا باعتبار الشهرة و ادعاء الاجماع عدم العفو في الاقل من الدرهم في دم الاستحاضة و النفاس.

الجهة الخامسة: هل العفو في اقل الدرهم من الدم يشمل لدم نجس العين

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 178

كالكافر و الكلب و الخنزير او لا.

قد يقال بانصراف الاخبار الواردة في العفو عن اقل الدرهم من الدم عن دم نجس العين و الميتة و غير المأكول اللحم.

و فيه انه لا وجه للانصراف ندرة وجوده على فرض تسلّم ندرته لا يوجب الانصراف فاطلاق الدم الوارد في الاخبار الواردة يكفى لشمول العفو لدم الاقل من الدرهم من نجس العين و الميتة و غير مأكول اللحم.

و ما ذكر وجها لعدم شمول الاخبار لدم نجس العين وجهان.

الوجه الاول: ان دم نجس العين بعد خروجه عنه يكتسب نجاسة اخرى و هو تنجسه لملاقاته لجسم نجس العين و لا دليل في البين يشمل العفو عن هذه النجاسة العرضية.

و فيه انه لو كان النجس قابلا للتنجس ثانيا فهو فيما كان متنجسا بنجاسة اخرى و كان لها حكم زائدا مثلا تنجّس ما تنجس بالدم أولا بالبول ثانيا فان للبول حكما زائدا و هو الغسل مرتان في القليل او فيه و في الكثير الغير الجارى «على الكلام فيه».

و اما ما تنجّس بعين ما تنجس

به او تنجس النجس بنفسه فلا معنى له و في المقام يكون كذلك لان دم نجس العين من اجزاء نجس العين فيكون فيه قذارة نجس العين فلا معنى لصيرورته نجسا بملاقاته لجسم نجس العين.

الوجه الثاني: ان المستفاد من اخبار العفو هو العفو عن الدم الاقل من الدرهم فما عفى هو حيث الدمية و أمّا الحيثيات الاخرى المانعة في الصلاة فما عفى عنها فعلى هذا نقول ان في دم نجس العين حيثيتين حيثية كونه دما و حيثية كونه نجس

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 179

العين و ما دل من الاخبار الواردة في العفو عن الاقل من الدرهم يدلّ على حيث كونه دما اعنى الحيث الاول و أمّا الحيث الثاني و هو كونه من نجس العين فباق على مانعيّته للصلاة فلا يجوز الصلاة في دم نجس العين و ان كان الاقل من الدرهم لاجل كونه دم نجس العين.

و فيه انه و ان كان هذا الكلام في حدّ ذاته صحيحا بمعنى انه ان كان فيه جهتان مثلا و قد صار بجهة منها لا اقتضاء من حيث المانعية او غيرها و لكن يكون من حيث آخر مقتضيا لحكم من المانعيّة او غيرها لا يمكن الالتزام بارتفاع جهة مانعيّته بمجرد عدم مانعيّته من جهة فلو كان الشخص مثلا فيه جهتان العلم و الفسق فلو صار من حيث علمه لا اقتضاء من حيث وجوب الاكرام و عدمه و لكن كان من حيث فسقه محرّم الاكرام لا يمكن الحكم بعدم مانع من اكرامه لكونه من حيث علمه لا اقتضاء من حيث الاكرام و عدمه بل و لو كان بحيث محكوما بحكم و من حيث آخر محكوما بحكم مضاد

له يكون من صغريات اجتماع الامر و النهى و هذا شاهد على ان مجرد لا اقتضائيته من حيث او اقتضائه لحكم بحيث وجهة لا يوجب كونه لا اقتضاء او محكوما بهذا الحكم بحيث وجهة آخر مثلا لو قال في دليل لا تضرب العلماء و قال في دليل آخر اضرب الفسّاق فلا يوجب كونه من حيث العلم غير محكوم بالضرب كونه غير محكوم بالضرب من حيث الفسق و لا فرق في ذلك بين كون الدليل المتكفّل لاثبات حكم او نفى الحكم مطلقا او عاما لان في العام شمول حكم الطبيعة للفرد يكون بحيث حصته للطبيعة لا بجهة اخرى.

و ما قال «1» العلامة الهمداني رحمه اللّه من الفرق بين المطلق و العام في غير محله لكن مع تسلّم هذه الكليّة نقول ان في موردنا بعد كون مانعية نجاسته نجس العين من حيث

______________________________

(1) مصباح الفقيه ج 8، ص 95.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 180

نجاسته لا بجهة اخرى و العفو عن اقل الدرهم من الدم يكون من حيث نجاسة فليس في البين غير حيث النجاسة المعفو عنها في المقدار الاقل من الدرهم حيث آخر حتى يقال انّ دليل العفو لا يشمل هذا الحيث الآخر و لهذا يكون الاقوى العفو عن دم نجس العين و ان كان الاحوط في مقام العمل الاجتناب عن دم نجس العين في الصلاة في الاقل من الدرهم.

الجهة السادسة: هل العفو يشمل دم الميتة أم لا.

اعلم ان وجه الشمول ما ذكرناه في الجهة السابقة في شمول العفو لدم نجس العين و وجه عدم الشمول ما ذكرناه في الجواب.

و لكن هنا كلاما آخرا و هو انه يمكن ان لا تكون لاجل نجاستها بل تكون لاجل نفس كونها ميتة كما

ان ذلك ربما يستفاد من بعض الادلة و على هذا يكون هذا حيث آخر غير حيث نجاسة الدم فالعفو من حيث نجاسة الدم لا يشمل العفو من دم الميتة لكونه من اجزاء الميتة.

فعلى هذا نقول الاحوط وجوبا هو الاجتناب عن نجاسة دم الميتة في الصلاة في الاقل من الدرهم أيضا كما لا يجوز في الصلاة في اكثر من الدرهم من الميتة مسلّما.

الجهة السابعة: هل العفو في الاقلّ، من الدرهم من الدم يشمل دم مطلق غير الماكول اللحم

حتى غير الانسان او لا بل يختص بدم الانسان.

وجه عدم الشمول امران:

الأمر الاوّل: الوجه الثانى من الوجهين المتقدمين في الجهة الخامسة و هو ان في دم غير المأكول جهتين جهة الدمية و هى المعفو عنها اذا كانت اقل من الدرهم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 181

وجهة غير المأكولية و هي باقية على مانعيتها للصلاة.

الأمر الثانى: ما رواها ابن بكير قال سئل زرارة أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصلاة في الثعالب و الفنك و السنجاب و غيره من الوبر فأخرج كتابا زعم أنه إملاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ان الصلاة في و بر كل شي ء حرام أكله فالصلاة في و بره و شعره و جلده و بوله و روثه و كل شي ء منه فاسد لا تقبل تلك الصلاة حتى يصلى في غيره مما احل اللّه اكله ثم قال يا زرارة هذا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و سلم فاحفظ ذلك يا زرارة فان كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في و بره و بوله و شعره و روثه و ألبانه و كل شي ء منه جائز اذا علمت انه ذكى و قد ذكاه الذبح و ان كان غير ذلك مما نهيت

عن اكله و حرّم عليك اكله فالصلاة في كل شي ء منه فاسد ذكاه الذبح او لم يذكه «1»

وجه الاستدلال قوله عليه السّلام «و كل شي ء منه فاسد» فما يكون من اجزاء غير الماكول لا يجوز الصلاة فيه و من جملة الاجزاء الدم منه فلا يعفى دم غير المأكول.

و استشكل بهذا الاستدلال.

أوّلا: بأنّ كل شي ء منه فاسد و ان كان يقتضي العموم باعتبار كلمه «كل» لكن عمومه تابع عموم مدخوله و حيث ان المذكور في الرواية حكم المأكول و غير المأكول فكلّما يجوز الصلاة فيه من المأكول لا يجوز الصلاة فيه من غير المأكول لان الحكم بصحة الصلاة و عدمها متفرّع على حيث المأكولية و غير المأكولية و من المسلّم ان الدم من المأكول لا يجوز الصلاة فيه و كلما يكون من الاجزاء لا يجوز الصلاة فيه حتى من المأكول يكون خارجا عن تحت العموم لان الحديث متكفّل لعدم جواز الصلاة في خصوص ما يكون من غير المأكول لو كان من المأكول يكون مما يجوز الصلاة فيه و الدم ليس من ذلك القبيل لانه لو كان من الماكول لا يجوز الصلاة فيه

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 2 من ابواب لباس المصلى من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 182

و بعد عدم شمول العموم بقرينة سياق الحديث للدم لا يمكن الاستدلال بالحديث لعدم العفو في الاقل من الدرهم من دم غير المأكول.

و ثانيا: تكون النسبة بين هذا الحديث و بين الاخبار الواردة في العفو عن الاقل من الدرهم عموما من وجه لان هذا الحديث اعمّ باعتبار تعميمه لدم الاقل من الدرهم و الاكثر منه و اخصّ باعتبار اختصاصه بصورة عدم جواز الصلاة بدم

غير المأكول و الاخبار المتفرقة الواردة في العفو تكون أعم باعتبار شمولها لدم المأكول و غير المأكول و أخصا باعتبار اختصاص موردها بدم الاقل من الدرهم و يتعارضان في الدم الاقل من الدرهم من غير المأكول لان هذا مورد اجتماعهما و مع التعارض حيث يكون مقتضى القاعدة الاخذ بالأظهر و يكون شمول اخبار العفو لمورد الاجتماع أظهر فلا بد من الاخذ باخبار العفو و تكون النتيجة الاخذ بالاقل من الدرهم من دم غير المأكول.

و فيه أمّا الاشكال الاول فغير وارد لان مجرد عدم كون الدم من غير المأكول مما لا تجوز الصلاة فيه بالدليل لا يقتضي رفع اليد عن عموم «كل شي ء منه فاسد» في غير المأكول.

مضافا الى ما قيل من ان في المأكول ما لا يجوز الصلاة فيه من الدم هو الاكثر لا الاقل من الدرهم ففي الاقل من الدرهم منه تجوز الصلاة و لا بد ان يكون بقرينة السياق الدم الاقل في غير المأكول مما لا تجوز الصلاة فيه و بعبارة اخرى بعد كون الدم الاقل من الدرهم داخل في عموم «كل شي ء منه جائز» في المأكول لا بد و ان يكون الدم الاقل من الدرهم في غير المأكول داخل في عموم «و كل شي ء منه فاسد» فتكون النتيجة عدم العفو عن الاقل من الدرهم في دم غير المأكول.

الجهة الثامنة: اذا كان الدم متفرقا في البدن و اللباس و كان المجموع اقل من الدرهم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 183

فلا اشكال في العفو و أمّا ان كان المجموع اكثر من الدرهم و ان كان كل واحد واحد من المواضع الواقعة فيه الدم اقل من الدرهم فهل يكون معفوا عنه أم لا.

فاقول ان الظاهر عدم العفو وجه عدم العفو قوله في الرواية الاولى من الروايات

المتقدمة ذكرها «الّا ان يكون مقدار الدرهم مجتمعا» و قوله فى الرواية الثانية منها «فلا بأس ما لم يكن مجتمعا بقدر الدرهم بناء على كون قوله «مجتمعا» في الخبرين حالا فيكون المراد عدم العفو ان كان حال اجتماعه بقدر الدرهم و العفو ان كان حال اجتماعه اقل من الدرهم.

و قيل بالعفو اذا كان كل دم من الدماء المتفرقة اقل من الدرهم و ان كان مجموعها اكثر منه بكون كلمة «مجتمعا» في الرواية الاولى خبرا ثانيا لقوله يكون و كون مجتمعا في الرواية الثانية الخبر الاول لقوله «و لم يكن» فيكون المعنى في الخبرين لا بأس به الا ان يكون مقدار الدرهم مجتمعا فتكون النتيجة اعتبار الامرين في عدم العفو بلوغ الدم مقدار الدرهم و اجتماعه.

و فيه ان هذا الاحتمال خلاف ظاهر الروايتين:

أولا و لازمه كون الاستثناء في الرواية الاولى منقطعا.

ثانيا لانه مع كون مفروض الرواية تفرق الدم فصورة اجتماع الدم بقدر الدرهم يكون خارجا عن المتثنى منه و ان ابيت عن كون قوله «مجتمعا» حال و عدم كون هذا ظاهر الخبرين فلا اقل من كون الروايتين ذي احتمالين احتمال كون قوله «مجتمعا» حال و احتمال كونه خيرا فتصير الروايتان مجملتين لعدم كونهما ظاهرين في الخبرية أيضا و بعد اجمالهما.

فاما ان يقال بان سائر الاخبار يكون مطلقا من هذا الحيث لانه يدل على العفو عن اقل الدرهم و عدم العفو عن الدم الواقع في البدن او الثياب سواء كان في

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 184

موضع واحد اذا بلغ قدر الدرهم او وقع في مواضع متعددة و كان المجموع بمقدار الدرهم و ان لم يبلغ كل واحد منها بقدر الدرهم لدلالة بعض

الروايات مثل رواية محمد بن مسلم على كون الميزان في عدم العفو هو بلاغ الدم مقدار الدرهم سواء كان المجموع بقدر الدرهم او كل واحد منه.

و أمّا ان يقال بانه لو فرض عدم اطلاق الروايات الباب من هذا الحيث و فرض كون الرواية الاولى و الثانية مجملين فيكون المرجع في الزائد على قدر المتيقّن من العفو هو عموم ما دل على عدم جواز الصلاة في النجس او وجوب وقوعها في الطاهر او اطلاقه لانه اذا كان الخاص مجملا بالاجمال المفهومى فالمرجع في الزائد على المتيقن من التخصيص هو العام فتكون النتيجة عدم العفو عن الدم الواقع في البدن او الثوب اذا كان مجموعه بقدر الدرهم و ان لم يبلغ كل واحد من المجموع بقدر الدرهم.

الجهة التاسعة: ليس الميزان في الدرهم وزنه

بل الميزان سعته فان كانت الدم اقل من سعة الدرهم فمغتفر في الصلاة و ان كان وزنه بقدر الدرهم و بالعكس لانّ الظاهر من التحديد هذا و قد ادعى عدم الخلاف في المسألة

الجهة العاشرة: فيما هو المراد من الدرهم

فهل هو الدرهم المعروف بالوافى او المعروف بالبغلى او المراد هو الدرهم المعروف الذي ضرب في زمان عبد الملك او غيرها.

اعلم ان الكلام يقع في موضعين:

الموضع الاول: في المراد من الدرهم.

الموضع الثاني: بعد الفراغ عن ذلك و تشخيص موضوع الدرهم يقع الكلام في تشخيص مقدار سعته فنقول:

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 185

أمّا الكلام في موضع الاوّل فنقول ان كنّا نحن و اخبار الباب فليس فيها الا التحديد بالدرهم غير الرواية الثالثة ففيها التحديد بالحمصة و لا يمكن الاخذ بها لعدم عمل أحد بها و غير ما في الفقه المنسوب «1» الى الرضا عليه السّلام من التعبير فيه «ان اصاب ثوبك الدم فلا بأس بالصلاة فيه ما لم يكن درهم واف» و كون المراد منه الدرهم المذكور في كلمات بعض الفقهاء المعروف بالدرهم «الوافى» او غيره غير معلوم مضافا الى ضعف سند الفقه المنسوب الى الرضا عليه السّلام و لا يمكن الاعتماد به.

فيبقى في البين التعبير بالدرهم في اكثر الروايات المربوطة بالباب و لا يمكن الالتزام بشمول الدرهم الواقع في الروايات لكل درهم بدعوى اطلاق الدرهم.

اما أولا فلانه بعد كون المتعارف في زمان صدور الروايات و هو زمان الامام الصادق عليه السّلام درهم خاص و هو ما ضرب بأمر عبد الملك و كان رائجا.

فلا بد من حمل المطلق على المتعارف و لا يمكن اخذ الاطلاق لانه ان كان المتكلم و هو الامام رحمه اللّه أتكى في عدم ذكر

القرينة لعدم الاطلاق في كلامه بما هو المتعارف فما اخلّ بالحكمة فلا تجرى مقدمات الحكمة حتى يمكن اخذ الاطلاق كما بيّن في محلّه و أمّا ثانيا لا يمكن الاخذ بإطلاق الروايات لاختلاف افراد الدرهم من حيث السعة لان هذا مناف مع التحديد.

فلو كنا نحن و الجمود على ظاهر روايات الواردة فيها الدرهم ينبغى ان يقال بحمل الدرهم على الدرهم المتعارف في زمان صدور الروايات و لكن الناظر في كلمات الفقهاء رضوان اللّه تعالى عليهم و نقل اجماعاتهم يعترف بانه ما ليس فيها هو حمل الدرهم على المتعارف في زمان صدور الروايات.

______________________________

(1) الفقه المنسوب للامام الرضا عليه السّلام، ص 95.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 186

فباعتبار الفتاوى يجد المراجع ادّعاء الاجماع على كون المراد بالدرهم الدرهم المعروف بالوافى او البغلى و في بعض كلماتهم التصريح بان الوافى هو البغلى و ادعى عليه الاجماع مع اختلافهم في ان البغلى «بفتح الباء و فتح الغين و فتح اللام و تشديده» او هو «بفتح الباء و سكون الغين و فتح اللام و تخفيفه» و الاختلاف في ان «البغلى» منتسب الى محل قرب «الجامعين» أو الى شخص.

هذا كله فيما ينبغى ان يقال في الموضع الاول.

أمّا الكلام في الموضع الثاني و هو سعة الدرهم فليس في البين ما يدلّ على مقدار سعته و لو تحقّق موضوعه فرضا و بعبارة اخرى لو فرض كون الدرهم هو الوافى او البغلى باعتبار الاجماع عليه فلا طريق يفيد العلم او الظن المعتبر على مقدار سعته غير ما قلنا بالاجماع عن بعض بكون سعته بقدر اخمص الراحة و غير ما قيل عن ابن ادريس في السرائر من رؤيته الدرهم البغلى المنسوب الى مدينة

قديمة من «بابل» يقال لها «بغل» متصلة ببلد الجامعين و كانت سعته تقرب من سعة أخمص الراحة.

فعلى هذا ليس المدرك في كون سعته بقدر اخمص الراحة إلا دعوى الاجماع عن بعض و غير الكلام المنقول عن ابن ادريس.

و أمّا كلام ابن ادريس فلا يمكن الاعتماد و الاتكال عليه أمّا أولا فلانه ينقل ان بعض الحضرة وجده و هو اعتمد على نقله و كونه هو الدرهم البغلى المقصود في الاجماعات غير معلوم مع ما نقل من بعض من ان الدرهم البغلى منسوب الى شخص خاص لا الى محل خاص.

و ثانيا هو شاهد واحد.

فان اكتفى بنقل الاجماع عن بعض على كون سعة الدرهم بقدر أخمص الراحة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 187

فهو و الا بعد كون الخاص و هو العفو عن اقل الدرهم من الدم مجملا مفهوما لعدم معلومية سعته فلا بد من الاخذ بقدر المتيقن و المرجع في غير مقدار المتيقن الى عموم ما دل على عدم جواز الصلاة في الدم و لهذا الاحوط الاقتصار على المتيقن كما قال المؤلف رحمه اللّه هذا تمام الكلام في اصل المسألة.

***

[مسئلة 1: اذا تفشّى من أحد طرفى الثوب الى الآخر]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 1: اذا تفشّى من أحد طرفى الثوب الى الآخر فدم واحد و المناط في ملاحظ الدرهم أوسع الطرفين نعم لو كان الثوب طبقات فتفشّى من طبقة الى اخرى فالظاهر التعدد و ان كانتا من قبيل الظهارة و البطانة كما لو وصل الى الطرف الآخر دم آخر لا بالتفشى يحكم عليه بالتعدد و ان لم يكن طبقتين.

(1)

اقول: أمّا فيما كان تفشى الدم من طرف الى طرف آخر فكون الدم دما واحدا فهو لحكم العرف بذلك و هو المرجع فيما كانت السّراية من

طرف الى طرف آخر.

و أمّا كون الاعتبار في الاخذ بعفو الدم بأوسع الطرفين فلانه لو كان الأوسع بقدر الدرهم يصدق انّ الدم بقدر الدرهم فلا يكون معفوا عنه.

و أمّا اذا كان الثوب ذا طبقتين او ذا طبقات فتفشى الدم من طبقة الى طبقة اخرى فليس الدمان دما واحدا لحكم العرف بكونهما دمين لا دما واحدا فان لم يبلغ كل من الدمين الواقعين في طبقتين الدرهم فيعفى عنهما و ان كان مجموعها بقدر

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 188

الدرهم فلا يعفى عنهما و ان كان كل واحد منهما لم يبلغ الدرهم.

و اما اذا وقع دم على طرف من الثوب و دم آخر على طرفه الآخر و ان وقع كل منهما في طبقة واحدة فيعدان دمين متعدّدين كما هو مما يقتضي به حكم العرف.

***

[مسئلة 2: الدم الاقل اذا وصل إليه رطوبة من الخارج]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 2: الدم الاقل اذا وصل إليه رطوبة من الخارج فصار المجموع بقدر الدرهم او ازيد لا اشكال في عدم العفو عنه و ان لم يبلغ الدرهم فان لم يتنجس بها شي ء من المحل بان لم تتعدّ عن محل الدم فالظاهر بقاء العفو و ان تعدّى عنه و لكن لم يكن المجموع بقدر الدرهم ففيه اشكال و الاحوط عدم العفو.

(1)

اقول: أمّا في صورة وصول الرطوبة الخارجية بالدم الاقل من الدرهم و صيرورة المجموع بقدر الدرهم أو أزيد فلا اشكال في عدم العفو لانه أمّا لا تكون الرطوبة المتنجسة معفوة عنها اصلا و ان لم تبلغ الدرهم فواضح عدم العفو و ان كانت معفوة عنها مثل الدم الاقل فالاشكال في ان العفو في اقل الدرهم لا قدر الدرهم او ازيد منه.

و أمّا صورة عدم بلوغ مجموع الدم و

الرطوبة الخارجيّة بقدر الدرهم فأما ان لا تتعدّى الرطوبة من غير الدم مثلا لا تتعدّى على الثوب او البدن.

فنقول تارة صارت الرطوبة يابسة و لا عين لها فلا اشكال في العفو ان كان نفس الدم اقل من الدرهم لانه ليس في البدن او الثوب الا الدم الاقل من الدرهم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 189

و هو معفوّ عنه.

و تارة تكون الرطوبة باقية و يريد ان يصلى مع الرطوبة المتنجسة بالدم فلا تصح الصلاة معها و لا عفو لانه لو صلى الشخص فى هذا الحال صلّى في الرطوبة المتنجسة و لا تصح الصلاة في النجس.

أن قلت ان مانعيّة النجاسة للصلاة كما يقتضي دليلها يقتضي مانعيتها اذا كانت النجاسة ملتصقة بالبدن او اللباس و ليس هكذا فيما نحن فيه.

قلت ان المستفاد هو الصلاة في النجس و هذا يصدق في المقام و لهذا لو وقعت عين النجاسة في البدن او اللباس بواسطة شي ء يصدق الصلاة في النجس فالاقوى عدم العفو في الصلاة.

و أمّا فيما تتعدى الرطوبة الخارجية الواقعة في الدم الى الثوب او البدن فلا عفو و ان كان مجموع الدم و الرطوبة المتنجسة اقل من الدرهم لان ما يدل عليه الدليل هو العفو عن الدم الاقل من الدرهم الا العفو عن الرطوبة المتنجسة.

ان قلت ان نجاسة الرطوبة المتنجسة على الفرض يكون من الدم الاقل من الدرهم و هذا الدم معفو عنه فتكون الرطوبة المتنجسة المتفرعة عنه معفوّة بالاولوية.

قلت ان الاولوية ممنوعة و ليس ما قلت الا مجرد الاستحسان و لا يعتنى به.

***

[مسئلة 3: اذا علم كون الدم اقل من الدرهم و شك في انه من المستثنيات أم لا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 3: اذا علم كون الدم اقل من الدرهم و شك في انه من المستثنيات أم لا يبنى على

العفو و اما اذا شك في انه بقدر الدرهم او اقل فالاحوط عدم العفو عنه الا ان يكون مسبوقا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 190

بالاقلية و شك في زيادته.

(1)

اقول: أمّا منشأ افتاء المؤلف رحمه اللّه في الصورة الاولى و هي ما اذا علم الشخص بكون الدم أقلّ من الدرهم لكنه شك في ان هذا الدم من المستثنيات من العفو مثل كونه من دم نجس العين او لا بالعفو فى هذه الصورة احد الامور:

الأمر الاول: عموم الدليل الدال على العفو عن دم الاقل من الدرهم لانه لا يعلم خروج المشكوك عن هذا العموم فالعموم محكم في المشكوك.

و فيه ان هذا تمسك بالعام في الشّبهة المصداقية و قد بيّنا في الأصول عدم جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية.

الأمر الثّاني: استصحاب عدم كون المشكوك من المستثنيات اى عدم كونه من الدماء الغير المعفوة عنها مثل دم نجس العين باستصحاب العدم الازلى.

و فيه انّه لا مجال له أمّا لعدم الحالة السابقة له و أمّا لكونه مثبتا.

الأمر الثالث: انه بعد ما يكون مقتضى العام هو عدم جواز الصلاة في النجس و منه الدم و مقتضى الخاص العفو من اقل من الدرهم من الدم الا ما استثنى فنشك في المقام في كون المشكوك من افراد العام او من افراد الخاص فليس العام و لا الخاص حجة في المشكوك لان كلا من العام و الخاص ليس حجة في الشبهة المصداقية فلا بد في المورد من الرجوع الى الاصل العملى و هو في المقام ليس الا البراءة لأنه بعد عدم وجود الاصل اللفظى و وصول الامر الى الاصل العملى فالمرجح هو البراءة و بعبارة اخرى اصالة الحليّة و مقتضاها حليّة

الصلاة فيه.

و فيه ان ما يأتى بالنظر عدم وصول النوبة فيما نحن فيه بالاصل العملى لوجود

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 191

الاصل اللفظى الذي مقتضاه عدم العفو في المورد بيانه ان في المقام عاما يقتضي العفو عن الدم الاقل من الدرهم في الصلاة و خاصا يقتضي عدم العفو عن الدم الاقل من الدرهم في بعض الدماء مثل دم نجس العين و دم الحيض و غيرهما المذكور في محله و في المقام بعد الشك في ان الدم المشكوك فرد العام حتى يكون معفوا عنه في الصلاة او من المستثنيات حتى لا يكون معفوا عنه فلا يكون العام المذكور و الخاص حجة في مورد شكنا لكونه من الشبهات المصداقية لكل من العام و الخاص.

و لكن حيث يكون في المقام عام فوق العام و الخاص المذكورين فنقول ان هذا العام هو العام الذي لسانه عدم جواز الصلاة في النجس و بعد تعارض العام و الخاص المذكورين و عدم حجيتهما في المورد يكون المرجع هو العام الفوق، و هو عموم ما دل على عدم الصلاة في النجس و يشمل المورد لانه من افراده لان الدم نجس و هذا دم و ليس في البين ما يقتضي عفوه لما قلنا فنقول بمقتضى العموم الفوق بانه لا تجوز الصلاة فيه و لا تصل النوبة باصل من الاصول العملية.

و أمّا في الصورة الثانية فنقول بانه اذا شك في ان المشكوك يكون أقل من الدرهم او يكون بقدر الدرهم فقال المؤلف رحمه اللّه الاحوط فيه عدم العفو الا اذا كانت حالته السابقة أقليّته من الدرهم.

اقول هذه الصورة بحكم الصورة السابقة لان مورد الشك من الشبهات المصداقية و الحق العفو على

مختارنا لانه بعد تسلّم كون الدم من الدماء المعفوة عنها و انّما الشك فى هذه الصورة يكون في ان هذا الدم اقل من الدرهم حتى يشملها العفو او بقدر الدرهم حتى لا يشملها العفو فلا اشكال في انه على تقدير كونه اقلّ من الدرهم يكون معفوا عنه لعدم كونه من مستثنيات العفو مسلّما و بعد كون الشك في اقليّة من الدرهم او كونه بقدر الدرهم فبالنتيجة يكون الشك في ان المورد مصداق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 192

لعموم لا تجوز الصلاة في النجس او هو مصداق الخاص و الدال على العفو عن الدم الاقل من الدرهم فمع ان الحق كما قلنا عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية فلا مجال للتمسك باحد من العام و الخاص فالمرجع في المقام الى الاصول العملية و الاصل العملى في المقام هو البراءة و ليس في البين عام فوق العام و الخاص المتقدمين حتى يرجع إليه في المقام كما قلنا في الصورة السابقة.

نعم لو كانت الحالة السابقة كون الدم بقدر الدرهم او ازيد فلا عفو بحكم الاستصحاب فتأمل فيما قلنا في المقام و الحمد للّه أولا و آخرا و الصلاة على رسول و آله.

***

[مسئلة 4: المتنجس بالدم ليس كالدم في العفو عنه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 4: المتنجس بالدم ليس كالدم في العفو عنه اذا كان اقل من الدرهم.

(1)

اقول: قدّمت في المسألة السابقة ان المعفو عنه بمقتضى الدليل الدم الاقل من الدرهم لا المتنجس به و ما قيل من ان المتنجس بالدم اولى بالعفو قد عرفت فساده لعدم اولوية في المقام.

***

[مسئلة 5: الدم الاقل اذا ازيل عينه]

قوله رحمه الله

مسئلة 5: الدم الاقل اذا ازيل عينه فالظاهر بقاء حكمه.

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 3، ص: 192

(2)

اقول: قد يستدل على بقاء الحكم في المورد بان المحل قد تنجس بالدم فاذا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 193

كان نفس الدم معفوا عنه فالمحل اولى و فيه منع الاولوية و الدليل يكون في خصوص الدّم.

و قد يستدل على ذلك باستصحاب العفو الثابت له قبل زوال عين الدم عن المحل.

اقول: ان كان المراد بالاستصحاب التعليقى بان يقال هذا الموضع من البدن او الثوب كان بحيث يعفى عن نجاسة في الصلاة فهكذا في الحال ببركة الاستصحاب فهو أولا مبنى على جريان الاستصحاب التعليقى.

و ثانيا على كون الملازمة شرعية و عدم كون وجود الدم من مقوّمات موضوع المستصحب عند العرف و كل ذلك غير حاصل.

و ان كان المراد الاستصحاب التنجيزى و هو ان يدعى بقاء حكم العفو بعد ذهاب عين الدم ببركة الاستصحاب و فيقال بانه تجوز الصلاة في بدنه او ثوبه سابقا فيستصحب ذلك فهذا موقوف على عدم دخل بقاء الدم فى المحل و هو غير معلوم بل هو معلوم العدم فلا مجال على هذا للتمسك بالاستصحاب الحكمى.

***

[مسئلة 6: الدم الاقل اذا وقع عليه دم آخر]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 6: الدم الاقل اذا وقع عليه دم آخر اقل و لم يتعدّ عنه او تعدّى و كان المجموع اقل لم يزل حكم العفو عنه.

(1)

اقول: وجهة اطلاق الادلة.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 194

[مسئلة 7: الدم الغليظ الذي سعته اقل عفو]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 7: الدم الغليظ الذي سعته اقل عفو و ان كان بحيث لو كان رقيقا كان بقدره او اكثر.

(1)

اقول: و ذلك لاطلاق الادلة و قد عرفت ان الميزان سعة الدرهم و لا فرق بين كون حجمه قليلا او كثيرا.

و التمسك بالرواية الثالثة من الروايات المربوطة بالباب المذكورة فيها التحديد بقدر الحمصة بحمل الرواية على مثل هذا الصورة لا وجه له.

أمّا أولا فلان الظاهر من التحديد بالحمصة أيضا السعة كما استظهرنا في الدرهم.

و ثانيا ان الرواية من هذا الحيث غير معمول بها عند الاصحاب.

***

[مسئلة 8: اذا وقعت نجاسة اخرى كقطرة من البول]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 8: اذا وقعت نجاسة اخرى كقطرة من البول على الدم الاقل بحيث لم تتعد عنه الى المحل الطاهر و لم يصل الى الثوب أيضا هل يبقى العفو أم لا اشكال فلا يترك الاحتياط.

(2)

اقول: أمّا لو تتعدي الى المحل الطاهر فلا اشكال في عدم العفو لان المحل صار متنجسا بالبول، و لا عفو عنه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 195

و أمّا اذا لم تتعد من الدم الى المحل الطاهر فتارة تكون رطوبة النجس مثلا رطوبة البول باقية و يريد ان يصلى فيه فلا عفو لان الصلاة مع رطوبة البول صلاة في النجس لان البول من النجاسات و لو لم يلصق ببدنه او ثوبه بلا واسطة.

و تارة لم يكن رطوبة البول مثلا باقية فقد يتوهم العفو لانه ليس في الخارج الا الدم الاقل كما قلنا في المسألة الاولى بالنسبة الى ما لاقي الدم الاقل من الدرهم رطوبة من الخارج و لم تتعد الى غير الدم و صارت يابسة لكن فرق بين الرطوبة الطاهرة المتنجسة بالدم فصارت يابسة و بين المحلّ الكلام في هذه المسألة لان ما

لاقي الدم الاقل كان من النجاسات و ان يبس مثلا لاقى مع البول فهل يمكن القول بالعفو حتى فى هذه الصورة خصوصا فيما يكون للنجس الملاقى للدم اثر زائد مثل البول فالقول بعدم العفو فى هذه الصورة لو لم يكن الاقوى فلا اقل من كونه احوط.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 196

[الثالث ما لا تتم فيه الصلاة]

اشارة

قوله رحمه اللّه

«الثالث» مما يعفى عنه فى الصلاة ما لا تتم فيه الصلاة من الملابس كالقلنسوة و العرقجين و التكة و الجورب و النعل و الخاتم و الخلخال و نحوها بشرط ان لا يكون من الميتة و لا من اجزاء نجس العين كالكلب و اخويه و المناط عدم امكان الستر بلا علاج فان تعمّم او تحزم بمثل الدستمال مما لا يستر العورة بلا علاج لكن يمكن الستر به بشدّه بحبل او بجعله خرقا لا مانع من الصلاة فيه و اما مثل العمامة الملفوفة التى تستر العورة اذا قلّت فلا يكون معفوّا الّا اذا خيطت بعد اللف بحيث تصير مثل القلنسوة.

(1)

اقول: لا اشكال في اصل الحكم نصّا و فتوى انما الكلام في بعض فروع هذا الحكم فلا بدّ من

ذكر الروايات المربوطة بالباب

لفهم حكم التفريعات فنقول بعونه تعالى.

الرواية الاولى: ما رواها زرارة عن احدهما عليهما السّلام قال كلما كان لا تجوز فيه

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 197

الصلاة وحده فلا بأس بان يكون عليه الشي ء مثل القلنسوة و التكة و الجورب «1».

الرواية الثانية: ما رواها حمّاد بن عثمان عمن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يصلى في الخفّ الذي قد اصابه القذر فقال اذا كان مما لا تتم فيه الصلاة فلا بأس «2».

الرواية الثالثة: ما رواها زرارة قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام ان قلنسوتى وقعت في بول فاخذتها فوضعتها على راسى ثم صلّيت فقال لا بأس. «3»

الرواية الرابعة: ما رواها ابراهيم بن ابى البلاد عمّن حدّثهم عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال لا بأس بالصلاة في الشي ء الذي لا تجوز الصلاة فيه وحده يصيب القذر مثل القلنسوة و

التكة و الجورب «4».

الرواية الخامسة: ما رواها عبد اللّه بن سنان عمن اخبره عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه قال كلّما كان على الانسان او معه مما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس ان يصلى فيه و ان كان فيه قذر مثل القلنسوة و التكة و الكمرة و النعل و الخفّين و ما اشبه ذلك.

الرواية السادسة: ما روي في الفقه المنسوب الى الرضا عليه السّلام «5» أن اصاب قلنسوتك او عمامتك او التكّة او الجورب او الخفّ منّى او بول او دم او غائط فلا بأس بالصلاة فيه و ذلك ان الصلاة لا تتمّ فى شي ء من هذه. «6»

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 31 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 31 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 2 من الباب 31 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(4) الرواية 3 من الباب 31 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(5) الرواية 5 من الباب 31 من الباب 31 من ابواب النجاسات.

(6) الفقه المنسوب للامام الرضا عليه السّلام، ص 95.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 198

هذا كله في الروايات المربوطة بالمقام ثم انه نقول بان

الكلام يقع في امور:
الأمر الاول: ان المراد مما لا تجوز فيه الصلاة

او ما لا تتم فيه الصلاة المذكور في روايات الباب هو انه لا يمكن ان يستر به ما يجب في الصلاة استتاره من العورة لا حيث آخر كالقلنسوة و امثالها.

الأمر الثاني: العفو انما يكون من حيث القذارة

الحاصلة من حيث النجاسة بمعنى ان ما لا تتم الصلاة فيه لو كان متقذّرا بالقذارة الحاصلة من النجاسة لا بأس به لا من حيث موانع آخر مثل كونه مما كونه لا يؤكل لحمه لما صرّح في بعض الروايات المتقدمة هذا و لكون المفتى به و المجمع عليه في العفو هذا.

الأمر الثالث: لا فرق فيما لا تتم فيه الصلاة بين ان يكون من جنس الثياب و الملبوس

و بين كونه من غيرهما مثل الخلخال و السكين لان المستفاد من بعض اخبار الباب هو العموم مثل الرواية الاولى و مجرد التمثيل في الروايات بخصوص ما يكون من جنس اللباس لا يقتضي التخصيص بعد كلية الحكم مثل قوله عليه السّلام في الرواية الاولى كلما كان لا تجوز فيه الصلاة وحده فلا بأس به».

و يمكن ان يستدل على التعميم بقوله في الرواية الخامسة «كلما كان على الانسان او معه» بان يقال بان المراد من قوله «معه» في قبال قوله «على الانسان» هو ما لا يكون ملبوسا مثل السكين و الخلخال و غيرهما.

و فيه ان هذه الرواية مرسلة الا ان بقال بانجبار ضعفها بعمل الاصحاب رحمهم اللّه على وفقها.

الأمر الرابع: يشترط في العفو عن نجاسة ما لا تتم فيه الصلاة

كما ترى فى كلام المؤلف ان لا يكون ما لا تتم فيه الصلاة من اجزاء الميتة و نجس العين.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 199

و قد استدل على ذلك أولا بان ظاهر اخبار الباب كون العفو من حيث التّلوث بالنجاسة فلا عفو فيما يكون ما لا تتم فيه الصلاة من اجزاء عين النجس و هذا وجه تام لان المراجع في اخبار الباب يرى ان النظر فيها الى العفو فيه من حيث النجاسة لا حيثيات اخرى.

و ثانيا انصراف اخبار الباب عما يكون ما لا تتم فيه الصلاة من الميتة او نجس العين على فرض اطلاق بحسب الظاهر لها.

اقول و لو فرض اطلاق للاخبار من هذا الحيث فلا يتم هذا الوجه لعدم وجه لدعوى الانصراف و مجرد ندرة الوجود لا يوجب الانصراف.

و ثالثا بعض الاخبار الدالة على عدم صحة الصلاة في الخف و نظائره اذا كان من الميتة.

مثل ما رواها الحلبي قال سألت أبا عبد اللّه

عليه السّلام عن الخفاف التي تباع في السوق قال أشتر و صلّ فيها حتّى تعلم انّها ميتة بعينه «1».

و ما رواها على بن ابي حمزة قال ان رجلا سئل أبا عبد اللّه عليه السّلام و انا عنده عن الرجل يتقلّد السيف و يصلّى فيه قال نعم فقال الرجل ان فيه الكيمخت قال و ما الكيمخت قال جلود دوابّ منه ما يكون ذكيّا و منه ما يكون ميتة فقال ما عملت انه ميتة فلا تصلّ فيه «2».

و ما رواها ابو نصر عن الرضا عليه السّلام قال سألته عن الخفّاف يأتي السوق فيشترى الخفّ لا يدرى أ ذكي هو أم لا ما تقول في الصلاة فيه و هو لا يدرى أ يصلى فيه قال نعم أنا اشترى الخفّ من السوق و يصنع لى و أنا أصلي فيه و ليس

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 50 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 50 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 200

عليكم المسألة «1».

و ما رواها سماعة بن مهران انه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن تقليد السيف في الصلاة و فيه الفراء و الكيمخت فقال لا بأس ما لم تعلم أنه ميتة «2».

و ما رواها ابن ابى عمير عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الميتة قال لا تصل في شي ء منه و لا شسع «3». بدعوى دلالة هذه الروايات على عدم جواز الصلاة في الخف و السيف ان كانا من الميتة و المذكور في هذه الروايات و ان كان خصوص الخف و السيف و لكن لا خصوصية لهما مسلّما فلا تجوز الصلاة في الميتة

و ان كان مما لا تتم فيه الصلاة و بعد كون مانعية الميتة من حيث نجاستها يكون دعوى عدم جواز الصلاة فيما لا تتم فيه الصلاة في مطلق نجس العين دعوى مسموع و لكن في قبال تلك الروايات روايتين قيل بتعارضهما مع الروايات المتقدمة.

الاولى: ما رواها الحلبي عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال كلما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه مثل التكة الإبريسم و القلنسوة و الخف و الزنار يكون في السراويل و يصلّى فيه «4».

الثانية: ما رواها إسماعيل بن الفضل قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن لباس الجلود و الخفاف و النعال و الصلاة فيها اذا لم تكن من ارض المصلّين فقال أمّا النعل و الخفاف فلا بأس بهما «5».

وجه المعارضة دلالة هاتين الروايتين على جواز الصلاة فيما لا تتم فيه الصلاة

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 50 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 12 من الباب 50 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 6 من الباب 14 من ابواب لباس المصلى من الوسائل.

(4) الرواية 2 من الباب 14 من ابواب لباس المصلى من الوسائل.

(5) الرواية 3 من الباب 38 من ابواب لباس المصلى من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 201

و ان كان مأخوذا من الميتة بالعموم في أولاهما و بالخصوص في ثانيتهما و دلالة الروايات المتقدمة على عدم جواز الصلاة فيما لا تتمّ فيه الصلاة من الميتة.

و مقتضى الجمع بين الطائفتين حمل الطائفة الاولى على الكراهة بقرينة الجواز في الطائفة الثانية.

و دعوى بعض حمل الطائفة الثانية بصورة النجاسة العرضية لا الذاتية لان لسان الرواية الاولى من الطائفة الثانية يكون بعين لسان الطائفة الاولى

الدالة على جواز الصلاة فيما لا تتم فيه الصلاة و يحتمل كون المراد من الرواية الثانية من الطائفة الثانية هو هذا أيضا و ان كان موضوع السؤال فيها لبس الجلود لانه من المحتمل كون النظر في السؤال و الجواب الى نجاسة المذكورات بالنجاسة العرضية باعتبار كونها في أرض غير الاسلام.

اقول أمّا الرواية الاولى من الطائفة الثانية اعنى رواية الحلبي فيكون لسانها عين لسان الاخبار الطائفة الاولى المتقدمة ذكرها بل ينبغى ان تعدّ من جملتها لان مفادها مفاد هذه الطائفة من حيث دلالتها على جواز الصلاة فيما لا تتم فيه الصلاة فكما انها مطلق هكذا هذه الرواية و لسان كلها الجواز مطلقا.

و أمّا الرواية الثانية: من الطائفة الثانية فما يكون في بعض الكلمات من احتمال حملها على النجاسة العرضية فهو و ان كان محتملا لكن الظاهر منها الاحتمال الآخر و هو كون النجاسة النجاسة الذاتية و هو المجهود فى الاسئلة و الاجوبة في غير هذه الخبر هو أيضا.

و لكن ما يأتي بالنظر هو ان يجعل الكلام في موارد:

المورد الاوّل: في ان الحكم الواقعى في الصلاة في الميتة ما هو فنقول ان مقتضى رواية ابن عمير المتقدمة عدم جواز الصلاة حتى في شسع منه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 202

المورد الثاني: بعد ما كان هذا حكمها الواقعى يقع الكلام فيما يعلم بكون ما لا تتم فيه الصلاة من الميتة.

فنقول في هذا المورد بعدم الجواز لدلالة الرواية الاولى و الثانية و الرابعة على عدم جواز الصلاة في الخفّ و السيف ان كان يعلم انهما من الميتة و لا معارض لها لان الرواية الثانية من الطائفة الثانية و هي رواية اسماعيل بن الفضل لا تعارض هذه

الثلاثة الدالة على عدم جواز الصلاة فيما لا تتم فيه الصلاة اذا علم بكونه من الميتة لان مورد الخبر هو صورة الشك في كون الجلد من الميتة او من المذكّى و لا أمارة في البين مثل سوق المسلم و ارض المسلمين للتصريح فيه بكونه في ارض غير المصلّين ففي هذه الصورة حكم فيه بالجواز في خصوص الخف و النعل.

و أمّا مورد الرواية الاولى و الثانية و الرابعة هو صورة العلم بمعنى انه اذا علم كونه من الميتة فلا تجوز الصلاة في الخف او السيف.

و المورد الثالث: و هو مورد الشك في كون ما لا تتم فيه الصلاة من الميتة أم لا فنقول أمّا الرواية الثالثة من الطائفة الاولى اعنى رواية ابى نصر عن الرضا عليه السّلام تدل على الجواز مع الشك في كون الخف من الميتة او المذكى بقرينة نحوة سؤال السائل و كون المرتكز عنده عدم الجواز في الميتة و تقرير الامام عليه السّلام بان مجرّد الشك كاف في الجواز و يعارضها الرواية الثانية من الطائفة الثانية اعني رواية اسماعيل بناء على حمل رواية ابي نصر على صورة وجود الامارة على التذكية كما هو الظاهر من الرواية لان رواية اسماعيل تدل على الجواز حتى في صورة عدم وجود أمارة على التذكية.

و لا يخفى عليك انه و ان كان المنساق من رواية ابي نصر كون صحة الصلاة في الخف لاجل الامارة على التذكية و تشعر على عدم الصحة مع عدم وجود الامارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 203

لكن بعد التصريح في رواية اسماعيل بجواز الصلاة ان كان في ارض غير المصلّين لا يمكن الاخذ بالاشعار المستفاد من خبر ابي نصر.

بل يمكن

دعوى عدم تعارض بين الخبرين.

و ممّا بيّنا من ان مورد الكلام في مواضع ثلاثة يظهر لك انه لا تعارض بين الروايات الدالة على عدم جواز الصلاة في الميتة بحسب حكمه الواقعى مثل رواية ابن ابي عمير و لا بين الروايات الدالة على عدم جواز الصلاة في صورة العلم بكون الخفّ من الميتة و لا بين رواية اسماعيل المتعرضة لحكم صورة من صور الشك و هي صورة كون الخف في غير ارض المصلّين حتى يجمع بينها بحمل الطائفة الاولى على الكراهة بقرينة الثانية اعنى غير رواية اسماعيل لان لسان الاخبار مختلف.

اذا عرفت ذلك يقع الكلام في انه هل يمكن الاخذ برواية اسماعيل الدالة على جواز الصلاة فيما لا تتم فيه الصلاة اذا كان ميتة.

قد يقال بتقديم هذه الرواية بان يقال ان اطلاق هذه الرواية يشمل كل مورد يكون منشأ شبهة السائل النجاسة العرضية و لم يكن منشأ شبهة النجاسة الذاتية فتقيّد الرواية بالنسبة الى النجاسة الذاتية بما دل على عدم جواز الصلاة في الخف اذا كان نجسا بالنجاسة الذاتية مثل كونه من الميتة.

اقول ان كان المقيد للخبر ما قدمنا ذكره من الروايات الدالة على العفو مما لا تتم فيه الصلاة فغاية ذلك عدم وجود ما يدل على العفو في غير ما كان ما لا تتم فيه الصلاة مقتذّرا بقذارة و ليس فيها ما يدل على عدم العفو ان كان ما تتم فيه الصلاة من الاعيان النجسة كالميتة فليس فيها ما يدل على تقييد رواية اسماعيل الدالة على العفو في الخف الذي لا تتم فيها الصلاة و ان كان من الميتة.

و ان كان النظر الى ما يدل على اعتبار سوق المسلم أو يد المسلم او ارض

ذخيرة

العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 204

المسلم في المشكوك كونه من الميتة او من المذكى فيدلّ بالمفهوم على محكومية المشكوك بالميتة اذا كان في ارض غير المصلين فيتعارض منطوق الرواية المذكورة اعنى رواية اسماعيل مع مفهوم هذه الروايات و لا يمكن الجمع بينهما بتقييد هذه الروايات بهذه الرواية في خصوص ما لا تتمّ فيه الصلاة لان مفاد هذه الروايات موضوعية الاسلام و الارض المسلم و يد المسلم و سوق المسلم و لا فرق في ذلك بين ما لا تتم و ما تتم فيه الصلاة و بعد عدم امكان الجمع و وصول النوبة بالتعارض في السند فلا بد من الاخذ بهذه الاخبار لان الشهرة سواء كانت فتوائية او روائية على طبق هذه الاخبار فلا بد من رد علم خبر اسماعيل الى المعصوم عليه السّلام.

فتكون النتيجة عدم العفو اذا كان ما لا تتم فيه الصلاة من الميتة و هذا الكلام حسن و قد خطر ذلك ببالى و لم أر تعرض غيرى له و لا فرق بين الميتة و سائر النجاسات فى هذا الحكم فالاقوى وفاقا للمتن عدم العفو فيما كان ما لا تتم من الميتة او غيرها من الاعيان النجسة.

الأمر الخامس: و لا عفو فيما يكون ما لا تتم فيه الصلاة من غير الماكول

لعدم اطلاق لاخبار الباب يشمل غير المأكول و كفى في عدم العفو اطلاق ما دل على عدم صحة الصلاة في غير المأكول.

الأمر السادس: المناط فيما لا تتم فيه الصلاة ان يكون بحيث لا يمكن ستر العورة به

لصغره فاذا كان صغر وضعه بحيث لا يمكن ان يستر به العورة فهو معفو عنه في الصلاة كالقلنسوة و نظائرها لظهور الادلة في ذلك.

الأمر السابع: المراد مما لا تتم الصلاة فيه

هو عدم امكان الصلاة فيه بوضعه الذي هو فيه بلا علاج من خرق او شدّه بحبل او غيرهما كالقلنسوة فاذا كان بوضعه الفعليّ بنظر العرف مما لا تتم فيه الصلاة بوحدتها فقد عفى عنه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 205

و لكن صار احد من هذه الموارد موردا للاشكال و هو العمامة في آنها هل تكون مما تتم فيه الصلاة.

فقد أفتى بعض بكونها مما لا تتم فيه الصلاة لانه لا تتم فيها الصلاة بوضعها الفعليّ مضافا الى التصريح فيما روى في فقه المنسوب الى الرضا عليه السّلام بكونها مما لا تتم فيه الصلاة.

و فيه ان التمسك بفقه الرضا لا يصح لضعف سنده و أمّا ما قيل من انها بوضعها الفعلى لا تتم فيها الصلاة فنقول أمّا أولا بانه كما قيل العمامة ثوب يقبل ان يصير عمامة مرّة و ازارا ثانية و غيرهما ثالثة.

و ثانيا ان قلنا بان المناط هو ملاحظة الوضع الفعلى لكن لا كل وضع و الّا فلا بدّ ان يقال بالعفو في الثياب العريض و الطويل الملفوف في البيت او دكان البزّاز.

نعم لو كان وضع العمامة كالقلنسوة كما فرض المؤلف رحمه اللّه يمكن ان يقال بالعفو فافهم.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 206

قوله رحمه اللّه

[الرابع المحمول المتنجس الذي لا تتمّ فيه الصلاة]

اشارة

«الرابع» مما يعفى عنه فى الصلاة المحمول المتنجس الذي لا تتمّ فيه الصلاة مثل السكين و الدرهم و الدينار و نحوها و اما اذا كان مما تتم فيه الصلاة كما اذا جعل ثوبه المتنجس في جيبه مثلا ففيه اشكال و الاحوط الاجتناب و كذا اذا كان من الاعيان النجسة كالميتة و الدم و شعر الكلب و الخنزير فان الاحوط اجتناب حملها في الصلاة.

(1)

اقول:

اعلم ان

الكلام يقع في موارد:
المورد الاوّل: في المحمول الذي لا تتمّ فيه الصلاة

فنقول بعونه تعالى ان قلنا بالعفو عن المحمول مطلقا فلا اشكال في العفو فى هذا المورد.

و ان قلنا بعدم العفو مطلقا.

فتارة نقول بان العفو عما لا تتم فيه الصلاة مطلق يشمل الصورة التي يكون ما لا تتم فيه الصلاة مع المصلى بصورة المحمول مثل ما اذا كان في جيبه فأيضا لا اشكال فيما لا تتم فيه الصلاة من المحمول.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 207

و تارة لم نقل بذلك فلا يعفى عما لا تتم من المحمول أمّا العفو عن مطلق المحمول فياتي في المورد الثاني إن شاء اللّه.

و أمّا العفو عن المحمول الذي لا تتم فيه الصلاة فنقول بان القائل به لا يحتاج الى اقامة دليل بل يكفيه مع الشك فى مانعيته اصالة البراءة لان الشك في المانعية مجرى البراءة و مع هذا يستدل عليه بامرين:

الأمر الاول: اطلاق الأدلّة لان المذكور في الروايات المتقدمة على ما عرفت دوران الحكم مدار كون الشي ء مما لا تتم فيه الصلاة سواء كان ملبوسا او محمولا و كذلك يستفاد ذلك من بعض المذكورات في بعض روايات الباب مثل القلنسوة و الخفّ و غير ذلك «1».

اقول أمّا بعض الاخبار المتقدم فيما لا تتم فيه الصلاة و فيه التعرض عن القلنسوة او الخف فالظاهر منه كونهما في محلهما مثلا يصلّى في الخفّ فالظّاهر منه كونه في رجله و يكون قذرا و وضعه في جيبه مثلا غير متعارف و في الرواية الثالثة من تلك الروايات تكون التصريح بكونه في محله.

نعم يمكن انه يقال ان لسان بعض هذه الروايات اعطاء القاعدة الكلية و الحكم الكلى مثل الرواية الاولى من هذه الروايات فهل يقال بان قوله عليه السّلام

«كلما لا تجوز فيه الصلاة وحده» يكون في مقام بيان ان مطلق ما لا تجوز الصلاة فيه باي نحو كان لا بأس به حال الصلاة او يقال بان المنصرف إليه من هذه الجملة أيضا هو عدم الباس بما لا تتم فيه الصلاة ان كان في محله باعتبار كون الغالب كونه في محله و ندرة كونه في غير محله و لكن لا وجه لدعوى الانصراف.

______________________________

(1) راجع الروايات المربوطة بالثالث مما يعفى عنه في الصلاة المتقدمة ذكرها.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 208

الأمر الثاني: دلالة خصوص الرواية الخامسة «1» على ذلك بدعوى ان قوله عليه السّلام «كلما كان على الانسان او معه مما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس ان يصلّى فيه» على العفو و عدم الباس فيما يكون على الانسان يعنى يكون لباسا له او معه يعنى يكون محمولا.

اقول لكن الاشكال في ضعف سند هذه الرواية لكونها مرسلة الا ان يدّعى انجبار ضعف سندها بعمل الاصحاب او موافقة فتواهم لها.

و ما رواها على بن جعفر انه سال اخاه موسى بن جعفر عليهما السّلام عن الرجل يكون به الثالول او الجرح هل يصلح له ان يقطع الثالول و هو في صلاته او ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح و يطرحه قال ان لم يتخوف ان يسيل الدم فلا بأس و ان تخوف ان يسيل الدم فلا يفعله «2» تدل الرواية على جواز حمل النجس و هو ما يأخذ من الثالول لكونه الميتة او بحكمها.

لكن لا يعمل بها في موردها لانهم يشترطون عدم كون المحمول من الميتة و كذا ما لا تتم فيه الصلاة فعلى هذا لا تكون الرواية دليلا الا ان يقال بعدم

كون ما اخذ من الثالول من الميتة.

و أمّا الكلام في المورد الثاني

فنقول انه يقع الكلام في جواز الصلاة في المحمول المتنجس اذا كان مما تتمّ فيه الصلاة أم لا يجوز ذلك و بعبارة اخرى المحمول المتنجس الذي تجوز الصلاة فيه هل هو خصوص ما لا تتم فيه الصّلاة او يعمّ ما تتم فيه الصلاة أيضا و بعبارة ثالثة هل عدم مانعية المحمول المتنجس مختصة بما لا يمكن ان يصير ساترا او يعمّ عدم مانعيّته لصورة يمكن ان يصير ساترا في الصلاة أمّا المسألة من

______________________________

(1) الرواية 5 من الباب 31 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 63 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 209

حيث الفتوى فذات قولين لان بعض الفقهاء أفتوا بجواز الصلاة فيه و بعضهم بعدم الجواز.

اذا عرفت ذلك نقول ان القائل بالعفو لا يحتاج الى الدليل لانه يكفى له عدم وجود الدليل على عدم العفو لانه بعد عدم الدليل على عدم العفو يقال بان في هذا الحال نشك في مانعية المحمول المتنجس الذي تتم فيه الصلاة و مع الشك تجرى البراءة لان فى مورد الشك في مانعية شي ء لشي ء و عدمها يكون المرجع اصالة البراءة.

و أمّا القائل بعدم العفو يحتاج الى الدليل و دليله بعض الروايات الواردة في بعض الموارد.

منها اطلاق ما روى من عدم جواز الصلاة في النجس و دعوى شموله للمحمول مثل ما رواها خيران الخادم قال كتبت الى الرجل أسأله عن الثوب يصيبه الخمر و لحم الخنزير أ يصلى فيه أم لا فانّ اصحابنا اختلفوا فيه فقال بعضهم صل فيه فان اللّه انما حرّم شربها و قال بعضهم لا تصلّ فيه فوقّع لا تصلّ

فيه فانه رجس الحديث «1».

و مثل ما رواه قاسم الصيقل قال كتبت الى الرضا عليه السّلام انّى أعمل أغماد السيوف من جلود الحمر الميتة فتصيب ثيابى فأصلى فيها فكتب إليّ اتّخذ ثوبا لصلاتك فكتبت الى ابي جعفر الثاني عليه السّلام كنت كتبت الى ابيك عليه السّلام بكذا و كذا فعصب عليّ ذلك فصرت أعملها من جلود الحمر الوحشيّة الذكيّة فكتب إليّ كل أعمال البرّ بالصبر يرحمك اللّه فأن كان ما تعمل وحشّيا ذكيّا فلا بأس «2».

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 38 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 5 من الباب 34 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 210

و مثل ما رواها موسى بن اكيل النميرى عن ابي عبد اللّه عليه السّلام في الحديد انه حلية اهل النار «الى ان قال» و جعل اللّه الحديد في الدنيا زينة الجن و الشياطين فحرم على الرجل المسلم ان يلبسه في الصلاة الا ان يكون قبال عدو فلا بأس به قال قلت فالرجل يكون فى السفر معه السكين في خفه لا يستغنى عنها «عنه» او في سراويله مشدودا و مفتاح يخشى ان وضعه ضاع او يكون في وسط المنطقة من حديد قال لا بأس بالسكين و المنطقة للمسافر في وقت ضرورة و كذلك المفتاح اذا خاف الضيعة و النسيان و لا بأس بالسيف و كل آلة السلاح في الحرب و في غير ذلك لا يجوز الصلاة في شي ء من الحديد فانه نجس ممسوخ «1» و نظائرها.

بدعوى ان اطلاق «شي ء» يشمل الملبوس و المحمول.

و ان قيل بان الظاهر من كلمة «في» هو الظرفية بحيث يكون الثوب ظرفا للمصلى و المحمول ليس كذلك.

يقال جوابا

بان المراجع في الاخبار يرى اطلاق كلمة «في» حتى في مورد لا يكون الشي ء ظرفا بكيفية اللباس للشخص و هذه الاخبار بنفسها دليل على المطلب بلسان اخر و شاهد على ان لفظ «في» لا ينافي الاطلاق نذكرها لك فنقول منها ما يدّعى كون مورده المحمول و انه ان كان المحمول نجسا لا يجوز حمله في الصلاة مثل ما رواها محمد بن يحيى رفعه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال صل في منديلك الذي تتمندل به و لا تصل في منديل يتمندل به غيرك «2».

و الاشكال بان الرواية تحمل على الكراهة غير وارد.

لانّ ما نحن بسدده هو ان المنديل من المحمول و ان كان نجسا لا يجوز حمله في

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 32 من ابواب اللباس المصلى من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 16 من ابواب اللباس من جامع أحاديث الشيعة، ج 4، ص 343.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 211

الصلاة و ان كان في مورد الرواية يحمل النهى على الكراهة لعدم حرمة التمندل بمنديل الغير اذا لم يعلم نجاسته.

لكن الرواية ضعيفة السند لكونها مرفوعة.

و مثل ما رواها وهب بن وهب عن جعفر عن ابيه ان عليا عليه السّلام قال السيف بمنزلة الرداء تصلى فيه ما لم تر فيه دما و القوس بمنزلة الرداء «1».

و مثل ما رواها عبد اللّه بن جعفر قال كتبت إليه يعنى أبا محمد عليه السّلام يجوز للرجل ان يصلى و معه فارة المسك فكتب لا بأس به اذا كان ذكيّا «2».

و هذه الرواية تدل على عدم جواز الصلاة في المحمول اذا لم يكن ذكيا لكن لا يمكن الاستشهاد بها على كون لفظ «في» شاملا للملبوس

و المحمول لان المذكور في الرواية كلمة «مع» لا كلمة «في» لان فيها قال «و معه فارة المسك و مورد هذه الروايات الثلاثة المتقدمة ذكرها هو ما لا تتم فيه الصلاة من المحمول لان المنديل و السيف و فارة المسك لا تتم فيها الصلاة.

و مثل ما رواها على بن جعفر عن اخيه موسى عليه السّلام في حديث قال و سألته عن الرجل يصلّى و معه دبّة من جلد حمار و عليه نعل من جلد حمار هل تجزيه صلاته او عليه اعادة قال لا يصلح له ان يصلى و هي معه الا ان يتخوف عليها ذهابا فلا بأس ان يصلى و هي معه «3».

و كالرواية التي رواها على بن جعفر عن اخيه موسى عليه السّلام في حديث قال و سألته عن الرجل يمرّ بالمكان فيه العذرة فتهب الريح فتسفى عليه من العذرة

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 39 من ابواب اللباس من كتاب جامع الاحاديث، ج 4، ص 369.

(2) الرواية 2 من الباب 41 من ابواب لباس المصلى من الوسائل.

(3) الرواية 4 من الباب 60 من ابواب لباس المصلى من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 212

فيصيب ثوبه و راسه يصلى فيه قبل ان يغسله قال نعم ينفضه و يصلى فلا بأس «1».

هذا كله بعض الروايات التي يمكن ان يتمسك به على عدم العفو عن المحمول المتنجس.

اقول أمّا الطائفة الاولى فالعمدة في وجه الاستدلال بها هو ان اطلاق الصلاة في الثوب او اللباس يشمل المحمول كما يشمل الملبوس و بعد دلالتها على عدم جواز الصلاة في الثوب النجس فاطلاقها يقتضي عدم جواز الصلاة فيه سواء كان ملبوسا او كان محمولا من باب انّ

مصحّح حمل كلمة «في» هو الملابسة و المصاحبة فكما ان اللباس مصاحب للمصلى كذلك المحمول بعد عدم كون لفظ «في» للظرفية الحقيقة لعدم كون اللباس ظرفا للانسان و المصلى حقيقة بل يكون الاطلاق توسعا فكما يصحّ الاطلاق توسعا في الملبوس يصح في المحمول و الشاهد اطلاق كلمة «في» فيما يكون من قبيل المحمول كما عرفت في الطائفة الثانية.

و يمكن ان يقال في الجواب عن ذلك بان الظاهر من كلمة «في» هو الظرفية و بعد عدم امكان حملها على الظرفية الحقيقية يحمل على الظرفية التوسعية و الميزان في اطلاق كلمة «في» هو اشتمال المصلى بتمام بدنه او بعضه على الثياب و لهذا الاشتمال يصح ان يقال صلّى فيه او صل فيه او لا تصل فيه و ما ترى من حمل كلمة «في» في السيف و المنديل الذي يتمندل به او الخاتم هو اشتمال بعض بدن المصلى بها.

و أمّا فيما لا يشتمل بدن المصلى لا كلّه و لا بعضه بل يكون مجرد حمله المصلى في صلاته فصدق كلمة «في» مشكل و بعد عدم صحة صدق حمل كلمة «في» فلا يكون اطلاق. في البين لان مورد الاطلاق و التقييد فيما يقبل الاطلاق و التقييد و بعد ما ترى ان مورد الروايات هو وقوع الصلاة في الثوب فقهرا يكون المراد كل مورد يصح

______________________________

(1) الرواية 12 من الباب 26 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 213

الصلاة فيه و هذا لا يصدق الا فيما كان المصلى مشتملا به من الملبوس و اشتمال تمام بدنه او بعضه و لهذا يقال لبس الخاتم او الحديد لاشتمال بعض البدن بهما و لا يقال حمل الخاتم او

الحديد.

و لكن مع هذا نقول بانه و لو فرض كون مصحّح الظرفية و اطلاق كلمة «في» هو اشتمال تمام البدن او بعضه بالشي ء بان هذا موجود في المحمول لان في كل ما و يحمل شي ء في موضع فهو شي ء وقع على هذا الموضع فمن وضع سكينه في جيبه فبمقدار هذا السكين يكون بدن الشخص مشتملا به و كذلك المنديل و خصوصا فيما اذا كان ثيابا مما تتم فيه الصلاة و محمولا و هو يشتمل قسمة من البدن و لهذا نقول لا يمكن لنا الإفتاء بعدم شمول الأخبار للمحمول.

نعم فيما لا تتم فيه الصلاة نقول بالعفو لاطلاق ما دل على العفو مما لا تتم فيه الصلاة فيقيد اطلاق الاخبار الشاملة للمحمول النجس بالاخبار الواردة فيما لا تتم فيه الصلاة كما يقيد اطلاق الاخبار الدالة على عدم جواز الصلاة في الملبوس النجس بالاخبار الدالة على العفو فيما لا تتم فيه الصلاة.

هذا كله بالنسبة الى الطائفة الاولى من الروايات المتمسكة بها على عدم العفو من المحمول النجس في الصلاة و اما الطائفة الثانية فنقول أمّا الرواية الاولى فهى أولا ضعيفة السند لانها مرفوعة.

ثانيا دلالتها على كون منشأ عدم جواز الصلاة في منديل هو النجاسة غير معلوم لاحتمال كون منشأ عدم الجواز كون المنديل من الغير او امر آخر.

و أمّا الرواية الثانية من هذه الطائفة فنقول آنها ضعيفة السند لان وهب بن وهب كما ترى من علماء الرجال كان شخصه من الكذابين.

و أمّا الرواية الثالثة من هذه الطائفة فقد عرفت في مبحث نجاسة الميتة من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 214

النجاسات ان الرواية ذو احتمالات و باعتبار عدم ظهورها في احد من الاحتمالات مجملة لا

يمكن الاخذ بها و في قبالها رواية عن على بن جعفر جوّز حمل الفارة في الصلاة مطلقا ذكرناها هاهنا و قلنا يحتمل كون جواز حملها في الصلاة من باب عدم كونها نجسة و يحتمل كون الجواز من باب جواز حمل النجس في الصلاة فلا ظهور لها في احد الاحتمالين و على فرض القول بنجاسة الفارة من الميتة فهى تدل، على عدم جواز حمل الميتة في الصلاة و انّى هذا من عدم جواز حمل مطلق النجس في الصلاة فضلا عن المتنجّس.

و اما الرواية الرابعة من هذه الطائفة فالاستدلال بها مبنى على كون عدم صلاحية حمل الدبة المصنوعة من جلد الحمار في الصلاة من باب كون الجلد المذكور من الحمار الميّت و هذا غير معلوم اذ يمكن كون عدم صلاحية الجلد المذكور لان يكون معه في الصلاة كونه جلد الحمار بمعنى ان منشأ النهى مجرد كون الجلد من الحمار و الشاهد التعبير بلفظ «أ يصلح» المستعمل في الكراهة غالبا.

مضافا الى انه لو فرض كون عدم الصلاحية لاجل كونه من الحمار الميت تدل الرواية على عدم جواز حمل الميتة في الصلاة لا مطلق النجس و المتنجس الا بإلغاء الخصوصية و هو مشكل.

و أمّا الرواية الخامسة من هذه الطائفة فالمفروض فيها كون المحمول العذرة و هي عين النجس فنقول بناء على عدم العفو في المحمول من العذرة و بإلغاء الخصوصية في مطلق النجس ان قلنا بإلغاء الخصوصية و الا فالنتيجة عدم العفو في العذرة و أمّا مطلق المحمول فلا يستفاد منها.

هذا بناء على استفادة وجوب النفض عن الرواية و الا لو لم نقل بذلك و قلنا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 215

كما احتمل بان قوله

عليه السّلام «نعم ينفضه و يصلى فلا بأس» جار مجرى العادة و انه بالطبع ينفض ثوبه عن العذرة فلا يكون قوله «ينفضه» على سبيل الوجوب و لكن هذا احتمال بعيد و الشاهد عليه سؤال السائل من انه يغسل او يصلى فيها فان كان بطبعه ينفض العذرة لا يسأل منه من ان يغسله او يصلى فيها.

فتلخص ان المستفاد من هذه الطائفة من الروايات ليس إلا عدم العفو من خصوص العذرة و كذلك الميتة بناء على كون المراد من الرواية الثانية هو عدم جواز حمل فارة المسك اذا كانت ميتة و نجسا و لكن هذا اوّل الكلام و بإلغاء الخصوصية يقال في مطلق الاعيان النّجسة و لا يبعد الغاء الخصوصيّة بالنسبة الى سائر النجاسات لعدم خصوصية للعذرة.

و أمّا التعدّى الى المحمول المتنجس فيمكن دعواه و الغاء الخصوصية بالنسبة إليه باعتبار ان المتنجس فرد من النجس اذ ليس في الآثار ذكر و تفسير عما تنجّس بسبب ملاقاته لاعيان النجسة بالمتنجس و هذا تعبير من الفقهاء رحمهم اللّه و باعتبار احتمال مطلق الطائفة الاولى الشاملة للملبوس و المحمول ربّما يأتى بالنظر كون الحكم في اطلاق المحمول هو عدم العفو في غير ما لا تتم فيه الصلاة الذي يأتى الكلام فيه و مع هذا بعد كون الاشكال في اطلاق الطائفة الاولى و عدم وجود رواية دالة على عدم العفو في الطائفة الثانية غير الرواية الخامسة و هي في خصوص العذرة مضافا الى بعض الاحتمالات فيها.

نقول بان الأحوط في مقام العمل عدم جواز الصلاة فيما تتم فيه الصلاة في المحمول و العذرة و الميتة أما في ساير اعيان النجسة فالاقوى عدم العفو سواء كان مما تتم فيه الصلاة أم لا.

ذخيرة العقبى

في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 216

و أمّا فيما لا تتم فيه الصلاة من غير اعيان النجسة فالاقوى العفو للاطلاق الاخبار الواردة فيما لا تتم فيه الصلاة فلو كان اطلاق للطائفة الاولى من الطائفتين المتمسكة بهما على عدم العفو في المحمول يشمل الملبوس و غير الملبوس نقيّد إطلاقها بالاخبار المطلقة الدالة على العفو فيما لا تتم فيه الصلاة سواء كان ملبوسا او محمولا كما نقيّد بها اطلاق الاخبار الدالة على عدم العفو عن الملبوس المتنجس.

و وجه عدم العفو في المحمول من اعيان النجسة حتى فيما لا تتم الصلاة فيها هو انّ الدليل الدّال على عدم العفو و هو بعض الاخبار من الطائفة الثانية مطلق يشمل ما تتم و ما لا تتم من المحمول و الاخبار الدالة على العفو فيما لا تتم فيه الصلاة لا تشمل الاعيان النجسة كما قدّمنا سابقا عند البحث عما لا تتم فيه الصلاة هذا تمام الكلام في هذه المسألة.

***

[مسئلة 1: الخيط المتنجس الذي خيط به الجرح]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 1: الخيط المتنجس الذي خيط به الجرح يعدّ من المحمول بخلاف ما خيط به الثوب و القياطين و الزرور و السفائف فانّها تعد من اجزاء اللباس لا عفو عن نجاستها.

(1)

اقول اختلفوا في ان الخيط الذي خيط به الجرح اذا كان متنجسا هل يكون من المحمول أم لا أختار المؤلف رحمه اللّه كونه من المحمول و هذا مشكل لان ما يأتى بالنظر العرفى هو كون ذلك جزء من البدن و لا فرق في نظر العرف بين ما خيط به الثوب و بين ما خيط به الجلد من البدن المجروح فعلى هذا نقول بانه مع امكان تطهيره

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 217

يجب و ان قلنا

بالعفو عن المحمول و ان لم يتمكن من تطهيره تقع الصلاة فيه للاضطرار الّذي تبيح المحذورات و أمّا في غير الخيط المتنجس من المذكورات فيكون الحكم كما ذكره فافهم.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 218

قوله رحمه اللّه

[الخامس ثوب المربية للصبى]

اشارة

«الخامس» مما يعفى عنه فى الصلاة ثوب المربية للصبى امّا كانت او غيرها متبرعة او مستأجرة ذكرا كان الصبى او انثى و ان كان الاحوط الاقتصار على الذكر فنجاسته معفوة بشرط غسله فى كل يوم مرّة مخيرة بين ساعاته و ان كان الأولى غسله آخر النهار لتصلى الظهرين و العشاءين مع الطهارة او مع خفة النجاسة و ان لم يغسل كل يوم مرة فالصلوات الواقعة فيه مع النجاسة باطلة و يشترط انحصار ثوبها فى واحد او احتياجها الى لبس جميع ما عندها و ان كان متعددا و لا قرق فى العفو بين ان تكون متمكنة من تحصيل الثوب الطاهر بشراء او استيجار او استعارة أم لا و ان كان الاحوط الاقتصار على صورة عدم التمكن.

(1)

اقول لا اشكال في العفو لها في الجملة و مستند الحكم ما رواها محمد بن الحسن باسناده عن محمد بن احمد بن يحيى عن محمد بن يحيى المعازى عن محمد بن خالد عن

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 219

سيف بن عميرة عن ابى حفص عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سئل عن امرأة ليس لها إلا قميص واحد و لها مولود فيبول عليها كيف تصنع قال تغسل القميص، في اليوم مرة «1».

و هذه الرواية و ان كانت ضعيفة السند بمحمد بن يحيى المعازى كما في جامع الرواية للاردبيلى عن خلاصة العلامة قدس سرهما و غيرهما و

بابى حفض لانه مشترك بين الثقة و غير الثقة.

لكن ضعفها منجبر بعمل الاصحاب رحمهم اللّه اذا عرفت ذلك نقول

يقع الكلام في فروع:
الفرع الاول: هل الحكم المذكور يختص بصورة يكون من يربّى الصبى هو المرأة

كما هو مورد الرواية المتقدمة او يشمل كل من يكون مربّيا و ان كان رجلا وجه الاختصاص هو الاقتصار في هذا الحكم المخالف للقاعدة بمورد المنصوص وجه التعدى و تعميم الحكم بالرجل هو وجود الملاك في الرجل أيضا و وجود المناط لان الملاك في هذا الحكم من العفو ازيد من مرة في كل يوم هو المشقة لمن يربّى في التطهير مكررا و في هذا لا فرق بين المربّى و بين المربّية.

أقول ان التعدّى عن مورد النص مشكل لعدم القطع بكون الملاك في نظر الشارع ما ذكر فمع عدم القطع بالملاك يشكل التعدى.

الفرع الثاني: هل الحكم مختص بالصبى

كما هو مورد تعبير المؤلف رحمه اللّه او يشمل الصبية لا يبعد عدم الفرق بينهما لا لعدم خصوصية للصبى حتى يقال من اين علمت عدم الخصوصية بل لان المذكور في النص هو المولود و المولود كما يشمل

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 4 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 220

الصبى يشمل الصبية أيضا.

الفرع الثالث: هل يختص الحكم بما كان المربّي أمّا او يشمل غير الأمّ

أيضا قد يقال باختصاص الحكم بما تكون المربية امّا لان المتبادر من المولود كونه مع الأمّ.

و فيه عدم تبادر ذلك خصوصا مع كون المذكور في النص هو المرأة و المرأة تشمل الأمّ و غير الدم.

الفرع الرابع: اذا كانت المربية غير أمّ الصبى

لا فرق بين كونها متبرعة و بين كونها مستأجرة لاطلاق النص.

الفرع الخامس: الواجب على المربّية تطهير ثوبه في كل يوم مرّة

للتصريح بذلك في النص المذكور.

الفرع السادس: هل تكون المربية مختارة في تطهير ثوبها

في اي ساعة من ساعات النهار سواء كان في وقت الصلاة أو لا و سواء كان وقت اداء الصلاة أم لا و سواء وقع بعده الصلاة بلا فصل أم لا أو لا يعتبر ذلك احتمالات و اقوال في مقام.

الاحتمال الاول: ما قدمنا و هو التخيير في غسله في اي ساعة أرادت المربّية بلا اشتراط كون الغسل قبل وقت الصلاة او كونه قبل صلاة الظهر او وقوع الصلاة بعده.

الاحتمال الثاني: وجوب وقوع الغسل قبل وقت الصّلاة بدعوى ان أمر الغسل للوجوب و لا وجوب في غير وقت الصلاة و يراد بالوجوب الوجوب التكليفى.

الاحتمال الثالث: تأخير الظهرين لان يتمكن من الجمع بين الظهرين و العشاءين مع طهارة الثوب او مع خفة النجاسة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 221

الاحتمال الرابع: الغسل و لزوم أ يقاع الصلاة بعده بلا مهلة لان الطهارة شرط حال الصلاة و الامر بالغسل لحصول الشرط فيجب ايقاع الصلاة بعد الغسل بلا مهلة كى تقع الصلاة مع الشرط.

اقول اذا عرفت الاحتمالات المحتملة في المقام فنقول أمّا احتمال كون الغسل».

واجبا بالوجوب التكليفي بمعنى انه واجب بنفسه تكليفا فهو مما لا يمكن الالتزام به لان غسل الثوب في غير المربّية لم يكن واجبا بالوجوب التكليفي فضلا عن المربية بل يكون واجبا وضعيا بمعنى كونه شرطا للصلاة فكيف يمكن الالتزام بوجوب تكليفي متعلق بالثوب للمربية بل الامر بها على غسل ثوبها كل يوم مرة يكون غيريا لتوقف الصلاة به فلسانه يكون لسان الشرطية. لكن لسانه يكون التخفيف في الشرطية بمعنى انه كان الشرط في الصلاة في غير المربية ازالة النجاسة عن الثوب و البدن لكل صلاة و تطهيرهما و أمّا

في المربية فالواجب عليها غسل ثوبها مرة واحدة لجميع الصلوات و ان وقع بعضها بلا طهارة ففى الحقيقة يكون غسل الثوب مرة شرطا لجميع صلوات هذا اليوم و ليلته للمربية و يعفى عنه ما صلى قبل هذا الغسل او بعده.

اذا عرفت ان المستفاد من الرواية المذكورة حفظ الشرط بهذا المقدار و العفو عن الزائد عليه و كون هذا الدليل تخصيصا للدليل الدال على شرطية الطهارة الخبثيّة للصلاة فمقتضى التخصيص هو عدم وجوب الغسل ازيد من مرة في كل يوم فما دام يكون متمكنا من حفظ الشرط بالغسل مرة وجب لعدم جواز رفع اليد عن الشرط الا بهذا المقدار.

ثم بعد ذلك نقول أمّا بالنسبة الى العشاءين فانه أن قلنا بان اليوم المذكور في الرواية اعمّ من اليوم و الليل فهما داخلان في العفو لو غسل مرة في كل يوم و لو لم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 222

يغسل فالعشاءان الواقعان في هذا الثوب النجس باطل لفقد الشرط اعنى الطهارة و ان قلنا بان المراد من اليوم المذكور في الرواية هو اليوم المقابل لليل فمعنى الرواية اما كفاية الغسل الواحد لجميع الصلوات الواقعة في اليوم في حفظ الشرطية و عدم شرطية غسل الثوب و ازالة النجاسة بالنسبة الى الصلاة الواقعة في الليل للمربية فعلى هذا لو لم يغسل مرة في اليوم فالصلاة الواقعة في اليوم باطل و لكن العشاءين تقع صحيحة لانّ مقتضى الرواية عدم شرطية الطهارة فيهما للمربّية.

و أمّا ان يكون الغسل الواحد شرطا في كل من الصلوات الواقعة في كل من اليوم الليل للمربية لازالة النجاسة و ان يقع هذا الغسل في اليوم بمعنى دخل غسل واحد في اليوم، في العشاءين

مثل دخله في الصبح و الظهرين و ان كان محل إتيانه اليوم و لكن هو شرط لكل من الصلوات الواجبة في اليوم و الليل فالغسل و ان كان محله اليوم المقابل لليل و لكن هو شرط لكل من الصلوات الواقعة في اليوم و الليل و على هذا لو تركه بطل كل من الصلوات الواقعة في اليوم و الليل.

و حيث ان الظاهر من الرواية هذا الاحتمال فيستفاد ان الغسل الواحد شرط لكل من الصلوات لكنه بعد كون الظاهر من اليوم المذكور في الرواية هو اليوم المقابل لليل او ان المتقين منه ذلك نقول، بوجوب الغسل في اليوم.

ثم ان قلنا بان اليوم هو اليوم العرفى الذي يشتغل الناس بامورهم الدنيوية و هو أوّل طلوع الشمس فيجب وقوع الغسل فى هذا اليوم غاية الامر هل يجب بعد دخول وقت الظهرين او يجوز تقديمه عليه و إتيانه قبله كلام آخر فاذا غسلته في هذا اليوم مرة تصح صلواته الى اليوم التالى بمقتضى الرواية.

و امّا ان قلنا بان اليوم من أوّل طلوع الفجر فيجب الغسل فى هذا اليوم.

غاية الامر يأتى الكلام إن شاء اللّه في انه هل يكفى غسله في اي ساعة شاءت

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 223

من هذا اليوم او يجب غسله عليها في ساعة معينة من اليوم.

و لا يبعد كون المراد من اوّل اليوم الذي يكون في مقابل الليل هو أوّل طلوع الفجر و آخره الغروب كما في «اقرب الموارد» فيدخل في اليوم صلاة الفجر.

اذا عرفت كون وجوب الغسل وجوبا وضعيا بمعنى اشتراط الصلاة به و بعبارة اخرى شرطيّته للصلاة و عرفت ان الظاهر كون الغسل شرطا لكل من الصلوات الخمسة و ان

كان ظرف وجوب الغسل هو اليوم المقابل لليل كما عرفت بيانه و عرفت ان اليوم مقابل الليل و مبدئه طلوع الفجر.

يقع الكلام في ان الشرط في الصلوات للمربية هو مجرد غسل الثوب و ان لم تتعقبه الصلاة بل و أن تأخرت المربية صلاتها حتى تنجّس الثوب بعد الغسل او يجب ايقاع الصلاة بعد الغسل بلا مهلة بل حفظ طهارة الثوب مهما امكن لها حتى تؤتى بالصلوات كلها او بعضها مع حفظ الشرط اعنى طهارة الثوب ظاهر كلام صاحب الجواهر رحمه اللّه و غيره الاوّل.

و قيل بان ذلك مما لا اشكال عندهم اى عند الاصحاب.

لكن و ان كان ذلك مقتضى اطلاق الرواية لكن الالتزام بذلك مشكل لبعد كون الغسل شرطا للصّلاة و ان وقعت هذه الصلاة مع النجاسة و على كل حال فعلى الاحتمال الاول فلا مانع من تأخير الصلاة عن الغسل.

و على الاحتمال الثاني تجب المبادرة الى اتيان الصلاة كى تقع الصلاة مع الشرط.

ثم أنه بعد كون وجوب الغسل وضعيا في كل يوم مرة فكما يجب على غير المربية إزالة النجاسة عن الثوب قبل كل من الصلوات كذلك يجب على المربية قبل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 224

الصلوات فلو كان ثوبها نجسا قبل صلاة الصبح يجب غسلها او يجب غسل ثوبها في وقت الظهرين في أىّ وقت من وقتهما او يجب تأخير غسل ثوبها الى آخر وقت الظهرين حتى يمكن من إتيان الظهرين و الشائين مع طهارة ثوبها او مع التخفيف في النجاسة او تكون مخيّرة في غسل ثوبه بين تمام ساعات اليوم.

اما بناء على كون الغسل بنفسه شرطا سواء وقعت الصلاة مع الثوب المغسولة أم لا فهو مخيّر، بين تطهيره

في كل ساعة من ساعات اليوم لاطلاق الرواية الا ان يدّعى ان الشرط يجب تحصيله بحيث يقع المشروط مع الشرط و حيث ان الغسل مرّة واحدة شرط لجمع الصلوات الخمسة فيجب الغسل قبلها و هذا يقتضي اتيان الغسل قبل صلاة الصبح ان كان ثوبها نجسا قبلها و الا قبل صلاة الظهر ان صار نجسا قبلها و لم يغسلها في هذا اليوم و الا فقبل العصر ان كان نجسا قبلها و لم تغسله قبلها في هذا اليوم و لا يبعد ذلك و لكن اطلاق وجوب الغسل يقتضي عدم التّعيين.

و أمّا بناء على كون الغسل مرة في كل يوم واجبا بالوجوب الوضعى كى يحفظ مع الغسل شرطية الطهارة للصلاة مهما امكن و بعبارة اخرى مقتضى الجمع بين شرطية ازالة النجاسات لكل صلاة و بين مقتضى هذه الرواية من وجوب غسل الثوب في كل يوم مرة واحدة هو التخفيف في الشرط بكفاية مرة واحدة للمربية فمهما يمكن لها حفظ الشرط يجب حفظه عليها فعلى هذا يجب ان يقال أولا بوجوب المبادرة بالغسل في زمان يتمكن معه من الصلاة مع الطهارة و حفظ الشرط لهذه الصلاة او من من التخفيف في النجاسة و ثانيا من تقديم الغسل على صلاة الصبح لتمكنه بالغسل عن حفظ الشرط يجب حفظه عليها فعلى هذا يجب ان يقال أولا بوجوب المبادرة بالغسل في زمان يتمكن معه من الصلاة مع الطهارة و حفظ الشرط لهذه الصلاة او من التخفيف في النجاسة و ثانيا من تقديم الغسل على صلاة الصبح

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 225

لتمكنه بالغسل عن حفظ الشرط لهذه الصلاة.

ان قلت ان الرواية مطلقة لان مفادها ليس الا الغسل في

كل يوم مرة و لم يعين له زمانا من اليوم في الرواية.

قلت بعد ما قلنا من ان الجمع يقتضي حفظ الشرط مهما امكن فبه تقيد الرواية لكنها تقيد في خصوص وقت الصلاة يعنى عدم اطلاق لها يقتضي اتيان الغسل حتى في وقت لم يتمكن من الصلاة بعده مع الطهارة و أمّا بالنسبة الى الاوقات التي يمكن من الصلاة مع الطهارة بعد الغسل فالرواية باقية بإطلاقها و نتيجتها التخيير بين وقت يمكن من صلاة الفجر و بين وقت يتمكن من الظهرين و العشاءين.

نعم لو علم عدم بقاء طهارة الثوب الى زمان صلاة الظهرين لو غسلت في وقت صلاة الفجر فيدور الامر بين غسله في وقت صلاة الفجر و اتيانها صلاة مع الطهارة و بين تأخير الغسل الى وقت الظهرين فيصلى الظهرين و العشاءين مع طهارة الثوب.

يمكن ان يقال بان ذلك اولى بل احوط.

و هذا وجه اولوية تأخير الغسل الى آخر وقت الظهرين و على كل حال الاولى و الاحوط ذلك لان امرها يدور بين لزوم ذلك وجوبا عليها معيّنا و بين ان يكون احد افراد التخيير بناء على اطلاق الرواية من حيث الوقت اى من حيث وقت صلاة الفجر و الظهرين و ان لم تكن مخيرة في جميع ساعات اليوم هذا تمام الكلام في هذا الفرع.

الفرع السابع: لو لم تغسل المربية ثوبها كل يوم مرة

فصلت مع الثوب المتنجس ببول الصبى يجب قضاء صلواتها عليها لبطلان صلواتها التي اتت بها مع

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 226

الثوب النجس لان هذا مقتضى شرطية الغسل مرة في كل يوم لصلاتها فبانتفاء الشرط ينتفى المشروط فيجب القضاء.

الفرع الثامن: ان كون الحكم المذكور فيما كان الثوب منحصرا بثوب واحد

مما لا اشكال فيه لكونه مورد الرواية.

و أمّا اذا كانت لها اثواب متعددة فتنجست كلها ببول الصبى فهل الزائد من الثوب الواحد يكون معفوا عنه مطلقا أو لا يكون معفوا عنه مطلقا او التفصيل بين صورة عدم احتياجها الى لبسها فلا تكون معفوا عنها فى هذه الصورة و بين صورة احتياجها الى لبسها فيعفى لبس كلها مع النجاسة في الصلاة مثل الثوب الواحد مع الشرط المذكور.

الاقوى التفصيل أمّا في صورة عدم احتياجها الى لبسها فلان المستفاد من سياق الرواية كون جعل الحكم في مورد وجود المشقة و مع عدم حاجة بلبسها لا مشقة لها حتى يعفى عنها و أمّا مع الاحتياج بلبسها مثل ما اذا كان بردا شديدا ففيه وجهان.

وجه عدم الاغتفار اعنى عدم العفو الجمود على ظاهر الرواية للتصريح فيها بقوله «ليس لها إلا ثوب واحد».

وجه العفو و الاغتفار هو كون الميزان و ملاك الحكم هو المشقة و هو موجود في الازيد من الواحد و الاقوى ذلك.

الفرع التاسع: هل يكون فرق في العفو بين ان تكون متمكنة لتحصيل الثوب الطاهر

بشراء او إجارة او استعارة و بين عدم تمكنها من ذلك وجهان:

وجه عدم الفرق اطلاق الرواية المذكورة الواردة في الباب لان الظاهر منها

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 227

كون قميص واحد لها و عدم وجود الازيد لها و في مورد إمكان تحصيل قميص آخر بشراء او غير الشراء يصدق ان لها قميصا واحدا و لو مع تمكنه من الشراء او غيره فلهذا تشتمل الرواية كلا الصورتين.

وجه الاختصاص بخصوص صورة كون قميصها واحدا و لا يتمكن من غيره بشراء او غيره هو كون ظاهر الرواية جعل الحكم في مورد المشقة من تطهير ثوبه و تحصيل ثوب طاهر فمن كان متمكنا من تحصيل ثوب طاهر

بشراء او غيره بدون كلفة و منة لا تشمله الرواية فلا وجه للشمول لهذه الصورة فالاقوى عدم العفو.

***

[مسئلة 1: الحاق بدنها بالثوب في العفو عن نجاسته محل اشكال]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 1: الحاق بدنها بالثوب في العفو عن نجاسته محل اشكال و ان كان لا يخلو عن وجه.

(1)

اقول وجه الاشكال هو عدم العلم بالمشقة الموجودة في اللباس في البدن لقلّة الابتلاء بنجاسة البدن بالنسبة الى الثوب.

***

[مسئلة 2: في الحاق المربي بالمربية اشكال]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 2: في الحاق المربي بالمربية اشكال و كذا من تواتر بوله.

(2)

اقول: أمّا الاشكال في الحاق المربّي بالمربّية فقد مضى الكلام فيه في الفرع

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 228

الاول من الفروع الذي قدّمنا ذكرها في المسألة فراجع.

و أمّا الاشكال في الحاق من تواتر بوله بالمربية فلعدم دليل صالح يدلّ على الحاقة بها.

و أمّا ما ورد بالخصوص هو ما رواها عبد الرحيم قال كتبت «1» الى ابى الحسن عليه السّلام في الخصى يبول فيلقى من ذلك شدة و يرى البلل بعد البلل قال يتوضأ و ينتضح في النهار مرة واحدة فلا يمكن التعويل عليها مع ما قيل من الاشكال في دلالة الرواية.

و أمّا التمسك في الحاق من تواتر بوله بالمربية بالحرج و المشقة.

فنقول ان المرفوع بقاعدة الحرج كل حكم يكون حرجيّا بمقدار يرتفع به الحرج و هذا غير كون حكمه في صورة الحرج بحكم المربية من وجوب غسل الثوب في كل يوم مرة فافهم.

***

______________________________

(1) الرواية 8 من الباب 13 من ابواب نواقض الوضوء من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 229

[السادس كل نجاسة في البدن و الثوب، حال الاضطرار]

قوله رحمه اللّه

«السادس» مما يعفى عنه فى الصلاة يعفي من كل نجاسة في البدن و الثوب، حال الاضطرار.

(1)

اقول لما نرى في الآثار و الاخبار من العفو مع بدن المتنجس او الثوب المتنجس و اتيان الصلاة في صورة الاضطرار.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 231

فصل: فى المطهرات

اشارة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 233

قوله رحمه اللّه

فصل في المطهرات و هى أمور:

[احدها الماء]

اشارة

«احدها» الماء و هو عمدتها لان ساير المطهرات مخصوص باشياء خاصة بخلافه فانه مطهر لكل متنجّس حتى الماء المضاف بالاستهلاك بل يطهر بعض الاعيان النجسة كميّت الانسان فانّه يطهر بتمام غسله.

و يشترط في التطهير به امور بعضها شرط في كل من القليل و الكثير و بعضها مختصّ بالتطهير بالقليل.

أمّا الاوّل فمنها زوال العين و الأثر بمعنى الاجزاء الصغار منها لا بمعنى اللون و الطعم و نحوهما.

و منها عدم تغيّر الماء في أثناء الاستعمال.

و منها طهارة الماء و لو فى ظاهر الشرع و منها اطلاقه بمعنى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 234

عدم خروجه عن الاطلاق في اثناء الاستعمال.

و أمّا الثاني فالتعدد في بعض المتنجسات كالمتنجس بالبول و كالظروف.

و التعفير كما في المتنجس بولوغ الكلب و العصر في مثل الثياب و الفرش و نحوهما مما يقبله.

و الورود اي ورود الماء على المتنجس دون العكس على الاحوط.

(1)

اقول

يقع الكلام في هذا الفصل في طى أمور:
الامر الاوّل: لا اشكال في مطهريّة الماء في الجملة

كما لا اشكال في كون ذلك من الضروريات. نعم في تعميم مطهريّته قد يستدلّ بالاجماع كما قد يستدلّ له بقوله تعالى وَ أَنْزَلْنٰا مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً طَهُوراً «1» بدعوى ان الظاهر من الطهور أمّا المطهريّة او ما يتطهّر به و لا يبعد ذلك كما قد عرفت الكلام فيه في أوّل مبحث «2» المياه.

فلا يرد عليه ما قيل من ان المراد بالطهور يحتمل ان يكون الطاهر او المبالغة في الطهارة.

وجه عدم ورود الا يراد ما قلنا من ان الظاهر منه ما يتطهّر به او المطهّر.

مضافا الى دلالة ما رواه داود بن فرقد الآتية ذكرها إن شاء اللّه في طي المبحث في هذا الامر اعنى الامر الاول على ان المراد من الطهور هو المطهّر و ما يتطهّر به.

______________________________

(1) سورة الفرقان،

الآية 47.

(2) راجع مبحث المياه في المجلد الاول من هذا الكتاب.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 235

كما أنّه لا يرد على الاستدلال بالآية الشريفة ان الآية لا تدل الا على مطهريّة ماء المطر و طهارته لان اللّه تعالى قال وَ أَنْزَلْنٰا مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً طَهُوراً «1» وجه عدم الورود ان ذلك كان باعتبار نزول كلّ ماء من السماء مضافا الى القطع بعدم الفرق في طهارة الماء و مطهّريّة بين ماء ينزل من السماء و بين ماء يخرج من الارض او عدم القول بالفصل بينهما.

و يستدل بقوله تعالى في قصّة بدر وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً لِيُطَهِّرَكُمْ «2» و دلالتها اوضح من الآية الاولى لانّها نصّ في كون الماء مطهّرا.

و الاشكال بان الآية في خصوص ماء المطر مندفع بما اجيب عن هذا الاشكال في الآية الاولى و الاشكال بانها وردت في خصوص واقعة البدر و اصحابه فلا وجه للتعدى الى غير موردها ففيه انه من المعلوم عدم الفرق بينهم و بين ساير المسلمين في الحكم.

و يستدل ببعض الروايات أيضا مثل ما رواها داود بن فرقد عن ابى عبد اللّه عليه السّلام قال كان بنو اسرائيل اذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا.

لحومهم بالمقاريض و قد وسّع اللّه عليكم بأوسع ما بين السماء و الارض و جعل لكم الماء طهورا فانظروا كيف تكونون «3» تدل الرواية على مطهرية الماء و كون المراد من كلمة «الطهور» ما يتطهّر به و بالملازمة تدلّ على طهارة الماء.

و كالرواية التي رواها السكوني عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الماء

______________________________

(1) سورة الفرقان، الآية 48.

(2) سورة الانفال، الآية 11.

(3)

الرواية 4 من الباب 1 من ابواب الماء المطلق من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 236

يطهر و لا يطهر «1» و روي هذه الرواية «2» مسندة عن اليسع عن ابي عبد اللّه عليه السّلام عن على عليه السّلام و هي مثلها و هي الرواية السابعة من الباب المذكور.

و هذه الرواية تدل على ان الماء يطهر و لا يطهر يعني يتطهر به و ليس شي ء يطهره و لو احتمل في قوله و لا يطهر» احتمالا آخرا فلا ينافي مع ما نحن بصدده في هذا المقام ان قلت ان المستفاد من الآيتين و الروايتين المتقدمين هو مطهرية الماء في الجملة و أمّا مطهريته لكل شي ء و في كل مورد فلا يستفاد منها.

اقول مضافا الى ان حذف المتعلق يفيد العموم نقول بأن الإجماع قائم على عمومية مطهرية الماء و فيه غنى و كفاية فلا يبقى اشكال في عمومية مطهرية الماء حتى لبدن الميت بغسله بالماء على ما يأتي الكلام فيه في محله إن شاء اللّه.

و أمّا مطهريته للمضاف النجس فانه كما ترى قال المؤلف رحمه اللّه من انه يطهر باستهلاكه في الماء المطلق.

اقول و تعبيره بانه يطهر باستهلاكه في الماء مسامحة لانه مع استهلاك المضاف في الماء المطلق لم يبق شي ء منه حتى يطهّره الماء لانه مع استهلاك المضاف لا وجود له حتى يتصف بالطهارة او النجاسة.

اقول أمّا عدم مطهرية الماء للمضاف مع فرض كونه مضافا كما عليه الشهرة فلعدم دليل نقلى على عموميّة مطهرية الماء لكل مورد إلا دعوى الاجماع و حصول الاجماع في المورد غير معلوم بل يكون معلوم العدم للشهرة على خلافه فان فرض وجود دليل لفظى على التعميم لا يمكن

القول به في خصوص المورد للشهرة القائمة على عدم مطهريته له و على كل حال المضاف الواقع في الماء المطلق تارة يستهلك في

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 1 من ابواب الماء المطلق من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب 1 من ابواب الماء المطلق من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 237

الماء بحيث لا يبقى له وجود بنظر العرفي لاستهلاكه فيه فلا كلام في انه في هذا المورد ذهب موجوديته و صار جزء من الماء المطلق عرفا و تارة يبقى عينه و يذهب وصف و أضافته ففي هذه الصورة باتصاله او امتزاجه بالماء المطلق صار طاهرا بسبب الماء المطلق مع بقاء عينه و فى هذه الصورة لا يصدق استهلاكه و يصحّ ان يقال ان الماء مطهّر له حقيقة نعم يكون اطلاق مطهرية الماء المطلق للمضاف في صورة استهلاكه في الماء كما هو مفروض المؤلف رحمه اللّه في المتن يكون من باب المسامحة.

الأمر الثاني: يقع الكلام فيما يشترط في مطهرية كل من قليل الماء و كثيره.
الاول: زوال عين النجاسة و أثرها.

اما اعتبار زوال العين فهو مسلّم لدخله في الغسل عرفا و شرعا و ما دام العين باقية لا يرتفع اثر النجاسة لأن عين النجاسة كما تقتضى حدوث النجاسة تقتضى بقائها فكيف يمكن الغسل مع بقائها في المحل.

و أمّا اعتبار زوال الأثر.

فتارة يراد به الاجزاء الصغار من العين فلا اشكال في اعتباره لانها من العين و يعتبر زوالها مثل اجزاء الكبار من العين و تارة يراد به اللون او الريح من النجس فنقول لو زالت العين باجزائها و بقى اللون او الريح فقد حصل تطهير المحل و لا يعتبر زوال اللون او الريح في التطهير.

و ما قيل من انهما من قبيل العرض للجسم فمع بقائهما يكون الجسم اعنى عين النجاسة باقية

لتقوّم العرض بالجسم لاستحالة انفكاك العرض عن معروضه و هو الجسم.

ففيه ان موضوعات الاحكام ليست ما يكون موضوعا بالدقة العقلية بل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 238

موضوعها ما هو موضوع عند العرف و بالنّظر العرفي كما هو مقتضي الاطلاق المقامى و العرف اذا قال ببقاء العين يقضي ببقاء الموضوع و بزوال العين يقضي بزواله و ان بقي لون عين النجس او ريحه.

مضافا الى ما قد يقال بدلالة بعض الروايات على عدم اعتبار زوال اللون و الريح في الغسل منها ما رواها ابن المغيرة عن ابى الحسن عليه السّلام قال قلت له ان للاستنجاء حدّ قال لا حتى ينقى ما، ثمّة قلت فانه ينقى ما، ثمّة و يبقى الريح قال الريح لا ينظر إليها «1» و الانصاف دلالة الرواية المذكورة على عدم اعتبار زوال الريح في الغسل.

و منها ما رواها على بن ابى حمزة عن العبد الصالح عليه السّلام قال سألته أم ولد لابيه «الى ان قال» قالت اصاب ثوبي دم الحيض فغسلته فلم يذهب اثره فقال اصبغيه بمشق حتى يختلط و يذهب «2».

و منها ما رواها عيسى بن ابى منصور قال قلت لابي عبد اللّه عليه السّلام امرأة أصاب ثوبها من دم الحيض فغسلته فيبقى اثر الدم في ثوبها قال قل لها تصبغيه بمشق حتى يختلط «3».

و منها ما رواها محمد بن احمد يحيى الاشعرى رفعه «في حديث» قال سألته امرأة بثوبى دم الحيض و غسلته و لم يذهب اثره فقال اصبغية بمشق «4».

و الاستدلال بهذه الروايات الآمرة فيها بالاختلاط بالمشق مبنى على كون

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 25 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 25 من

ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 3 من الباب 25 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(4) الرواية 4 من الباب 25 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 239

الامر بالاختلاط «بعد عدم كونه مجديا في ذهاب الأثر الباقى من العين ببقاء لونه لأنه لو كان العين في الفرض باقيا لا اثر للاختلاط بالمشق و لا يمكن غسله» لا جل التنفر الحاصل من بقاء لون دم الحيض ففي الحقيقة تدل هذه الروايات على انه لا مانع من بقاء اللون الا انه تدفع التنفر من بقاء اثر الدم بالاختلاط بالمشق.

و لكن يحتمل ان يكون المشق رافعا لاثر الدم و بالنتيجة يرفع الاثر عن المحل بالمشق فالروايات على هذا تكون دليلا على اعتبار زوال اللّون في الغسل و الشاهد على ذلك قوله في رواية على بن ابى حمزة «اصبغية بمشق حتى يختلط و يذهب» اي يذهب الاثر.

و الانصاف ان الروايات ذوات احتمالين فلا يمكن التمسك بها على احد طرفي المسألة.

و منها ما رواها محمد بن على بن الحسين قال سئل الرضا عليه السّلام عن الرجل يطأ في الحمام و في رجله الشقاق فيطأ البول و النورة فيدخل الشقاق اثر اسود ممّا و طى من القذر و قد غسله كيف يصنع به و برجله التي وطى بها.

أ يجزيه الغسل أم يخلل اظفاره «باظفاره» و يستنجى فيجد الريح من أظفاره و لا يرى شيئا قال لا شي ء عليه من الريح و الشقاق بعد غسله «1» و دلالتها على المطلب و ان كان لا يشكل عليها لكن الرواية مرسلة فلا يمكن التعويل عليها لضعف سندها.

و على كل حال لا اشكال في عدم اعتبار زوال الاثر بمعنى زوال

اللون و الريح من النجس في حصول التطهير.

______________________________

(1) الرواية 6 من الباب 25 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 240

الثاني: مما يعتبر في حصول التطهير عدم تغير الماء في اثناء

الاستعمال بالنجاسة فمع التغير في أثناء الاستعمال يصير الماء نجسا و لا يطهر المحل.

لما ادعي من الاجماع على كلا الحكمين اى نجاسة الماء بالتغير في الاثناء و عدم قابليته لان يطهر المحل به.

اما في خصوص نجاسة الماء المتغير حال الاستعمال يكفي ما دل على نجاسة الماء بحصول التغير فيه باحد من الصفات الثلاثة اعني اللون و الريح و الطّعم كما مر، في محله وجه ذلك ان الماء المستعمل في التطهير ليس امره اعظم من الماء الجاري و الكر و غيرهما فكما ينجس الماء الجاري و كل ماء معتصم بتغيره في احد اوصافه الثلاثة بالنجاسة كذلك الماء المستعمل في التطهير ينجس بحصول التغير فيه في احد الاوصاف الثلاثة.

و أمّا بالنسبة الى عدم مطهرية الماء في هذا الحال فقد يستشكل فيه بانه لا منافاة بين نجاسة الماء بالتغير و بين مطهريته للمحل لان اشتراط الماء بالطهارة قبل الاستعمال و أمّا صيرورته نجسا باستعماله في تطهير المحل لا يضر و لهذا نقول.

بطهارة الماء و لو نقل بنجاسة الغسالة.

و ليس جواب لهذا الاشكال الا الاجماع على عدم مطهّريته و نجاسة الماء المتخلف في المحل المستلزم لنجاسة المحل او دعوى انصراف ادلة مطهّرية الماء عن الماء المتغيّر في اثناء الاستعمال بارتكاز العرف لان الماء المتغيّر قذر بنفسه فكيف يقدر ان يرفع قذرا آخرا.

الثالث: طهارة الماء و لو في ظاهر الشرع

و الدليل عليه هو انصراف الادلة الدالة على طهارة الماء عن الماء النجس لان المرتكز في نظر العرف عدم قابلية النجس لان يطهر به شي ء آخر لان فاقد الشي ء لا يكون قابلا لا عطاء هذا الشي ء.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 241

مضافا الى دعوى الاجماع عليه و المراد بطهارة الماء في ظاهر الشرع هو

مقابل ما يكون طاهرا بحسب الواقع فتارة يكون طاهرا واقعا و تارة يكون طاهرا ظاهرا مثل ما اذا غسل بدنه او ثيابه بالماء المستصحب الطهارة او بقاعدة الطهارة و أثر الطاهر بالطهارة الظاهرية هو انه في صورة كشف عدم طهارة الماء لا بدّ من غسل النجس فيمكن كشف الخلاف في الطهارة الظاهرية و أمّا في الطهارة الواقعية لا معنى فيها لكشف الخلاف فيه لكونها طاهرا واقعا.

الرابع: اطلاق الماء بمعنى عدم خروجه عن الاطلاق في اثناء استعماله

للتطهير و يدلّ على ذلك ما مر في المباحث المتعلقة بالمياه من عدم كون المضاف مطهّرا.

ان قلت ان المعتبر عدم اضافة الماء قبل الاستعمال و أمّا صيرورته مضافا بالاستعمال فلا يضر بمطهريته و لا دليل على اعتباره.

قلت ان المعتبر الغسل بالماء المطلق و بعبارة اخرى المعتبر هو الغسل بالماء و المضاف ليس بماء و مع خروجه عن المائية في اثناء الاستعمال بالإضافة قبل تحقق الغسل لا يصدق الغسل بالماء الطاهر المطلق شرعا.

و لو شك في تحقق الغسل و عدمه يستصحب نجاسة المحل.

هذا كله فيما يشترط في التطهير بكل من الماء القليل و الكثير.

و أمّا ما يعتبر في تطهير خصوص الماء القليل

فقال المؤلف رحمه اللّه الاول التعدد كما في بعض المتنجسات كالمتنجس بالبول و كالظروف الثاني التّعفير كالمتنجس بولوغ الكلب الثالث العصر في مثل الثياب و الفرش و نحوهما مما يقبله الرابع الورود اي ورود الماء على المتنجس دون العكس على الاحوط.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 242

أقول اعلم ان المؤلف رحمه اللّه حيث تعرض للشرط الاول و الثاني و الثالث في طى بعض المسائل الآتية المتفرعة على الفصل فنحن أيضا نتعرض لها في طى مواضع يتعرض له المؤلف إن شاء اللّه.

و نتعرض للبحث عن الشرط الرابع و هو شرطية الورود هنا و في هذا المقام نقول. أمّا الكلام في شرطية الورود بمعنى انه هل يعتبر في تطهير الماء القليل ورود الماء على المتنجس أم لا فنقول بعونه تعالى.

اعلم ان المشهور قائلون باعتبار ذلك بل عن الجواهر عدم وجدانه من جزم على خلافه مطلقا و لكن المترائى من كلام بعض الفقهاء الاشكال فيه كالمحكي عن الشهيد و غيره رحمهم اللّه هذا حال المسألة بحسب الفتوى.

و أمّا ما يمكن ان يستدل

به على اشتراط الورود في التطهير بالماء القليل امور:

الأمر الاول: استصحاب النجاسة فيقال بانه اذا تنجس شي ء و وصل الماء به و لم يكن واردا على المتنجس فاذا شك في حصول الطهارة فاستصحاب النجاسة يقتضي بقاء النجاسة لان الاستصحاب مرجع فيما لم يكن دليل على الطهارة او النجاسة لان الاصل مرجع بعد عدم الدليل و الاصل في المورد هو الاستصحاب.

الأمر الثاني: العمومات او الاطلاقات الدالة على انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة الشاملة للمورد.

الأمر الثالث: ان كل متنجس نجس و مع نجاسته لا يكون مطهرا و على الفرض يصير الماء اذا كان موردا نجسا بملاقاته للنجس الوارد عليه.

ان قلت ان هذا الاشكال يرد في صورة ورود الماء على المتنجس أيضا لانه مع فرض نجاسة الماء القليل بملاقاته للنجاسة فهو ينجس بملاقاته للمحل المتنجس

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 243

و ان كان واردا عليه فمع صيرورته نجسا لا يكون مطهرا.

قلت ان الماء الوارد على النجس خارج عن تحت العمومين لان صورة ورود الماء هي المتقين من الادالة الدالة على كون الماء مطهّرا و اتفاق الكل على ان صورة ورود الماء على المتنجس في مقام التطهير خارج عن تحت العمومين و يبقى صورة وقوع النجس على الماء القليل تحت عمومهما.

الأمر الرابع: دعوى انصراف الادلة الدالة على مطهريّة الماء الى صورة تكون متداولة و متعارفة من ورود الماء القليل على المتنجس بل يمكن دعوى كون السيرة على ذلك.

الأمر الخامس: بعض الروايات الدالة على صب الماء على النجس الظّاهر في ورود الماء على النجس لان هذا معنى الصب.

مثل ما رواها الحسين بن ابي العلاء (في حديث) قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام عن الصبي يبول

على الثوب قال تصبّ عليه الماء قليلا ثم تعصره «1».

و مثل ما رواها الحلبي قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن بول الصبي قال تصب عليه الماء فان كان قد اكل فاغسله بالماء غسلا و الغلام و الجارية في ذلك شرع سواء «2» و غير ذلك راجع الباب المذكور فيه الروايتين المذكورتين و غير هذا الباب.

و الصب على ما قيل هو المرتبة النازلة من الغسل و يدل على ورود الماء على النجس هذا كله فيما يستدل به على اعتبار الورود اعني ورود الماء على النجس في التطهير بالماء القليل.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 3 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 3 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 244

و في قبال ذلك قد يقال بعدم اعتبار هذا الشرط او الاشكال في اعتبار ورود الماء على النجس.

اما أولا فلاطلاق الادلة الدالة على مطهرية الماء القليل و لم يعتبر فيها كون الماء وادا على النجس.

و دعوى انصراف الادلة الى خصوص صورة الورود باعتبار كون الغالب في تطهير المتنجسات هذه الكيفية اعني بنحو ورود الماء عليه غير تمام لان الانصراف بدوي خصوصا مع كون المرتكز في نظر العرف عدم الفرق بين ما يكون الماء واردا او مورودا.

و فيه انه بعد كون المرتكز عند العرف ورود الماء خصوصا باعتبار قاهرية الماء على النجس اذا كان واردا عليه و كون ذلك هو المعهود عندهم فمع هذا كيف يمكن دعوى الاطلاق للادلة ان كان لها اطلاق.

مضافا الى ان كون ما دل على مطهرية الماء القليل في مقام البيان من هذا الحيث محل اشكال فلا يمكن الاخذ بالإطلاق منها لان الظاهر من

بعضها صورة الورود مثل ما وقع التعبير بالصب كما في الروايتين المتقدمتين ذكرهما و غيرهما فهذا البعض لو لم يكن دليلا على عدم الاطلاق، لا يكون غير ذلك دليلا على الاطلاق و بعضها لو لم يكن مورده صورة الورود فلا اقل من عدم اطلاق له.

و أمّا ثانيا لما ذكر عن الذكري من ان ما قلتم من ان النجس اذا كان واردا على الماء يلزم نجاسة الماء لما دل على انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة و ما دل على ان كل متنجس ينجس ملاقيه نقول بان هذا يلزم على تقدير ورود الماء على النجس اذا كان قليلا لان في كل من التقديرين اعني تقدير ورود النجس على الماء و تقدير عكسه يلزم ذلك لان في كل منهما تحقق ملاقات الماء القليل مع النجاسة و مجرد ورود

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 245

الماء على النجس لا يخرج النجس عن النجاسة.

و فيه انه كما ذكرنا سابقا يكون القدر المسلّم من صورة مطهريّة الماء القليل حتى باعتراف الخصم هو صورة كون الماء واردا على النجس و السّر فيه مع قطع النظر عن التسلّم هو ان الماء اذا كان واردا على النجس فباعتبار وروده على النجس يكون قاهرا عليه فيلاقي النجس و يذهبه و لهذا يفرق العرف بين صورة ورود الماء و بين عكسها و يرى الفرق بين الصورتين.

و أمّا ثالثا فلدلالة بعض الروايات على عدم اعتبار ورود الماء على النجس في مطهريّة الماء القليل.

مثل ما رواها محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الثوب يصيبه البول قال اغسله في المركن مرتين فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة «1» بدعوى دلالتها

على ان الماء يوضع في المركن ثم يجعل المتنجس من الثوب او غيره فيه فيكون الماء مورودا و النجس واردا عليه و مع هذا اكتفي به.

و فيه انه ليس عليه السّلام على ما هذه الرواية الا في مقام بيان الغسل من حيث اعتبار التعدد في بعض المياه و عدمه في بعض المياه و ليس في مقام بيان ان الماء يرد أولا في المركن او المتنجس يرد أولا فيه.

مضافا الى انه لا يستفاد من الرواية كون الماء واردا على المتنجس او العكس فلا يستفاد من الرواية عدم اعتبار ورود الماء على المتنجس في مطهرية الماء القليل كما لا يستفاد عكسه من الرواية.

و مثل ما رواها الحسن بن المحبوب قال سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الجص يوقد

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 2 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 246

بالعذرة و عظام الموتى ثم يجصّ به المسجد أ يسجد عليه فكتب إليّ بخطّه ان الماء و النار قد طهراه «1» بدعوى انه مع فرض كون الجص نجسا و كون المتعارف القاء الماء أولا في ظرف ثم يلقي الجص في هذا الماء للتجصيص يكون النجس واردا على الماء و مع هذا قال عليه السّلام ان الماء و النار قد طهراه.

و فيه أولا ان فهم المراد من الرواية مشكل من حيث قوله عليه السّلام «ان الماء و النار قد طهراه» و كيف يكونان مطهرين للعذرة و عظام الموتى و غاية ما يمكن ان يقال في توجيه هذه الفقرة كما قال سيدنا الاستاذ الحجة قدّس سرّه هو ان يكون وضع طبخ الجص ان يجعل الوقود فوقه و في مفروض السؤال حيث كان

وقوده العذرة و عظام الموتى و يحتمل نجاسة الجص لاجلهما و كيف يمكن السجود عليه مع اختلاطه بالنجاسة و اختلاط الجص بهما فقال عليه السّلام ان الماء و النار قد طهراه» بمعنى ان حيث نجاستهما فقد صارا رمادا بالنار فاستحالا و الاستحاله من المطهرات و حيث اختلاط الجص بالرماد فبالماء ارتفع الاشكال لان الماء صار سببا لاختلاط الرماد بالجص بحيث يصدق عليه الجص فلا بأس بالسجود عليه.

و على هذا لا يكون الخبر المذكور دليلا على ان الماء كان مطهرا فلا يعتبر ورود الماء على المتنجس.

وجه عدم المجال هو ما قلنا من ان الماء لا يؤثر في تطهير الجصّ.

و لكن مع هذا لو لم نفهم ما هو المراد من الرواية و آنها تكون مجملة فلا يمكن الاخذ بها.

و ثانيا على تقدير عدم اشكال في الرواية فالاستدلال عليها مبنى على كون

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 81 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 247

المتعارف في نظر السائل و مورد سؤاله ايقاع النجس في الماء لا عكسه حتى يقال ان الماء المطهر كان موردا لا واردا على المتنجس.

و لكن هذا غير معلوم اذ لعله كان المتعارف خلافه بايقاع الماء على الجص و كون الماء واردا عليه فلا تدل الرواية على عدم اعتبار ورود الماء على المتنجس.

و ثالثا على فرض كون الجص المذكور في الرواية واردا على الماء فكون الماء قليلا غير معلوم و ليس المتكلم في مقام بيان هذا الحيث حتى يدفع بإطلاق كلامه فتلخص ان الاقوى اعتبار ورود الماء على المتنجس في الماء القليل.

***

[مسئلة 1: المدار في التطهير زوال عين النجاسة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 1: المدار في التطهير زوال عين النجاسة دون اوصافها فلو بقيت الريح او

اللون مع العلم بزوال العين كفي الا ان يستكشف من بقائهما بقاء الاجزاء الصغار او يشك في بقائها فلا يحكم حينئذ بالطهارة.

(1)

اقول قد مضى الكلام في أوّل شرط من الشرائط المعتبرة في تطهير الماء من هذا الفصل و انه ان كان المراد من الاثر اللون او الريح او الطعم فلا يجب ازالته مع فرض زوال العين و مع الشك في زوال الاجزاء الصغار من العين و عدمه عن المحل تستصحب نجاسة المحل.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 248

[مسئلة 2: انما يشترط في التطهير طهارة الماء قبل الاستعمال]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 2: انما يشترط في التطهير طهارة الماء قبل الاستعمال فلا يضرّ تنجسه بالوصول الى المحل النجس و اما الاطلاق فاعتباره انما هو قبل الاستعمال و حينه فلو صار بعد الوصول الى المحل مضافا لم يكف كما في الثوب المصبوغ فانه يشترط في طهارته بالماء القليل بقائه على الاطلاق الماء حتى حال العصر فما دام يخرج منه الماء الملوّن لا يطهر الا اذا كان اللون قليلا لم يصل الى حدّ الاضافة و اما اذا غسل في الكثير فيكفي فيه نفوذ الماء في جميع اجزائه بوصف الاطلاق و ان صار بالعصر مضافا بل الماء المعصور المضاف أيضا محكوم بالطهارة و اما اذا كان بحيث يوجب اضافة الماء بمجرّد وصوله إليه و لا ينفذ فيه الا مضافا فلا يطهر ما دام كذلك و الظاهر ان اشتراط عدم التغير أيضا كذلك فلو تغيّر بالاستعمال لم يكف ما دام يكون كذلك و لا يحسب غسلة من الغسلات فيما يعتبر فيه التعدد.

(1)

اقول: أمّا اشتراط طهارة الماء قبل الاستعمال فقد تقدّم وجه اعتباره في الفصل و هو الشرط الثالث من الشرائط المعتبرة في مطهريّة الماء القليل و الكثير

و اما تنجسه بالوصول الى المحل النجس فلا تضرّ هذه النجاسة الحاصلة بسبب استعماله في التطهير الناشية من ملاقاته مع المحل النجس و ان بنى على نجاسة الغسالة لان ما دل على طهارة الماء من الاجماع و ارتكاز العرفي على انّ النجس لا يصير مطهرا لان فاقد الشي ء لا يصير معطى الشي ء لا يجري فيما يتنجّس بالوصول الى المحل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 249

النجس في مقام التطهير.

و لو اعتبرنا عدم نجاسة الماء حتى بسبب وصوله الى المحل النجس في مقام تطهير هذا المحل النجس يلزم عدم مطهرية الماء القليل راسا و كيف يمكن الالتزام بعدم مطهرية الماء القليل و كيف يمكن ذلك مع كون موارد كثيرة بل اكثرها هو الغسل و التطهير بالماء القليل.

و أمّا اطلاق الماء فهو معتبر قبل الاستعمال و حال الاستعمال و حينه فلو صار الماء مضافا بعد الوصول الى المحل لم يكف كما يتفق في الشي ء المصبوغ في بعض الموارد فانه يشترط في مطهرية الماء القليل بقائه على الاطلاق حتى حال عصر المتنجس فيما يعتبر فيه العصر ما دام يخرج منه اللون الا اذا كان اللون قليلا بحيث لا يوجب اضافة الماء.

اما اعتبار اطلاق الماء قبل الاستعمال فقد مر الكلام فيه من ان المضاف لا يكون مطهرا.

و أمّا حين الاستعمال و بقاء اطلاقه الى نفوذ الماء بإطلاقه على جميع الاجزاء المتنجس فلان المعتبر غسل ما نفذ فيه الماء فاذا صار مضافا في هذا الحال فلم يتحقق الغسل بالماء المطلق لانه على الفرض صار مضافا و لو كان لما في المحل قبل حصول الغسل.

و أمّا اعتبار بقاء اطلاق الماء الى حال العصر فان قلنا بان العصر فيما

يحتاج إليه يتوقف حصول التطهير فيه الى العصر فهو دخيل في صدق حصول الغسل بمعنى ان الثوب المتنجس مثلا لا يتحقق غسله الا بالعصر فاعتبار بقاء الاطلاق الى ان يتحقق العصر يكون لاجل بقاء اطلاق الماء حتى يحصل الغسل بالماء المطلق و ان قلنا بعدم دخل العصر في مفهوم الغسل بل هو امر آخر دخيل فيما يقبل العصر من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 250

المتنجّسات فأيضا يجب بقاء اطلاق الماء الى حال العصر لانه مع اضافته بسبب المتنجس قبل العصر يصير الماء مضافا و ينفعل بملاقاته للمحل المتنجس.

أن قلت مع عدم دخل العصر في مفهوم الغسل فقد تحقق الغسل و اعتبار دخل العصر مخالف مع دل على كفاية الغسل في تحقق التطهير و الاجماع قائم على طهارة المحلّ باتصاله بالماء و مع العصر يفصل الماء فلا يضرّ صيرورة الماء مضافا بسبب الاستعمال.

قلت أمّا التمسك بإطلاق دليل كفاية الغسل فغير مفيد للمورد لان المفروض اضافة الماء و انفعاله بملاقات النجاسة و الاجماع القائم على طهارة المحل بالاتصال لا يشمل المورد الذي يكون المفروض فيه خروج الماء عن الاطلاق و صيرورته مضافا.

فتلخص ان ما يحتاج الى العصر من المتنجسات ما دام يخرج منه الماء الملوّن لا يطهر الا اذا كان اللون قليلا بحيث لا يبلغ الماء بحدّ الاضافة.

و أمّا اذا غسل الثوب و نظائره في الماء الكثير.

فتارة ينفذ الماء في جميع اجزائه بوصف الاطلاق و ان صار بالعصر بعد ذلك مضافا فيكفي في طهارته لانه على الفرض وصل الماء على جميع اجزائه بوصف الاطلاق و فى هذه الصورة يكون الماء المعصور المضاف محكوما بالطهارة أيضا لعدم تنجّسه بشي ء و ذلك بناء على عدم

اعتبار العصر في مثل الثوب و نظائره في الماء الكثير كما يأتي الكلام فيه إن شاء اللّه.

و تارة يوجب اضافة الماء بمجرد وصول الماء الى المحل النجس قبل ان ينفذ الماء بجميع اجزاء المحل بوصف الاطلاق بل لا ينفذ فيه الا مضافا فلا يطهر لما قلنا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 251

من اعتبار بقاء اطلاق الماء الى ان يحصل الغسل و في مفروض الكلام لم يحصل الغسل لعدم بقاء الماء بوصف الاطلاق على جميع اجزائه حتى يحصل الغسل و كذلك الامر في اشتراط عدم تغيّر الماء بالاستعمال قبل تحقق الغسل لا يطهر المحل لعدم وصول الماء الغير المتغير بالمحل المعتبر في تحقق الغسل و لهذا لو كان المتنجس مما يعتبر فيه التعدد فلا بد من عدم تغير الماء الى تمام الغسلتين او الغسلات و بعبارة اخرى لا يحسب كل غسلة تغير فيه الماء غسلة فلا بد من عدم تغير الماء الى حصول الغسل بحيث يقع كل غسلة مع الماء الغير المتغير.

***

[مسئلة 3: يجوز استعمال غسالة الاستنجاء في التطهير]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 3: يجوز استعمال غسالة الاستنجاء في التطهير على الاقوى و كذا غسالة سائر النجاسات على القول بطهارتها و اما على المختار من وجوب الاجتناب عنها احتياطا فلا.

(1)

اقول: قد مضى في الماء المستعمل طهارة غسالة الاستنجاء بالشرائط المتقدمة فمع طهارتها يجوز استعماله في التطهير اي يكفي في مقام التطهير كسائر المياه.

و كذا غسالة سائر النجاسات على القول بطهارتها فقد مرّ منا ان الاقوى نجاسة الغسالة المزيلة للعين و كذلك في الغسلة المزيلة حتى فيما يتعقبها الطهارة على الاحوط بل الاقوى و لو التزمنا بطهارته فيكتفي بها في رفع الخبث أيضا لاطلاق الادلة الدالة على مطهرية الماء و هما

فردان منه.

و لا وجه لعدم مطهريّتهما الا دعوى انصراف الادلّة عنهما و هو دعوى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 252

لا دليل عليه.

***

[مسئلة 4: يجب في تطهر الثوب او البدن من بول غير الرضيع الغسل مرّتين]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 4: يجب في تطهر الثوب او البدن من بول غير الرضيع الغسل مرّتين و اما في بول الرضيع غير المتغذّي بالطعام يكفي صب الماء مرّة و ان كان المرّتان أحوط و اما المتنجس بسائر النجاسات على الولوغ فالاقوى كفاية الغسل مرّة بعد زوال العين فلا تكفي الغسلة المزيلة لها الا ان يصب الماء مستمرا بعد زوالها و الاحوط التعدد في سائر النجاسات أيضا بل كونهما غير الغسلة المزيلة.

(1)

اقول: اعلم ان البحث فيما تعرّض في المسألة يقع في جهات

الجهة الاولى: في اعتبار الغسل مرّتين في المتنجس ببول غير الرضيع بالماء القليل.

فنقول بعونه تعالى ان الكلام يكون في بول غير الرضيع و غير محل الاستنجاء لان الكلام في بول الرضيع يأتي بعد ذلك إن شاء اللّه و الحكم في محل الاستنجاء مذكور في محله. ثم بعد ذلك نقول ان المشهور بحسب الفتوى اعتبار الغسل مرّتين في البول بالماء القليل و المحكي عن الشهيد رحمه اللّه فى البيان كفاية المرّة و المنقول منه في الذكري نسبة عدم اعتبار مراعاة التعدد في غير الولوغ و على كل حال ما دل بظاهره على اعتبار التعدد روايات:

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 253

الرواية الاولى: ما رواها الحسين بن ابى العلاء قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرّتين فأنّما هو ماء و سألته عن الثوب يصيبه البول قال أغسله مرّتين «1».

الثانية: ما رواها محمد عن أحدهما عليهما السّلام قال سألته عن البول يصيب الثوب قال أغسله مرّتين «2».

الثالثة: ما رواها ابن ابى يعفور قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البول» يصيب الثوب قال أغسله مرّتين «3».

الرابعة: ما رواها ابو اسحاق النحوى عن أبي عبد اللّه

عليه السّلام قال سألته عن البول يصيب الجسد قال صبّ عليه الماء مرّتين «4».

الخامسة: ما رواها محمد بن ادريس في «آخر السرائر» نقلا من كتاب «الجامع» لاحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطى قال سألته عن البول يصيب الجسد قال صبّ عليه الماء مرّتين فأنّما هو ماء و سألته عن الثوب يصيبه البول قال أغسله مرّتين «5».

السادسة: ما رواها محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الثوب يصيبه البول قال أغسله في المركن مرّتين فان غسلته في ماء جار فمرّة واحدة «6» و هذه الروايات كما ترى تدل على وجوب غسل الثوب و الجسد من البول مرّتين في

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 1 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 1 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 2 من الباب 1 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(4) الرواية 3 من الباب 1 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(5) الرواية 7 من الباب 1 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(6) الرواية 1 من الباب 2 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 254

الماء القليل لان موردها بقرينة التعبير بالصّب يكون الماء القليل و ان ابيت عن ذلك فلا اقل من ان المتيقن منها الماء القليل.

و في قبال ذلك ربما يتوهم انه يكفي في غسل المتنجس بالبول مرّة واحدة أو لا لبعض الاخبار الآمرة بالغسل في المتنجس بالبول و اطلاقه يقتضي الاكتفاء بالمرة.

مثل ما رواها عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال اغسل ثوبك من بول كل ما لا يؤكل لحمه «1».

فاطلاقها يقتضي الاكتفاء بكل ما يصدق عليه الغسل فيكفي الغسل مرة لصدق

الغسل عليها و فيه انه على فرض كون اطلاق لمثل هذا الرواية من حيث العدد لا بدّ من تقييدها بالروايات المتقدمة على وجوب الغسل في المتنجس بالبول مرّتين كما هو مقتضي القاعدة في الجمع بين المطلق و المقيّد.

و ثانيا بعض، ما ورد في مورد الاستنجاء من الاكتفاء في غسل مخرج البول بمرّة واحدة.

و فيه ان ما ورد في الاستنجاء لا يمكن التعدي من مورده الى غير مورده لاحتمال خصوصية في المورد كما ترى من بعض احكامه الخاصة و يخصّص به الاخبار المتقدّمة لان هذه الاخبار تدل على الغسل مرّتين و ما ورد في الاستنجاء على المرة فنقول اطلاق هذه الاخبار يقيّد بما ورد في الاستنجاء.

مع انه يمكن ان يقال انّ، الاخبار المتقدمة لا يشمل مورد الاستنجاء و انصرافها عن هذا المورد لان المتبادر من الاخبار المتقدمة هو النجاسة الخارجية التي تصيب الثوب و البدن.

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 8 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 255

و قد يقال بان المرّة الاولى تكون لازالة العين و المرّة الثانية تكون للتطهير، و يرجع قول من يقول بكفاية المرّة الي ذلك و يقال رجوع القول القائلين بالتفصيل بين الجاف و غيره باعتبار التعدد في غير الجاف لاجل كون الغسلة الاولى لمجرد ازالة العين من دون دخلها في تطهير الشي ء و لهذا لا يعتبر في الجاف التعدد لعدم وجود عين حتّى يزيلها بغسلة ثم يغسل المحل النجس مرة و على كل حال استدل على هذا القول بالرواية الاولى من الروايات المتقدمة و هي «1» ما رواها الحسين ابن ابو العلاء باعتبار زيادة في ذيلها ذكرها المحقق رحمه اللّه في المعتبر و الشهيد

رحمه اللّه في الذكري بعد قوله عليه السّلام «مرّتين» «مرة للازالة و مرة للنقاء» و ان كانت هذه الفقرة جزء الرواية كانت قابلة لان تصير منشأ هذا الحكم.

و لكن الاشكال في كونها جزء من الرواية لانه كما ترى ما نرى من هذه الفقرة ذكرا في كتب الاخبار كما ذكره صاحب الجواهر رحمه اللّه و حكى عن صاحب المعالم عدم وجدانه هذه الرواية في كتب الاخبار مع التصفح و التفحص و يحتمل كون هذه الفقرة من كلامهما و لا يبعد ذلك فلا تكون مدركا لهذا القول.

مضافا الى ان حمل قولهم عليهم السّلام من الامر بالغسل مرّتين في الروايات على ذلك بعيد لانه على هذا يكون الغسل الأول لأجل إزالة العين و دخلها عرفا في الغسل و هذا ليس تكليفا شرعيّا و الحال ان الظاهر من الامر كون الامر حكما شرعيا.

و أيضا يلزم ان يكون الغسل الاول وجوبه وجوبا تخييريا لا تعيينيّا لانه كما يمكن ازالة العين بالغسل كذلك يمكن ازالتها بشي ء آخر و الحال ان الظاهر من الأمر بالغسل مرّتين كونهما واجبين تعيينين.

ثم أعلم انه لو ألتزم احد بكفاية كون الغسلة الاولى لأزالة العين و الثانية

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 1 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 256

للنقاء لا بدّ ان يلتزم فيما لا يتوقف الغسل على ازالة العين بكفاية الغسل مرة واحدة مثل ما اذا وقع البول على محل لا يحتاج الغسل الى ازالة العين فيكفي الغسل مرة واحدة على هذا القول لان الاحتياج بالمرتين كان من حيث زوال العين و مع عدمه لا حاجة الا الى المرة و هذا الالتزام يوجب حمل الروايات الدالّة على وجوب

الغسل مرّتين على المورد النادر لان الغالب زوال عين البول من باب جفافه و حيث لا يمكن حمل المطلقات على مورد النادر لكونه حملا يأبى عنه العرف فلا بدّ من الالتزام بكون المرّتين معتبرين في الغسل بعد ازالة العين.

فتلخص ان الاقوى اعتبار الغسل مرّتين بعد زوال العين هذا كله بالنسبة الى كيفية غسل المتنجس بالبول في الماء القليل و قد عرفت اعتبار المرّتين.

الجهة الثانية: اعلم ان احكام الماء الغير القليل
اشارة

و ان تعرض لها المؤلف في المسألة «16» و لكن نحن نتعرض لها في هذا المقام لشدة مناسبتها لهذا المقام فنقول بعونه تعالى ان المشهور على ما ادعى عدم اعتبار التعدد في المتنجس بالبول في غير الماء القليل و الكلام يقع في طى فروع:

الفرع الاول: هل يعتبر التعدد في الماء الجاري أم لا

الحق عدم اعتباره لشهادة الرواية السادسة من الروايات المتقدمة ذكرها و هي رواية محمد بن مسلم على ذلك لان فيها قال ابو عبد اللّه عليه السّلام «اغسل في المركن مرّتين فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة» «1» هذا حكم المتنجس بالبول في الماء الجاري.

الفرع الثاني: هل يعتبر التعدد في المتنجس بالبول في ماء المطر او لا

الحق عدم اعتباره لما مضى في ماء المطر من انه حين نزوله من السماء يكون بمنزلة الماء الجاري فحكمه حكمه.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 2 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 257

الفرع الثالث: لا يعتبر التعدد في المتنجس بالبول اذا غسل في ماء البئر

لما مضى في محله من ان ماء البئر الماء الجاري فحكمه حكمه.

الفرع الرابع: هل المعتبر في المتنجس بالبول في مقام تطهيره التعدد في الماء الكثير الرّاكد

اعني الماء البالغ حد الكر أو لا.

اعلم ان المسألة ذات قولين قول باعتبار التعدد و قول بعدمه.

و يمكن ان يستدل على عدم اعتبار التعدد بامور نذكرها لك.

الاول: ان يقال بدلالة الرواية السادسة و هي ما رواها محمد بن مسلم على ذلك بدعوى دلالة قوله عليه السّلام فيها «اغسله في المركن مرّتين» مع قوله فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة» مع كون الجملة الثانية مفهوم الجملة الاولى ان الغسل مرتان يجب في الماء القليل و لا يجب الغسل في غيره مرتين و انحصاره بذكر خصوص الجاري أمّا يكون من باب غالبيّة الماء الجاري و أمّا من باب عدم ابتلاء السائل بالماء الراكد الكثير.

و فيه انه لا مفهوم لقوله عليه السّلام «اغسله في المركن مرتين» لعدم كونه قضيّة شرطيّة حتى يقال بانتفاء سنخ الحكم بانتفائه و أمّا قوله فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة» فتارة يقال بانه القضية الشرطية و لها المفهوم فمفهومها عدم كفاية المرة في غير الجاري فتدل على عدم الاكتفاء بالمرة في الماء الكر الراكد أيضا لكون مقتضي المنطوق انحصار كفاية المرة في الماء الجاري.

و تارة يقال بقرينة صدر الرواية ان المتيقن من الكلام هو بيان حكم الماء القليل و الجاري كما يشهد به ساير الروايات فالرواية غير متعرضة لحكم الماء الكر الراكد راسا و لا يبعد كون هذا الاحتمال اقوى و على كل حال لا يمكن الاستناد بهذه الرواية على عدم اعتبار التعدد في المتنجس بالبول في الماء الكثير الراكد.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 258

الثاني: المرسلة «1» المروية عن الباقر عليه السّلام مشيرا الى غدير

ماء ان هذا لا يصيب شيئا الا و طهّره بدعوى ان مجرد اصابة المتنجس بالماء الغدير يصير سببا لطهارته و هذه الرواية عام يشمل جميع المتنجسات و النسبة بين هذه المرسلة و بين ما دل من الروايات على اعتبار التعدد و ان كانت عموما من وجه لانّ هذه المرسلة عام من جهة و هي شمولها لجميع المتنجسات و خاص من جهة و هي شمولها لخصوص الكرّ من الماء.

و الروايات المتقدمة ذكرها عام من جهة و هي شمولها لكل ماء و خاص من جهة و هي كونها واردة في خصوص البول و مورد اجتماعهما، هو غسل المتنجس بالبول في الماء الكثير و يكون مقتضي هذه المرسلة طهارة المتنجس بالبول بمجرد اصابته الماء بمقتضى عمومها و مقتضي الروايات المتقدمة اعتبار التعدد فتتعارضان و حيث انه كما مضي في التعادل و الترجيح بان النسبة بين الخبرين المتعارضين اذا كانت عموما من وجه و كان احد المتعارضين في مادة اجتماعهما و تعارضهما اظهر من الآخر فلا بد من الاخذ و به لا بدّ في المورد الاخذ بالمرسلة لانها اظهر في شمولها لمادة الاجتماع.

فتكون النتيجة هي الالتزام بعدم اعتبار التعدد في المتنجس بالبول في الماء الكثير الراكد.

و قيل اشكالا على التمسك بالمرسلة بانها ليست الا في مقام مطهّرية الماء الكثير و أمّا كيفيّة التّطهير به من المرّة او التعدد فليست في مقام بيانها فلا تدل على عدم اعتبار التعدد.

قلت ان هذا الاشكال غير وارد لان هذه المرسلة تدلّ على ان الغدير

______________________________

(1) مستدرك الوسائل باب 9 من ابواب الماء المطلق ح 8.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 259

لا يصيب شيئا الا طهّره فكيف يمكن ان يقال بانّها

لا تدل على كفاية مجرد اصابة المتنجس به في تطهيره فيصح الاستدلال بها على كفاية مجرد اصابة هذا الماء بالمتنجس بدون اعتبار العصر او التعدد.

لكن بعد ذلك كله تكون العمدة آنها مرسلة و لا ندري ان مستند المشهور على عدم اعتبار التعدد كان هذه المرسلة حتّى يجبر ضعف سندها بعمل المشهور بها نعم لو كان الكافي في جبر ضعف السند مجرد مطابقة فتوى المشهور مع مضمونها كان مجال للاستناد، بها لكن هذا غير معلوم.

الثالث: بعض الروايات الواردة في ماء الحمام المتقدم ذكره في محله و يستفاد من بعض هذه الروايات كون ماء الحمام بمنزلة الجارى و من بعضها ان عاصمية مائه يكون من باب كون المادة له و من ضم بعضها ببعض يستفاد منه ان وجه كونه عاصما و مطهّرا، و بمنزلة المجاري كون المادة لماء الحمام و مادة الحمام صارت سببا لذلك ليس الا من باب كون مادّته كثيرا بالغا، حدّ الكر و بعد كون الكرية و الكثرة سببا لعاصميته و كونه بمنزلة الجاري فالكر بمنزلة الجاري اعنى الماء الراكد البالغ حد الكر و بعد كونه بمنزلة الجاري فيترتب على الراكد الكثير جميع احكام الجاري و منها كفاية المرة في مقام تطهير المتنجس بالبول فيه.

ان قلت ان تنزيل ماء الحمام منزلة الجاري ليس الا انّ ماء الحمام منزلة الجاري من حيث كون المادة له أيضا لا كون ماء الكثير في جميع الاحكام مثل الجاري.

قلت كما قلنا يستفاد من ضم يعض الاخبار الوارد في ماء الحمام ببعضه الآخر ان ماء الحمام بمنزلة الجاري من باب كون المادة اعني الكثرة له و بعد عدم اختصاص التنزيل ببعض الموارد يستفاد ان التنزيل يكون في جميع الموارد فكما

ان المتنجس

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 260

بالبول يطهر في الماء الجاري بمرّة و لا يجب التعدد كذلك في الماء الكثير الراكد لانه بمنزلته و بعبارة اخرى ما هو العلة لبعض الاحكام للجاري هو وجود المادة و هذه العلة موجودة في الماء الكثير.

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 3، ص: 260

فعلى هذا الاقوى بنظرى القاصر كفاية المرة الواحدة في تطهير المتنجس بالبول في الماء الكثير الراكد اعني البالغ حد الكرية و الحمد له أولا و آخرا».

الجهة الثانية: في بول الرضيع الغير المتغذّي بالطعام يكفي صب الماء مرة.
اشارة

اعلم ان القول بطهارة بول الصبى لم يحك الا عن ابن جنيد فان المحكي عن المختلف أن ابن جنيد قال ان بول البالغ و غير البالغ نجس الا ان يكون غير البالغ صبيّا ذكرا فان بوله لبنه ما لم يأكل اللحم ليس بنجس.

و استدل بما رواه السكوني عن جعفر عليه السّلام عن ابيه عليه السّلام ان عليا عليه السّلام قال لبن الجارية و بولها يغسل منه الثوب قبل ان يطعم لان لبنها يخرج من مثانة أمها و لبن الغلام لا يغسل منه الثوب و لا «من» بوله قبل ان يطعم لان لبن الغلام يخرج من العضدين و المنكبين. «1»

الجعفريات 12 باسناده عن على عليه السّلام أن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بال عليه الحسن و الحسين عليهما السّلام قبل أن يطعما فكان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لا يغسل بولهما من ثوبه «2».

لكن لا يمكن التعويل عليهما على فرض صحة سندهما لكونهما ممّا اعرض عنه الاصحاب.

مضافا الى ان المستفاد منهما

عدم غسلها و هذا لا ينافي مع وجوب صب الماء

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 3 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) جامع الاحاديث، ج 2، ص 65، ح 13.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 261

على بوله كما نحن نقول بعدم وجوب الغسل بل يكفي صب الماء على المتنجس ببول الرضيع.

الا ان يقال بان عدم وجوب الغسل كناية عن عدم النجاسة كما نقول بان الامر بالغسل يدلّ بالتزام على النجاسة.

و على كل حال لا اشكال في نجاسة بول الرضيع انما الا اشكال و الكلام يكون في انه يكفي في تطهير المتنجس ببول الرضيع الغير المتغذّي صب الماء عليه مرّة او يجب الغسل المشهور بل ادعي عدم الخلاف فيه كفاية صب الماء عليه مرّة و يدل عليه من الاخبار.

ما رواها الحلبي قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن بول الصبي قال تصب عليه الماء فان كان قد اكل فاغسله بالماء غسلا و الغلام و الجارية في ذلك شرع سواء «1».

و في الفقه المنسوب الى الرضا عليه السّلام و ان كان بول الغلام الرضيع صب عليه الماء صبا و ان كان قد اكل فاغسله و الغلام و الجارية سواء «2» و أمّا كفاية صب الماء مرة فلانه يحصل الصب بالمرة و عليه الفتوى.

و في قبال ذلك الرواية التي رواها سماعة قال سألته عن بول الصبي يصيب الثوب فقال اغسله قلت فان لم اجد مكانه قال اغسل الثوب كله «3» و هذه المضرة بظاهرها تدل على اعتبار الغسل في المتنجس ببول الصبي.

و الغسل على ما قيل يقتضي ازالة الوسخ عن المغسول و فى الصب لا يقتضي

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 3 من ابواب النجاسات

من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 2 من ابواب النّجاسات من المستدرك. فقه المنسوب الى الرضا عليه السّلام، ص 95.

(3) الرواية 3 من الباب 3 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 262

ذلك عرفا بل يكفى مجرد غلبة الغاسل على المغسول و قاهريّته بالنسبة إليه و ان لم يتحقق به ازالة الوسخ عن المغسول و الرش مرتبة ضعيفة من الصب و هو يحصل بمجرد اخراج الماء و ايصاله بالمحل و ان لم يستوعب المحل و لا يكون غالبا و لا قاهرا على المغسول اذا عرفت اختلاف الصب مع الغسل.

و عرفت ان الطائفة الاولى من الروايات تدل على كفاية الصب و هي رواية الحلبي و فقه الرضا و الطائفة الثانية و هي مضمرة سماعة على اعتبار الغسل فيقع التعارض بين الطائفتين.

لكن نقول أولا كما قيل بان مضمرة سماعة تحمل على الأجزاء و بعبارة اخرى على المقدار الذي يجزى عن التكليف و رواية الحلبي يحمل على أقلّ ما يجزى به و هو الصب و ثانيا بعد نصوصية رواية الحلبي و فقه الرضا على كفاية الصب فلا بد من حمل مضمرة سماعة على الاستحباب و هذا جمع عرفى و به يرفع التعارض مضافا الى كون رواية سماعة مضمرة فتلخص كفاية صب الماء على المتنجس ببول الصبي بالنحو الذي كان مورد الكلام انما الكلام في بعض الفروع:

الفرع الاوّل: هل الحكم مختص بالصبي او يشمل الصبية

ظاهر الكلمات هو الاول و ظاهر الرواية المتمسكة بها على المطلب و هي رواية الحلبي الثاني بناء على كون ذيلها و هو قوله عليه السّلام «و الغلام و الجارية في ذلك شرع سواء» راجعا الى كل من الحكمين المذكورين في صدر الرواية و هما قوله عليه

السّلام بعد سؤال السائل عن حكم بول الصبي «تصب عليه الماء» هذا حكم الأوّل و قوله «فان كان قد اكل فاغسله بالماء غسلا» و هذا حكم الثاني لانه على هذا تدل الرواية على ان الصب في الحكم الاوّل و الغسل في الحكم الثاني يكون لكل من الصبي و الصبية لقوله و الغلام و الجارية في ذلك شرع سواء و أمّا بناء على اختصاص الذيل و هو تسوية الجارية مع الغلام

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 263

مختصا بالحكم الثاني و هو وجوب الغسل فيما يأكل الصبي فلا تدل الرواية الا على كون الجارية مثل الغلام في صورة كان يأكل في وجوب الغسل و أمّا حكم الصب اي كفاية صب الماء في بول الصبي الذي لم يأكل فهو مختص بالصبي و لا يشمل الصبية و حيث انه من المتحمل كون الذيل في خصوص الحكم الثاني و هو وجوب الغسل فيمن يأكل، من الصبي فلا يمكن الاستناد بالذيل للحكم الاوّل و الالتزام بشمول حكم الصب في الصبي الذي لم يأكل للصبية بهذه الرواية مضافا الى تسلم كون حكم كفاية صب الماء في المتنجس ببول الصبي الغير المتغذّي بخصوص الصبي عند الاصحاب مشكل فاذا نقول باختصاص الحكم بالصبي.

و ما ورد في بعض الروايات من طرق العامة من اختصاص الحكم بالصبي فمع ضعف سنده و عدم معلومية كون استناد اصحابنا فى اختصاص الحكم بالغلام بهذه الاخبار حتى ينجبر ضعف سنده بعملهم لا يمكن جعلها دليلا على الاختصاص.

الفرع الثاني: كفاية صب الماء مرة يكون في المتنجس ببول الصبي الغير المتغذّي

بالطعام كما يدل عليه رواية الحلبي المتقدمة ذكرها و هو المتبادر من الرضيع المذكور في الفتاوي.

الفرع الثالث: الظاهر اعتبار صب الماء على المحل المتنجس ببول الرضيع

لان هذا مقتضي رواية الحلبي المتقدّمة مضافا الى ان ظاهر كلمات جلّ الاصحاب لو لم نقل كلهم هو هذا فلا يكفي الرش اى رش الماء لانه به لا يتحقق الصب.

الجهة الرابعة: هل يكفي في تطهير ساير المتنجسات غير المتنجس بالبول الغسل مرة واحدة او يجب التعدد.
اشارة

اعلم ان الكلام من حيث المتنجس يكون في غير الظروف فان الكلام في الظروف يأتي بعد ذلك إن شاء اللّه و في غير ولوغ الكلب و الخنزير فانه يأتي الكلام

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 264

فيه بعد ذلك إن شاء اللّه و من حيث النجاسات يكون الكلام في غير البول الذي تقدم الكلام فيه.

ثمّ بعد ذلك نقول بان الظاهر عدم اعتبار التعدد بل يكفي الغسل مرة بعد زوال العين فالكلام يقع في مقامين:

المقام الاوّل: في اعتبار التعدد و عدمه.

المقام الثاني: بعد فرض كفاية المرة هل يكتفي بالغسلة المزيلة للعين او يجب الغسل مرة بعد ازالة العين.

اما الكلام في المقام الاول فالمنسوب الى كثير من الفقهاء عدم اعتبار التعدد

و هو الاقوى لما نرى من تتبّع الاخبار الواردة في غسل النجاسات من الامر بالغسل و اطلاقها يقتضي الاكتفاء بالمرة الواحدة.

مثل ما ورد في المنى و فيها قال عليه السّلام «فان عرفت مكانه فاغسله و ان خفي مكانه فاغسل الثوب كله». «1»

و مثل ما ورد في الدم قال زرارة «اصاب ثوبي دم رعاف او غيره او شي ء من منى «الى ان قلت» فاني قد علمت انه قد أصابه و لم أدر اين هو فأغسله قال تغسل من ثوبك الناحية التي ترى انه قد اصابها الخ». «2»

و في الغائط فان العمدة في النص على نجاستها هي الاخبار الواردة في الاستنجاء و هي كما ترى لا تدل على غسل الازيد من مرة بل يكفي النقاء.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 7 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 7 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 265

و مثل ما ورد فيمن لاقي ميت الانسان «ليس على من مسه الا غسل

اليد «1»» فيكفي في الميتة مجرد الغسل و الرواية و ان كانت في ميتة الانسان لكن لا فرق بينها و بين ساير افراد الميتة.

و مثل ما ورد في غير ولوغ الكلب في ساير ما يلاقيه أيضا أن أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله». «2»

و في غير ولوغ الخنزير يدل بعض الروايات على كفاية الغسل و هو قوله «قال قلت ما على من قلب لحم الخنزير قال يغسل يده». «3»

و في خصوص ولوغ الخنزير و شربه يأتي الكلام إن شاء اللّه في بعض المسائل الآتية.

و مثل ما ورد في الكافر و فيها «في رجل صافح مجوسيا قال يغسل يده» «4» و فيها في مصافحة المسلم اليهودي و النصراني قال من وراء الثوب فان صافحك بيده فاغسل يدك. «5»

و في الخمر ما ورد من كفاية الغسل و فيها قال عليه السّلام «اذا اصاب ثوبك خمر او نبيذ مسكر فاغسله ان عرفت موضعه و ان لم تعرف موضعه فاغسله كله» و يكفي في المتنجس بالفقاع الغسل مرة لما في الرواية الّتي رواها هشام انه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الفقاع فقال لا تشربه فانّه خمر مجهول فاذا اصاب ثوبك فاغسله «6» و ما ورد في

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 3 من ابواب غسل المس من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 12 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 4 من الباب 13 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(4) الرواية 3 من الباب 14 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(5) الرواية 5 من الباب 14 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(6) الرواية 5 من الباب 38 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 266

العرق

الابل الجلالة و فيها و ان اصابك شي ء من عرقها فاغسله». «1»

و أمّا الاشكال بالاستدلال بهذه الروايات لكفاية الغسل مرة في المتنجس بالنجاسات بان هذه الروايات تكون دالة على كفاية اصل وجوب الغسل فيه و أمّا كيفية الغسل من التعدد او المرة او بعض جهات آخر فليست الروايات في مقام بيانها فلا وجه للاستدلال بهذه الروايات على كفاية الغسل مرة.

مدفوع أمّا أولا فلان الظاهر منها هو الامر بالغسل و بعد كونه في مقام بيان وجوب الغسل فان كان يرى في الغسل دخل شي ء غير ما يراه العرف من ايقاع الماء على المحل بعد ازالة العين كان عليه البيان و حيث اطلق الكلام فنكشف الاطلاق منه و أمّا ثانيا على فرض عدم كون الائمة عليهم السّلام في مقام بيان كيفية الغسل في هذه الروايات راسا لكن نقول بعد ما كان المتكلم في الروايات في مقام بيان وجوب الغسل و يرى ان العرف لا يفهم منه الّا ايقاع الماء عليه فلو كان بنظره يعتبر امر و دخل شي ء آخر فكان عليه البيان فنقول مقتضي الاطلاق المقامي عدم اعتبار شي ء آخر غير ما يراه العرف و نكشف من اطلاق كلامه ايكال الامر بنظر العرف.

و بعبارة اخرى في الوجه الاول يكون التمسك بالإطلاق اللفظي و في الثاني بالإطلاق المقامي و على كل حال لا يرد الاشكال.

و قد يستدل على كفاية المرة بالرواية المروية من النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و خلق الماء طهورا لا ينجسه شي ء» «2» بدعوى دلالتها على مطهريّة الماء لكل شي ء لان المراد من الطهور في الرواية هو مطهر فالرواية مطلق من حيث المطهر «بالكسر و من حيث المطهر «بالفتح» فهو مطهّر لكل

شي ء و يتطهر به كل شي ء بالإطلاق اللفظي

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 15 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 9 من الباب 1 من ابواب الماء المطلق من الوسائل، ج 1.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 267

و من حيث كيفية التطهير مطلق بالإطلاق المقامي فتكون النتيجة كفاية الغسل مرة الا فيما ورد دليل خاص على اعتبار أزيد من مرة او على اعتبار خصوصية اخرى.

و فيه ان كون الرواية في مقام بيان كيفية التطهير غير معلوم ان لم نقل بكونه معلوم العدم.

بل استشكل في الرواية بان كونها في مقام بيان المطهّر «بالفتح» غير معلوم اعني من حيث كونها في مقام بيان مطهريته لكل متنجس غير معلوم بقرينة قوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في ذيل الرواية لا ينجّسه شي ء» لان المستفاد من هذه الفقرة كون الرواية في مقام بيان عاصميّة الماء.

و في قبال ما قلنا من كفاية المرة قد يقال باعتبار التعدد.

أولا لما ورد في بعض الروايات المتقدّمة الواردة في البول مثل قوله عليه السّلام في رواية الحسين بن ابى العلاء في البول «صب عليه الماء مرتين فانما هو ماء» «1» و كذلك في رواية «2» البزنطي بدعوى انه بعد كون البول ماء و يكون خفيف الإزالة و قذارته ترتفع اسهل بالماء من ساير النجاسات و مع ذلك امر بالغسل مرّتين فيكون الغسل مرّتين في المتنجس بسائر النجاسات اولى من البول.

و الشاهد على ذلك ما ورد في المني و هي ما رواها محمد بن مسلم عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال ذكر المنى و شدده و جعله أشدّ من البول» «3» و فيه ان وجه التعليل في الروايتين بقوله

«فانما هو ماء يحتمل ان يكون لبيان كفاية الصب لانه قبل ذلك قال صب عليه الماء مرّتين» بل لا يبعد كون الظاهر من هذه الفقرة هذا لاحتمال لا ان

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 1 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 7 من الباب 1 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 2 من الباب 16 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 268

تكون علة لوجوب الصب مرتين و أمّا وجه اشدّية المنى من البول يمكن ان يكون ايجابه الغسل «بالضم» و لهذا يكون اشدّ من البول فانه لا يجب الغسل في البول مضافا الى انه لو كان اشدّ من حيث النجاسة و القذارة من البول فلا بد ان يقال في غسل المتنجس بالمنى الغسل ازيد من مرتين لان البول على هذا اخف من المنى و مع وجوب الغسل في البول الاخف مرتبة مرتين فيجب الغسل في الاشد و هو المنى ازيد من مرتين و هذا مما لا يلتزم به الخصم.

و ثانيا استصحاب النجاسة بعد الغسل مرة لانه يشك في ارتفاع النجاسة عن المحل بعد الغسل مرة أو لا فتستصحب النجاسة و مقتضاه الغسل مرّتان حتى لا يكون ناقض اليقين بالشك.

و فيه أولا ان المورد يكون من قبيل استصحاب القسم الثاني: من استصحاب الكلى و هو كون الشك في بقاء الكلى و عدمه من باب الشك في تردد الفردين بين مقطوع البقاء و بين الفرد المقطوع الزوال و حيث انه مضى في الاصول ان في القسم الثاني من استصحاب الكلى ان كان لنفس الكلى اثر شرعى يترتب عليه باستصحاب الكلى و أمّا ان كان اثر مترتب على بقاء الفرد فلا

يترتب عليه لعدم مجال لاستصحاب الفرد فبناء عليه نقول بان الاثر حيث لا يترتب على كلى النجاسة فلا مجال لاستصحاب كلى النجاسة و ترتيب الاثر بوجوب الغسل بل الاثر اعنى وجوب الغسل مترتب على كل فرد من افراد النجاسة فعلى هذا لا وجه لاستصحاب الفرد في المقام و القول بوجوب الغسل مرتين.

ان قلت ان كان الغسل مرتين مترتبا على كل النجاسة فيستصحب النجاسة و يترتب عليه الاثر و هو الغسل مرّتين.

قلت ما نرى من ظاهر الاخبار الواردة في النجاسات و الاحكام المترتبة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 269

عليها تكون كلها مترتبة على الفرد لا على الكلى فالغسل مرّتان مثلا مرتب على خصوص البول و ما ورد من التعفير في ولوغ الكلب او الخنزير على القول به في الخنزير حكم ثابت لكل منهما بالخصوص لا على كلى النجاسة حتى يترتب عليه ببركة الاستصحاب فلا مجال بعد الغسل مرة من استصحاب النجاسة حتى يترتب عليه الغسل مرة اخرى.

و ثانيا بعد ما قلنا من أن الإطلاقات الواردة في الغسل يدلّ على الغسل مرّة في النجاسات ما عدى البول و ولوغ الكلب و الخنزير على القول به في الخنزير يدل على كفاية الغسل مرة في المتنجس بنجاسة غير البول و الولوغ.

و لو فرض عدم الاطلاق لهذه الاخبار فبعد ذكر الغسل و الامر به في الاخبار و عدم بيان موضوع الغسل من قبل الشارع نكشف ان الشارع كان أوكله الى العرف و العرف يكتفي بالغسل مرة بعد زوال عين النجاسة و على هذا لا تصل النوبة بالاستصحاب.

فالاقوى عدم اعتبار التعدد نعم الاحتياط بالتعدد مما لا ينبغى تركه.

هذا تمام الكلام في المقام الاولى.

و أمّا الكلام في المقام الثاني و هو انّ الغسل مرة الكافى في مقام التطهير

هل يعتبر ان يكون

بعد الغسل المزيل لعين النجاسة أو لا يجب ذلك بل يكفي الغسل مرة و ان كان ذلك هو الغسل المزيل للعين وجهان.

وجه الكفاية اطلاق أدلّة الغسل و قد تحقق الغسل و الإزالة.

وجه عدم الكفاية ظهور الأدلة او انصرافها بصورة تحقق الإزالة و أ يقاع الغسل بعد ازالة العين كما قلنا في وجه اعتبار إزالة عين النجاسة في حصول التطهير

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 270

قبل الغسل لان يكون بعد إزالة العين فلا بد من وقوع الغسل بعد إزالة العين.

ثم انه لو اعتبرنا كون الغسل بعد ازالة العين و عدم الاكتفاء بالغسلة المزيلة للعين هل يكفي في تحقق الغسل بعد إزالة عين النجاسة استمرار صب الماء على المحل المتنجس أو لا يكفي ذلك بل لا بدّ من احداث الغسل بعد ازالة العين و بعبارة اخرى يعتبر بعد الغسلة المزيلة من غسل آخر مرة.

وجه الاكتفاء هو ان الميزان وقوع الغسل بعد ازالة العين فما يستمر على المحل من الماء المصبوب يحصّل ذلك و يصدق وقوع الغسل على المحل بعد ازالة العين و ان كان ذلك باستمرار الغسلة المزيلة على المحل بعد زوال العين.

وجه عدم الاكتفاء أنه يصدق على الماء الذي يستمر بعد زوال العين على المحل انه الغسلة المزيلة للعين.

و من ان الظاهر من الأدلّة هو احداث الغسل على المحل المتنجس فيقال على هذا بعدم الاكتفاء و هذا احوط.

***

[مسئلة 5: يجب في الاواني اذا تنجّست بغير الولوغ الغسل ثلاث مرّات]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 5: يجب في الاواني اذا تنجّست بغير الولوغ الغسل ثلاث مرّات في الماء القليل و اذا تنجّست بالولوغ التعفير بالتراب مرّة و بالماء بعده مرّتين و الاولى ان يطرح فيها التراب من غير ماء و يمسح به ثم يجعل فيه شي ء

من الماء و يمسح به و ان كان الاقوى كفاية الاول فقط بل الثاني أيضا و لا بدّ من التراب فلا يكفي عنه الرماد و الاشنان و النورة و نحوها نعم يكفي الرمل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 271

و لا فرق بين اقسام التراب و المراد من الولوغ شربه الماء او مائعا آخر بطرف لسانه و يقوى الحاق لطعه الاناء بشربه و اما وقوع لعاب فمه فالاقوى فيه عدم الالحاق و ان كان أحوط بل الأحوط اجراء الحكم المذكور في مطلق مباشرته و لو كان بغير اللسان من ساير الاعضاء حتى وقوع شعره او عرقه في الاناء.

(1)

اقول: الكلام في المسألة يقع في طىّ امور:

الأمر الاول: في كيفية تطهير الاواني في الماء القليل
اشارة

فنقول ان المراجع في الكلمات يري ان الاقوال في المسألة ثلاثة:

القول الاول: وجوب غسل الاناء ثلاث مرّات.

القول الثاني: وجوب الغسل مرة واحدة و هذا القول محكى عن جمع من فقهائنا رضوان اللّه تعالى عليهم.

القول الثالث: وجوب غسله مرّتان:

و مستند القول الاول هو الرواية التي رواها عمّار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سئل عن الكوز و الاناء يكون قذرا كيف يغسل و كم مرّة يغسل قال يغسل ثلاث مرّات يصبّ فيه الماء فيحرّك فيه ثم يفرغ منه ثم يصب فيه ماء آخر فيحرّك فيه ثم يفرغ ذلك الماء ثم يصبّ فيه ماء آخر فيحرّك فيه ثم يفرغ منه و قد طهر «1».

و مستند القول الثاني هو إطلاقات أدلّة الغسل و المرسلة المحكية عن المبسوط

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 53 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 272

من انه روي الاكتفاء بالمرة في جميع النجاسات و حصول الغرض و هو

ازالة النجاسة بها.

و فيه أمّا الإطلاقات فنقول بعد فرض الإطلاق لا بدّ من تقييدها برواية عمار الساباطي المتقدمة ذكرها التي تكون نصا في وجوب الغسل ثلاث مرّات في الاناء لوجوب حمل المطلق على المقيد.

ان قلت ان رواية عمار ضعيف سندها لان عمار فطحي.

قلت الميزان في حجية الخبر هو الوثوق و على ما ترى يكون عمار موثّقا فلا اشكال في سند الرواية.

ان قلت ان هذه الرواية تحمل على الاستحباب.

قلت لا قرينة على ذلك و مع عدم القرينة تدل الجملة الخبرية الواردة في مقام الإفتاء على الوجوب.

و أمّا مرسلة المبسوط فهي باعتبار ارسالها ضعيفة السند و مجرد موافقة هذه المرسلة مع الشرائع و اكثر كتب العلامة رحمه اللّه و بعض من تأخر عنه لا يكفى في جبر ضعف سندها.

أمّا أولا فلان المعتبر في جبر ضعف السند كون مستند فتواهم الاتكاء بالمرسلة و أمّا ثانيا الشهرة الجابرة هي الشهرة القدماء و المحقق و العلامة قدس سرهما ليسا منهم على ما افاد سيدنا الاعظم آية اللّه العظمى البروجردي قدّس سرّه في بعض بياناته.

و أمّا ما قيل من حصول الغرض و هو زوال النجاسة بالغسل مرّة ففيه انه بعد التصريح في رواية عمار على اعتبار الغسل ثلاث مرّات نفهم عدم الاكتفاء في التطهير

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 273

بالاقل من ذلك فلا بدّ من الغسل ثلاث مرّات كما في الرواية.

فرع هل يختص الغسل ثلاث مرّات في الإناء المتنجس بخصوص ما يغسل بالماء القليل

او يعمّ الحكم غيره كالجاري و الكرّ و غيرهما.

اعلم ان النسبة بين رواية عمار و بين ما دل على كفاية المرّة في المتنجس بالبول في الماء الجاري العموم و الخصوص من وجه لان رواية عمار عام يشمل جميع المتنجسات و خاص لكونه في خصوص الاناء و

رواية محمد بن مسلم الدالة على المرّة في الجاري خاص لانها في خصوص البول و عام لانها تشمل الاناء و غير الاناء لكن شمول رواية محمد بن مسلم لمورد الاجتماع و هو في الاناء المتنجس بالبول تكون اظهر فيؤخذ بها و تكون النتيجة عدم وجوب الغسل في الاناء ثلاث مرات في الماء الجاري في المتنجس بالبول و هكذا نقول في ماء المطر و الحمام و البئر و الكر لما قدمنا من كونها بمنزلة الجاري فلا يجب التعدد في الاناء المتنجس بالبول اذا غسل فيها و هل نقول بذلك في الاناء المتنجس بسائر النجاسات اذا غسل في غير الماء القليل من باب كون ساير النجاسات اولى بالحكم بعدم التعدد من البول.

او نقول بان رواية عمار مطلق و القدر المتيقن من تقييدها في المتنجس بالبول في الجاري و اخواته و أمّا في المتنجس بغير البول فيوخذ بإطلاقها و تكون النتيجة وجوب الغسل على هذا ثلاث مرات في الاناء المتنجس بغير البول حتى في الماء الجاري أو لا وجهان.

و حيث ان رواية عمار الدالّة على الغسل ثلاث مرات في الاناء باعتبار التعبير الواقع فيها من صب الماء في الاناء مناسب مع كون الماء قليلا يكون اطلاقها مجملا فلا يشمل غير القليل و ان كان الاحوط ثلاث مرات في غير الماء القليل أيضا في خصوص الاناء.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 274

ثم لا بأس بذكر المستند للقول الثالث و هو وجوب الغسل مرّتان و هو استصحاب النجاسة قبل الغسل مرّتين و البراءة بالنسبة الى الزائد و أنّ الدليل دل على وجوب الغسل مرّتين في المتنجس بالبول و لا فرق بينه و بين ساير النجاسات.

و فيه انه

لو لم تكن رواية عمار المتقدمة ذكرها لقلنا بكفاية المرة في كل متنجس بنجاسة غير البول و الولوغ كما قلنا في المتنجس بسائر النجاسات و نقول في خصوص المتنجس بالبول بالغسل مرّتين في القليل و بيّنا الحكم في غير القليل و لا وجه للتعدي من البول الى غيره من النجاسات و نقول إن شاء اللّه في ولوغ الكلب و الخنزير ما حكمهما و على كلّ حال ما ورد من الغسل مرّتين يكون في خصوص البول و لا وجه للتعدي الى غيره.

و أمّا استصحاب النجاسة الذي جعل دليلا على وجوب الغسل مرّتين.

فنقول بانه أن وصلت النوبة بالاستصحاب و كان جاريا فكما يجري بعد الغسل مرّة و يقال بوجوب مرة اخرى كذلك يجري بعد الغسل مرّتين و تكون نتيجة جريانه الغسل ثلاث مرّات فلو تمّ جريان الاستصحاب يكون مقتضاه الغسل ثلاث مرّات.

لكن بعد فرض دلالة رواية عمار على وجوب الغسل ثلاث مرّات لا تصل النوبة بالاستصحاب لانه مع وجود الامارة لا تصل النوبة بالاصل.

الأمر الثاني: في المتنجس بولوغ الكلب و الكلام فيه يقع في جهات:
الجهة الاولى: في انه هل يكون حكم خاص لولوغ الكلب أو لا

اعلم انه لا اشكال في ذلك أى ثبوت حكم خاص له نصا و فتوى.

و انّما الكلام في بعض الخصوصيات.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 275

فنقول ما يرى في كلمات فقهائنا رضوان اللّه عليهم وجود الخلاف في حكمه.

الاوّل: ما حكى عن ابن جنيد من انه قال يغسل المتنجس بولوغ الكلب سبع مرّات اولهنّ بالتراب.

الثاني: غسله ثلاث مرّات إحداها مع التراب مع الاختلاف في ان التعفير بالتراب يكون في أوّل الغسل او في الثاني او يكون الحكم التّخيير كما هو احد الاحتمالين في المحكي عن الانتصار و الخلاف لعدم تعرض في كلامهما و كونهما ساكتين من حيث كون الغسل مع التراب في

المرة الاولى او في الوسط او في الاخير و ان كان سكوتهما عن التكلّم من هذا الحيث لا يستفاد انهما قائلان بالتخيير او كان نظرهما الى ما هو المشهور من كون المرة الاولى التعفير بالتراب و على كل حال يكون الغسل في المرد الاولى بالتراب بمعنى ان المعتبر الغسل ثلاث مرّات مع كون اوله بالتراب هو المشهور.

الثالث: الغسل مرة بعد التعفير بالتراب و هو المحكي عن صاحب المدارك تبعا لشيخه المقدس الاردبيلي قدس سرهما هذا حال المسألة من حيث الفتوى و أمّا من حيث النص فما يمكن ان يستدل عليه ما رواها الفضل عن العباس قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن فضل الهرة و الشاة و البقرة و الابل و الحمار و الخيل و البغال و الوحش و السباع فلم أترك شيئا إلا سألته عنه فقال لا بأس به حتى انتهيت الى الكلب فقال رجس نجس لا تتوضأ بفضله و اصبب ذلك الماء فاغسله بالتراب أول مرّة ثم بالماء «1» و نقل هذه الرواية المحقق قدّس سرّه في المعتبر و زاد بعد قوله «بالماء» كلمة «المرتين» و على هذا تكون ذيل الرواية هكذا «و اغسله بالتراب أوّل مرة ثم الماء مرّتين» و نقل قبل المعتبر بعض آخر من الفقهاء هذه الزيادة في الرواية.

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 1 من ابواب الاستاذ من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 276

و المراجع بالكتب الاخبار يرى عدم وجود هذه الزيادة لكن المحقق رواها مع هذه الزيادة و كذا بعض الآخر.

فمنشأ القول بالغسل ثلاث مرّات اوّلها التراب ثم بالماء مرّتان يمكن ان يكون هذه الرواية بنقل المعتبر مع قطع النظر عن الشهرة.

و يكون منشأ

الاكتفاء بالغسل مرة بعد التعفير بالتراب أيضا هذه الرواية بناء على عدم كون «مرتين» جزء هذه الرواية.

و يكون منشأ الفتوى بسبع مرّات هو بعض ما ورد في طريق العامة الدال على ذلك و خصوص الرواية التي رواها عمار عن الصادق عليه السّلام في الإناء الذي يشرب فيه النّبيذ قال تغسله سبع مرّات و كذلك الكلب «1» و فيه أمّا ما ورد من طريق العامة فلم يكن فيه مقتضي الحجية.

و أمّا ما ورد من طريقنا فحيث يكون مما أعرض عنه اصحابنا لا يمكن التعويل عليه مضافا الى ان رواية الفضل ان كانت مشتملة على الزيادة المحكية عن المحقق رحمه اللّه في المعتبر اعني كلمة «مرّتين» الدالة على كفاية المرّتين لا بدّ من حمل «سبع مرّات» في رواية عمار على الاستحباب بمقتضى الجمع العرفي.

اذا عرفت بطلان القول الاول يقع الكلام في انه هل الصحيح هو القول الثاني كما عليه الشهرة و يدلّ عليه رواية الفضل المتقدمة ذكرها بنقل المحقق عليه الرحمة او الحق هو القول الثالث. و المنشأ هو كون رواية الفضل هل كانت مع زيادة «مرتين» او لا فان عوّلنا على نقل المحقق لانه كيف يمكن القول بعدم صحة ما اخرجه المحقق مع عظم اطلاعه و وثاقته و عنايته بجميع الخصوصيات.

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 35 من ابواب الاشربة المحرمة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 277

و خصوصا مع كون بعض الاصول موجودا عنده لم يصل إلينا الا الكتب الاربعة المعروفة و خصوصا مع انه لو فرض الشّك في الزيادة و النقيصة في الرواية الاصل العقلائى يقتضي عدم الزيادة لان الزيادة محتاجة الى مئونة زائدة بخلاف النقيصة فالاصل مساعد مع ما نقله

المحقق رحمه اللّه.

و خصوصا مع كون الرواية موافقا لما هو المشهور قبل المحقق بكيفية نقلها المحقق هذا غاية ما يمكن ان يقال في توجيه قول المشهور و في الرواية بنقل المحقق فان حصل الاطمينان بما أفتى به المشهور و خصوص رواية الفضل بنقل المحقق فيقال بالغسل مرتين بعد التعفير و الا يقال بكفاية وجوب الغسل مرة بالتراب و مرة بعده بالماء.

و لكن مع هذا الاحوط بل الاقوى التعفير ثم الغسل بالماء مرّتان كما هو المشهور و للرواية بنقل المحقق رحمه اللّه.

الجهة الثانية: فيما هو المراد من ولوغ الكلب

و هو على ما نقل عن الصحاح شرب الكلب من الاناء الذي فيه الماء او غيره بطرف لسانه و عن القاموس ادخال لسانه في الاناء و تحريكه و هذا هو المقدار المسلّم من مورد الحكم.

و أمّا لطعه الاناء بشربه فداخل في مورد الحكم أيضا لان المذكور في الرواية «فضل الكلب» و يصدق على ما بقى في الإناء انه فضل الكلب.

و أمّا مجرد وقوع لعاب الكلب في الماء بدون مباشرة لسانه و فمه فلا يصدق عليه انه ولوغ الكلب و فضل الكلب اذا المراد من الفضل هو الزيادة عما أكله او شربه الحيوان ألا أن يقال بوجود دليل آخر غير «الفضل» و هو غير معلوم.

و كذلك مباشرة الكلب الاناء بسائر اعضائه نعم الاحوط اسراء الحكم في كل الصور.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 278

و هل يكون هذا الحكم الثابت لولوغ الكلب مختصا بما اذا ولغ الكلب في خصوص الماء او يعمّ الحكم لصورة ولوغه لكل من المائعات كالمضاف و غيره كما عن الصحاح المتقدم كلامه في معنى الولوغ و منشأ الاشكال هو ان المذكور في الرواية و هو قوله عليه السّلام «لا

تتوضأ بفضله و اصبب ذلك الماء» و الوضوء لا يمكن الا بالماء و هذا قرينة على كون الحكم مخصوصا بما كان الفضل الماء.

فهل نقول بذلك او نقول بانه لا فرق بين الماء و غيره من المائعات و الانصاف انه لو فرض عدم دلالة الرواية بمنطوقه اللفظى على ثبوت الحكم في ساير المائعات و لكن لا اشكال في دخولها للقطع بوجود الملاك.

الجهة الثالثة: اعلم أن المستفاد من الرواية وجوب الغسل بالتراب في ولوغ الكلب

فيقع الكلام في كيفية الغسل بالتراب ففيها احتمالات و على طبقها اقوال.

الاحتمال الاول: كون التعفير بالتراب بدون ادخال شي ء من الماء فيه.

الثاني: ادخال الماء فيه بنحو لا يخرج التراب عن ترابيّته بحيث مع ادخال الماء يصدق غسل التراب به.

الثالث: ان يمزج الماء بالتراب بحيث يقال غسل المحل بالتراب و الماء و يصدق الغسل بهما و يخرج الماء عن الاطلاق.

الرابع: ان يدخل الماء في التراب بمقدار لا يخرج الماء عن اطلاقه مثل الغسل بالسدد و الكافور في غسل الميت.

و منشأ الخلاف هو ان اللّازم في قوله عليه السّلام في الرواية المتمسكة بها في المسألة «اغسله بالتراب اوّل مرّة» بعد عدم امكان حفظ ظهور الغسل حفظ كون التعفير بالتراب معا فلا بد من ان يكون التراب بمقدار من الكثرة يصدق عليه وقوع الغسل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 279

بالتراب و كذا لا بدّ من كون الماء بمقدار من الكثرة حتى بصدق الغسل فلا يمكن حفظهما معا فلا بد أمّا رفع اليد عن ظهور الغسل و أمّا من رفع إليه عن ظهور التراب.

فأن قدّمنا ظهور الاول لا بدّ من ان يكون التراب قليلا و الماء كثيرا بحيث يصدق الغسل بالماء بل يلزم ان يكون التراب بمقدار من القلة حتى لا يخرج الماء عن

اطلاقه و عن كونه ماء و ان قدّمنا ظهور التراب فلا بدّ من ان يكون التعفير بالتراب الخالص او بالتراب مع ادخال قليل من الماء فيه بحيث لا يخرج التراب عن الترابية.

فيكون المورد من صغريات النزاع المعروف من انه اذا دار الامر بين حفظ ظهور الفعل و بين حفظ ظهور المتعلق يكون التقديم لاى من الظهورين قد يقال بانه بعد عدم وجود ضابط كلى للاخذ بظهور الفعل و تقديمه على ظهور المتعلق او عكس ذلك فيكون اللّازم ملاحظة كل مورد من موارد هذا التعارض فربما يكون الفعل أظهر من حيث دخله من المتعلق و ربّما يكون المتعلق اظهر من حيث دخله دخل على الفعل فيقال في مورد الكلام في المقام بعد دوران الامر بين حفظ ظهور الفعل و هو «اغسل» و بين حفظ ظهور المتعلق و هو «التراب» يكون المقدم حفظ ظهور الفعل اعنى الغسل لان الظاهر المتبادر من الغسل هو ازالة الوسخ الموجود في المحل بالماء و يكون حمل الغسل على مجرد مسح شي ء بالمحل او دلكه بدون ماء يكون مجازا و يكون حمل التراب على الممزوج و ان كان مجازا لكن الاول مجاز غير شايع و الثاني مجاز شايع كما يقال اغسل الرأس بالخطمى او بالسدر او بالحناء او الصابون فيراد في غسل كل منها مزج هذه الاشياء بالماء و غسل الرأس بالماء المخلوط بها.

و هذا النحو من الاطلاق و الاستعمال اطلاق و استعمال شايع و ان كان مجازيا و مع الدوران بين الاخذ بأحد من المجازين اعني بين الاخذ بالمجاز الشائع و بين الأخذ بالمجاز الغير الشائع يكون المناسب الأخذ بالمجاز الشائع فيجب الأخذ بظهور

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3،

ص: 280

الغسل فيجب في الغسل بالتراب مزج التراب بالماء.

و قد يقال بان الأظهر في المقام حفظ ظهور التراب و رفع اليد عن ظهور الغسل في قوله في الرواية «اغسله» لان التصرف في قوله اغسله لا بدّ منه على كل حال سواء تصرف فيه او تصرف في قوله «بالتراب حيث انه لو اخذ بظهور «اغسل» تكون النتيجة الغسل بالماء و التراب فقد عرفت في الغسل انه عبارة عن ازالة الوسخ بالماء الا ان يقال بكفاية صرف الوجود من التراب في الماء بحيث لا يصير سببا لخروج الماء عن اطلاق، نظير الغسل بالسدر في غسل الميت او الكافور «و هو مما لا يلتزم به احد و لا يصدق الغسل بالماء و التراب بل المعتبر امتزاج الماء بالتراب من تعبير ادخال الماء في التراب و صيرورة التراب مخلوطا بالماء مضافا الى ان في الغسل بالماء بعد الغسل بالتراب لا يضر ادخال شي ء فيه من التراب او غيره لو لم يخرج الماء عن الاطلاق و من الواضح ان الغسل بالتراب غير الغسل بالماء فيعتبر فيه دخل مقدار من التراب في الماء بحيث يمتزج و يختلط بالماء بحيث يصدق الغسل بالتراب و أن قلت أنه يعتبر دخل مقدار من تراب و يقال به الغسل بالماء و التراب و هذا المقدار يخرج الماء عن الاطلاق فقد تصرفت في الفعل أعني قوله «اغسل» و تصرفت في المتعلق اعني التراب لان الظاهر من قوله اغسل» هو الغسل بالماء و ظاهر التراب كون الغسل بالتراب المحض فيدور الامر بين الاخذ بظهور الفعل و هو أغسل» و تكون النتيجة كون المراد من الغسل بالتراب مع الماء و بين التصرف في الفعل اعني أغسل و

المتعلق اعني التراب كليهما فتكون النتيجة أيضا الغسل بالتراب لا المسح بالتراب و في الثاني يعتبر وجود مقدار من الماء يوجب كون التراب ممزوجا و مخلوطا بالماء بحيث يقال انه غسل بالماء و بالتراب فاذا دار الامر بين التصرفين فالتصرف الاول اهون.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 281

و لعله هذا هو مراد المشهور من عدم اعتبار امتزاج التراب بالماء.

فتلخص انه من القريب الالتزام بكون الغسل بالتراب مع مزج شي ء من الماء فيه بمقدار يصدق جريان التراب كالمائعات لا ازيد من ذلك. هذا كله بناء على استظهار احد من الاحتمالات من الرواية.

و لو لم يمكن ذلك بل الرواية صارت مجملة من هذا الحيث فنقول بعد العلم بالتكليف و كون الشّك في المكلّف به لانه لا ندرى ما هو المكلف به و يدور امره بين المتباينين فلا بد لنا من الاحتياط ففي مقام الاحتياط هل يكفي ما في المتن في الآنية التي تنجّست بالولوغ من ان يطرح فيها التراب من غير ماء و يمسح به ثم يجعل فيها شي ء من الماء و يمسح به او لا يكفي ذلك.

اقول بعد كون المحتمل وجوب غسلها بالتراب بدون ادخال شي ء و وجوب الغسل بالتراب بحيث يصدق الغسل بكل من التراب، و الماء و لازمه خروج الماء عن الاطلاق.

و وجوب غسله بالماء مع شي ء من التراب مثل الامر بالغسل بالماء مع شي ء من السدر بحيث لا يخرج الماء عن الاطلاق كما هو مقتضى ظهور الغسل.

و على الفرض لا ندرى ان المولى أراد ايّا منهما فلا بد من الاحتياط بنحو يحرز معه حفظ الواقع و على النحو الذي قال المؤلف رحمه اللّه لا يحرز الامتثال الذي تحقق من امر

المولى لانه بالمسح بالتراب أو لا يحرز الاحتمال الاول و بجعل شي ء من الماء و المسح يحرز الاحتمال الثاني و يبقى احتمال الثالث و لهذا نقول من اراد غاية الاحتياط بعد اتيان ما قاله المؤلّف رحمه اللّه من طرح التراب من غير ماء و المسح ثم ادخال شي ء من الماء فيه و المسح ثم إفراغ التراب الممتزج بالماء من الآنية و ادخال الماء فيه و ادخال شي ء من التراب بمقدار لا يخرج الماء عن الاطلاق و بهذا يحرز

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 282

الواقع و الأحوط ان يفعل ذلك و ان كان لا يبعد كفاية ما قلنا من ادخال التراب و ادخال شي ء من الماء فيه يصير طبعا بمقدار يصدق الغسل بالتراب و المسح به.

الجهة الرابعة: الاقوى اعتبار خصوص التراب في مقام غسل ولوغ الكلب

فلا يكتفي بغير التراب كالرماد و الأشنان و غيرهما لان التصريح في النص بالتراب يقتضي ذلك.

و ما قيل من كفاية غير التراب حتى في حال الاختيار بدعوى ان الغرض قلع الخبث عن المحل فكما يحصل بالتراب يحصل بغيره حتى ان بعض الاشياء كالسدر و الاشنان يكون اولى من التراب في ازالة الخبث.

ففيه ان المنصوص هو التراب و التعدي منه الى غيره محتاج الى فهم الملاك بالعلم و وجود هذا الملاك و المناط في غيره غير معلوم.

الجهة الخامسة: هل يكتفي في مقام التعفير بالرمل كما يكتفي بالتراب او لا

يكتفي به.

اعلم أنّه قد يقال بأن الرمل يكون ترابا عرفا و ما ورد في قوله عدد الرمل و الحصي و التراب من جعل التراب و الرمل و الحصي كل منهم مستقلا لا يدل على كون الرمل و الحصي قسيمين للتراب لإمكان كون قوله التراب بعدهما من باب ذكر العام بعد الخاص و لا يبعد كفايته بناء على كونه من افراد التراب.

***

[مسئلة 6: يجب في ولوغ الخنزير غسل الإناء سبع مرّات]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 6: يجب في ولوغ الخنزير غسل الإناء سبع مرّات و كذا في موت الجرد، و هو الكبير من الفارة البرية و الأحوط

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 283

في الخنزير التّعفير قبل السبع أيضا و الاقوى عدم وجوبه.

(1)

اقول: أمّا وجوب غسل سبع مرّات في ولوغ الخنزير فلما رواها على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام قال سألته عن الرحل يصيب، ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر و هو في صلاته كيف يصنع به قال ان كان دخل في صلاته فليمض و ان لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما اصاب من ثوبه الا ان يكون فيه اثر فيغسله قال و سألته عن خنزير يشرب، من اناء كيف يصنع قال يغسل سبع مرّات «1» و هذه الروايات تقيد اطلاق ما دل من الروايات على كفاية غسل النجاسات باقلّ من ذلك كما عرفت في محله.

و هل يجب التّعفير في ولوغ الخنزير كما نسب الى الشيخ رحمه اللّه في بعض كتبه و غيره بدعوى كون الخنزير هو الكلب لغة و انه مثل الكلب في جميع الاحكام و انه انجس من ساير النجاسات او لا يجب التعفير.

الاقوى الثاني لعدم تماميّة ما استدل به على وجوب التعفير فيه لعدم كون الخنزير لغة

هو الكلب و لو فرض اطلاقه عليه في مورد لا يدل على كونه الكلب لغة و عدم دليل على كونه مثل الكلب في جميع الاحكام بل هذا مصادرة و كونه انجس من ساير النجاسات لا يوجب كون جميع احكام كل النجاسات له فلا وجه لوجوب التعفير و ان كان الاحتياط حسن و أمّا الكلام في الجرذ و هو على ما قاله المؤلف رحمه اللّه الكبير من الفأرة البريّة و مدرك وجوب الغسل في المتنجس به سبع مرّات.

هو ما رواها عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سئل عن الكوز و الاناء

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 13 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 284

يكون قذرا كيف يغسل و كم مرة يغسل قال يغسل ثلاث مرّات يصبّ فيه الماء فيحرّك فيه ثمّ يفرغ منه ثم يصبّ فيه ماء آخر فيه فيحرّك فيه ثم يفرغ ذلك الماء ثم يصبّ فيه ماء آخر فيحرك فيه ثم يفرغ منه و قد طهر «الى ان قال» اغسل الاناء الذي تصيب فيه الجرذ ميتا سبع مرّات «1» و هو و ان كان فطحيا لكن وثقه ارباب الرجال.

و الاشكال في الرواية ببعض الاستبعادات مثل استبعاد وجوب غسل سبع مرّات للجرذ مما لا يعتني به.

و هل الحكم مختص بما اذا مات الفأرة في الإناء او يعم الحكم لصورة مات فى خارج الماء ثم أوقعه في الماء لا يبعد الشمول بل يمكن دعوى كون ظاهر الرواية هذا.

***

[مسئلة 7: يستحب في ظروف الخمر الغسل سبعا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 7: يستحب في ظروف الخمر الغسل سبعا و الاقوى كونها كسائر الظروف في كفاية الثلاث.

(1)

اقول هذا مقتضى الجمع بين ما يدلّ على الغسل سبع مرّات

و هو الرواية التي رواها عمار عن الصادق عليه السّلام في الإناء يشرب فيه النبيذ فقال عليه السّلام يغسله سبع مرّات و كذلك الكلب «2» بدعوى دلالتها على غسل سبع مرّات في النبيذ و المراد به أمّا المسكر فاذا يشمل الخمر لانه مسكر أو انه بعد ما وجب في النبيذ نقول في الخمر أيضا لان الملاك في وجوب الغسل سبع مرّات في النبيذ سكره و الخمر مسكر فيعمّه

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 53 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 3 من ابواب الاشربة المحرمة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 285

هذا الحكم.

و بين ما يدل على وجوب مجرد الغسل او ثلاث مرّات و هي ما رواها عمار بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن الدّن يكون فيه الخمر هل يصلح ان يكون فيه خلّ او ماء كامخ او زيتون قال اذا غسل فلا بأس و عن الإبريق و غيره يكون فيه خمرا يصلح ان يكون فيه ماء قال اذا غسل فلا بأس و قال في قدح أو أناء يشرب فيه الخمر قال تغسله ثلاث مرّات و سئل أ يجزيه ان يصب فيه الماء قال لا يجزيه حتى يدلكه بيده و يغسله ثلاث مرّات «1».

فيحمل الرواية الاولى بعد فرض صحة سندها و دلالتها على الاستحباب بقرينة الرواية الثانية التي رواها عمار أيضا فتكون النتيجة وجوب غسل ثلاث مرّات و استحباب سبع مرّات و وجوب غسل ثلاث مرّات مبنى على حمل قوله عليه السّلام في الرواية الثانية في فقرتها الاولى و الثانية «اذا غسل» على انه لم يكن فيها الا في مقام بيان وجوب الغسل

و بعد ذلك عيّن مقدار الغسل و قال «ثلاث مرات» و يستفاد من الرواية الثانية وجوب الدّلك ثم غسله.

***

[مسئلة 8: التراب الذي يعفّر به يجب ان يكون طاهرا]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 8: التراب الذي يعفّر به يجب ان يكون طاهرا قبل الاستعمال.

(1)

اقول: قد يقال بعدم اعتبار طهارة التراب قبل الاستعمال لاطلاق الدليل

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 51 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 286

و صدق التراب على التراب النجس.

و لكن الاقوى اعتباره و هذا لاقتضاء مناسبة الحكم و الموضوع و ذلك لان وضع التراب و دلكه بالمحل يكون لاجل ازالة النجاسة و رفع القذارة الحاصلة من ولوغ الكلب في الاناء و هذا يقتضي عدم وجود القذارة في المطهر و كونه طاهرا قبل الوصول بالمحل المتنجس كما عرفت اشتراط طهارة الماء قبل الوصول بالمتنجس و قبل الاستعمال كما يقال ان فاقد الشي ء لا يكون معطى الشي ء.

***

[مسئلة 9: اذا كان الاناء ضيّقا لا يمكن مسحه بالتّراب]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 9: اذا كان الاناء ضيّقا لا يمكن مسحه بالتّراب فالظاهر كفاية جعل التراب فيه و تحريكه الى ان يصل الى جميع اطرافه و أما إذا كان مما لا يمكن فيه ذلك فالظاهر بقائه على النجاسة ابدا الّا عند من يقول بسقوط التعفير في الغسل بالماء الكثير.

(1)

اقول: فيما يكون رأس الاناء ضيّقا لا يمكن مسحه بالتراب فتارة يمكن وضع التراب فيه و ادارته في الاناء بحيث يحصل به الغسل بالتراب كما يحصل بمسح التراب في اطراف المحل المتنجس فلا يبعد كفايته لان مقتضى الدليل هو الغسل بالتراب و لا خصوصية لكون ذلك بمسح التراب باليد في اطراف الاناء بل حصل ذلك بإلقاء التراب فيه و ادارته في الاناء بتحريك الإناء بحيث تحقق بالإدارة ما تحقق بالمسح من ازالة وسخ الولوغ بهذا النحو.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 287

و تارة لا يتحقق بمجرد وضع التراب و

الماء في الاناء و ادارته ما يتحقق بالمسح باليد.

فهل نقول بان الإناء في هذه الصورة لا يطهر اصلا لعدم امكان وصول المطهّر به و هو التعفير بالتراب فهو باق على نجاسته و لا يطهر.

او نقول بكفاية غسله بالنحو المذكور و يطهر بهذه الكيفية الإناء المتلوث بالولوغ.

او نقول ببدلية الماء عن التراب في هذه الصورة اقوال.

الوجه الاوّل: واضح و هو ان المفروض نجاسة الإناء بالولوغ و مطهّره غسل الإناء بالتراب و الماء و مسح الإناء بالتراب غير ممكن على الفرض فيبقى نجاسة الماء.

الوجه الثاني: التمسك بقاعدة الميسور بدعوى ان ما قيل ميسور الحكم الاول مع ان الحكم الاول حرجى فهو مرفوع.

و فيه أمّا قاعدة الميسور فهي في الاحكام التكليفية و ان ميسورها لا يسقط بمعسورها و أمّا دليل نفي الحرج يقتضي أولا نفي التكليف بمعني جواز الارتكاب و لا يقتضي طهارة النجس و ثانيا لا بدّ من الاقتصار بما فيه الحرج خاصة لا مطلقا.

اما وجه القول الثالث التمسك بقاعدة الميسور و ان الماء اولى في ازالة الوسخ من المسح بالتراب ففيه ان قاعدة الميسور فقد عرفت في رد التمسك به على القول الثاني انها غير مربوطة بالمقام و أمّا كون الماء اولى من ساير الاشياء لازالة النجاسة ففيه أن هذا من قبيل الاجتهاد في مقابل النص لان الشارع جعل المسح بالتراب مطهرا.

فالاقوى بعد عدم امكان التعفير و الغسل بالتراب هو انّ الغسل بالماء

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 288

و ادارته في الاناء لا يكفي لغسله فلا يطهر الاناء و باق على نجاسته.

***

[مسئلة 10: لا يجرى حكم التعفير في غير الظروف]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 10: لا يجرى حكم التعفير في غير الظروف ممّا تنجّس بالكلب و لو بماء ولوغه او بلطعه

نعم لا فرق بين اقسام الظروف في وجوب التعفير حتى في مثل الدّلو، لو شرب الكلب منه بل و القربة و المطهرة و ما اشبه ذلك.

(1)

اقول: الكلام تارة يقع في غير ما يكون له حيث الظرفية مثل ما وقع ولوغ الكلب او لطعه على نطع او على كف شخص فيه الماء ففيه وجهان من جهة ان مورد النص هو فضل الكلب فيشمل مثل الموردين أيضا و من جهة ان مورد الفتوى هو الاناء الذي فيه ولوغ الكلب و لا يشمل هذه الصورة و الاحوط الاوّل لو لم يكن الاقوى اذا صدق على ما بقي في النطع او الكف فضل الكلب.

و تارة تكون فيما ولغ فيه الكلب او لطعه حيث الظّرفية فلا يبعد شمول الحكم له حتى في الحوض الصغير الذي لم يبلغ حد الكريّة او القربة و امثالهما لصدق فضل الكلب على ما فيها بعد ولوغه او لطعه.

***

[مسئلة 11: لا يتكرّر التّعفير بتكرّر الولوغ]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 11: لا يتكرّر التّعفير بتكرّر الولوغ من كلب واحد او ازيد بل يكفى التعفير مرّة واحدة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 289

(1)

اقول: أمّا بناء على القول بتداخل الاسباب او المسببات او كليهما فلا اشكال في كفاية المرّة لانه أمّا تتداخل الاسباب المتعددة مع الاجتماع فلا يقتضي اجتماعها الا مسببا واحدا او تتداخل المسببات فيكفي مسبب واحد لكل من الاسباب او نقول بتداخل كل من الاسباب و المسببات فأيضا لا يقتضي تعدد الاسباب الا مسببا واحدا.

و أمّا بناء على القول بعدم تداخل الاسباب و المسببات فما نقول ظاهر الكلمات أطباقها على عدم وجوب التعفير أزيد من مرة بل ادعى ان ذلك متّفق عليه عند المسلمين إلا شاذ من العامة فالدليل على الاكتفاء،

أوّلا الاجماع. و ثانيا ان قوله عليه السّلام في رواية الفضل المتمسكة بها على حكم الولوغ انه «لا تتوضأ بفضله و اصبب ذلك الماء و اغسله بالتراب اوّل مرة الى آخر» يدل على عدم جواز الوضوء بمطلق فضل الكلب و المراد من الكلب هو الخبس و المراد من فضله هو جنس الفضل فيدلّ على انه لا تتوضأ بجنس الفضل من جنس الكلب و اصبب ذلك الماء و اغسله بالتراب اوّل مرة فاذا ولغ في الاناء جنس الكلب فلا يجب في جنس فضله الا الغسل بالتراب مرة ثم بالماء هذا غاية ما يمكن ان يقال في الوجه الثاني و العمدة الاجماع على عدم وجوب تعدّد التعفير اذا ولغ كلب مرّات في اناء او كلاب و لغوا في اناء.

***

[مسئلة 12: يجب تقديم التّعفير على الغسلتين]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 12: يجب تقديم التّعفير على الغسلتين فلو عكس لم يطهر.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 290

(1)

اقول و هذا لدالة النّص الوارد في المسألة على الترتيب و قد ذكرناه في المسألة 5 فراجع.

***

[مسئلة 13: اذا غسل الاناء بالماء الكثير]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 13: اذا غسل الاناء بالماء الكثير لا يعتبر فيه التثليث بل يكفي مرّة واحدة حتى في اناء الولوغ نعم الاحوط عدم سقوط التّعفير فيه بل لا يخلو عن قوّة و الاحوط التثليث في الكثير.

(2)

اقول: الكلام في المسألة يقع في موارد:

المورد الاوّل: في انه هل يجب في غسل الاناء في الماء الكثير في غير المتنجس بولوغ الكلب و الخنزير و الجرذ، ثلاث مرّات

او يكفى الغسل مرة واحده.

منشأ القول بوجوب الغسل ثلاث مرّات اطلاق رواية عمّار المتقدمة ذكرها المروية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سئل عن الكوز و الاناء يكون قذرا كيف يغسل و كم مرة يغسل قال يغسل ثلاث مرّات يصبّ فيه الماء فيحرك فيه ثم يفرغ منه ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه ثم يفرغ ذلك الماء ثم يصيب فيه ماء آخر فيحرك فيه ثم يفرغ منه فقد طهر».

و منشأ القول بكفاية المرّة أولا بعض الروايات الوارد في التطهير من الامر بالغسل و اطلاقه يقتضي الاكتفاء بالمرة لحصول الغسل به.

و ثانيا انصراف رواية عمار عن الماء المعتصم مثل الجاري و الكر و المطر لان

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 291

الماء المتعارف حين صدور الرواية هو الماء القليل و الغسل به و قلة المياه الآخر فالاطلاق منزّل عليه.

خصوصا مع ما في هذه الرواية كما ترى من التعبير بصب الماء في الأنا و هو لا يناسب الا مع الماء القليل.

و ثالثا مرسلة «1» مروية في المختلف قال ذكر بعض علماء الشيعة «مراده على ما قيل هو ابن ابي عقيل» انه كان بالمدينة رجل يدخل على ابي جعفر محمد بن على عليه السّلام و كان في طريقه ماء فيه العذرة و الجيف و كان يأمر الغلام ان يحمل كوزا من ماء يغسل به رجله اذا اصابه فابصره يوما ابو

جعفر عليه السّلام فقال عليه السّلام هذا لا يصيب شيئا الا طهّره».

اقول أمّا الوجه الاول و هو الاطلاقات الوادة في الغسل عن النجاسات فتقيد برواية عمّار الساباطي المتقدمة ذكرها أمّا الوجه الثاني و هو دعوى انصراف رواية عمار عن غير الماء القليل او دعوى ان اطلاقها منزل على المتعارف اعني الماء القليل فالانصراف بدوي ليس منشأ الاعتبار لان منشأه ليس الا ندرة الوجود و هذا لا يوجب عدم حجية الاطلاق في اطلاقه و عدم شموله لغير الماء القليل و حمل المطلق على المتعارف ممنوع لعدم معلومية تعارف خصوص القليل و الشاهد على ذلك ورود بعض الاخبار في حكم الجاري و الكثير و البئر و المطر و أمّا الوجه الثالث ففيه ان الرواية ضعيفة السند أولا و لا بدّ من تقييدها برواية عمّار المتقدمة ذكرها على فرض حجيّتها ثانيا.

نعم التعبير بالصّب في رواية عمار في قوله عليه السّلام في كيفية تطهير الاناء يصب فيه الماء مناسب مع كون الماء هو الماء القليل و لا يناسب مع الماء الكثير.

______________________________

(1) مختلف الشيعة، ج 1، ص 15 فى ضمن المسألة 1.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 292

مضافا الى ما بيّنا في طي المسألة 5 من ان نسبة رواية عمار المتقدمة الواردة في الاناء مع الرواية محمد بن مسلم الواردة في كيفية غسل المتنجس بالبول من انه «اغسله في المركن مرتين و ان كان ماء جار فمرة واحدة» الدالة على كفاية المرة في المتنجس بالبول في الجاري تكون عموما من وجه لان الاولى اعم من حيث شمولها للمتنجس بمطلق النجاسات و اخص من حيث شمولها لخصوص الاواني و رواية محمد بن مسلم اعم لشمولها لمطلق المتنجّسات اناء

كان المتنجّس او غير الاناء و اخص لاختصاصها بالبول فقط و تتعارضان في مورد اجتماعها و هو ما كان الاناء متنجسا بالبول لان مقتضي رواية عمار الغسل ثلث مرّات و مقتضي رواية محمد بن مسلم الغسل مرة و حيث يكون رواية محمد اظهر في مادة الاجتماع من رواية عمار فتكون النتيجة هو الاخذ بالاظهر و لازمه هو كفاية المرة في الاناء المتنجس بالبول في الجاري ثم بعد كون الكر بمنزلة الجاري لما استفدنا من اخبار الواردة في ماء الحمام و لهذا قلنا بعدم وجوب التعدد في الكر حتى في المتنجس بالبول فنقول انه بمنزلة الجاري فلا يعتبر التعدد في الاناء المتنجس بالبول في الكثير هذا بالنسبة الى الاناء المتنجس بالبول في الكثير و ان الاقوى عدم اعتبار التثليث فيه و في غير المتنجس بالبول يمكن القول أيضا بعدم اعتبار التثليث من باب ان المتنجس بالبول ان لم يجب فيه التعدد في الجاري و الكثير فيكون المتنجس بغير البول اولى لانه يعلم من اعتبار التعدد في المتنجس بالبول كون قذارته اشدّ من ساير النجاسات «غير ولوغ الكلب و الخنزير و موت الجرذ» فاذا لم يجب التعدد فيه لم يجب في المتنجس بغيره بطريق اولى و لكن يمكن ان يقال بأنا لا نفهم ذلك و مقتضي اطلاق رواية عمار المتقدمة وجوب الغسل ثلاث مرّات في الاناء حتى في الكثير خرج منه خصوص المتنجس بالبول و لكن يكفي في عدم وجوب التعدد في الكثير في الاناء عدم اطلاق لرواية عمار لما قلنا من ان التعبير بالصب يناسب مع كون الماء قليلا فعلى هذا الاقوى في

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 293

الاناء المتنجس بغير الولوغ

و موت الجرذ الاكتفاء بغسلة واحدة في الكثير و ان كان الاحوط التثليث فافهم.

المورد الثاني: هل يجب التعدد في ولوغ الكلب في الكثير أم لا؟

قد يقال بعدم الوجوب لان رواية الفضل الواردة في ولوغ الكلب و ان كان مطلقا الا ان قوله عليه السّلام في رواية المروية عن المختلف «ان هذا لا يصيب شيئا الا طهّره» يكون عاما و مع الدوران بين العام و المطلق يؤخذ بالعام و فيه ان هذا بنحو الكلية ممنوع بل الميزان هو الاظهرية فكل منهما يكون اظهر من الآخر يؤخذ به مضافا الى كون الرواية مرسلة فالاقوى التعدد حتى في الكثير.

المورد الثالث: هل يجب التعفير في ولوغ الكلب اذا كان يغسل في الكثير أم لا؟

الاقوى الوجوب لاطلاق الدليل.

***

[مسئلة 14: في غسل الاناء بالماء القليل يكفي صب الماء فيه و ادارته]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 14: في غسل الاناء بالماء القليل يكفي صب الماء فيه و ادارته الى اطرافه ثمّ صبه على الأرض ثلث مرات كما يكفي أن يملأه ماء ثمّ يفرغه ثلاث مرات.

(1)

اقول أمّا الاكتفاء بالنحو الاوّل فلظاهر رواية عمار المتقدمة التي هي مدرك المسألة لان فيها قال عليه السّلام «يغسل ثلث مرّات يصب فيه الماء فيحرّك فيه ثم يفرغ منه ذلك الماء ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك ثم يفرغ منه ذلك الماء ثم يصب فيه ماء آخر

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 294

فيحرك فيه ثم يفرغ منه و قد طهر». «1»

و يدل على كفاية النحو الثاني دعوى ان المتفاهم من التحريك الماء في الاناء المذكور في الرواية هو وصول الماء الى الاطراف الاناء فيستفاد من ذلك ان العبرة بوصول الماء بالاطراف سواء كان ذلك بتحريك الماء في الاناء او أملاك الاناء من الماء و افراغه عنه فيكتفي بكل منهما في مقام التطهير.

***

[مسئلة 15: اذا شك في متنجس انه من الظروف حتّى يعتبر غسله ثلاث مرات]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 15: اذا شك في متنجس انه من الظروف حتّى يعتبر غسله ثلاث مرات او غيره حتّى يكفي فيه المرة فالظاهر كفاية المرة.

(1)

اقول قد بيّنا في الاصول من ان الشك تارة يكون من جهة كون الشّبهة مفهومية مثل ما اذا قال المولى اكرم العلماء و قال في كلام آخر لا تكرم الفساق منهم و اشتبه الفاسق و تارة يكون لاجمال الخاص و تارة يكون لاجل دوران الامر بين الاقل و الاكثر مثلا في المثال يكون الفاسق خصوص المرتكب الكبيرة او هو و مرتكب الصغيرة و في كل من الصورتين لا اشكال في انه لا بدّ من الرجوع الى العام غاية الامر فيما كان الخاص مجملا و

كان التخصيص منفصلا لا يسرى اجماله بالعام و لا يعمل بالخاص راسا بسبب اجماله.

و فيما كان امر الخاص دائرا بين الاقل و الاكثر يرجع في الاقل المعلوم الى

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 53 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 295

الخاص و في الاكثر المشكوك بالعام.

و تارة تكون الشبهة مصداقية مثلا في المثال المتقدم نشك في ان زيدا هل يكون فاسقا أولا بعد معلوميّة ما هو المراد من الفسق، ففي هذه الصورة لا اشكال عندنا في عدم جواز الرجوع لا بالخاص و لا بالعام فان كان هنا اصل منقح للموضوع فهو المرجع مثلا في المثال المتقدم اذا شك في فسق زيد اذا كانت حالته السابقة العدالة يستصحب عدالته و يحكم فيه بحكم العام.

اذا عرفت ذلك نقول ان كانت الشبهة في ان المشكوك هل يكون من الظروف او غيره من الشبهات المفهومية مثلا يكون منشأ شكه في انه هل يكون ظرفا أو لا من باب الشك في ان ما يكون موضوع الظرف و الآنية و هل يكون موضوعه بنحو يشمل هذا المشكوك أم لا فان كان موضوع الخاص و هو الآنية مجملا فلا يمكن التمسك بالخاص بل المرجع هو العام او المطلق الذي دل على كفاية المرة ان كان في البين عام او مطلقا و حيث يكون الخاص ثابتا بدليل منفصل لا يسرى اجماله بالعام فيحكم في المشكوك بحكم العام.

و هكذا اذا كان امر الخاص أمرا دائرا بين الاقل و الاكثر مع فرض كون الشبهة مفهومية فالخاص محكم في الاقل و العام محكم في الاكثر ففي ما نحن فيه ان كان منشأ الشك دوران الخاص و هو وجوب ثلاث

مرّات في الإناء دائرا بين الاقل و الاكثر مثلا نعلم شمول الإناء للقدر و أمّا غير القدر مشكوك ففي القدر يحكم بوجوب الغسل ثلاث مرّات و أمّا في غيره من الظروف الصغار نشك في كونه اناء فالخاص محكم في الاقل فيجب غسله ثلاث مرّات و في الاكثر و هو غير القدر يكون المحكم هو العام فلا يجب غسله إلا مرة واحدة.

و حيث قدّمنا، في بعض المباحث المتعرضة في الفصل ان مقتضي العموم او

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 296

الاطلاق هو الغسل مرة واحدة و لسان الروايات و ان كان الامر بالغسل لكن لا يفيد الا الغسل مرة واحدة لان الامر بالطبيعة و تحصل الطبيعة بالمرة فيكفي في المتنجس بالنجاسات «غير ما استثني كولوغ الكلب او غيره مما ذكرنا» الغسل مرة واحدة و لعل نظر المؤلف رحمه اللّه لم تكن الصورة التي قدّمناها اعني الشبهة المفهومية.

و ان كانت الشبهة مصداقية و لعل نظر المؤلف رحمه اللّه في المسألة هذه الصورة فنقول بانه لا يكون العام حجة و لا الخاص في المورد كما بينا في الاصول، فان كان في صورة الشك في انه مصداق العام او الخاص اصلا منقحا لموضوع مثلا كانت الحالة السابقة المشكوك الأنائية او عكسها فيستصحب حالته السابقة و يترتب على الاستصحاب حكمه.

و ان لم يكن له حالة سابقة ففي محل الكلام يكون المحكم استصحاب النجاسة بعد غسله مرة واحدة لانه بعد العلم بنجاسة المشكوك ظرفيّته لو غسل مرة يشك في انه صار طاهرا أم لا فيستصحب نجاسة السابقة و مقتضي الاستصحاب غسله بعد ذلك مرّتين حتى يحصل العلم بطهارته و ليتأمّل في المسألة حتى يظهر لك صحة ما قال

المؤلف رحمه اللّه و عدمه.

***

[مسئلة 16: يشترط في الغسل بالماء القليل انفصال الغسالة]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 16: يشترط في الغسل بالماء القليل انفصال الغسالة على المتعارف ففي مثل البدن: و نحوها مما لا ينفذ فيه الماء يكفي صبّ الماء عليه و انفصال معظم الماء و في مثل الثياب و الفرش مما ينفذ فيه الماء لا بدّ من عصره او ما يقوم مقامه كما اذا داسه برجله او غمزه بكفه او نحو ذلك و لا يلزم انفصال تمام الماء

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 297

و لا يلزم الفرك و الدلك الا اذا كان فيه عين النجس او المتنجس و في مثل الصابون و الطين مما ينفذ فيه الماء و لا يمكن عصره فيطهر ظاهره باجراء الماء عليه و لا يضرّه بقاء نجاسة الباطن على فرض نفوذها فيه و اما الغسل بالماء الكثير فلا يعتبر انفصال الغسالة و لا العصر و لا التعدد و غيره بل بمجرد غمسه بعد زوال العين يطهر و يكفي في طهارة اعماقه أن وصلت النجاسة إليها نفوذ الماء الطاهر فيه في الكثير و لا يلزم تجفيفه أوّلا نعم لو نفد فيه عين البول مثلا مع بقائه فيه يعتبر تجفيفه بمعني عدم بقاء مائيّته فيه بخلاف الماء النجس الموجود فيه فانه بالاتصال بالكثير يطهر لا حاجة فيه الى التجفيف.

(1)

اقول: في المسألة مواقع للبحث و التّكلم فيها:

الموقع الاوّل: هل يعتبر في تطهير المتنجّسات في الماء القليل انفصال الغسالة أم لا
اشارة

و على فرض، الاعتبار يقع الكلام في كيفية انفصال الغسالة فالكلام يقع في مقامين:

المقام الاوّل: في اعتبار انفصال الغسالة في مقام التطهير بالماء القليل

فنقول بعونه تعالى ان المراجع في كلمات الفقهاء رضوان اللّه تعالى عليهم يرى انه يستدل على اعتبار انفصال الغسالة في التطهير بالماء القليل بوجوه:

الوجه الاوّل: هو ان الغسل لا يتحقق الا بانفصال الغسالة و بعبارة اخرى حقيقة الغسل عبارة عن اجراء الماء على المغسول و اخراج الماء عن المحل المغسول به و هذا هو الفارق بين الغسل و بين الصب لان الصب عبارة عن مجرد استيلاء الماء

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 298

على المحل و ان لم ينفصل الماء عن المحل بخلاف الغسل فانه كما قلنا عبارة عن اجراء الماء على المحل و اخراجه عنه.

الوجه الثاني: ان تطهير المتنجس يتوقف على خروج الماء المغسول به عن المحل النجس لانه بعد فرض انفعال الماء المستعمل في الطهارة عن الخبث بسبب استعماله في تطهير النجس فلا يحصل طهارة المحل مع بقاء هذا الماء النجس فيه «و هذا الوجه مبنى على نجاسة الغسالة.

الوجه الثالث: انصراف ادلة التطهير بصورة انفصال الغسالة و أوردوها مورد التطهير و ازالة القذارة و لا يحصل ذلك عند العرف الا بانفصال الغسالة و مع كون ذلك مرتكزا عند العرف لا بدّ من تنزيل ما ورد في غسل النجاسات على هذا المرتكز عند العرف و بعبارة اخرى بعد ما امر المولى بالغسل و هو و ان كان مطلقا في حدّ ذاته و لكن بعد ما يكون المرتكز عند العرف عدم حصول الغسل الا بانفصال الغسالة و ان لم يكن دخيلا في ماهية الغسل لا بدّ من تنزيل المطلقات على ما هو مرتكز عند العرف.

و بعبارة ثالثة مقتضي

الاطلاق المقامي تنزيل المطلقات على المتفاهم عند العرف و ان تمّ ذلك يمكن ان يقال ان بعض ما ورد من الروايات المتعرض لصب الماء في بعض المتنجسات لا الغسل يحمل على الغسل المرتكز عند العرف فيراد منه الغسل المعتبر فيه اخراج الغسالة المتعارفة «و ذلك الوجه أيضا مبني على القول بنجاسة الغسالة لانه بعد كون المدرك في نظر العرف هو لزوم الاخراج القذارة الباقية في المحل فلا يتحقق الغسل مع بقاء القذارة الباقية في الماء المغسول به في المحل المتنجس و لهذا يكون المرتكز عند العرف اخراج هذا الماء الذي اتخذ القذارة عن المتنجس.

اقول يستفاد من هذه الوجوه ان اعتبار اخراج الغسالة في الغسل يكون امّا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 299

من باب دخله في الغسل حقيقة و في ماهيّته.

و أمّا من باب انه يعتبر اخراج الغسالة عن المحل المتنجس صونا عن قذارة المحل و صيرورته نجسا من ناحية الغسالة الباقية في المحل و أمّا من باب ان مرتكز العرف دخل اخراج الغسالة في صدق الغسل بنظرهم و لا بدّ من حمل الاطلاقات على المتعارف.

الوجه الرابع: دعوى الاجماع على اعتبار اخراج الغسالة و هذا الاجماع يكون دليلا على فرض تحققه اذا كان الاجماع المصطلح اعني يكون منشأ اتفاقهم غير مستند الى احد من الوجوه الثلاثة و هذا غير معلوم لاحتمال كون مستندهم احد هذه الوجوه.

اذا عرفت ذلك نقول بانه يختلف حكم اخراج الغسالة باعتبار الوجوه المتقدمة.

فان كان منشأه الوجه الاوّل و هو دخل اخراج الغسالة في ماهية الغسل فلازمه اعتباره في كل من الماء القليل و الماء العاصم لان حقيقة الغسل متقومة بها و ان كان الوجه في اعتبار اخراج الغسالة

الوجه الثاني و هو كون منشأ اعتبار اخراج الغسالة هو انفعال الماء المستعمل في التطهير باستعماله فلا بد من اخراجه فعلى هذا لا بدّ من القول باعتبار اخراج الغسالة من باب نجاسة ما بقى من الماء في المحل زائدا على المقدار اللابد منه فهو مختص بالقليل لان في الماء العاصم لا ينجس الماء المستعمل في التطهير لعاصميّة الماء و عدم نجاسة بملاقاة النجاسة على ما مضى في الماء المستعمل.

و كذا على الوجه الثالث لان مقتضي اعتبار اخراج الغسالة كان حكم العرف و ليس حكمهم الا في دخل اخراج الغسالة في الغسل بالماء القليل «الا بنظر من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 300

يدعي عموم حكم العرف حتى في الماء العاصم و يأتي الكلام إن شاء اللّه في عدم تماميّته».

و أمّا على الوجه الرابع و هو دعوى الاجماع فعلى فرض تحققه و على فرض كونه اجماعا تعبديا يدور الحكم في اعتبار اخراج الغسالة من حيث ضيقه و اختصاصه بخصوص الماء القليل وسعته اعني شموله و للكثير اعني الماء العاصم يتوقف على ضيق معقد الاجماع وسعته و الظاهر عدم سعته.

و يمكن ان يكون لاعتبار اخراج الغسالة وجها آخرا و هو بعض الروايات على ما خطر ببالى القاصر و لم أر فيما تتبّعت من تمسك به و لو تمّ هذا الوجه يكون الوجه الخامس و هو الرواية المتقدمة ذكرها الّتي رواها عمار و فيها قال عليه السّلام في الكوز و الإناء «يغسل ثلاث مرّات يصب فيه الماء فيحرّك، فيه ثم يفرغ منه ذلك الماء ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك ثم يفرغ منه ذلك الماء ثم يصبّ فيه ماء آخر فيحرك فيه ثم يفرغ منه

و قد طهر» «1».

وجه الدلالة ان المستفاد من ظاهرها هو افراغ المستعمل في التطهير فهي تدل على اعتبار اخراج الغسالة.

ان قلت ان الامر بافراغ الماء يكون لحصول التعدد لا لاعتبار خروج الغسالة.

قلت أن صحّ هذا الادعاء في وجه افراغ الماء في المرّة الاولى و الثانية فلا يمكن ان يقال بذلك في المرة الثالثة.

ان قلت انه يمكن ان يكون الامر بالافراغ جاريا مجري العادة لان العادة

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 53 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 301

تقتضي افراغ الغسالة.

قلت مع عدم تسلم كون الامر لجريان العادة به نقول لو سلّم ذلك يكون الامر بالافراغ أيضا دليل على وجوب انفصال الغسالة لان كون العادة على ذلك فهو يكون من باب كون المرتكز عند العرف هو بقاء القذارة مع بقاء الغسالة في المحل و هو عليه السّلام أمضى طريقتهم مضافا الى ان حمل امر الشارع على العادة بعيد في الغاية لان الشارع كلّما يصدر منه الامر و النهي بمقتضى شارعيّته يستفاد منه جعل الحكم و لا يحمل كلامه على انه يكون في مقام بيان عادة من عادات المكلفين لا في مقام جعل الحكم. فيمكن دعوى دلالة الرواية على اعتبار إخراج الغسالة بل المناسبة بين الحكم و الموضوع يقتضي ذلك.

الرواية الثانية: ما رواها الفضل ابو العباس قال ابو عبد اللّه عليه السّلام ان اصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله و ان مسّه جافّا فأصبب عليه الماء «1» وجه الاستدلال هو الامر بالغسل اذا لاقي الكلب ثوبه مع الرطوبة و الامر بصبّ الماء اذا لاقاه جافّا فيستفاد من الرواية اعتبار ازالة الغسالة و انه يكفي في الصب مجرد امرار الماء عليه.

و

لا فرق في الاستدلال بين كون المراد من صب الماء مع جفاف الثوب ظاهر الصب و هو استيلاء الماء على المحل او كان المراد منه النّضح.

و على كل حال لا فرق من حيث الاستدلال.

و اعلم ان هذه الوجوه المستدلة بها علي اعتبار اخراج الغسالة على تقدير تماميّتها تكون وجها لاعتبار اخراج الغسالة في الماء القليل لعدم كفاية الوجه الاول

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 12 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 302

راسا و الوجه الثاني و الثالث لو تمّا يكونان ناظرين الى ان مرتكز العرف اخراج الغسالة في القليل في زمن صدور الروايات هذا كله في المقام الاول و هو اعتبار انفصال الغسالة و عدمه في الماء القليل.

و أمّا الكلام في المقام الثاني و هو الكلام فيما يتحقق به انفصال الغسالة
اشارة

فنقول بعونه تعالى أمّا فيما لا ينفذ فيه الماء كالبدن و نحوه فيكفي صب الماء على المحل و انفصال معظم الماء المغسول به عن المحل المتنجس و به بتحقق الغسل مسلّما و تنفصل الغسالة المتعارفة مضافا الى دلالة خصوص بعض الروايات عليه مثل رواية عمار الواردة في الكوز و الاناء الدالة على كفاية صب الماء فيه و تحريكه فيه و افراغه ثلاث مرّات.

و أمّا فيما ينفذ فيه الماء كالثياب و الفرش و نحوهما فلا اشكال في تحقق انفصال الغسالة بالعصر.

انّما الكلام في ان المعتبر هو انفصال الغسالة بخصوص العصر و بعبارة اخرى يكون للعصر موضوعية.

او ان المقدار اللازم هو اخراج الغسالة بأيّ كيفيّة كانت فيكفي لاخراجها مثلا الداس بالرجل او الغمز بالكف او بالرجل او نحوهما أيضا كما يحصل بالعصر.

اعلم ان الدليل الدال على اعتبار اخراج الغسالة أن كان هو الاجماع فهو تابع لمقعده و لا يبعد كون مقعده العصر.

كما

ان المدرك لو كان رواية الحسن بن ابي العلاء فظاهرها اعتبار العصر و أمّا ان كان الدليل احد من الوجوه الثلاثة او كان المدرك رواية عمار فلا يستفاد منها خصوصية للعصر بل يكتفي بكل شي ء يخرج به الغسالة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 303

و حيث ان عمدة ما يمكن ان يتمسك به لاعتبار اخراج الغسالة هو الوجه الثالث من الوجوه المتقدمة و من الروايات رواية عمار و المستفاد منهما هو عدم اختصاص ازالة الغسالة بخصوص العصر فنقول بانها تحصل بكل ما يزيل به الغسالة سواء كان بالعصر او اشباهه و ان كان الاحوط الاقتصار بالعصر من باب كون ظاهر كلام المشهور من غير المتأخرين ذلك هذا كله فيما ينفذ فيه الماء كالثياب و الفرش و نحوهما.

ثم ان المقدار المعتبر من اخراج الغسالة هو المقدار المتعارف الّذي يخرج بالعصر عن المحل لا جميع الماء المغسول به بحيث يحصل جفاف المحل لان هذا مقتضي نظر العرف و مقتضي منصرف الاطلاقات و يكون الازيد منه موجب للحرج و مخالف للنظر العرف.

فعلى هذا لو اخرج من الاشياء الصلبة المتنجسة أعظم الماء الذي غسل به المحل يكون كافيا في تحقق اخراج الغسالة.

كذلك في الثياب و نحوه اذا تنجّس و اجرى عليه الماء و خرج بالعصر و نحوه معظم الماء المغسول به عنه كفي في اخراج الغسالة ثمّ ان الفرك و الدلك غير معتبر في الغسل بنفسه بل يعتبر ذلك في تطهير المحل اذا كان في المحل عين النجس او المتنجس فيجب الفرك او الدلك مقدمة لانه مع بقاء عين النجس او المتنجس لا يمكن الغسل كما قدمنا سابقا من ان المعتبر في تطهير النجس ازالة العين لانه

مع بقاء العين لا يمكن غسل المحل.

هذا كله في كيفيّة تطهير ما ينفذ فيه الماء و يكون كالثياب و الفرش و نحوهما.

و أمّا الكلام في تطهير مثل الصابون و الطين
اشارة

مما ينفذ فيه الماء و لا يمكن اخراج الغسالة منه بعصر او ما يقوم مقام العصر فالكلام فيه يقع في موارد:

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 304

المورد الاول: فيما تنجّس ظاهر الصابون او نظيره و لم تسرى النجاسة او الغسالة الى باطنه

ففي هذه الصورة لا اشكال في قابلية تطهير ما تنجّس من ظاهره و تكون كيفية تطهيره بكيفية تطهير ظاهر بدن الانسان مثلا و غيره مما يطهر باجراء الماء عليه و اخراج معظم الماء المغسول به عنه فيطهر بعد ذلك ان كان الواجب غسله مرة و الّا بازيد من مرة فيما سبق الكلام فيه في بعض النجاسات المعتبر فيه الأزيد من مرة اذا لم يكن مما يخرج الماء عن الاطلاق بملاقاته قبل ان يحصل به غسله نظير القند، و الكسر الذي يأتي بعد ذلك حكمه إن شاء الله. و ما قيل من عدم حصول التطهير في الماء القليل بهذا النحو لوجوب العصر في أمثاله و عدم امكان ذلك فيه بل قيل بعدم امكان تطهيره في الماء الكثير أيضا لاعتبار العصر في المتنجسات حتّى في الكثير تعبدا لا وجه له لان الواجب اعتبار اخراج الغسالة و هو يحصل بإجراء الماء على المحل النجس و اخراج معظم الماء المغسول به عنه.

و أمّا ما قيل من وجوب العصر تعبدا فنقول أولا بانه لا دليل عليه.

و ثانيا على فرض وجود دليل على وجوبه يكون في مورد يقبل العصر لا فيما لا يقبله.

كما ان ما قيل من ان الغسالة نجس فما بقي من الماء المغسول به نجس.

ففيه ان الغسالة هي الماء المنفصل عن المحل النجس بغسله و أمّا ما بقي من الماء في المحل فهو أمّا لا يكون نجسا او يكون معفوا عنه على فرض نجاسته و الّا لا بدّ ان

نلتزم بعدم مطهريّة الماء القليل من رأس لعدم امكان اخراج تمام الماء المغسول به.

المورد الثاني: ما اذا كان الظاهر من الجسم نجسا فقط لا باطنه

و لكن يكون المتنجس شيئا يصير الماء بمجرّد وروده عليه خارجا عن الاطلاق قبل ان يطهّره كالقند مثلا فانه بمجرد ملاقات الماء له يخرج الماء عن الاطلاق قبل ان يطهره

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 305

و لاجل ذلك يصير الماء فاقدا لشرط الاطلاق، و قد بيّنا بأن الشرط في الماء المستمل في التطهير بقائه على الاطلاق الى ان يطهر المحل ففي هذا المورد و ان لم يكن النجس الا ظاهر الجسم و ليس باطنه نجسا لكن لا يمكن تطهير الظاهر لخروج الماء المستعمل في التطهير عن الاطلاق قبل ان يطهر الظاهر لصيرورته مضافا و المضاف لا يكون مطهّرا.

المورد الثالث: ما يكون من قبيل المورد الثاني مثل القند و السكر و تنجس ظاهره و باطنه

فكما قلنا في المورد الثاني يخرج الماء المستعمل في التطهير عن الاطلاق فهو مثل المورد الثاني في الحكم لعدم قابليّته للتطهير لعدم بقاء شرط الاطلاق للماء.

المورد الرابع: اذا تنجس القند، او السّكر و امثالهما و نفذت النجاسة في ظاهره و باطنه

لكن لا يخرج الماء المستعمل لتطهيره بالاستعمال عن الاطلاق فورد عليه الماء بوصف الاطلاق فيطهر المحلّ كما قلنا في المورد الاول بعد انفصال معظم الماء المستعمل في تطهيره.

و هذا فيما يجري الماء على الباطن كما يجري على الظاهر و لا يكفي مجرد نفوذ الماء بالباطن فلو اجرى الماء على الظاهر بوصف الاطلاق يحكم بطهارة الظاهر و لكن الحكم بطهارة الباطن مشكل لعدم ورود الماء عليه بوصف الاطلاق فلا يحكم بطهارة الباطن حتى في صورة الشك بورود الماء عليه بوصف الاطلاق لاستصحاب النجاسة.

و أمّا الكلام فيما تنجس الباطن او نفذ فيه ماء الغسالة و لم يخرج الماء المستعمل في التّطهير عن الاطلاق فياتي حكمه إن شاء الله في بعض الصور الآتية.

المورد الخامس: اذا نفذت النجاسة او الغسالة النجسة الى الباطن

فلا وجه

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 306

للاشكال في امكان تطهير الظاهر و ان بقيت نجاسة الباطن و لا وجه للتشكيك في طهارة الظاهر باجراء الماء عليه مرة او اكثر على اختلاف النجاسات من حيث كفاية الغسل مرة او ازيد على ما بينا في محله.

الا ان يدعي ان المعتبر انفصال مطلق الغسالة عن المحل و لا يكفي انفصال خصوص غسالة الظاهر من المحل.

و فيه ان هذا دعوى بلا دليل لان المقدار اللازم بنظر العرف انفصال الغسالة عن محل النجس اعني المورد الذي أجرى عليه الماء و انفصل عنه الماء أعني معظم الماء و ان وقع هذا الماء المنفصل و هو الغسالة الى موضع آخر و ينجس هذا الموضع بناء على نجاسة الغسالة فلا منافات بين طهارة الظاهر باجراء الماء عليه مع بقاء الباطن على النجاسة لانفصال الغسالة عن الظاهر و نفوذها في الباطن و كذلك اذا نفذت النجاسة بالباطن فيطهر الظاهر

لو أصيبه الماء المطلق و انفصل معظم الماء المغسول به من الظاهر و ان نفذت غسالة هذا الماء بالباطن.

المورد السادس: اذا نفذت النجاسة بباطن الجسم

فهل يمكن تطهير الباطن مع عدم امكان انفصال الغسالة بعصر او نحوه او لا.

و الكلام يقع تارة في امكان تطهيره بالماء القليل و تارة في امكان تطهيره بالماء المعتصم كالكد و الجاري.

و حيث ان بعض الوجوه إثباتا او نفيا مشترك بين تطهير بالماء القليل و الماء المعتصم يجعل مصب البحث بين الأعم من القليل و المعتصم فان كان وجه مختصا باحدهما نفيا او اثباتا نذكر لك إن شاء اللّه.

اعلم ان في المسألة اقول قول بعدم امكان تطهيره مطلقا و قول بامكانه مطلقا و قول بالتفصيل بين القليل و غيره.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 307

فنقول قد يقال بعدم امكان تطهير الباطن مطلقا سواء كان المطهر الماء القليل او الماء المعتصم و وجه عدم الامكان.

أمّا ان المعتبر في تطهير المتنجس ايصال الماء الطاهر بالمحل و لا يمكن ذلك في الباطن لانه ما يصل الى الباطن هو نداوة الماء و لا يصدق عليه الماء.

و أمّا لان المعتبر في التطهير هو إيصال الماء المطلق بالمحل النجس و لا يمكن ذلك في محل الكلام لان الماء بنفوذه في الباطن يصير مضافا.

و أمّا من باب ان ما يصل الى الباطن و ان فرض عدّه ماء عرفا لكن حيث يكون بصورة النداوة تفصل اجزاء الجسم الواقع فيه النجاسة بين هذا الماء الوارد في الباطن و بين الماء الواقع في الخارج الوارد على المحلّ بعنوان التطهير فلا يكون الماء الداخل متصلا بالماء الخارج المطهّر و ان فرض بقاء اتصاله بالدقة العقلية لكن ليس بنحو يصدق الاتصال العرفي و مع عدم

الاتصال العرفي لا يصدق الغسل و لو التزمنا بكفاية مجرّد هذا المقدار من النداوة في الغسل و التطهير فلازمه الالتزام بتطهير سطح التحتاني بمجرد القاء الماء على السطح الفوقاني بنفوذ الماء من السطح العالي الى السطح السافل بمجرد نفوذ النداوة منه إليه و الحال انه لا يمكن الالتزام به فعلى هذا لا يمكن الالتزام بتطهير الباطن سواء كان الماء قليلا او معتصما.

مضافا الى اعتبار انفصال الغسالة و لا يمكن في الفرض انفصالها.

و لكن هذا الاشكال يرد بناء على كون المطهر هو الماء القليل.

اقول ما يأتي بالنظر هو عدم كفاية النّداوة النافذة بالباطن لتطهير الباطن و ان لم تخرج عن الاطلاق.

أمّا من باب ان الغسل بحسب موضوعه لا يصدق عليها اعني على مجرد

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 308

ايصال النداوة.

و أمّا من باب ان المنصرف إليه من الغسل عند العرف هو غير هذا الفرض لانهم يرون في الغسل الغلبة و الاستيلاء في الماء المغسول به.

و لو شككنا في حصول التطهير و عدمه يستصحب النجاسة.

فالاقوى عدم حصول التطهير في هذه الصورة حتى في الماء العاصم نعم يمكن ان يقال بان في القليل يكون الحكم بالتطهير أشكل لاعتبار انفصال الغسالة فيه.

ثم بعد ذلك نتكلّم فيما يستدل به على امكان التطهير في هذه الصورة في الماء الكثير او الكثير و القليل فنقول بعونه تعالى ما يستدل بذلك امور:

الأمر الاوّل: ان الالتزام بعدم امكان تطهير الباطن عن المتنجسات عسر و حرج و قد ارتفعهما الشارع و لا حرج في الدين.

و فيه العسر و الحرج ان كان في مورد فلا يقتضي دليل نفيه إلّا جواز ارتكابه في صورة الحرج بقدر رفع العسر و الحرج و هذا لا

يقتضي طهارة الشي ء النجس فهو مع بقائه على نجاسته جاز ارتكابه في مورد الحرج و هذا لا يقتضي القول بطهارة النجس ففي مورد فرض العسر و الحرج يجوز ارتكاب النجس لا ان يصير النجس طاهرا.

الأمر الثاني: ان ما يبقي في الباطن من الماء يكون اقل مما يبقي في الحشايا من الالبسة و غيرها بعد العصر و الدق و التّغميز فمع كون ما بقي في الحشايا معفوا عنه فما يبقي في الباطن من الماء يكون معفوا عنه بطريق الاولى او اقلا يكون مثله.

و فيه ان هذا قياس ليس في مذهبنا مضافا على كونه قياسا مع الفارق لان في الحشايا خرج معظم الماء و غسالته فما بقي يكون معفوا عنه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 309

بخلاف الباطن الذي بقي فيه تمام الماء المغسول به.

الأمر الثالث: اطلاقات الواردة في الغسل الشاملة لكل من الماء القليل و الكثير و من حيث كل متنجس و لا بدّ من الاخذ بها.

و فيه انه قد عرفت فيما سبق منا في مقام اعتبار انفصال الغسالة انه يعتبر في الغسل في نظر العرف فما لم تنفصل لا يتحقق او من جهة نجاستها و لا بدّ من افراغ المحل عن النجاسة.

مضافا الى ما قلنا من ان الماء الباقي في الباطن على فرض بقائه على المائية ليس الّا، نداوة، فلا يكفي في مقام الغسل الاكتفاء به.

الأمر الرابع: بعض الروايات الرواية الاولى ما رواها السكوني عن جعفر عن ابيه ان عليا عليه السّلام سئل عن قدر طبخت و اذا في القدر فارة قال يهراق مرقها و يغسل اللحم و يؤكل «1» بدعوى ترك استفصال الامام عليه السّلام عن كون المتنجس ظاهر اللحم بالخصوص او

هو مع باطنه شاهد على قابلية تطهير كل من ظاهر اللحم و باطنه.

الرواية الثانية: ما رواها ذكريا ابن آدم قال سألت أبا الحسن عليه السّلام عن قطرة خمر او نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير و مرق كثير قال يهراق المرق او يطعمه اهل الذمة او الكلب و اللحم اغسله و كله قلت فانه قطر فيه الدم قال الدم تاكله النار إن شاء الله قلت فخمر او نبيذ قطر في عجين او دم قال فقال فسد قلت ابيعه من اليهودي و النصراني و ابيّن لهم قال نعم فانّهم يستحلّون شربه قلت و الفقاع هو بتلك المنزلة اذا قطر فى شي ء من ذلك فقال اكره أنا أن آكله اذا قطر في شي ء من

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 5 من ابواب الماء المضاف و المستعمل من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 310

طعامي «1» وجه الاستدلال بها ما بينا من وجه الاستدلال بالرواية الاولى.

الرواية الثالثة: ما رواها الصدوق رحمه اللّه في عيون اخبار الرضا باسانيد تأتي في اسباغ الوضوء عن الرضا عن آبائه عن الحسين بن على عليهم السّلام انه دخل المستراح فوجد لقمة ملقاة فدفعها الى غلام له و قال يا غلام أذكرني هذه اللقمة اذا خرجت فأكلها الغلام فلما خرج الحسين بن على قال يا غلام اللقمة قال أكلتها يا مولاى قال أنت حرّ لوجه اللّه فقال رجل أعتقته قال نعم سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول من وجد لقمة ملقاة فمسح او غسل منها ثم اكلها لم تستقر في جوفه ألا أعتقه اللّه من النار و لم أكن لأستعبد رجلا أعتقه اللّه من

النار «2».

وجه الاستدلال قابلية اللقمة الملقاة للتطهير لانه قال «فمسح او غسل» و ترك الاستفصال عن كون النجس ظاهرها او باطنها او كليهما يدل على عمومية الحكم لقابلية التّطهير عن الطاهر و الباطن.

الرواية الرابعة: مرسلة الصدوق و هي هذه «محمد بن الحسن قال دخل ابو جعفر الباقر عليه السّلام الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر فأخذها و غسلها فدفعها الى مملوك معه فقال تكون معك لأكلها اذا خرجت فلما خرج قال للمملوك اين اللقمة فقال أكلتها يا ابن رسول اللّه فقال عليه السّلام آنها ما استقرت في جوف أحد الا وجبت له الجنة فاذهب فانت حرّ فاني أكره أن استخدم رجلا من أهل الجنة «3» وجه الاستدلال ما ذكرنا وجها للرواية الثانية.

هذا كله فيما يستدل به على قابلية تطهير باطن الاجسام كالخبز، و غيره.

______________________________

(1) الرواية 8 من الباب 38 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 2 من الباب 39 من ابواب احكام التخلى من الوسائل.

(3) الرواية 1 من الباب 39 من ابواب احكام الخلوة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 311

اقول أمّا الرواية الاولى و الثانية فضعيفة السند مضافا الى دعوى امكان عصر اللحم بعد الطبخ او بعد ايقاعه في الماء مدة.

و أمّا الرواية الثالثة و الرابعة فواردتان في قضية خاصة و نقل ما قال و فعل المعصوم عليه السّلام فى هذه القضية الشخصية و لا يمكن اخذ الاطلاق منهما مضافا الى كون الرابعة مرسلة.

اذا عرفت ما ذكرناه مما يمكن ان يستدل به على قابلية تطهير باطن ما ينفذ فيه النجاسة و ليس قابلا لان تخرج عنه الغسالة بعصر او نحوه سواء غسل بالماء القليل او الكثير لان ما استدل به

يشمل القليل و الكثير.

و عرفت ما في الوجوه المتمسكة من الاشكال.

نقول بان من يقول بالتفصيل في المسألة بين القليل و الكثير فلا يطهر الباطن في القليل و يطهر في الكثير.

يمكن ان يدّعي ان الملاك هو وصول الماء المطلق بالمحل و يمكن ذلك في الماء العاصم حتّى في الباطن.

و قد عرفت في ذكر أدلة عدم امكان تطهير الباطن انه على فرض كون ما وصل من الماء العاصم بالباطن أولا ليس هو ماء بل هو النداوة و ثانيا مجرد اتصال النداوة و الرطوبة من الماء العاصم بالباطن ليس كافيا في الاتصال المعتبر في الغسل.

و أمّا ما قيل في وجه امكان تطهير الباطن بالماء العاصم ببعض ما ورد في ماء المطر من تطهيره الطين المتنجس مع ان تطهيره ليس الا برسوب الماء عليه و نفوذ النداوة و هذا يحصل في العجين و نحوه مما تنفذ فى باطنه النجاسة و ليس قابلا للعصر.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 312

ففيه انه ليس فيما ورد في ماء المطر ما يدلّ على محل الكلام فراجع.

فتلخص عدم امكان تطهير باطن ما تنجس و لا يمكن اخراج الغسالة عنه في الماء القليل و غيره على الاقوى.

الموقع الثاني: في الغسل بالماء الكثير فيقع الكلام في امور:

الأمر الاول: لا يعتبر فيه انفصال الغسالة و لا العصر لما قد عرفت من ان العمدة في وجه اعتبار انفصال الغسالة امور الاول كون الغسالة نجسا و من بقائها في المحل ينجس المحل على مختارنا من نجاسة الغسالة على الاحوط بل الاقوى.

الأمر الثاني: انصراف ادلة الغسل الى ما هو مرتكز العرف من لزوم انفصال الغسالة و لا يبعد كون هذا الارتكاز لانهم يرون مع بقاء الغسالة في المحل كون المحل مشغولا بالنجاسة و على كل

حال في الماء العاصم لا تكون الغسالة نجسة و لا يكون مرتكز العرف اعتبار انفصالها.

الأمر الثالث: رواية عمار الواردة في الكوز و الاناء و هي بقرينة التعبير فيها يصب الماء فيه لا تناسب الا مع كون الغسل بالماء القليل.

الأمر الثاني: لا يعتبر التعدد في الغسل بالماء العاصم حتى في البول بالماء الكثير و الجاري و نحوهما كما مضي منّا عند تعرض المؤلف رحمه اللّه له و كذلك في الاناء الا انه احوط لكن يجب التعفير و الغسل مرّتان بعده في ولوغ الكلب و سبع مرّات في ولوغ الخنزير و موت الجرذ حتى في الكثير كما بيّنا سابقا.

و أمّا قول المؤلف «و غيره» في قوله و أمّا الغسل بالماء الكثير فلا يعتبر انفصال الغسالة و لا العصر و لا التعدد و غيره» فان كان نظره الى انه لا يعتبر امرا آخرا حتى يشمل التعفير في ولوغ الكلب فقد عرفت اعتباره حتى في الماء العاصم و ان كان

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 313

نظره الى عدم اعتبار العصر فيه و كذا عدم اعتبار الورود في الكثير فهو حق لعدم اعتبار كون الماء واردا في مقام التطهير في الكثير و كل ماء عاصم لانه لو كان الماء مورودا لا ينجس بملاقاة النجاسة.

مضافا الى ان الوضع بحسب الطبع يقتضي ورود النجس في الماء الكثير و الجاري و قدّم عدم اعتبار العصر في الماء الكثير و لا ما يقوم مقامه من الداس بالرجل و غيره.

الأمر الثالث: يكفي في التطهير في الماء الكثير في غير ما استثنى في الامر الثاني مجرد غمس المتنجس بعد زوال عين النجس في الماء في تطهير ظاهر كل شي ء تنجس بنجاسة و

لا يمكن تطهير الباطن فيما لا يمكن انفصال الغسالة عنه و مع إمكان انفصال الغسالة بعصر او ما يقوم مقامه يطهر الباطن أيضا و أمّا على قول من يلتزم بامكان تطهير باطن ما لا يقيل العصر كالصابون و نحوه هل يكفي في طهارة أعماقه ان وصلت النجاسة بها نفوذ الماء الطاهر الكثير المطلق فيه او يلزم تجفيف الشي ء الذي وصلت النجاسة باعماقه ثم نفوذ الماء العاصم عليه مطلقا أو لا يجب مطلقا حتى فيما نفذ عين النجس فيه كالبول فيكون باقيا فيه او يجب فيما نفذ عين البول مثلا فيه مع بقائه فيه فقط و لا يجب فيما لا يكون عين النجس باقيا فيه.

منشأ اعتبار التجفيف مطلقا عدم صدق الاتحاد عرفا ما لم يجفّف الشي ء المتنجس و لو لم نقل باعتبار الامتزاج لعدم صدق اتحاد ما في الباطن مع الماء العاصم.

و وجه اعتبار التجفيف في خصوص ما كان العين اي عين النجس فيه باقيا لانه مع بقاء العين لا يطهر الباطن لبقاء عين النجس و مجرّد اتّصاله بالماء العاصم لا يخرجه عن كونه نجسا فعلى هذا لو التزام احد على امكان تطهير الباطن في مثل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 314

الصابون و نظائره يكون اعتبار التجفيف فيه لازما في صورة بقاء عين النجس بل الماء المتنجس بناء على اعتبار الامتزاج بالماء العاصم في طهارته و في صورة عدم بقاء عين النجس في الباطن يكون التجفيف أحوط لكن الاقوى كما عرفت عدم إمكان تطهير الباطن مثل الصابون في القليل و الكثير.

***

[مسئلة 17: لا يعتبر العصر و نحوه فيما تنجّس ببول الرضيع]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 17: لا يعتبر العصر و نحوه فيما تنجّس ببول الرضيع و ان كان مثل الثوب و الفرش و

نحو هما بل يكفي صب الماء عليه مرة على وجه يشمل جميع أجزائه و ان كان الاحوط مرتين لكن يشترط ان لا يكون متغذّيا معتادا بالغذاء و لا يضر تغذّيه اتّفاقا نادرا و ان يكون ذكرا لا أنثى على الاحوط و لا يشترط فيه ان يكون في الحولين بل هو كذلك ما دام يعدّ رضيعا غير متعذّ و أن بعدهما كما انه لو صار معتادا بالغذاء قبل الحولين لا يلحقه الحكم المذكور بل هو كسائر الابوال و كذا يشترط في لحوق الحكم ان يكون اللبن من المسلمة فلو كان من الكافرة لم يلحقه و كذا لو كان من الخنزيرة.

(1)

اقول: الكلام يقع في طىّ امور:

الأمر الاول: هل يعتبر العصر في بول الرضيع فيما كان المتنجس به مثل الثوب و الفرش أم لا

منشأ توهم الاعتبار ما رواها الحسين بن ابي العلاء «في حديث»

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 315

قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الصبي يبول على الثوب قال تصبّ عليه الماء قليلا ثم تعصره «1».

و فيه كما قدّمنا في المسألة 4 من المسائل المتفرعة على هذا الفصل الذي نحن فيه ما دل على كفاية الصب في بول الصبي مرّة و اطلاقة يقتضي عدم الفرق بين الثوب و غيره و لا يمكن الالتزام بكون الرواية مقيدة له للاجماع المدعى على عدم اعتباره فلا بد من حمل الامر بالعصر على الاستحباب او فرض بقاء العين و العصر لازالة العين خصوصا مع عدم ايجاب العصر في صدر الرواية في بول غير الصبي و الحال انه اولى بالعصر و هذا صدر الرواية ذكره صاحب الوسائل في الباب الاول من ابواب النجاسات من كتابه «عن الحسين بن ابي العلاء قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البول يصيب الجسد قال

صبّ عليه الماء مرّتين فانّما هو ماء و سألته عن الثوب يصيبه البول قال اغسله مرّتين» «2».

الأمر الثاني: يكفي في بول الصبي صب الماء عليه مرّة

لدلالة رواية الحلبي المتقدمة ذكرها في طىّ المسألة الرابعة على ذلك حيث قال فيها «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن بول الصبي قال: تصب عليه الماء فان كان قد أكل فاغسله بالماء غسلا و الغلام و الجارية في ذلك شرع سواء» «3» و ما ورد من الأمر بالغسل مرّتين في البول و ان كان مطلقا لكن حيث يكون الامر بالغسل مرّتين يكون مورده ما يجب فيه الغسل و في الصبى لا يجب الا الصبّ كما في بعض الروايات المتعرضة لحكمه و لهذا نقول يكفي الصب و هو مجرد استيلاء الماء على الشي ء فلا يجب التعدد في بول الصبي و ان كان احوط.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 3 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 1 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 2 من الباب 3 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 316

الأمر الثالث: يشترط في الصبي ان لا يكون متعذبا بالغذاء

لدلالة رواية الحلبي المتقدمة ذكرها على ذلك حيث قال عليه السّلام فيها «فان كان قد اكل فاغسله بالماء غسلا». «1»

الا ان يكون متعذيا نادرا بحيث لا يعد عرفا انه يأكل الغذاء و هو فرض نادر.

الأمر الرابع: يشترط ان يكون الصبي ذكرا لورود الدليل في خصوص الصبي

و ظاهره مقابل الصبية مضافا الى تسليم ذلك عند الاصحاب و قلنا في طى المسألة الرابعة ان ذيل رواية الحلبي و هو قوله «و الغلام و الجارية في ذلك شرع سواء» يحتمل كونه راجعا الى الحكم الثاني و هو وجوب الغسل اذا كان قد أكل.

الأمر الخامس: لا يشترط في الحكم كون الصبي في الحولين

بل الميزان كما في رواية الحلبي المتقدمة ذكرها الأكل و عدمه و ان كان قد اكل ليس الحكم و ان كان بين الحولين و ان لم يأكل بعد يكون الحكم اعني كفاية الصبّ مرّة باقيا و ان كان بعد الحولين.

الأمر السادس: هل يشترط ان يكون لبن الصبي الذي لا يؤكل و يكفي في المتنجس ببوله الصبّ مرّة ان يكون من المسلمة

فاذا كان يأكل لبن الكافرة او الخنزيرة لا يكون هذا الحكم أو لا يشترط ذلك.

وجه عدم الشمول على ما قيل ما رواها السكونى عن جعفر عليه السّلام عن ابيه ان عليا عليه السّلام قال لبن الجارية و بولها يغسل منه الثوب قبل ان يطعم لان لبنها يخرج من مثانة أمها و لبن الغلام لا يغسل منه الثوب و لا من بوله قبل ان يطعم لان لبن الغلام يخرج من العضدين و المنكبين «2» بدعوى ان العلة في نجاسة لبن الجارية خروجها من

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 3 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 3 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 317

المثانة و نجاستها فكل بول يكون لصبى يكون لبنه نجسا يكون الواجب فيه الغسل و لا يكفي الصب فبول من يشرب من الكافرة او من الخنزيرة يجب فيه الغسل لان بوله يكون من ذي لبن نجس.

و فيه أمّا أولا فالرواية ضعيفة السند لان بعض رواتها عاميا كما في الوسائل و أمّا ثانيا لا يعمل بها الاصحاب لاشتمالها على ما لا يلتزمون به و لا يعملون به و هو نجاسة لبن الجارية.

و أمّا ثالثا ذكر العلة التي لا نفهمها فلا بد من رد علمها الى اهله و مجرد كون الفقرة منها الدالة على عدم وجوب الغسل في الغلام قبل ان يطعمه مما يعمل بها الاصحاب

لا يوجب حجيتها لانه غير معلوم كون استنادهم بها أولا و على فرض كون استنادهم بها لا يوجب كونها حجة في فقرتها الاخرى ثانيا.

و أمّا دعوى انصراف ما دل على كفاية صب الماء في بول الصبي الذي لم يطعم عن الصبي الذي يرتضع من الكافرة او الخنزيرة ففيه ان الانصراف غير معلوم و لا يمكن الافتاء على طبقه بعدم كفاية الصب و انه يجب الغسل و لكن حيث يكون مع ذلك محتملا نقول بان الاحوط في الصبي المرتضع عن الكافرة او الخنزيرة هو وجوب الغسل مرّتان في القليل و مرة واحدة في الجاري و غيره من المياه العاصمة و أن كان الاحوط استحبابا التعدد في الكثير كما عرفت سابقا.

***

[مسئلة 18: اذا شك في نفوذ الماء النجس في الباطن]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 18: اذا شك في نفوذ الماء النجس في الباطن في مثل الصابون و نحوه بني على عدمه كما انّه اذا شك بعد العلم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 318

بنفوذه في نفوذ الماء الطاهر فيه بني على عدمه فيحكم ببقاء الطهارة في الاوّل و بقاء النجاسة في الثاني.

(1)

اقول: وجهه استصحاب طهارة الباطن في الاول و استصحاب نجاسته في الثاني.

***

[مسئلة 19: قد يقال بطهارة الدهن المتنجس اذا جعل في الكر الحار]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 19: قد يقال بطهارة الدهن المتنجس اذا جعل في الكر الحار بحيث اختلط معه ثم اخذ من فوقه بعد برودته لكنه مشكل لعدم العلم بوصول الماء الى جميع اجزائه و ان كان غير بعيد اذا غلى الماء مقدارا من الزمان.

(2)

اقول: المحكي عن العلامة قدّس سرّه في التذكرة قابلية تطهير الدهن المتنجس بان يصب في كر من الماء الحار و تختلط و تمازج اجزائه مع الماء بحيث يعلم وصول الماء الى جميع اجزائه.

و استشكل على ذلك ببعض الاشكالات و العمدة الاشكال الذي ذكره صاحب الجواهر قدّس سرّه و هو انه لا يحصل العلم بوصول الماء الى جميع اجزائه مع بقاء مسمّاه بحيث يمكن الانتفاع به.

و اجيب عن ذلك بانه مع الامتزاج و الاختلاط بالماء الحار لا يبقي مسمّاه و هذا لا يضر بتطهيره و ان كان بعد برودة الماء تجتمع اجزائه المتفرقة في الماء فوق الماء

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 319

فيؤخذ من الماء.

لكن الإنصاف عدم حصول العلم بوصول الماء الى جميع اجزائه حتى بعد الغليان و طول زمانه و لهذا يشكل الحكم بطهارته و مع قطع النظر عن هذا الاشكال فما استشكل على طهارته كلها ممكن الدفع مثل الاشكال بان دسومته مانع عن وصول

الماء بجميع اجزائه.

و فيه انه كما تقبل اليد الدسمة للتطهير حتّى في الماء القليل فكذلك في المورد و مثل الأشكال بأن اختلاف الدهن و الماء من حيث الثقالة و الخفة مانع عن وصول الماء بجميع اجزائه لان هذا الاختلاف يوجب انفصال كل منهما عن الآخر و فيه ان الميزان وصول الماء بالمتنجس و هذا الامر عرفي و الثقالة و الخفة لا يوجب عدم وصول احدهما بالآخر بنظر العرف و مثل الاشكال بان طهارة دهن المتنجس بهذه الكيفية مبنيّة على القول بامكان تجزية الجزء الذي لا يتجزى و الحال ان ذلك غير معقول كما ذكر في محله بيان الملازمة انه على القول بامكان تجزية الجزء الذي لا يتجزى يمكن وصول الماء الى هذا الجزء و أمّا بناء على القول بامتناعها لا يمكن القول بوصول الماء الى جميع اجزائه و فيه أولا ان مورد الخلاف في الجزء الذي لا يتجزى هو في انه هل يمكن تركب الجسم من الاجزاء الغير القابل للقسمة خارجا و وهما و عقلا او يكون محالا و من المعلوم عدم ابتناء المسألة على جوازه او استحالته لان الكلام في امكان وصول الماء بالدهن خارجا و ثانيا ان باب الطهارة و النجاسة و احكامهما غير مبنية على الدقة العقلية و الا يرد هذا الاشكال في ساير الموارد بل الميزان هو نظر العرف لا الدقة العقلية فينبغي الرجوع الى العرف في انه هل يصل الماء بجميع اجزاء الدهن أم لا و الانصاف ان العلم بوصول الماء بجميع اجزائه بنظر العرفي مشكل.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 320

[مسئلة 20: اذا تنجس الأرز او الماش او نحوهما]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 20: اذا تنجس الأرز او الماش او نحوهما يجعل في وصلة و

يغمس في الكر و أن نفذ فيه الماء النجس يصبر حتى يعلم نفوذ الماء الطاهر الى المقدار الذي نفذ فيه الماء النجس بل لا يبعد تطهره بالقليل بان يجعل في ظرف و يصبّ عليه الماء ثم يراق غسالته و يطهر الظرف أيضا بالتبع فلا حاجة الى التثليث فيه و ان كان هو الاحوط نعم لو كان الظرف أيضا نجسا فلا بد من التثليث.

(1)

اقول: قد مرّ في المسألة 16 الاشكال في تطهير الباطن اذا تنجس في القليل و الكثير نعم لو تنجس الظاهر يمكن تطهير الأرز و الماش او نحوهما بالماء القليل و الكثير و أمّا الظرف فتارة لا يكون نجسا قبل ايقاع الارز و نحوه فيه و تنجس بملاقات المتنجس و يأتي الكلام فيه إن شاء اللّه عند البحث عن كون التّبعية من المطهرات مضافا الى أنه يمكن الاستدلال على طهارة الظّرف مع المظروف برواية محمد بن مسلم و هي هذه «محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الثوب يصيب البول قال اغسله في المركن مرتين فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة «1» المتقدمة ذكرها بدعوى دلالتها على عدم وجوب الغسل في المتنجس بالبول إلا غسل الثوب الواقع في المركن مرتين و لم يجب غسل الظرف بعد غسل الثوب فتدل الرواية على عدم وجوب غسل الظرف سوى غسل الثوب و لم يأمر بعد غسل الثوب بغسل المركن و لكن يمكن الاشكال في الاستدلال بانه لم تكن الا في مقام بيان تعدد الغسل في المتنجس بالبول في المركن مرّتين و في الماء الجاري مرّة و لهذا لا يستدل بها على عدم اعتبار العصر في الثوب المتنجس و حيث يكون شمول دليل

______________________________

(1) الرواية من الباب 2 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 321

التّبعية للمورد غير معلوم فالاحوط التثليث.

و أمّا فيما كان الظرف بنفسه نجسا فلا اشكال في اعتبار غسل الظرف ثلاث مرّات و لو لم نقل بعدم الوجوب في الصورة الاولى لان نجاسته ليست بالتّبعية حتى يطهر بالتبع.

***

[مسئلة 21: الثوب النجس يمكن تطهيره بجعله في طشت و صبّ الماء عليه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 21: الثوب النجس يمكن تطهيره بجعله في طشت و صبّ الماء عليه ثم عصره و اخراج غسالته و كذا اللحم النجس و يكفي المرّة في غير البول و المرّتان فيه اذا لم يكن الطشت نجسا قبل صب الماء و الا فلا بد من الثلاث و الاحوط التثليث مطلقا.

(1)

اقول: أمّا في الثوب فلا اشكال في تطهيره، بما ذكره المؤلف رحمه اللّه ...

و أمّا في اللحم كذلك اذا تنجس ظاهره او كان المقصود تطهير خصوص ظاهره، بالنحو المتقدم في المسألة 16.

و أمّا باطنه اذا تنجس يشكل تطهيره كما مر في المسألة المذكورة و اما الظرف، فلو كان نجاسته بسبب نجاسة الثوب او اللحم فطهارته مبنيّ على شمول ادلة التبعية له و سيأتي إن شاء اللّه الكلام فيه.

و أمّا اذا كان نجسا مع قطع النظر عن نجاسة الثوب او اللحم فلا اشكال في اعتبار التثليث في طهارته.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 322

[مسئلة 22: اللحم المطبوخ بالماء النجس او المتنجس بعد الطبخ]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 22: اللحم المطبوخ بالماء النجس او المتنجس بعد الطبخ، يمكن تطهيره في الكثير بل و القليل اذا صب عليه الماء و نفذ فيه الى المقدار الذي وصل إليه الماء النجس.

(1)

اقول: لا وجه لقابليته للتطهير لما قلنا من عدم امكان تطهير الباطن المتنجس و لا دليل الا روايتا السكوني و زكريا بن آدم المذكورتان في المسألة السادسة عشر و قد عرفت عدم امكان الاستناد بهما لضعف سندهما.

***

[مسئلة 23: الطين النجس اللاصق بالابريق يطهر بغمسه في الكر]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 23: الطين النجس اللاصق بالابريق يطهر بغمسه في الكر و نفوذ الماء الى أعماقه و مع عدم النفوذ يطهر ظاهره فالقطرات التي تقطر منه بعد الاخراج من الماء طاهرة و كذا الطين اللاصق بالنعل بل يطهر ظاهره بالماء القليل أيضا، بل اذا وصل الى باطنه بان كان رخوا طهر باطنه أيضا به.

(2)

اقول: قد مضى في المسألة السادسة عشر عدم قابلية باطن امثال الطين للتطهير لو نجس باطنه، و لكن يطهر ظاهره بالماء، فعلى هذا لو طهر ظاهره و تقاطر منه بعض القطرات، يحكم بطهارته.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 323

[مسئلة 24: الطّحين و العجين النّجس]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 24: الطّحين و العجين النّجس، يمكن تطهيره بجعله خبزا ثم وضعه في الكر حتّى يصل الماء الى جميع اجزائه و كذا الحليب النجس يجعله جبنا و وضعه في الماء كذلك.

(1)

اقول: قد مرّ الاشكال في ذلك في المسألة السادسة عشر فراجع.

و ما في المستمسك «1» من كون الاشكال في الحليب هو عين الاشكال في الدهن المتنجس ليس في محلّه لان في الدهن المتنجس يكون المفروض غليان الماء حتى يستهلك الدهن فيه و في المقام لا يستهلك الحليب بل يجعل جبنا فالكلام يكون في الجبن المتنجس باطنه و ظاهره فهو من صغريات ما نفذ فيه النجاسة و لا يقبل العصر كالكوز و اللحم و الارز و امثالها و قد مرّ الاشكال في قابليّتها للتطهير.

***

[مسئلة 25: إذا تنجّس التنوّر، يطهر بصب الماء الى اطرافه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 25: إذا تنجّس التنوّر، يطهر بصب الماء الى اطرافه من فوق الى تحت و لا حاجة الى التثليث لعدم كونه من الظروف فيكفي فيه المرّة في غير البول و المرّتان فيه و الاولى ان يحفر، حفرة يجتمع الغسالة فيها و طمّها بعد ذلك بالطين الطاهر.

(2)

اقول: أمّا ما ذكره رحمه اللّه من تطهير التنور بصب الماء باطرافه فصحيح.

و أمّا ما ذكره من العلاج للاخراج الغسالة فلا ربط و لا دخل له في تطهير

______________________________

(1) المستمسك، ج 2، ص 51.

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 3، ص: 324

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 324

اطراف التّنور بل هو مفيد لتطهير ظاهر اسفل التنور في كل مورد يقال فيه بنجاسة الغسالة.

***

[مسئلة 26: الارض الصلبة و الطرق المفروشة بالآجر و الحجر]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 26: الارض الصلبة و الطرق المفروشة بالآجر و الحجر تطهر بالماء القليل اذا اجرى عليها لكن مجمع الغسالة يبقي نجسا و لو اريد تطهير بيت أو سكّة فان أمكن إخراج ماء الغسالة بان كان هناك طريق لخروجه فهو و الا يحفر، حفيرة ليجتمع فيها ثم يجعل فيها الطين الطاهر كما ذكر في التّنور، و ان كانت الارض رخوة بحيث لا يمكن اجراء الماء عليها فلا تطهر الا بإلقاء الكر او المطر او الشمس نعم اذا كانت رطبا يمكن تطهير ظاهرها بصب الماء عليها و رسوبه في الرمل فيبقى الباطن نجسا بماء الغسالة و ان كان لا يخلو عن اشكال من جهة احتمال عدم صدق انفصال الغسالة.

(1)

اقول: اعلم ان الكلام يقع في جهات:

الجهة الاولى: تطهير الارض الصلبة و المفروشة بالآجر و الحجر

باجراء الماء عليها سواء كان الماء قليلا او كثيرا لعموم مطهرية الماء لكل شي ء مضافا الى دلالة بعض الروايات عليه مثل ما رواها عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال سئل عن الموضع القذر يكون في البيت او غيره فلا تصيبه الشّمس و لكنه

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 325

قد يبس الموضع القذر قال لا يصلى عليه و اعلم موضعه حتى تغسله الخ «1».

بدعوى دلالة قوله عليه السّلام «حتى تغسله» على قابلية الموضع القذر للتطهير بالماء القليل.

و فيه انه بعد كونه عليه السّلام في مقام بيان عدم جواز الصلاة حتى يغسله فلا يستفاد من كلامه تعميم المطهرية للماء حتى للماء القليل.

الا ان يقال ان الماء المبتلى به في مقام التطهير في زمن صدور الرواية غالبا هو الماء القليل فيكون النّظر به لقلة وجود الماء العاصم من الكر او الجاري او غيرهما.

الجهة الثانية: مجمع الغسالة يبقي نجسا

اذا كان ما غسل به الارض النجسة او السكة او البيت النجس ماء قليلا بناء على نجاسة ماء الغسالة فى هذه الصورة كما قلنا

الجهة الثالثة: لو اريد تطهير البيت او السكة بالماء القليل

فان امكن اخراج الغسالة بان يكون هناك طريق لخروجه فهو و الا تحفر حفرة لتجمع الغسالة فيها ثم يجعل فيها الطين الطاهر كي يصير ظاهر الحفرة طاهرا هذا كله اذا كانت الارض او السكة او البيت صلبة.

الجهة الرابعة: اذا كانت الارض رخوة بحيث لا يمكن اجراء الماء عليها

فلا اشكال في قابلية تطهيرها بالماء المعتصم مثل ماء المطر لان كلما يراه المطر فقد طهر على كيفية امضينا الكلام فيه في محله او غيره من المياه المعتصمة.

و أمّا تطهيرها بالماء القليل فمع عدم صدق أجراء الماء عليها فلا تطهر.

و هل تطهر بنفوذ الماء في اعماقها او لا قد يقال بعدم قابلية المحل في المورد

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 29 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 326

للتطهير بالماء القليل لان المعتبر فيه انفصال الغسالة و في المورد لا تنفصل الغسالة بل تنفذ في اعماق الارض المتنجسة و هذا لا يكفي لعدم صدق انفصال الغسالة.

و فيه انه كما عرفت في المورد السادس من الموارد التي تعرضنا عنها في طي المسألة 16 عدم اعتبار انفصال الغسالة بهذا المعني بل يحصل انفصال الغسالة باي وجه و لو بخروجها عن المحل المتنجس و نفوذه في محل آخر و لو كان نفوذه في باطن المتنجس.

***

[مسئلة 27: اذا صبغ ثوب بالدم]

قوله رحمه الله

مسئلة 27: اذا صبغ ثوب بالدم لا يطهر ما دام يخرج منه الماء الأحمر نعم اذا صار بحيث لا يخرج منه طهر بالغمس في الكر او الغسل بالماء القليل بخلاف ما اذا صبغ بالنّيل النجس فانه اذا نفذ فيه الماء في الكثير بوصف الاطلاق يطهر و ان صار مضافا أو متلوّنا بعد العصر كما مرّ سابقا.

(1)

اقول: أمّا وجه عدم طهارة ما صبغ بالدم ما دام يخرج منه الماء الأحمر فيكون لاجل بقاء عين النجاسة فيه و قد مرّ انّ المعتبر في الغسل أولا زوال عين النجاسة عن المحل المتنجس و أمّا اذا صار بحيث لا يخرج منه الماء الاحمر فلزوال عين النجاسة عنه فيطهر بغمسه

في الكر او غسله بالماء القليل.

و أمّا فيما صبغ بالنيل النجس فحيث يعتبر في التطهير بالماء الكثير اطلاق الماء حين الاستعمال الى تحقق الغسل فاذا نفذ فيه الماء الكثير فيه بوصف الاطلاق و لم

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 327

يصر الماء مضافا قبل ذلك يطهر و ان صار مضافا حال العصر او متلونا بناء على عدم اعتبار العصر في الماء الكثير.

و اما اذا صبغ الثوب بالنيل النجس و اريد تطهيره بالماء القليل فلا اشكال في انه يعتبر اطلاق الماء حين الشروع في الغسل الى ان ينفصل الماء عنه كما مرّ في كيفية التطهير بالماء القليل و الكثير لكن المعتبر بقاء اطلاق الماء في الكثير الى انتهاء حصول الغسل و لو لم تزل الغسالة و يعتبر في الماء القليل بقاء اطلاق الماء الى انفصال الغسالة اما بناء على دخل انفصال الغسالة بالعصر و نحوه فواضح لانه لا بد من كون الغسل بالماء المطلق فما لم تنفصل الغسالة لم يحصل الغسل فلو صار الماء مضافا قبل انفصالها لم يحصل الغسل.

و أمّا بناء على كون انفصال الغسالة شرطا مستقلا فأيضا يعتبر اطلاق الماء الى حال انفصال الغسالة لانه مع اضافة الماء قبل تحقق انفصال الغسالة بعصر او نحوه فهو ماء مضاف نجس ينجس الثوب فلا بد من بقاء اطلاق الماء الى حال انفصال الغسالة بعصر او غيره في التّطهير بالماء القليل.

***

[مسئلة 28: فيما يعتبر فيه التعدد لا يلزم توالى الغسلتين]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 28: فيما يعتبر فيه التعدد لا يلزم توالى الغسلتين او الغسلات فلو غسل مرة في يوم و مرة اخرى في يوم آخر كفي نعم يعتبر في العصر الفورية بعد صب الماء على الشي ء المتنجس.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3،

ص: 328

(1) اقول: منشأ عدم اعتبار التوالى بين الغسلتين او الغسلات فيما يعتبر فيه التعدد هو اطلاق الدّليل من هذا الحيث راجع الروايات في الابواب المربوطة باعتبار التعدد في البول او في ولوغ الكلب بعد الغسل بالتراب او في الظرف او غيرها من الموارد المعتبرة فيها التعدد.

و أمّا العصر بعد الغسل فهل يجب القيام به فورا او يجوز تاخيره.

اما التأخير بمقدار يبس ماء الغسالة الواقع في المتنجس فيمكن دعوى مضرّية هذا المقدار من التأخير على كل حال سواء كان منشأ اعتبار العصر دخله في الغسل او الاخبار او الاجماع او لانفصال الغسالة او لاستصحاب النجاسة للشك في زوال النجاسة بدونه.

و أمّا التأخير بمقدار لم ييبس ما في الثوب و نظائره من الغسالة و يمكن اخراج المتعارف منها بالعصر حتى مع هذا التأخير فيختلف الحكم باختلاف المباني في باب العصر فان قلنا باعتبار دخل العصر في الغسل فكلما لا يعتبر التوالى في الغسل فكذلك في العصر.

و ان قلنا باعتباره من باب الرواية فهي مطلقة من هذا الحيث.

و ان كان وجه اعتباره الاجماع فحيث الاجماع دليل لبي فقدر المتقين منه هو اعتباره و أمّا فوريته فلا يستفاد منه و ان كان وجه اعتباره استصحاب النجاسة مع عدم الفورية فعلى كونه وجه الاعتبار، تجب الفورية و ان قلنا بدخله من باب كون المنصرف من الغسل هو المتعارف منه و هو مع العصر فى هذه الاشياء و ان لم يكن دخيلا موضوعا في الغسل فحيث يكون المتعارف العصر بعد الغسل فورا فمقتضاه الفورية بعد الغسل و ان قلنا باعتباره من باب اعتبار انفصال الغسالة فأيضا لا تجب الفورية مع كون التأخير بمقدار يمكن اخراج الغسالة بمقدار المتعارف و

حيث قلنا في المسألة 16 من كون اعتبار العصر يكون أمّا من باب دخله في الغسل او الخروج

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 329

الغسالة او لانصراف الادلة بصورة انفصال الغسالة و كونه المتعارف من الغسل او لبعض الروايات يكون مقتضاه عدم اعتبار الفورية الا على كون المنصرف من الغسل هو المتعارف منه و هو مع العصر و حيث يكون المتعارف العصر بعد الغسل فورا فيجب الفورية و نحن و ان لم نقل بكون الوجه في العصر هو هذا الوجه معينا لقابلية كون الوجه دخله في الغسل او لانفصال الغسالة او لبعض الاخبار و مقتضي كل تلك الوجوه المتقدمة هو عدم وجوب الفورية و لكن حيث يمكن المنصرف هو المتعارف من الغسل و هو مع العصر و المتعارف من العصر هو ايقاعه بعد الغسل فورا بالفورية العرفية.

و بعد ذلك كله نقول، حيث يكون مقتضي كل هذه الوجوه هو زوال الغسالة و عدم بقائها في المتنجس بالعصر او بنحوه، لا يبعد ان يقال بانه يجب الفورية مطلقا، لانه بدون الفورية و يبوسة المحل لا يمكن ازالة الغسالة فمقتضى ذلك هو الفورية، و هو الموافق للاحتياط أيضا ...

***

[مسئلة 29: الغسلة المزيلة للعين]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 29: الغسلة المزيلة للعين بحيث لا يبقي بعدها شي ء تعدّ من الغسلات فيما يعتبر فيه التعدد فتحسب مرة بخلاف ما اذا بقي بعدها شي ء من اجزاء العين فانها لا تحسب و على هذا فان أزال العين بالماء المطلق فيما يجب فيه مرّتان كفي غسله مرّة اخرى و ان أزالها بماء مضاف يجب بعده مرّتان أخريان.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 330

(1)

اقول: قد مرّ منا في المسألة 4 عدم عدّ الغسلة

المزيلة للعين من الغسلات بل لا بد من احداث الغسل مرة او ازيد بالمقدار اللّازم بعد هذه الغسلة فعلى هذا لا يبقي مورد لما قال المؤلف رحمه اللّه بعد ذلك من احتساب المرة اذا ازال العين بالماء المطلق و عدم احتسابها اذا زالت العين بالماء المضاف.

و أمّا فيما بقي بعد الغسل من العين في المحل شي ء فلا اشكال في عدم احتساب هذه المرّة من الغسل لا على مختارنا و لا على مختار المؤلف رحمه اللّه.

ثم اعلم ان ما قاله المؤلف رحمه اللّه من عدّ الغسلة المزيلة من الغسلات يكون عدولا عمّا قال في المسألة 4 لأنه قال فيها بعدم العدّ الا ان يصب الماء مستمرا بعد زوال العين.

***

[مسئلة 30: النّعل المتنجسة تطهر بغمسها في الماء]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 30: النّعل المتنجسة تطهر بغمسها في الماء الكثير و لا حاجة فيها الى العصر لا من طرف جلدها و لا من طرف خيوطها و كذا البارية بل في الغسل بالماء القليل أيضا كذلك لان الجلد و الخيط ليسا ممّا يعصر و كذا الحزام من الجلد كان فيه خيط او لم يكن.

(2)

اقول: ما ذكره قدس سره يكون مبنيا على عدم وجود رخوة في الخيط يقبل مقدارا من الماء الذي يطّهر به و الا يجب انفصال الغسالة بعصر او غيره في التطهير بالماء القليل و أمّا في الكثير فلا لما قلنا من عدم وجوب انفصال الغسالة في الكثير

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 331

و أمّا الجلد فلا يجب فيه لعدم نفوذ الماء المطهّر فيه اصلا حتى يعتبر العصر و نحوه.

***

[مسئلة 31: الذهب المذاب و نحوه من الفلزّات]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 31: الذهب المذاب و نحوه من الفلزّات اذا صب في الماء النجس او كان متنجسا فأذيب ينجس ظاهره و باطنه و لا يقبل التطهير الا ظاهره فاذا اذيب ثانيا بعد تطهير ظاهره تنجّس ظاهره ثانيا نعم لو احتمل عدم وصول النجاسة الى جميع اجزائه و ان ما ظهر منه بعد الذوبان الاجزاء الطاهرة يحكم بطهارته على كل حال بعد تطهير ظاهره و لا مانع من استعماله و ان كان مثل القدر من الصّفر.

(1)

اقول: يقع الكلام في المسألة في موارد:

المورد الاول: الذهب المذاب

او غيره من الفلزات اذا صبّ في الماء النجس ينجس كل جزء يلاقي الماء المتنجس من الظاهر و الباطن و بعد صيرورته بالذوب ظاهرا يحيطه الماء النجس و ربما لا ينجس جميع اجزائه لعدم انتشاره بنحو يحيط الماء جميع اجزائه و ما قال المؤلف رحمه اللّه من القول بنجاسة الذهب المذاب اذا صبّ في الماء النجس لعلّه كان من باب ان الغالب فيه ملاقات النجس لجميع اجزائه و لكنه كما عرفت لا ملازمة بين صب الماء و بين نجاسة جميع اجزائه بل يدور مدار كيفية الانتشار بسبب الذوب فربّما ينتشر بحيث يحيط الماء النجس على جميع اجزائه و ربما لا يحيط الا ببعض اجزائه فكل مقدار منه وصل الماء النجس به يتنجس بالملاقات.

و على كل حال لا ينجس منه الا المقدار الظاهر منه بعد الذوب الملاقي

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 332

للماء النجس.

المورد الثاني: اذا كان الذهب و نحوه نجسا فاذيب

فتارة تكون في العين نجاسة مسرية فكلما لاقاه النجس من الاجزاء ينجسها اذا كانت الملاقاة مع الرطوبة.

و أمّا اذا لم تكن رطوبة في العين فمجرد ذوب الذهب و انتشاره لا يوجب أسراء النجاسة من المقدار المتنجس الى غيره من أجزاء الذهب أجزائه الباطنية الغير الملاقية لبعض اجزائه المتنجس مع الرطوبة لما قلنا في كيفية تنجس المتنجسات من عدم كفاية مجرد الميعان لسراية النجاسة في تنجس النجاسة منه الى ملاقيه بل يعتبر تأثر الشي ء عن النجس و هو يحصل بوجود الرطوبة المسرية في احدهما اقلا هذا ما عندي و ان كان كلام المؤلف رحمه اللّه غير ذلك.

المورد الثالث: بعد فرض نجاسة أجزاء الذهب اذا انجمد

ينجس ما هو ظاهره بعد الانجماد و يقبل هذا الظاهر للتطهير لا ما كان حال الذوبان لاجل الذوب من الظاهر و صار بالانجماد من الباطن لعدم امكان نفوذ الماء في باطنه الفعلي.

المورد الرابع: لو تطهر ظاهره ثم أذيب ثانيا

و الحال ان باطنه كان نجسا ينجس الظاهر أيضا بعد الانجماد لاختلاط اجزائه بالذوبان الا اذا احتمل عدم وصول النجاسة الى جميع اجزائه و ان ما صار من الظاهر هو الاجزاء التي لم تصل النجاسة بها، فالظاهر محكوم بالطهارة في كلتا الصورتين.

المورد الخامس: بعد تطهير ظاهر الذهب المنجمد بعد الذوبان

لا مانع من استعماله و أمّا حمله في الصلاة فلا يجوز بناء على عدم جواز الصلاة مع المحمول المتنجس و أمّا على القول بجوازه فلا اشكال في حمله في الصلاة و ان كان باطنه نجسا.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 333

[مسئلة 32: الحلي الذي يصوغه الكافر اذا لم يعلم ملاقاته له]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 32: الحلي الذي يصوغه الكافر اذا لم يعلم ملاقاته له مع الرطوبة يحكم بطهارته و مع العلم بها يجب غسله و يطهر ظاهره و ان بقي باطنه على النجاسة اذا كان متنجس قبل الإذابة.

(1)

اقول أمّا مع الشك في نجاسته فلاصالة الطهارة او استصحابها اذا كانت حالته السابقة الطهارة و أمّا مع العلم بنجاسة ظاهره و باطنه او نجاسة خصوص ظاهره فيطهر ظاهره بالغسل و أمّا باطنه فغير قابل للتطهير لعدم نفوذ الماء فيه.

***

[مسئلة 33: النبات المتنجس يطهر بالغمس في الكثير]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 33: النبات المتنجس يطهر بالغمس في الكثير بل و الغسل بالقليل اذا علم جريان الماء عليه بوصف الاطلاق و كذا قطعة الملح نعم لو صنع النبات من السكّر المتنجس او انجمد الملح بعد تنجسه مائعا لا يكون حينئذ قابلا للتطهير.

(2)

اقول: أمّا فيما تنجس ظاهر النبات و قطعة الملح التي تكون بصورة الحجر يمكن تطهيره بالماء القليل فضلا عن الكثير اذا علم جريان الماء عليه بوصف الاطلاق الى تمام الغسل و أمّا لو تنجس باطنها فلا كما مرّ في المسألة 16 لانه أمّا يستهلك النبات او الملح او يخرج الماء بالنفوذ عن الاطلاق مثل ما اذا كانا بصورة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 334

الطين فانه لا يقبلان التطهير لاستهلاكها او لاضافة الماء.

و أمّا اذا كان السّكر نجسا و صنع منه النبات او كان الملح نجسا فانجمد بعد تنجسها قبل هذا الحال فحينئذ غير قابلين للتطهير لعدم نفوذ الماء المطلق بوصف الاطلاق فيهما و مع النفوذ يخرج الماء عن الاطلاق او يستهلكان فيه.

***

[مسئلة 34: الكوز الذي صنع من طين نجس]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 34: الكوز الذي صنع من طين نجس او كان مصنوعا للكافر يطهر ظاهره بالقليل و باطنه أيضا اذا وضع في الكثير فنفذ الماء في اعماقه.

(1)

اقول قد مرّ في المسألة 16 عدم طهارة الباطن نعم يطهر ظاهره كما مرّ.

***

[مسئلة 35: اليد الدسمة اذا تنجست]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 35: اليد الدسمة اذا تنجست تطهر في الكثير و القليل اذا لم يكن لدسومتها جرم و الا فلا بد من ازالته أوّلا و كذا اللحم الدّسم و الالية فهذا المقدار من الدسومة لا يمنع من وصول الماء.

(2)

اقول: الميزان وصول الماء على المحل النجس فلو كان مانع لم يصل الماء إليه، فلا يطهر و لو لم يكن مانع يطهر و على الفرض لا تمنع الدسومة من الوصول

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 335

و المفروض في اللحم و الالية هو ما تنجّس ظاهرهما و أمّا مع نجاسة باطنها فلا كما مرّ.

***

[مسئلة 36: الظروف الكبار]
اشارة

قوله رحمه اللّه

مسئلة 36: الظروف الكبار التي لا يمكن نقلها كالحبّ المثبت في الارض و نحوه اذا تنجست يمكن تطهيرها بوجوه:

احدها: ان تملأ ماء ثم تفرغ ثلاث مرّات.

الثّاني: ان يجعل فيها الماء ثم يدار الى اطرافها باعانة اليد او غيرها ثم يخرج منها ماء الغسالة ثلاث مرّات.

الثالث: ان يدار الماء الى اطرافها مبتدأ بالاسفل الى الاعلى ثم يخرج الغسالة المجتمعة ثلاث مرّات.

الرابع: ان يدار كذلك لكن من اعلاها الى الاسفل ثم يخرج ثلاث مرّات و لا يشكل بان الابتداء من اعلاها يوجب اجتماع الغسالة في اسفلها قبل ان يغسل و مع اجتماعها لا يمكن ادارة الماء في اسفلها و ذلك لان المجموع يعدّ غسلا واحدا فالماء الذي ينزل من الاعلى يغسل كلما جرى عليه الى الاسفل و بعد الاجتماع يعدّ المجموع غسالة و لا يلزم تطهير آلة اخراج الغسالة كل مرّة و أن كان أحوط و يلزم المبادرة الى إخراجها عرفا، في كل غسلة لكن لا يضر الفصل بين الغسلات الثلاث و القطرات التي تقطر من الغسالة فيها لا

بأس بها و هذه الوجوه تجرى في الظروف الغير المثبتة أيضا و تزيد بامكان غمسها في الكر أيضا و مما ذكرنا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 336

يظهر حال تطهير الحوض أيضا بالماء القليل.

(1)

اقول: قد عرفت في المسألة الخامسة ان المعتبر في تطهير الاناء اذا تنجّس بغير الولوغ الغسل ثلاث مرّات بالتفصيل المتقدم في تلك المسألة.

و المدرك لهذا الحكم ما رواها عمّار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سألته عن الكوز و الاناء يكون قذرا كيف يغسل و كم مرّة يغسل قال يغسل ثلاث مرّات يصبّ فيه الماء فيحرّك فيه ثم يفرغ عنه ثم يصبّ فيه ماء آخر فيحرّك فيه ثم يفرغ ذلك الماء ثم يصبّ فيه ثم ماء آخر فيحرّك فيه ثم يفرغ منه فقد طهر «1» فعلى هذا نقول اما الكلام في كيفية تطهير الظروف الكبار فنقول أمّا على الوجه الاول و هو ان يملأ الظرف من الماء ثم يفرغ عنه ثم يملؤه من الماء ثم يفرغ ثم يملؤه من الماء ثم يفرغ عنه فقد مرّ منّا الاكتفاء به كما مر من المؤلف رحمه اللّه أيضا الاكتفاء في المسألة 4 لما قلنا من ان الكيفية المذكورة في الرواية المذكورة «اعني رواية عمار» و ان كان المذكور في الرواية المذكورة اعتبار تحريك الماء في الظرف بعد الصب بحسب ظاهرها لكنه من المعلوم ان الامر بالتحريك لا يكون الا من باب العلم بوصول الماء بتمام اطراف الظرف لادخله مستقلا فالعبرة بوصول الماء الى جميع اطراف الظرف سواء كان بالتحريك او بأمر آخر.

و أمّا التطهير بالوجه الثاني و هو ان يجعل الماء في الظرف ثم يدار الماء بأطرافه بإعانة اليد او غيرها

ثم يخرج الماء من الظرف و يفعل ذلك ثلاث مرّات و هذا الوجه مورد الرواية المتقدمة و كفاية كون التحريك باعانة اليد او غيرها يكون من

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 53 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 337

باب اطلاق الرواية من هذه الجهة فيكتفي بتحريك الماء باعانة اليد او غير اليد.

و أمّا التطهير بالوجه الثالث فاورد عليه بان التطهير بهذه الكيفية يوجب بقاء الغسالة في اسفل الظرف المغسول و تنجّس اسفله بالغسالة.

و اجيب عنه بان الرواية المتقدمة تدل على ان تطهير الظرف يحصل بافراغ المغسول عن الغسالة و افراغ الغسالة كما في هذا الوجه نحو من الافراغ.

و بعبارة اخرى تدل الرواية على ان إفراغ المغسول عن الغسالة في كل مرة معتبر و بعد التحريك و الا دارة تقع الغسالة في الظرف حتى في صورة افراغ الماء بنفسه لا بآلة فالاشكال على هذا مشترك الورود و بعد اعتبار ذلك في المحل.

نقول بانه يقع الكلام في انه هل يعتبر ان يكون الافراغ بنفسه بان ينكس الظرف حتى يخرج الماء الغسالة الباقي فيه او يكفي و لو بافراغ الغسالة بآلة و اذا بلغ الامر الى هنا نقول بان اطلاقها يقتضي الاكتفاء بالافراغ باي نحو شاء لعدم تقييد الافراغ بنحو خاص في الرواية.

و ما قيل من ان القدر المتيقن من العفو عن ماء الغسالة العفو عنه ما لم ينفصل عن المحل و أمّا اذا اصابتها النجاسة الخارجية و ان كانت منشأ هذه النجاسة الغسالة فلا دليل على العفو و على الفرض بعد كون الاخراج باعانة الآلة فالآلة تصير نجسة بملاقاتها للغسالة و بعد نجاستها ينجس المحل. و فيه ان هذا الاشكال

أوّلا، يكون مشترك الورود لانه في كل الوجوه الاربعة في كيفية تطهير الاوانى و الظروف المثبتة يكون افراغ الماء باعانة الآلة و لازم هذا الاشكال عدم جواز تطهير الظروف المثبتة الا ان يكون تحتها ثقب تخرج منها الغسالة او تطهيرها بالماء العاصم. و ثانيا، بعد فرض إطلاق الرواية من حيث الإناء و من حيث إفراغ ماء الغسالة عنه لا بدّ إمّا من تقييد الأفراغ بإفراغ المغسول عن الغسالة بنفسه لا بآلة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 338

و أمّا من التصريف في طرف تنجس الآلة بماء الغسالة و انه كما يكون بقاء ماء الغسالة في الظرف الى ان يفرغه منها معفوا عنه كذلك ما يكون وسيلة الافراغ لا يوجب تنجسه بماء الغسالة او على تقدير نجاستها به تكون معفوا عنها.

اقول لا اشكال في دلالة رواية عمار المتقدمة على ان تطهير الاناء يحصل بجعل الماء فيه و التحريك الماء في الاناء ثم افراغه و لا اشكال في ان الفرد المتيقّن هو ما اذا كان التحريك و ادارة الماء فيه بتحريك الاناء لا بآلة من يد و غيرها. و لا اشكال في ان بعد ما يتحرك الاناء لان يصل الماء الى تمام جوانب الاناء و الظرف قد يتّفق يحيط الماء جانب اعلى الاناء قبل اسفله و قد يتّفق بالعكس و قد يتّفق بالترتيب بل قد يحيط الاعلى و الاسفل في زمان واحد و عرضا و اطلاق الرواية يشمل جميع الصور بمعني انه لا فرق بين وصول الماء بالتحريك أولا على الاعلى ثم على الاسفل او بالعكس او بالتساوي و مقتضي الاكتفاء بالتطهير بالكيفيات الثلاثة لاطلاق الرواية هو ان في ما احاط الماء المتحرك أو لا

اسفل الاناء ثم احاط بعده اعلى الاناء يصير الاسفل مجمع الغسالة و مع هذا لا يصير الاسفل نجسا بوقوع الغسالة فيه بل على ما ذكرنا قد يتّفق ان يغسل الاعلى او الاسفل بالغسالة الاخرى و مع هذا لا يضرّ ذلك كما في الرواية و السّر في ذلك كون كل ذلك غسلا واحدا و كفاية ذلك فكذلك في الوجه الثالث الذي يكون البناء على ادارة الماء على اطراف الاناء مبتدأ بالاسفل الى الاعلى ثم تخرج الغسالة فتكشف من ذلك اغتفار ذلك و عدم مضرّية وصول غسالة الاعلى الى الاسفل لان هذا النحو من الكيفيات التي يمكن غسل الاناء به بمقتضى الاطلاق و لو كان هذا مضرّا كان عليه البيان مع كون سؤال السائل من كيفية غسل الاناء فمن هنا نقول بانه يمكن الاكتفاء بالتطهير بالوجه الثالث و لا مجال للاشكال.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 339

و أمّا التطهير على الوجه الرابع و هو ان يدار الماء الى اطراف الاناء مبتدأ من الاعلى الى الاسفل ثم يخرج ماء الغسالة و يفعل ذلك ثلث مرّات فاستشكل عليه مضافا الى الاشكال الذي اورد على الوجه الثالث و قد عرفت جوابه بانه على هذا لا يتحقّق غسل اسفل الاناء لانه اذا ادار الماء من الاعلى الى الاسفل فيصير الاسفل مجمع الغسالة و مع اجتماع غسالة الاعلى فيه لا يجرى الماء على الاسفل حتى يصدق غسله فيبقي الاسفل على نجاسته و فيه انه مضافا الى ما قلنا في رد الاشكال الاخير في الوجه الثالث بان اطلاق الرواية يقتضي الاكتفاء باى نحو من ادارة الماء به بالتحريك سواء كان الماء يحيط الاعلى و الاسفل في عرض واحد او يحيط

أوّلا اعلى الإناء ثم اسفله او بالعكس و فيما يحيط الماء بالتحريك و الادارة أوّلا اعلى الإناء يجمع الماء في الاسفل و لكن مع هذا مقتضي اطلاق الرواية الاكتفاء في غسل الاسفل بهذا النحو و اغتفار ذلك. بان كل موضع منه اذا يغسل من فوقه الى تحته يجرى الماء أولا من فوق ثم الى الاسفل فيكون غسالة الفوق يجرى الى الاسفل و مع هذا لا اشكال في صدق غسل الاعلى و الاسفل بمجرد احاطة الماء الاعلى و الاسفل و ان اجتمع ماء الغسالة في الاسفل و يخرج بعلاج مثل القائه او اخراجه بآلة فحيث يكون هذا غسل شي ء واحد و غسالة واحدة فقد غسل الاعلى و الاسفل و جرى الماء عليهما و لا اشكال. فتلخّص بحمد اللّه ان التطهير يمكن بكل الوجوه الاربعة المذكورة.

اذا عرفت ذلك يقع الكلام في فروع

الاول بعد جواز افراغ الغسالة عن الظروف بالآلة هل يجب غسل الآلة بعد افراغ ماء الظرف في كل غسلة.

او يجب غسل الآلة بعد كل مرّة تدخل في الظرف و يخرج بها بعض ماء الغسالة.

و الفرق بين الاول و الثاني هو وجوب غسل الآلة بعد كل غسلة على الاول

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 340

فتكون النتيجة بعد فرض وجوب غسل الظرف ثلاث مرّات غسل الآلة في كل غسلة من ثلاث مرّات لعدم وجوب غسلها الا في كل غسلة مرّة واحدة.

و أمّا على الاحتمال الثاني يجب الغسل في كل مرّة تدخل الآلة في الظرف لاخراج مقدار من الغسالة عن الظرف و ان اتفق ذلك مرّات في كل غسلة من الغسلات المعتبرة في غسل الظروف او لا يجب غسل الآلة اصلا لا بالنحو الاول و لا الثاني.

مقتضي اطلاق الرواية المتقدمة عدم اعتبار تطهير الآلة لانها مطلق من حيث كون اخراج الغسالة

من الظرف بقلبه و صب ماء الغسالة منه او يكون باعانة آلة و لم يبيّن في الرواية غسل آلة الاخراج مع كون السؤال عن كيفية الغسل فمن عدم بيان الامام عليه السّلام كيفية الغسل من كون اخراجها بنفسها او بالآلة و عدم الامر بغسل الآلة كشف عدم اعتبار غسل الآلة مطلقا.

و ممّا بيّنا يظهر لك ان ما قيل من عدم كون اطلاق للرواية من هذا الحيث فلا يمكن الاخذ بإطلاقه. غير تمام اذ بعد كون السؤال عن كيفية تطهير الاناء و بعبارة اخرى عن الظرف فاطلاق الرواية من حيث كون افراغ الظرف عن الغسالة بنفسه او مع الآلة يشمل كليهما و مع كون اطلاقها من حيث هذه الجهة فتدل الرواية بإطلاقها على الاكتفاء في مقام اخراج الغسالة بالآلة و يفهم المخاطب ذلك من اطلاق الكلام و ربما يؤخذ بهذا الفرد اى باستعانة الآلة فلو كان غسلها واجبا كان عليه البيان و الا لأخلّ بالعرض فمن عدم بيانه و عدم تقييده كشف عدم اعتباره.

و مع الاطلاق لا حاجة الى التمسك لعدم وجوب غسل آلة اخراج الغسالة بان المغسول لا ينجس بغسالة نفسه و على الفرض تكون نجاسة الآلة بملاقاتها لغسالة المغسول فلا ينجس الظرف المغسول بملاقاته مع آلة اخراج الغسالة لان المغسول

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 341

لا ينجس بملاقات غسالته.

حتى استشكل بانه لو سلم عدم نجاسة المغسول بنجاسة غسالته حتى بعد انفصال الغسالة عنه لكن نجاسة آلة افراغ الغسالة غير نفس الغسالة و ان كانت نجاستها متخذة عن نجاسة الغسالة و لا دليل على اغتفار نجاستها كاغتفار نجاسة الغسالة فالعمدة ما قلنا من ان الوجه اطلاق الدليل.

و لكن مع ذلك الاحوط

استحبابا غسل الآلة في كل مرّة تخرج عن الظرف لا فراغ الغسالة بل الاحوط غسل الظروف المثبتة التي لا يمكن غسلها بنحو المتعارف من افراغ غسالتها عنها بقلبها او غسلها بالماء المعتصم.

الفرع الثاني: هل الواجب اخراج الغسالة عن الظرف فورا

من باب ان المتعين هذا النحو و مع التأخير يشك في ازالة النجاسة عن الظرف و بقائها و مقتضي الاستصحاب بقاء النجاسة مضافا الى ان المتعارف هو الفورية العرفية او يجوز التأخير و لا تلزم الفورية لاطلاق الرواية المتقدمة خصوصا مع قوله عليه السّلام في الرواية في كل المرّات «ثم يفرغ عنه» لظهور «ثم» في جواز التراخي.

لا يبعد جواز التأخير الا أن يدّعى ان المتعارف هو الفوريّة العرفيّة فلا بد من تنزيل المطلق على المتعارف و لكن ذلك غير معلوم لاحتمال كون المتعارف من باب احتمال دخله شرعا لا ان ذلك كان متعارفا عند العرف حتى يحمل عليه الاطلاق فالإفتاء بوجوب الفورية مشكل.

نعم هو الاحوط خصوصا لاستصحاب النجاسة.

الفرع الثالث: هل يكون المعتبر في تطهير الظرف الموالات بين الغسلات او لا

يعتبر ذلك.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 342

مقتضى الرواية المتقدمة باعتبار اطلاقها من هذا الحيث هو عدم الاعتبار خصوصا مع تعبير الامام عليه السّلام في كلامه بلفظ «ثم» حيث قال عليه السّلام «ثم يصب فيه ماء آخر».

الفرع الرابع: هل القطرات التي تقطر عن الغسالة حين افراغها في الظرف

توجب تنجّس الظرف بها او، لا توجب نجاسة الظرف بل تغتفر ذلك.

مقتضي اطلاق الرواية المتقدمة بناء على كونها في مقام البيان من هذا الحيث هو الاغتفار و لا يبعد ذلك لما قلنا من الاكتفاء بالآلة لا فراغ الغسالة من كونها في مقام البيان من هذا الحيث و منعنا الاشكال عن تطهير الظرف على الوجه الثاني و الثالث و الرابع مضافا الى انه بعد جواز افراغ ماء الغسالة بالآلة يمكن ان يقال ان تقاطر القطرات في الاثناء و حين اخراج الغسالة يكون مما لا بدّ منه غالبا بل لا ينفك تقاطر القطرات عن آلة الاخراج حال اخراج الغسالة فمع الالتزام بكفاية اخراج الغسالة بالآلة لا بدّ من الالتزام باغتفار ذلك فمعنى الاكتفاء بالآلة في الافراغ اغتفار ذلك صونا للغوية.

الفرع الخامس: هل الحياض تكون ملحقة بالظروف موضوعا و حكما

او تلحقها حكما أولا تلحق بها لا موضوعا و لا حكما يمكن ان يقال بان الحوض مثل الظرف لانه آنية الماء غاية الامر انه آنية ثابتة و هذا لا يوجب الفرق فبعد كونه مصداق الآنية فله حكم الآنية و ان ابيت عن ذلك و قلت ان الحوض لا يكون آنية موضوعا، فلا اقلّ كونه مثل الآنية حكما لوجود الملاك و هو كونه ظرفا كالآنية فعلى هذا يكون حكم الحياض حكم الظروف المثبتة على الارض و يؤيده الارتكاز العرفي كما ادعي.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 343

[مسئلة 37: في تطهير شعر المرأة و لحية الرجل]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 37: في تطهير شعر المرأة و لحية الرجل لا حاجة الى العصر و ان غسلا بالقليل لانفصال معظم الماء بدون العصر.

(2)

اقول: بعد ما عرفت فيما سبق بان العصر يكون لاجل انفصال الغسالة لا لكونه واجبا تعبّديا نقول ان كان الشعر بحيث لا ينفصل عنه الغسالة بنفسه يجب العصر او ما بحكمه و الا لا يجب ذلك و لهذا ما قال المؤلف صحيح في غالب الشعور نعم ربما يكون بعضها كثيفا بحيث لا تنفصل الغسالة بعد الغسل ففي مثله يجب العصر في المغسول بالماء القليل.

***

[مسئلة 38: اذا غسل ثوبه المتنجس ثم رأي بعد ذلك فيه شيئا من الطين]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 38: اذا غسل ثوبه المتنجس ثم رأي بعد ذلك فيه شيئا من الطين او من دقاق الاشنان الذي كان متنجسا لا يضرّ ذلك بتطهيره بل يحكم بطهارته أيضا لانغساله بغسل الثوب.

(1)

اقول: أمّا طهارة الثوب في غير الموضع الواقع فيه الطين و غيره فلا اشكال في طهارته و أمّا في خصوص الموضع يطهر اذا لم يكن ما وقع عليه من الطين و شبهه مانعا عن وصول الماء بهذا الموضع و أمّا الطين فيطهر ظاهره اذا وصل عليه الماء بوصف الاطلاق و أمّا لو تنجس باطنه فلم يطهر كما مر.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 344

[مسئلة 39: في حال أجراء الماء على المحل النجس من البدن او الثوب]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 39: في حال أجراء الماء على المحل النجس من البدن او الثوب اذا وصل ذلك الماء الى ما اتصل به من المحل الطاهر على ما هو المتعارف لا يلحقه حكم ملاقي الغسالة حتى يجب غسله ثانيا بل يطهر المحل النّجس بتلك الغسلة و كذا اذا كان جزء من الثوب نجسا فغسل مجموعه فلا يقال ان المقدار الطاهر تنجّس بهذه الغسلة فلا تكفيه بل الحال كذلك اذا ضم مع المتنجس شيئا آخرا طاهرا و صب الماء على المجموع فلو كان واحد من أصابعه نجسا فضم إليه البقية و أجرى الماء عليها بحيث وصل الماء الجاري على النجس منها الى البقية ثم انفصل تطهر بطهره و كذا اذا كان زنده نجسا فأجرى الماء عليه فجرى على كفه ثمّ انفصل فلا يحتاج الى غسل الكف لوصول ماء الغسالة إليها و هكذا نعم لو طفر الماء من المتنجس حين غسله على محل طاهر من يده او ثوبه يجب غسله بناء على نجاسة الغسالة و كذا لو

وصل بعد ما انفصل عن المحل الى طاهر منفصل و الفرق ان المتصل بالمحل النجس يعدّ معه مغسولا واحدا بخلاف المنفصل.

(1)

اقول: أمّا فيما وصل الماء المستعمل في غسل موضع النجس الى ما اتّصل، بالمحل فلما قاله المؤلف من ان المتصل بالمحل النجس يعدّ مع المحل النجس مغسولا واحدا بالارتكاز العرفى المنزّل على هذا الارتكاز العرفي إطلاقات الواردة في التطهير مضافا الى كون السيرة على ذلك و بناء المتشرعة على هذا و هذا شاهد على كون تلك السيرة متخذة من صاحب الشرع بل كما في بعض الكلمات يمكن التمسك

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 345

على كفاية هذه الغسلة للمحل النجس و لكل موضع متصل به يصل به الماء حين غسل موضع النجس مثل الامثلة التي ذكرها المؤلف.

و عدم الموضع المتصل بحكم ملاقي الغسالة الواجب غسله على القول بنجاسة الغسالة بالإطلاق المقامي لانه بعد ما لا اشكال في انه اذا صار موضعا من الثوب او البدن نجسا و أريد غسله بالماء القليل فقهرا يصل الماء المستعمل في الغسل من موضع النجس الى اطرافه او الى اسفل هذا الموضع النجس و لا يأتي بنظر العرف لزوم غسل الموضع المتصل بالموضع المتنجس لاجل ملاقاته مع غسالة المتنجس فلو كان في نظر الشارع نجاسة الموضع المتصل بغسالة الموضع المتنجس كان عليه البيان في ادلة التطهير لكون المقام مقام بيانه فمع عدم البيان نقول بالإطلاق المقامي بعدم تنجس الموضع المتصل بالموضع المتنجس بغسالة موضع المتنجس حتى يلزم تطهيره مستقلا.

بل قد يدعي انه لو التزمنا بلزوم تطهير الموضع الملاقي لغسالة الموضع المتنجس المتصل به يكون التطهير ممتنعا لانه اذا أريد غسل الموضع المتصل بعد غسل الموضع المتنجس باعتبار

تنجسه بغسالة الموضع المتنجس فيلزم التطهير الى ما لا نهاية له لانه متى يصب الماء لتطهير الموضع المتنجس بغسالة الموضع المتنجس على الفرض فيصل الى الموضع الاول لكونه متصلا به فاذا اريد تطهيره ثالثا تصل غسالته الى الموضع الآخر و هكذا الى ما لا نهاية له.

و أمّا فيما لم يكن متصلا بالموضع المتنجس و اصابه غسالة الموضع المتنجس كما اذا قطر الماء من المتنجس الى الموضع الطاهر من بدنه او ثوبه بناء على نجاسة الغسالة يجب غسل هذا الموضع الملاقي للغسالة و الفرق بينه و بين الاول هو انفصال الثاني عن الموضع النجس و قد اصابته النجس و هي الغسالة على فرض نجاستها.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 346

[مسئلة 40: اذا أكل طعاما نجسا فما يبقي منه بين اسنانه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 40: اذا أكل طعاما نجسا فما يبقي منه بين اسنانه باق على نجاسته و يطهر بالمضمضة و أما اذا كان الطعام طاهرا فخرج دم من بين اسنانه فان لم يلاقه لا يتنجس و ان تبلل بالريق الملاقي للدم لان الريق لا يتنجس بذلك الدم و ان لاقاه ففي الحكم بنجاسته اشكال من حيث انه لاقي النجس في الباطن لكن الاحوط الاجتناب عنه لأنّ القدر المعلوم ان النجس في الباطن لا يتنجس ما يلاقيه مما كان في الباطن لا ما دخل إليه من الخارج فلو كان في انفه نقطة دم لا يحكم بتنجّس باطن انفه و لا يتنجس رطوبته بخلاف ما اذا دخل اصبعه فلاقته فان الاحوط غسله.

(1)

اقول: أمّا بقاء نجاسة الطعام النجس الباقي بين الاسنان فلعدم وجود ما يطهّره و لا يكون انتقاله من الظاهر الى الباطن مطهرا له مع بقائه على ما هو عليه و أمّا طهارته بالمضمضة فلعموم

ما دلّ على طهارة كل متنجس بالماء.

و أمّا عدم نجاسة الطعام الطاهر الملاقي مع الدم في الباطن و عدم تنجّس الريق بالدم و ان لاقاه و كذلك ما اذا دخل إصبعه فلاقى الدم فلان ملاقات النجاسة في الباطن لا يوجب تنجس الملاقي بالكسر سواء كان الملاقي من الباطن او من الخارج كما مرّ في المسألة الاولى من المسائل المتعلقة بنجاسة البول و الغائط و في المسألة الثالثة عشر من المسائل المتعلقة بنجاسة الدم، فراجع.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 347

[مسئلة 41: آلات التطهير كاليد و الظرف الذي يغسل فيه تطهر بالتبع]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 41: آلات التطهير كاليد و الظرف الذي يغسل فيه تطهر بالتبع فلا حاجة الى غسلها و في الظرف لا يجب غسله ثلاث مرات بخلاف ما اذا كان نجسا قبل الاستعمال في التطهير فانه يجب غسله ثلاث مرات كما مر.

(1)

اقول: أمّا عدم وجوب غسل آلات التطهير و انها تطهر بالتبع فللسّيرة القطعية على ذلك و لاطلاق المقامي و لخصوص الرواية التي رواها محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الثوب يصيبه البول قال اغسله في المركن مرّتين فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة. «1»

وجه الاستدلال عدم تعرضه لغسل المركن بعد الغسل الاول و الثاني و هذا يدل على عدم وجوب غسل المركن و حيث لا خصوصية للمركن و لا للظرف مسلما فنقول بذلك في كل من آلات التطهير من اليد و غيرها.

***

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 2 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 348

قوله رحمه اللّه

[الثاني من المطهرات الارض]

اشارة

«الثاني» من المطهرات الارض و هي تطهر باطن القدم و النعل بالمشي عليها او المسح بها بشرط زوال عين النجاسة أن كانت و الأحوط الاقتصار على النجاسة الحاصلة بالمشي على الارض النجسة دون ما حصل من الخارج و يكفي مسمى المشى او المسح و أن كان الأحوط المشى خمس عشرة خطوة و في كفاية مجرد المماسة من دون مسح او مشى اشكال و كذا في مس التراب عليها و لا فرق في الارض بين التراب و الرمل و الحجر الاصلى بل الظاهر كفاية المفروشة بالحجر بل الآجر و الجص و النورة نعم يشكل كفاية المطلّى بالقير و المفروش باللوح

من الخشب و ممّا لا يصدق عليه اسم الارض و لا اشكال في عدم كفاية المشى على الفرش و الحصير و البوارى و على الزرع و النّباتات الا ان يكون النبات قليلا بحيث لا يمنع عن صدق المشى على الارض و لا يعتبر أن تكون في القدم و النعل رطوبة و لا زوال العين بالمسح او المشى و ان كان احوط

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 349

و يشترط طهارة الارض و جفافها نعم الرطوبة الغير المسرية غير مضرّة و يلحق بباطن القدم و النعل حواشيهما بالمقدار المتعارف مما يلتزق بهما من الطين و التراب حال المشى و في الحاق ظاهر القدم او النعل بباطنهما اذا كان يمشى بهما للاعوجاج في رجله وجه قوى و أن كان لا يخلو عن اشكال كما أن إلحاق الركبتين و اليدين بالنسبة الى من يمشى عليهما أيضا مشكل و كذا نعل الدابة و كعب عصا الأعرج و خشب الأقطع و لا فرق في النّعل بين أقسامها من المصنوع من الجلد و القطن و الخشب و نحوها مما هو متعارف و في الجورب اشكال ألا إذا تعارف لبسه بدلا عن النعل و يكفي في حصول الطهارة زوال عين النجاسة و أن بقي اثرها من اللون و الرائحة بل و كذا الأجزاء الصغار التي لا تتميز كما في ماء الاستنجاء لكن الاحوط اعتبار زوالها كما ان الأحوط زوال الأجزاء الأرضية اللّاصقة بالنعل و القدم و أن كان لا يبعد طهارتها أيضا.

(1)

اقول: نذكر بعونه تعالى

الاخبار المربوطة بالمسألة

أولا ثم حكم التفريعات ثانيا فنقول:

الرواية الاولى: ما رواها محمد بن مسلم قال كنت مع ابي جعفر عليه السّلام اذ مرّ على عذرة يابسة

فوطأ عليها فأصابت ثوبه فقلت جعلت فداك قد وطئت على عذرة فأصابت ثوبك فقال أ ليس هي يابسة فقلت بلى قال لا بأس أن الارض يطهّر بعضها بعضا «1» و الاشكال على الاستدلال بهذه الرواية في المسألة بانه بعد فرض

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 32 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 350

كون العذرة يابسة يكون عدم الباس من باب عدم كون النجاسة مسرية فالرواية غير مربوطة بمطهرية الارض غير وارد لان العذرة المفروضة و ان كانت يابسة لكن قوله عليه السّلام ان الارض يطهّر بعضها بعضا» يدل على كون الارض من المطهّرات.

الرواية الثانية: ما رواها المعلى بن خنيس قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الخنزير يخرج من الماء فيمرّ على الطريق فيسيل منه الماء أمرّ عليه حافيا فقال أ ليس ورائه شي ء جاف قلت بلى قال لا بأس ان الارض يطهّر بعضها بعضا «1».

الرواية الثالثة: ما رواها محمد الحلبي قال نزلنا في مكان بيننا و بين المسجد زقاقا قذر فدخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال أين نزلتم فقلت نزلنا في دار فلان فقال أن بينكم و بين المسجد زقاقا قذرا أو قلنا له ان بيننا و بين المسجد زقاقا قذرا فقال لا بأس ان الارض يطهّر بعضها بعضا قلت فالسّرقين الرطب أطأ عليه فقال لا يضرّك مثله «2».

و قد وقع التعبير في هذه الروايات الثلاثة «و الرواية الرابعة الّتي يأتي ذكرها بعد ذلك» ان الارض يطهّر بعضها بعضا» و هو العلة لعدم البأس بملاقات النجس و أن الارض تطهّر المتنجس فيقع الكلام فيما هو المراد من العلّة فنقول انّ فيه في احتمالات:

الاحتمال الاول:

ان يكون المراد من البعض الذي يطهّره بعض الآخر و بعبارة اخرى يكون المراد من البعض الثاني الذي يكون تنجّسه بسبب الارض هو القدم او غيره و يكون إطلاق الأرض عليه من باب كون الارض سببا لنجاسته فاسناد الارض إليه باعتبار انّه متنجس بالارض بالاسناد المجازي من باب كون

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 32 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 4 من الباب 32 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 351

سببه نجاسته الارض و على هذا تكون مطهرية الارض لخصوص ما تنجس بالارض.

الاحتمال الثاني: ان يكون المراد من البعض الثاني

في قوله «الارض يطهّر بعضها بعضا» هو الأجزاء من الارضية التي تلتصق بالرجل او بالنعل فتطهر الارض هذه الأجزاء بالمشي عليها او بالمسح بها و وجه طهارة القدم او غيره هو التعبية فالارض التي من المطهرات مطهرة للأجزاء اللّاصقة بالقدم و غيره بالأصالة و يطهر القدم و النعل و ما بحكمه بالتعبية فعلى هذا يكون المتعين من التعليل طهارة ما تنجس من أجزاء الارض بسبب الأرض.

الاحتمال الثالث: ان يكون البعض الثاني مبهما فيكون المراد ان الارض الطاهرة تطهر بعض الأشياء النجسة و من جملة هذا البعض مورد السؤال و أمّا لا يستفاد من العلة على هذا التعميم بالنسبة الى طهارة كل متنجس.

الاحتمال الرابع: ان يكون المراد من «بعض» الاول و الثاني المذكورين في الروايات هو بعض الارض بمعنى ان بعض الارض يطهر بعضها الآخر و اطلاق الارض على ما تنجس من القدم او غيره الذي علل طهارته و عدم البأس به بأن الأرض يطهّر بعضها بعضا يكون من باب علاقة المجاورة حيث انه مجاور مع الارض.

فعلى هذا يستفاد تعميم مطهرية الارض من العلة و

ان في مطهّرية الارض لا فرق بين كون النجاسة حادثة من الارض او غيرها.

هذا كله بالنسبة الى التعليل المذكور في الروايات و يظهر من بعض الكلمات ترجيح الاحتمال الرابع من الاحتمالات المتقدمة و لكن عندى تأمّل في ذلك و هذا المقدار يكفي في المقام و لعله نذكر في بعض الفروع ما ينفعك إن شاء اللّه.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 352

الرواية الرابعة: ما رواها محمد الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال قلت له ان طريقي الى المسجد في زقاق يبال فيه و ربّما مررت فيه و ليس عليّ حذاء فيلصق برجلى من نداوته فقال أ ليس تمشى بعد ذلك في أرض يابسة قلت بلى قال فلا بأس ان الارض يطهر بعضها بعضا قلت فأطأ على الروث الرطب قال لا بأس فقال أنا و اللّه ربما وطئت عليه ثم اصلى و لا اغسله «1» و لا يبعد اتحاد هذه الرواية مع الرواية الثالثة لاتحاد الراوي و المروي عنه و اتحاد موضوع السؤال و الجواب باختلاف التعبير.

الرواية الخامسة: ما رواها حفص بن ابي عيسى قال قلت لابى عبد اللّه عليه السّلام اني وطئت على عذرة بخفّي و مسحته حتى لم أر فيه شيئا ما تقول في الصلاة فيه فقال لا بأس» «2» بناء على كون المسح بالارض.

الرواية السادسة: ما رواها زرارة بن اعين قال قلت لابى جعفر عليه السّلام رجل وطأ على عذرة فساخت رجله فيها أ ينقض ذلك وضوئه و هل يجب عليه غسلها قال لا يغسلها الا ان يقذرها لكنه يمسحها حتى يذهب اثرها و يصلى «3».

اقول و ما يخطر بالبال عدم كون هذه الرواية دليلا للمسألة.

اما أولا فلعدم كفاية

المسح على الارض في المطهرية حال وجود القذر في الرجل و هي العذرة.

و ثانيا كون المسح بالارض مطهرا غير معلوم لانه لم يقل الا «و لكنه يمسحها» و لم يبين كون المسح على الارض و هذا شاهد آخر على ان المفروض عدم السراية

______________________________

(1) الرواية 9 من الباب 32 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 6 من الباب 32 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 7 من الباب 32 من ابواب النجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 353

و المسح يكون لاجل رفع القذارة العرفية و لمجرد ملاقات الرجل مع العذرة و ان كان كل منهما يابسا.

الرواية السابعة: ما رواها الأحول عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في الرجل يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف ثم يطأ بعده مكانا نظيفا قال لا بأس اذا كان خمسة عشر ذراعا او نحو ذلك «1».

الرواية الثامنة: ما رواها زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال جرت السنة في أثر الغائط بثلاثة أحجار ان يمسح العجان و لا يغسله و يجوز ان يمسح رجليه و لا يغسلهما «2» و الاستدلال بهذه الرواية على المسألة يتوقف على كون المراد من مسح الرجلين مسحهما على الارض لازالة نجاستهما و طهارتهما بها و هذا غير معلوم لاحتمال كون الرواية في مقام بيان مسح الرجلين في الوضوء خلافا للعامة القائلين بغسل الرجلين في الوضوء و كان النظر الى بيان هذا الحكم بهذا النحو من البيان.

هذا كله فيما ورد في طرقنا مما يمكن ان يستدل بها على مطهريّة الارض.

و في طرق العامة روي روايتان المذكورتان في بعض كتبنا الفقهيّة «3» الاولى النبوي المنقول عنه صلّى اللّه عليه و آله و

سلّم «اذا وطئ احدكم الاذي بخفيه فطهورها التراب».

و الثانية النّبوى الآخر «فى النعلين يصيبها الأذى فليمسحهما و ليصل فيهما».

هذا كله في الروايات المربوطة بالمقام و أمّا حسب الفتوى فمطهرية الارض في الجملة من المسلمات عندنا بل لا يرى مخالف الا ما حكي عن الشيخ رحمه اللّه في الخلاف مع ما ذكر من التأويل في كلامه و على كل حال لا اشكال فتوى في مطهريتها.

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 32 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 3 من الباب 30 من ابواب احكام الخلوة من الوسائل.

(3) جامع الاحاديث، ج 2، ص 172، ح 10.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 354

كما لا اشكال بحسب الفتوى في كون المطهر هو الارض لا خصوص التراب منها و ان عبّر المحقق قدّس سرّه في الشرائع و حكي عن بعض التعبير بالتراب في المطهرية.

لكن مضافا الى امكان كون هذا من باب شيوع التعبير عن الارض بالتراب او التعبير بالتراب لاجل وروده في الخبرين المتقدمين.

نقول بانه لا اشكال من حيث الدليل بعدم اختصاص المطهرية بخصوص التراب من الارض بل يعم الحكم لمطلق الارض كما صرح بذلك بعض الروايات المتقدمة ذكرها هذا تمام الكلام في اصل الحكم في الجملة انما

الكلام في فروع المسألة.
الفرع الاول: هل مطهريّة الارض تختص بخصوص باطن القدم

او يعمّه و يعمّ باطن النعل و الخف بل كل ما يتنعّل به و ان كان غيرهما.

امّا من حيث الكلمات فعبائرهم في هذا المقام مختلفة ففي بعضها الاقتصار على القدم و النعل و في بعضها الخفّ بدل النعل و غير ذلك و أمّا من حيث الدليل.

أمّا في خصوص القدم فلا اشكال في شمول الحكم له لصراحة بعض الاخبار على ذلك كالرواية الثانية و الرابعة و السابعة و لشمول اطلاق

بعض الاخر من الأخبار له و أمّا الخف و النعل فيدل على الاول الرواية الخامسة بالخصوص بناء على كون هذه الرواية دليلا على المسألة.

و يدل على شمول الحكم لكل من الخف و النعل إطلاق بعض الاخبار المتقدمة و يدل عليهما بالخصوص النبويّان بناء على جبر ضعف سندهما بعمل الاصحاب و هو غير معلوم.

و يدل على شمول الحكم لكل ما يتنعّل به اطلاق بعض الاخبار المتقدمة و أن أبيت عن ذلك فلا اقل من الغاء الخصوصية عن النعل و الخف فيشمل الدليل الدال

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 355

على النعل لكل ما يتنعّل به عند العرف. و هل فرق فيما يتنعّل به بين أقسامه أم لا الظاهر طهارة كل ما يتعارف التنعّل به من المصنوع من الجلود و القطن و الخشب و غيرها. و كذلك في الجورب أن تعارف لبسه مكان النعل لعدم الفرق في نظر العرف بين الخف و غيره مما يتنعّل به و يلغى خصوصية الخف.

و أمّا غير ذلك مما يمشى عليه مثل ظاهر القدم و ظاهر النعل اذا كان يمشى عليها و عصا الأعرج و خشبة الأقطع او الركبتين و اليدين بالنسبة الى من يمشى عليهما فلا دليل يشمله بمنطوقه لها نعم أن أمكن الغاء الخصوصية و ادعى أنه لا فرق فيما هو الملاك في مطهرية الارض بالنسبة الى القدم و الخف و النعل و بين هذه الامور كما لا يوجد ذلك نقول بمطهريّتها لها لكن الجزم بذلك مشكل، فالاحوط عدم الاكتفاء في تطهير هذه الأمور بالارض.

و أمّا في نعل الدابّة فإسراء الحكم إليه مشكل لاحتمال كون هذا الحكم مخصوصا بما يمشى معه الانسان و سريانه الى الحيوان مما

لا دليل له ثم أنه هل يلحق بباطن القدم و النعل حوالى منهما بالمقدار المتعارف مما يلتزق بهما من الطين و التراب حال المشى أم لا، الحق هو الالحاق.

الفرع الثاني: بعد كون الارض مطهّرا في الجملة و عدم اختصاص المطهر بخصوص التراب من الارض.

يقع الكلام في أن المطهر خصوص هذه الثلاثة اعني التراب و الرمل و الحجر الأصلي او يعمّ حتى الارض المفروشة بالحجر او الآجر او الجص او النورة بل يعمّ حتى المطلّى بالقير و المفروش باللوح من الخشب و أن لم يصدق عليه اسم الارض كما قال المؤلف رحمه اللّه بانه «مما لا يصدق عليه اسم الارض».

اقول أمّا الثلاثة الاولى اعني التراب و الرمل و الحجر الاصلى فلا ينبغى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 356

الاشكال في مطهّريتها لانها من الارض.

نعم ربّما يشكل في الارض المفروشة بالحجر من ان الظاهر او المنصرف إليه من الارض الواردة في الروايات هي ما تكون ارضا بحسب الوضع الاصلى و الحجر المفروش في الارض ليس كذلك.

لكن بعد التأمّل ترى انه يصدق عليه انه من الارض و أمّا الكلام في الارض المفروشة بالآجر او الجص او النورة فيشكل الالتزام بمطهّريتها بل الاقوى عدم مطهّريتها لعدم صدق الارض عليها.

كما أن الأوضح منها اشكالا الأرض المفروشة بالقير و الارض المفروشة باللوح من الخشب لعدم كونهما ارضا و كما قال المؤلف لا اشكال في عدم كفاية المشى على الفرش و الحصير و البوارى و على الزرع و النباتات الا ان يكون قليلا بحيث لا يمنع عن صدق المشى على الأرض و السر في عدم كفاية المشى عليها هو عدم كونها من الارض.

الفرع الثالث: هل يكون المعتبر في مطهّرية الارض وقوع المشى عليها

او يكفي المسح بها و ان لم يتحقق المشى عليها او لا يعتبر احدهما بل يكفي مجرد مماسة القدم او النعل مع الارض و ان لم يحصل مشى و لا مسح او لا يعتبر في مطهريتها لا مشى و لا مسح و لا مماسة بل يكفي اخذ التراب او

الرمل او الحجر الاصلى و وضع واحد منها على القدم او النعل مثلا و مسحه به حتى يذهب اثر النجاسة.

أمّا التطهير بالنحو الأخير فمما لا دليل عليه كما يظهر للمراجع في الاخبار المتقدمة ذكرها و أمّا التعليل في بعض الاخبار المتقدمة من قوله «انّ الارض يطهّر بعضها بعضا» ليس في مقام بيان كيفية مطهّريتها و ما ورد في مورد السؤال و الجواب في صدر هذه الاخبار المعللة و غيرها ليس الا مورد وقوع ما يتطهّر بالارض على

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 357

الارض لا العكس.

و أمّا كفاية المشى في مقام التّطهير فهو يستفاد من الاخبار بل هو المتيقّن من موردها لصراحة بعض الاخبار في ذلك.

و أمّا المسح و ان لم يتحقق مشئ فيستفاد الاكتفاء به في المطهرية من الرواية الخامسة من الروايات المتقدمة ذكرها بناء على دلالتها على المسألة من باب حمل قوله فيها «و مسحته» على المسح على الأرض و أن كان للاشكال فيه مجال كما ذكرنا و مع قطع النظر عن ذلك نقول بان المذكور في الروايات هو الوطء على الارض و مع المسح يصدق الوطء على الارض و كان المسح مستلزما للوطء و لا عكس.

نعم لو اعتبارنا خمسة عشرة ذراعا فهي شرط آخر يعتبر في كل من المشي و المسح.

و ممّا عرفت من ان المذكور في الاخبار هو الوطء ربما يشكل الالتزام بكفاية مجرد المماسة على الارض لان المتبادر من الوطء هو ايقاع القدم او النعل على المحل بنحو اشدّ من المماسة.

الفرع الرابع: يشترط في مطهرية الارض زوال عين النجاسة عن المحل

و يدل عليه الرواية السادسة من الروايات المتقدمة بناء على كونها دليلا على المسألة.

و مع قطع النظر عن هذه الرواية نقول باعتبار هذا الشرط كما قلنا

في مطهرية الماء لانه مع بقاء العين في المحل لا معنى لطهارة المحل بالمطهّر.

الفرع الخامس: هل تكون مطهرية الارض مختصة بصورة حصلت النجاسة في المحل

مثل القدم و نحوه من الارض مثلا مشى الشّخص على الارض المتنجسة

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 358

بالبول او الغائط او غيرهما فيطهره الارض او تعمّ الصورة التي حصلت النجاسة من غير الارض مثلا وقعت النجاسة على القدم من غير الارض اى من الخارج اعلم ان القدر المتقين من مطهريتها.

هي الصورة الاولى لان المفروض في الروايات هذه الصورة او متيقّنها هذه الصورة.

و أمّا الصورة الثانية فتدل على شمول الحكم لها الرواية الاولى لعدم كون نجاسة العذرة المذكورة فيها مسبّبة عن الارض و كذلك الرواية السادسة بناء على كونها دليلا على المسألة.

و تدل على شمول الحكم لهذه الصورة و للصورة الاولى العلة المذكورة في بعض الروايات المتقدمة ذكرها بناء على الاحتمال الرابع من الاحتمالات المحتملة في العلة.

و لكن قد عرفت عدم كون هذا الاحتمال احتمالا ظاهرا في العلة و عدم كونه اظهر الاحتمالات في العلة فعلى هذا شمول حكم مطهرية الارض لهذه الصورة غير معلوم.

الفرع السادس: هل يكفي في مطهرية الارض بعد زوال عين النجاسة مسمى المشى او المسح بالارض،

او يعتبر المشى او المسح بالقدم او النعل خمسة عشرة خطوة كما في كلام المؤلّف رحمه اللّه او خمسة عشرة ذراعا كما في الرواية السابعة من الروايات المتقدمة.

اعلم ان المشهور عدم الاعتبار نعم حكى عن ابن جنيد اعتبار المشى خمسة عشر ذراعا اقول أمّا بحسب الروايات فجميع الروايات مطلق من هذا الحيث نعم قال عليه السّلام في الرواية السابعة منها «لا بأس اذا كان خمسة عشرة ذراعا او نحو ذلك».

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 359

و ربما يتوهم دلالتها على اعتبار ذلك لان مفهوم قوله «لا بأس اذا كان خمس عشرة ذراعا «هو عدم حصول الطهارة مع عدم حصول خمسة عشرة ذراعا» و قد

يقال جوابا عن هذا الاستدلال بان بعد كون جميع الروايات المتقدمة مطلق من هذا الحيث فلا بد من حمل هذه الرواية على الاستحباب لان ساير روايات الباب مع كونها في مقام البيان يكون مطلقا فلا بد من حمل هذه الرواية على الاستحباب.

و فيه ان المبني كما بيّن في الاصول هو حمل المطلق على المقيّد و تكون النتيجة على هذا الاخذ بالمقيد و القول باعتبار هذا الشرط لانه مع وحدة الملاك في المطلق و المقيد لا بد من حمل المطلق على المقيد.

لكن مع ذلك يمكن ان يقال في المورد بل لا يبعد ذلك بأن الاعتبار بخمس عشرة ذراعا يكون لأجل حصول اليقين او الاطمينان بتحقق زوال عين النجاسة الا من باب اعتباره تعبّدا في المطهرية و الشاهد على ذلك قوله بعد ذكر خمس عشرة ذراعا» قوله «او نحو ذلك» لان نحو ذلك يشمل الأقل من خمس عشرة ذراعا أيضا فهذا شاهد على ان هذا الكلام ليس الا من باب حصول اليقين بزوال العين لا دخله بالخصوص فلا يجب ذلك الشرط.

و أمّا قول المؤلف رحمه اللّه «خمسة عشرة خطوة» فليس في الروايات ذكر من «خطوة» نعم يمكن كون تعبيره عن الذراع بالخطوة من باب كونها بقدره او قريب منه.

الفرع السابع: لا يعتبر في مطهرية الارض وجود الرطوبة في القدم او النعل

لاطلاق الروايات من هذا الحيث.

الفرع الثامن: لا يعتبر في مطهرية الارض حصول زوال عين النجاسة

بالمشي او المسح لاطلاق الاخبار من هذا الحيث و أمّا ما في الرواية السادسة من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 360

قوله عليه السّلام «و لكن يمسحها حتى يذهب اثرها» يكون في مقام بيان عدم اعتبار خصوص الغسل و كفاية المسح بالارض لا تعين تقديم زوال العين بوسيلة المسح.

مضافا الى عدم كون هذه الرواية دليلا على المسألة.

الفرع التاسع: يشترط فى طهارة الارض المطهرة للقدم او النعل طهارتها و جفافها

و ذلك لكون المغروس في الاذهان طهارة المطهّر و الماء و مع هذه المغروسيّة لا يبقي مجال للتمسك على عدم اشتراط الشرط بإطلاق الروايات المربوطة بهذه المسألة لو فرض اطلاق لها لان المتكلم بما رأى هذه المغروسية فاطلاق كلامه بملاحظة ذلك منزل على ما هو المغروس عند المخاطبين فالمطلق منزّل عليه.

مضافا الى ما قيل من دلالة الرواية السابعة على ذلك حيث قال فيها «في الرجل يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف ثم يطأ مكانا نطيفا قال لا بأس اذا كان خمس عشرة ذراعا او نحو ذلك» لدلالتها على ان المشى يقع على المكان النظيف اى الطاهر.

و فيه أولا ان ذلك وقع في سؤال السائل فلا يستفاد منه دخالة ذلك في التطهير و انه لا تحصل الطهارة بدون ذلك حتى يمتنع هذه الرواية عن الاخذ بإطلاق ما بقي من الروايات فيظهر لك ان ما يمنع الاخذ بإطلاق المتوهم للروايات من هذا الحيث هو ما قلنا من ان المغروسية عند العرف من اعتبار طهارة المطهر يمنع عن الإطلاق المتوهم من هذا الحيث.

و ثانيا كون المراد من النظيف هو الطاهر غير معلوم بل لعل المراد منه كما يشهد به صدر الرواية هو وجود القذارة في المحل الذي (ليس بنظيف) المذكور أولا و فلهذا ليس بنظيف و عدم القذارة

في فى المحل المذكور ثانيا فهو نظيف فباعتبار وجود القذارة عبّر بقول «غير نظيف» و باعتبار ذهاب عين القذر قال «نظيفا»

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 361

فنظافة الارض باعتبار عدم وجود القذر فيها و عدم كونها نظيفا باعتبار وجود القذارة فيها فلا ينافي عدم وجود القذر في المحل مع كون المحل متنجسا فلا يمكن الاستدلال بهذه الرواية على اعتبار كون الارض طاهرا في مطهريتها.

فالوجه في اشتراط مطهرية الارض بكونها طاهرة هو ما قلنا من مغروسية ذلك عند العرف.

و أمّا الكلام في شرطية يبوسة الأرض و جفافها او عدم اعتبار ذلك.

فنقول وجه الاعتبار دلالة الرواية الثانية من الروايات المتقدمة ذكرها عليه لقوله عليه السّلام فيها «ا ليس ورائه شي ء جاف قلت بلى قال لا بأس» بعد ما سأل السائل «عن الخنزير يخرج من الماء فيمرّ على الطريق فيسيل منه الماء أمرّ عليه حافيا».

و الرواية الرابعة و هو قوله عليه السّلام بعد قول السائل «ان طريقى الى المسجد في زقاق يبال فيه و ربما مررت فيه و ليس عليّ حذاء فيلصق برجلى من نداوته فقال أ ليس تمشى بعد ذلك في أرض يابسة قلت بلى قال لا بأس ان الارض يطهر بعضها بعضا».

و استشكل عليه أولا بانه لا مفهوم لهما لأنّه ليس بهيئة احدى المفاهيم المعتبرة.

و فيه انه و ان لم يكن كذلك و لكن سؤال الامام عليه السّلام «أ ليس ورائه شي ء جاف» او «أ ليس تمشى بعد ذلك في ارض يابسة».

شاهد على كون المطهرية في هذه الصورة و الّا لا معني لهذا الاستفهام و هذا واضح.

و ثانيا ان المراد بالجفاف في الخبرين هو الجفاف عن النجاسة التي كانت مورد

ذخيرة العقبى

في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 362

السؤال يعنى عن نجاسة البول و الماء السائل عن الخنزير لا الجفاف مطلقا حتى عن غيرها.

و فيه انه لا يبعد كون الظاهر هو الجفاف و اليبوسة مطلقا و حمل الجفاف و اليبوسة على خصوص النجاسة الواقعة على الارض من البول او الماء الملقي من الخنزير يكون خلاف الظاهر فالاحوط بل الاقوى هو اعتبار الجفاف.

ثم ان المؤلف رحمه اللّه قال الرطوبة الغير المسرية غير مضرة.

اقول ان كان الوجه في اعتبار الجفاف هو عدم وجود الرطوبة في الارض تسرى الى باطن القدم او النعل فتنجست الارض بهما تكون الرطوبة الغير المسرية غير مضرة.

و لكن أن كان المطهر خصوص الارض اليابسة و يكون هذا حكم تعبّدى لا نعلم وجهه اصلا فتكون الرطوبة الغير المسرية مضرّة مثل الرطوبة المسرية لان الحكم مداره و حيث لا ندرى ان ما هو وجهه فنقول بان الاحوط بل الاقوى اعتباره مطلقا.

الفرع العاشر: بعد ما عرفت من الاشتراط في مطهرية الارض من زوال عين النجاسة

عما تطهره مثل القدم و النعل.

يقع الكلام في انه هل يعتبر مضافا الى زوال عين النجاسة زوال أثرها كاللون و الريح أو لا اقول الحق عدم اعتباره بل ينبغى القطع بعدم الاعتبار لعدم اعتبار ذلك في مطهرية الماء كما عرفت في محله فكيف يقال في مطهرية الارض التى يكون البناء على التسهيل و ربما يتمسك ببعض الروايات المتقدمة الدالة على عدم الباس اذا كان خمس عشرة ذهابه بدعوى عدم ذهاب اثر النجاسة فى هذا المقدار من المشى يعني لا يذهب اللون و الرائحة بهذا المقدار من المشى فيدل على عدم اعتبار هذا الشرط.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 363

الفرع الحادي عشر: هل يعتبر في مطهرية الارض ازالة الاجزاء الصغار

من النجاسة الواقعة على القدم او النعل مثلا و يكون محل الكلام هو الأجزاء الصغار الغير المتميّزة الباقية على المحل من النجاسة او لا يعتبر ذلك.

قد يقال بعدم اعتباره أمّا بإطلاق الادلة من هذا الحيث.

و أمّا من باب كون البناء في مطهرية الارض على التسهيل.

و أمّا من باب كون ازالة الأجزاء الصغار من النجاسة حرجيّا.

و في كلها نظر أمّا الاطلاقات فلا وجه لان يتمسك بها مع فرض بقاء عين النجاسة و ان امكن ذلك فلازمه جواز التمسك بالإطلاق مع الاجزاء الكبار من النجاسة و لا يمكن الالتزام به.

و أمّا التسهيل فهو لا يقتضي القول بما لا دليل عليه.

و أمّا التمسك بلا حرج فهو على تقدير وجوده يرفع الحكم التكليفي و لا يرفع الحكم الوضعى و هو النجاسة.

مضافا الى انه يرفع الحكم في مورد الحرج لا مطلقا.

و اما التمسك بالرواية الثامنة من الروايات المتقدمة حيث قال فيها «جرت السّنة في أثر الغائط بثلاثة أحجار ان يمسح العجان و لا يغسله و يجوز ان يمسح

رجليه و لا يغسلهما» «1» فكما لا يجب زوال الأجزاء الصغار من الغائط في تطهير مخرج الغائط بالاحجار كذلك لا يجب في مسح القدم المتنجس مثلا بالغائط في الارض و فيه أولا فتد عرفت ان الرواية ذو احتمالين و لهذا قلنا بعدم كونه دليلا في المسألة.

______________________________

(1) الرواية 3 من الباب 30 من ابواب احكام الخلوة من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 364

و ثانيا لا تدل الرواية على مساواتهما في جميع الشرائط نعم لو كانت هذه الاجزاء الصغار مما لا تزال عادة الا بالماء يمكن ان يقال بعدم وجوب ازالتها لانّه مع فرض عدم ازالتها عادة الا بالماء لو كانت ازالتها واجبة في المقام يلزم لغويّة جعل الارض مطهّرا و لكن هذا الكلام أيضا قابل الدّفع لانّه يلزم من ذلك عدم كون الارض مطهّرا فيما كان في القدم و النّعل من هذه الاجزاء و تنحصر مطهّريتهما بما لا يكون فيهما من هذه الاجزاء او يطهّر القدم و النّعل و ان بقى موضع اشغال هذه الاجزاء من القدم و النّعل على نجاسته لعدم تحقّق المشى او المسح في هذا الموضع فالاحوط وجوب ازالتها.

الفرع الثانى عشر: هل يجب ازالة الاجزاء الصغار الارضيّة اللاصقة بالنعل او القدم او لا.

اقول أمّا الاجزاء الارضية اللّاصقة بالقدم او النعل سواء كانت مختلطة بالاجزاء الصغار من الاعيان النجسة او لم تكن مختلطة بالاجزاء الصغار من الاعيان النجسة فنقول بطهارتها بالارض بالالتزام لان طهارة القدم و النعل بالارض تقتضى طهارة هذا الاجزاء بالالتزام كما تقتضى طهارة المتنجس بغسله في الماء طهارة البلل المتخلف.

مضافا الى دلالة بعضى الروايات المتقدمة المصرّحة فيه «ان الارض يطهر بعضها بعضا» بناء على حمل الكلام على ان ما تنجس من الاجزاء الارضية يطهر ببعض الارض و يطهّر القدم و

النعل بالتبع.

و فيه أمّا طهارتها بالالتزام فنقول ان الملازمة تقتضي ذلك فيما كان الحكم بالملزوم غير منفك عن الحكم باللّازم كما في الحكم بطهارة المختلف و الحكم بطهارة المتنجس من البلل و في المقام يمكن التفكيك اذ لا مانع من طهارة القدم و النعل بالمس

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 365

بالارض بالمشي او المسح و بقاء نجاسة الاجزاء الارضية اللّاصقة في بعض مواضع القدم فيبقى هذه الاجزاء على النجاسة و ما تحتها من القدم و النعل الّذي لم تقع بينه و بين الارض مماسة بالمشي او المسح.

و أمّا العلّة المذكورة في بعض من الروايات المتقدمة ذكرها و قد عرفت انها ذوات احتمالات و ليس هذا الاحتمال ظاهر الاحتمالات او اظهرها فعلى هذا نقول الاحوط وجوبا زوال الاجزاء الارضية اللّاصقة بالقدم او النعل.

***

[مسئلة 1: اذا سرت النجاسة الى داخل النعل]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 1: اذا سرت النجاسة الى داخل النعل لا تطهر بالمشي بل في طهارة باطن جلدها اذا انفذت فيه اشكال و ان قيل بطهارته بالتبع.

(1)

اقول: أمّا عدم طهارة داخل النعل بالمشي او بالمسح فلعدم شمول دليل مطهرية الارض للداخل الغير المماس مع الارض و لو شك في ذلك يكون المرجع استصحاب النجاسة.

و أمّا طهارة باطن جلد النعل اذا نفذت النجاسة فيها فقد يقال بطهارته بالتبع.

و فيه ان الطهارة التبعية محتاجة الى الدليل و لا دليل عليها في المقام لأن مقتضى الدليل مطهرية الارض لما يمسّها من القدم او النعل.

و ما قيل من ان النّبويّين المتقدّمين في طى الروايات المتقدمة بإطلاقهما يدلّان على طهارة الباطن.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 366

ففيه انه لو كان لهما اطلاق من هذا الحيث اي من حيث الخف او النعل

فلازمه طهارة غير ما يلاصق الارض من الخف و النعل بما لاصق منهما على الارض بل الحق عدم كون النبويين في مقام بيان ذلك بل يكون في مقام مطهرية التراب في الجملة و لو فرض لهما اطلاق فهو بدوى فلا بد من صرف الاطلاق الى خصوص صورة مماسة الخف او النعل بالارض.

***

[مسئلة 2: في طهارة ما بين اصابع الرجل اشكال]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 2: في طهارة ما بين اصابع الرجل اشكال و اما اخمص القدم فان وصل الى الارض يطهر و الا فلا، فاللّازم وصول تمام الاجزاء النجسة الى الارض فان كان تمام باطن القدم نجسا و مشى على بعضه لا يطهر الجميع بل خصوص ما وصل الى الارض.

(1)

اقول: أمّا الكلام في طهارة ما بين اصابع الرجل و عدمه فلا وجه للقول بطهارته الا دعوى طهارته بالتبع و لا دليل عليه كما عرفت. او دعوى دلالة الرواية السابعة من الروايات المتقدمة ذكرها على طهارته لقول السائل فيها «رجل وطئ على عذرة فساخت رجله فيها» لان الرجل اذا ساخت في العذرة تصل العذرة بما بين اصابعه غالبا.

و فيه أولا لا تكون الرواية دليلا على المسألة.

و ثانيا ان كان ما ادعى تماما فيقال تشمل الرواية ظهر القدم أيضا لو تنجس

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 367

لأنّه اذا ساخت رجله في العذرة ربّما تصل العذرة الى ظهر القدم و بعدم التفصيل في الجواز نكشف كون الحكم في الطهارة شاملا للظاهر أيضا و هذا مما لم يقل به احد فهذا شاهد آخر على عدم كون الرواية في مقام مطهرية الارض.

و أمّا اخمص القدم فالمقدار الذي يمسّ الارض بالمشي او المسح فيطهر بالارض.

و أمّا المقدار منه الذي لا يمس الارض بالمشي او المسح فلا

يطهر.

و مما مر تعرف ان كل جزء من باطن القدم او النعل الذي يمسّ الارض بالمشي او المسح يطهر على الترتيب الذي ذكر في المباحث الماضية و الا فلا.

***

[مسئلة 3: الظاهر كفاية المسح على الحائط]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 3: الظاهر كفاية المسح على الحائط و ان كان لا يخلو عن اشكال.

(1)

اقول: تقدم اعتبار مسح القدم بالارض لا مسح الارض بالقدم فيقال بعدم كفاية المسح على الحائط لان ذلك يكون مسح الارض بالقدم.

و فيه انه في الفرض يمسح القدم بالحائط و لكن يشكل ذلك بان الاخبار الدالة على مطهرية الارض و ان كانت دالة على كون المسح على الارض و يكون الحائط من الارض و لكن المذكور في الاخبار هو الوطء على الأرض و هذا ليس وطيا على الارض و لهذا لا يكفي.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 368

[مسئلة 4: إذا شك في طهارة الارض يبنى على طهارتها]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 4: إذا شك في طهارة الارض يبنى على طهارتها فتكون مطهّرة الا اذا كانت الحالة السابقة نجاستها و اذا شك في جفافها لا تكون مطهّرة الا مع سبق الجفاف فيستصحب.

(1)

اقول: أمّا فيما شك في طهارة الارض فيكون وجه الحكم بطهارتها استصحاب الطهارة فيما كانت حالة سابقة الارض الطهارة او اصالة الطهارة فيما لا يعلم حالتها السابقة و لا مجال لانّ يقال بجريان استصحاب نجاسة القدم او النعل لانه من المعلوم عدم جريان الاستصحاب في المسبب مع وجود الاستصحاب او الاصل في السبب و في المقام منشأ الشك في بقاء نجاسة القدم او النعل ليس الا طهارة الارض و عدمها و بعد جريان الاصل في السبب و هو الاستصحاب في صورة كون الارض مسبوقة بالطهارة او اصالة الطهارة فيما لا يعلم حالتها السابقة فببركة احد الاصلين يثبت طهارة الارض فلا يبقى مجال لاستصحاب نجاسة القدم او النعل.

و أمّا ان كان الشك في جفاف الارض و عدمه فان كانت حالتها السابقة الجفاف فيستصحب جفافها و تكون الارض مطهرة

للقدم او النعل.

و أمّا فيما لا يعلم حالتها السابقة من حيث الجفاف و عدمه فلا تكون الارض مطهرة بل يستصحب نجاسة القدم او النعل.

***

[مسئلة 5: اذا علم وجود عين النجس او المتنجس]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 5: اذا علم وجود عين النجس او المتنجس لا بد من العلم بزوالها و اما اذا شك في وجودها فالظاهر كفاية المشى

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 369

و ان لم بزوالها على فرض الوجود.

(1)

اقول: أمّا في الصورة الاولى فلما عرفت من انه يشترط في مطهريّة الارض زوال عين النجاسة او المتنجس عن القدم و نحوه مما تطهّره الارض.

و امّا فى الصورة الثانية و هي ما اذا شك في وجود عين النّجس او المتنجس من رأس فلا يحتاج الى تحصيل العلم بعدم وجودها و لا العلم بزوالها على فرض وجودها و يكفي في عدمها استصحاب عدمها السابقة.

***

[مسئلة 6: اذا كان في الظلمة لا يدرى ان ما تحت قدمه ارض]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 6: اذا كان في الظلمة لا يدرى ان ما تحت قدمه ارض، او شي ء آخر من فرش و نحوه لا يكفي المشى عليه فلا بد من العلم بكونه ارضا بل اذا شك في حدوث فرش و نحوه بعد العلم بعدمه يشكل الحكم بمطهريّته أيضا.

(2)

اقول: أمّا فيما يكون شاكّا في ان ما تحت قدمه ارض او غيره فلا يكفي مسح القدم عليه في حصول الطهارة لان موضوع الحكم هو الارض و لا بد من العلم بالموضوع حتى يعرضه الحكم و مع الشك يستصحب نجاسة القدم.

و امّا مع الشك فى حدوث المانع بين القدم و الارض فلا يدرى انه يمشى على الارض او لا فأيضا لا يحكم بطهارة القدم لانه لا بد من احراز الشرط و هو المشى على الارض.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 370

و استصحاب عدم حدوث المانع من باب دعوى ان حالته السابقة هي العدم فيستصحب غير مفيد لان هذا لا يثبت وجود الشرط الا على

القول بحجية الاصول المثبتة و قد مضى في الاصول عدمها.

***

[مسئلة 7: اذا رقّع نعله بوصلة طاهرة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 7: اذا رقّع نعله بوصلة طاهرة فتنجست تطهر بالمشي و اما اذا رقعها بوصلة متنجسة ففي طهارته اشكال لما مرّ من الاقتصار على النجاسة الحاصلة من المشي على الارض.

(1)

اقول: امّا في الصّورة الاولى لاطلاق النّص او لترك الاستفصال و امّا في الثّانية فلانّ المتيقّن من النّص مطهريّة الارض لكلّ ما تكون نجاسته مسبّبة عن الارض او عن المشى على الارض، لا ما تنجّس من غير الوجهين.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 371

[الثالث من المطهرات الشمس]

اشارة

قوله رحمه اللّه

«الثالث» من المطهرات الشمس و هي تطهّر الارض و غيرها من كل ما لا ينقل كالابنية و الحيطان و ما يتّصل بها من الأبواب و الاخشاب و الاوتاد و الاشجار و ما عليها من الاوراق، و الثمار و الخضراوات و النّباتات ما لم تقطع و ان بلغ أو ان قطعها بل و ان صارت يابسة ما دامت متصلة بالارض او الاشجار و كذا الظروف المثبتة في الارض او الحائط و كذا ما على الحائط و الابنية ممّا عليها من جص و قير و نحوهما من نجاسة البول بل ساير النجاسات و المتنجسات و لا تطهر من المنقولات الا الحصر و البوارى فانها تطهّرهما أيضا على الاقوى و الظاهر ان السفينة و الطرّادة من غير المنقول و في الگارى و نحوه اشكال و كذا في الچلابية و القفّة و يشترط في تطهيرها ان يكون في المذكورات رطوبة مسرية و أن تجففها بالاشراق عليها بلا حجاب عليها كالغيم و نحوه و لا على المذكورات فلو جفت بها من دون اشراقها و لو باشراقها على

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 372

ما يجاورها او لم تجف

او كان الجفاف بمعونة الريح لم تطهر نعم الظاهر ان الغيم الرقيق و الريح اليسير على وجه يستند التجفيف الى الشمس و اشراقها لا يضر و في كفاية اشراقها على المرآة مع وقوع عكسه على الارض اشكال.

(1)

اقول: نذكر بعونه تعالى أوّلا: الاخبار المربوطة بمطهّرية الشمس و ما يستفاد منها.

الثاني: نذكر التفريعات التى تعرض لها المؤلف رحمه اللّه فنقول

أمّا الاخبار المربوطة بالمسألة فستة.

الرواية الاولى: ما رواها زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السّلام عن البول يكون على السطح او في المكان الذي يصلى فيه فقال اذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر «1».

الرواية الثانية: ما رواها عثمان بن عبد الملك عن ابى بكر الحضرمي عن ابي جعفر عليه السّلام، قال يا أبا بكر ما اشرقت عليه الشمس فقد طهر «2» و هاتان الروايتان صريحتان في كون الشمس مطهرا و بالاسناد المذكور في الرواية الثانية رواية اخر عن ابي جعفر عليه السّلام كلما اشرقت عليه الشمس فهو طاهر «3» فلا يبعد كونهما رواية واحدة.

الرواية الثالثة: ما رواها حريز عن زرارة و حديد بن حكيم الازدي جميعا

______________________________

(1) الرواية 1 من الباب 29 من ابواب النّجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 5 من الباب 29 من ابواب النّجاسات من الوسائل.

(3) الرواية 6 من الباب 29 من ابواب النّجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 373

قالا قلنا لابي عبد اللّه عليه السّلام السطح يصيبه البول او يبال عليه يصلى في ذلك المكان فقال ان كان تصيبه الشمس و الريح و كان جافا فلا بأس به الا ان يكون يتخذ مبالا «1» اقول لا دلالة للرواية على مطهريّة الشمس بل المستفاد منها انه مع اصابة الشمس و الريح عليه يصير

المكان جافا فلا يكون في المكان نجاسة مسرية كى تضر بصلاته لانه مع جفاف المحل لا ينجس بدنه او لباسه بالنجاسة حتى كانت مضرة بصلاته لعدم سراية النجاسة مع جفافها.

نعم لو كان المراد من جواز الصلاة فيه باعتبار موضع السجود تدل على جواز السجود و هو اعم من المطهرية اذ ربما كان مجرد العفو كما يأتي انه مختار بعض في الشمس لا المطهرية و ان كان هذا الاحتمال بعيد اذ لا يفهم العرف من ذلك الا كون الشمس مطهّرا كما لم يكشف من عدم جواز الصلاة الا النجاسة و من الجواز الطهارة و بهذا قلنا بنجاسة كل النجاسات و مطهرية المطهرات و الّا قلّ مورد كان التعبير عن النجس بالنجاسة او عن المطهّر بلفظ الطّهارة.

فعلى هذا نقول بعنوان نتيجة البحث ان الرواية ذو الاحتمالين.

الرواية الرابعة: ما رواها عمار الساباطى عن ابي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال سئل عن الموضع القذر يكون في البيت او غيره فلا تصيبه الشمس و لكنّه قد يبس الموضع القذر قال لا يصلّى عليه و أعلم موضعه حتى تغسله و عن الشمس هل تطهر الارض قال اذا كان الموضع قذرا من البول او غير ذلك فاصابته الشمس ثمّ يبس الموضع فالصلاة على الموضع جائزة و ان اصابة الشمس و يبس الموضع القذر و كان رطبا فلا يجوز الصلاة حتى ييبس و ان كانت رجلك رطبة او جبهتك رطبة او غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع القذر فلا تصلّ على ذلك الموضع حتى ييبس و ان

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 29 من ابواب النّجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 374

كان غير الشمس اصابه

حتى ييبس فانه لا يجوز ذلك «1».

و هذه الرواية تدل على جواز الصلاة على الموضع القذر اذا يبسته الشمس و الكلام فيها هو الكلام في الرواية السابقة و انّه هل يستفاد منها كون الشمس مطهّرا او سببا للعفو «على الكلام فيه» او ليس جواز الصلاة مع الجفاف الا من باب عدم وجود نجاسة مسرية و حملها على الاول مبنى على كون السؤال و الجواب عن موضع السجود من الصلاة او تمام مواضع الصلاة حتى موضع السجدة المعتبر فيه الطهارة كما يؤيد ذلك قوله.

«فالصلاة على الموضع جائزة» لان السجود يقع على الموضع و الصلاة تقع في الموضع فيكون جفاف الشمس موجبا للعفو عن نجاسة الموضع بناء على قول من يقول بان الشمس توجب العفو او موجبا لطهارة الموضع بناء على المشهور.

و ربما يقال بان الخبر لا يدل الا على مجرد العفو عن السجود لانه عليه السّلام لم يقل في الجواب الا بجواز الصلاة على الموضع القذر اذا يبس بالشمس و هو اعم من الطهارة اذ ربما كان مجرد العفو عن الصلاة عليه.

و فيه ان الظاهر مع كون السؤال عن مطهرية الشمس هو ان جواز الصلاة يكون من باب مطهريّة الشمس و طهارة المحل بها و الا لو كان النظر الى مجرد العفو فقد اخل في جواب السائل و ما اجاب عنه و هذا خلاف الظاهر و على كل حال على فرض عدم استفاده مطهرية الشمس من الروايتين ففي ما صرّح فيه على مطهرية الشمس غنى و كفاية كما يأتى الكلام فيه إن شاء اللّه تعالى.

و هنا اشكال من حيث الجملة الثالثة من الرواية و هي قوله «و ان كانت رجلك رطبة او جبهتك او غير ذلك

منك ما يصيب ذلك الموضع القذر فلا تصلّ على

______________________________

(1) الرواية 4 من الباب 29 من ابواب النّجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 375

ذلك الموضع حتى ييبس» بدعوى ان مفهومها يقتضي جواز الصلاة عليه بعد اليبوسة مع عدم يبوسته بالشمس و لازمها جواز السجود على الموضع القذر بعد يبوسته للاطلاق مع ان موضع السجود يعتبر طهارته حتى عن النجاسة الغير المسرية اقول.

أمّا أولا فعلى فرض ورود هذا الاشكال على هذه الجملة فلا يكون منافيا من الاخذ بالجملة السابقة عليها المربوطة بالمقام.

و ثانيا قوله بعد ذلك الجملة «و ان كان غير الشمس اصابه حتى ييبس فانه لا يجوز ذلك» بناء على كون الصادر هو «غير الشمس» يدل على انه لو جفّ بغير الشمس لا يجوز الصلاة عليه فبقرينة هذا الذيل نفهم ان المقصود من الجملة الثالثة هو عدم جواز الصلاة حتى ييبس الموضع بالشمس و ان كان الصادر عن الامام هو «عين الشمس» كما حكى عن بعض النسخ فيكون قوله «و ان كان عين الشمس اصابته حتى ييبس فانه لا يجوز ذلك» قرينة أيضا لفهم الجملة الثالثة فيكون المراد من الجملة الثالثة بقرينة ما في الذيل هو انه ان كانت رجلك او جبهتك او غير ذلك رطبة فلا تصل حتى ييبس و ان كان عين الشمس اصابته حتى ييبس بالشمس فانه لا يجوز مع عدم اليبوسة بالشمس فلا يرد الاشكال نعم احتمال كون الصادر «عين» بدل «غير» بعيد خصوصا مع كون الوارد هو «ان كان غير الشمس اصابه» و اتيان كان و اصابه مذكرا لم يصح لان الشمس مؤنث ثم انه على كل حال لا ظهور لهذه الفقرة في كون اصابة

الشمس موجبا للعفو لا للطهارة نعم محتمل ذلك في هذه الفقرة و لكن الظاهر من الفقرة الثانية حصول الطهارة باصابة الشمس مع تجفيفه بها فتأمل.

الرواية الخامسة: ما رواها محمد بن اسماعيل بن بزيع قال سألته عن الارض و السطح يصيبه البول و ما أشبهه هل تطهر الشمس من غير ماء قال كيف يطهر من

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 376

غير ماء «1» و استدل عليه لعدم كون الشمس مطهّرا لانه عليه السّلام قال في الرواية المذكورة بعد سؤال السائل عن مطهريّة الشمس بقوله «كيف يطهر من غير ماء.

و فيه ان المعلوم من الرواية كون مطهريّة الشمس مفروغا عنها عند السائل في الجملة و كان سؤاله من حيث آخر و هو انه هل يشترط في مطهريّتها وجود الماء و الرطوبة في الموضع النجس حتى تجفّفه الشمس أم لا يعتبر ذلك و الظاهر من جواب الامام عليه السّلام هو كون مطهريّة الشمس مشروطة بوجود الماء و الرطوبة في الموضع النجس فيجف بسبب اشراق الشمس عليه فيصير طاهرا فلا وجه لما استدل عليها بعدم مطهرية الشمس مطلقا.

الرواية السادسة: ما رواها على بن جعفر عن اخيه موسى بن جعفر عليهما السّلام في حديث قال سألته عن البوارى يصيبه البول هل تصحّ الصلاة عليها اذا من غير ان تغسل قال نعم لا بأس «2» و هذه الرواية وردت في خصوص البوارى.

و الاستدلال بها على مطهريّة الشمس للبوارى يتوقف على حمل الجفاف الوارد في الرواية على الجفاف بالشمس بمعنى آنها اذا جففت بغير الشمس مع فرض نجاستها لا يجوز السجود عليها فمن هنا نكشف ان المراد من قوله تصح الصلاة عليها» في الرواية خصوص الجفاف بالشمس و

فيه ان استفادة الحكم من الكلام يتوقف على ظهور الكلام فيه و مجرد كون المفروغ عنه في الخارج عدم جواز السجود بالنجس لا يوجب حمل الكلام على امر غير مركوز في الكلام بل الظاهر من الخبر في حد ذاته هو جواز الصلاة على البوارى اذا اصابتها البول اذا جفت و اطلاقه يقتضي الاكتفاء بمطلق الجفاف سواء كان بسبب الشمس او غيرها و عدم امكان الاخذ بهذا

______________________________

(1) الرواية 7 من الباب 29 من ابواب النّجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 3 من الباب 29 من ابواب النّجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 377

الظهور لا يقتضي حمله على ما لا يساعده ظاهره نعم يمكن حمله على غير موضع السجود لانها اذا جفت تصح الصلاة عليها و جعلها مكان المصلى غير موضع سجوده فعلى هذا استفادة مطهريّة الشمس للبوارى من هذا الخبر غير ممكن.

و مثلها من حيث عدم الدلالة على المدعى روايتان رواهما على بن جعفر «1»، «2» و يدل على مطهرية الشمس، أيضا ما رواها في دعائم الاسلام و في الجعفريات و فقه الرضوى «3».

هذا كله في الاخبار المربوطة بالمسألة.

و أمّا من حيث الفتوى فالمشهور قائلون بمطهريّة الشمس من القدماء و المتأخرين في الجملة و في قبال المشهور المحكى عن المفيد رحمه اللّه و بعض آخر هو عدم مطهريّة الشمس، بل اذا اصاب المكان النجس من الارض الشمس و جففته لا تقضى الاصابة الا العفو عن التيمم و السجود عليه و استجود هذا القول المحقّق رحمه اللّه في المعتبر اذا عرفت ذلك نقول

الكلام يقع في فروع:
الفرع الاوّل: هل الشمس مطهر لما اصابته و جففته

او لا تفيد الّا العفو عن التيمم به و السجود عليه مع بقاء نجاسة موضع السجود الحق الاول كما

ذهب إليه المشهور و يدل عليه الخبر الاول، و الثّاني بالصراحة بل الخبر الرابع على ما بيّنا فلو كان بعض الروايات مجملا من هذا الحيث و لم يفد الا جواز الصلاة و هو القابل لان يكون منشأه طهارة الارض بالشمس و قابل لان يكون منشأه العفو عن التيمم و الصلاة عليه في مقام السجدة و ان كان باقيا على نجاسته و لكن لنا فيما بقي من

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 30 من ابواب النّجاسات من الوسائل.

(2) الرواية 5 من الباب 30 من ابواب النّجاسات من الوسائل.

(3) راجع جامع احاديث الشيعة باب 37 من ابواب النجاسات، ج 2، ص 173، ح 4- 6- 7- 9.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 378

الروايات غنى و كفاية.

الفرع الثاني: هل المطهريّة مخصوصة بالارض فقط
اشارة

كما حكى عن بعض او تعم الارض و غيرها مما لا يمكن نقله كالابنية و الابواب المنصوبة بها و غيرها من الجص و الآجر و المسامير المركوزة فيها و النباتات القائمة على اصولها و الأشجار و الاثمار الموصولة بها، و حتى خصوص الحصر و البوارى من المنقولات. اعلم ان الكلام يقع في مواقع:

الموقع الأوّل: في خصوص الارض

و لا مجال على الاشكال في مطهرية الشمس للارض نصا و فتوى و هذا المورد هو المصرّح في بعض الاخبار المذكورة و قدر المتيقن في بعضها الآخر.

الموقع الثاني: غير الارض مما لا يمكن نقله

بوضعه الفعلى كالابنية و غيرها فنقول أمّا في خصوص الأبنية فلا مجال للاشكال في مطهرية الشمس لها لان مورد بعض الروايات المتقدمة يكون السطح و هو ليس الا في الأبنية.

مضافا الى شمول المكان الواردة في الرواية الاولى من الروايات المتقدمة للابنية و شمول عموم الرواية الثانية او اطلاقها لها.

و أمّا بالنسبة الى غير الارض و الابنية من غير المنقولات فقد يقال بشمول قول السائل في الرواية الاولى «عن البول يكون على السطح او في المكان الذي يصلى فيه» له بدعوى ان المكان عام فيشمل كل مكان و ان لم يكن ارضا او بيتا بل كل شجر او نيات.

و فيه ان المكان أمّا لا يشمل غير الارض و الابنية رأسا او منصرف الى خصوصهما فلا يشمل الباب الموضوع على البيت، نعم النبات اذا كان ثابتا على الارض فيصدق عليه المكان، فالعمدة شمول الحكم لكل ما لا ينقل هو كون

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 379

المنصرف إليه من اطلاق الرواية الثانية او متيقنها هو كل ما لا ينقل بناء على كون المنقول ما اشرفت عليه الشمس فقد طهر او عمومها بناء على كون المنقول «كلما اشرفت عليه الشمس فهو طاهر» بناء على كون الروايتين رواية واحدة كما احتملناه و الاشكال في سند الرواية او دلالتها يأتي إن شاء اللّه في المواقع الثالث.

الموقع الثالث: يقع الكلام في خصوص الحصر و البوارى

و انه هل تطهرهما الشمس كما عليه الشهرة او الاجماع او لا تطهرهما.

اقول أمّا بعض الروايات التي موردها الارض او السطح فلا مجال لتوهم شموله لهما، فما يمكن ان يستدل به على مطهريتها لهما امور.

الأمر الاوّل: التعبير في الرواية الاولى بالمكان و ان المكان عبارة عن كل مورد يتمكن فيه الانسان

و لا فرق في ذلك بين كونه ارضا او غير ارض فيشمل المنقول مثل غير المنقول لعدم تفصيل الامام عليه السّلام في مقام الجواب بين المنقول و غير المنقول نعم من المسلم عند فقهائنا رضوان اللّه عليهم عدم كون الشمس مطهرا للمنقولات الا الحصر و البوارى فيخرج غير الحصر و البوارى فتبقيان تحت عموم المكان.

و استشكل بأن المكان في الرواية لا يشمل غير الارض لان الظاهر من قول السائل عن البول يكون على السطح او في المكان الذي يصلى فيه»، هو كون المكان كالسّطح موضعا معدّا للبول و هذا لا يناسب الا مع خصوص الارض لا كل مكان لعدم كون المكان المفروش بالحصير او بالفرش معدّا للبول.

و فيه ان فرض السائل ليس الا عن السطح و المكان يقع فيهما البول لا كونهما معدّين للبول و هذا يناسب مع المكان المفروش، لانه ربما يبول فيه الطفل او عن غيره احيانا بل قوله أو في المكان الذي يصلى فيه ظاهر في عدم كون المكان معدا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 380

للبول لان المكان الذي يصلى فيه لا يبال فيه فالكلام في شمول عموم المكان للحصير و عدم شموله له هو الكلام في الرواية الثانية يأتي الكلام فيها إن شاء اللّه في الامر الثاني فنقول.

الأمر الثاني: الاستدلال على مطهرية الشمس للحصر و البوارى بالرواية الثانية لان قوله عليه السّلام «ما اشرقت عليه الشمس فقد طهر» او «كلما أشرقت عليه الشمس فهو طاهر».

يدل بإطلاقه او عموم للحصر و البوارى.

و قد يورد عليه بضعف سند الرواية و ردّ بان ضعفها منجبر بعمل الاصحاب.

اقول مضافا الى آنها موثوق بها و يكفي في حجّية الخبر الوثوق بصدوره.

و يرد

عليها أيضا بان القول بإطلاق الرواية او عمومها يوجب تخصيص الاكثر و هو مستهجن لخروج تمام المنقولات غير الحصر و البوارى عن تحت هذا العموم لما يدعى من عدم قائل بمطهريتها للمنقولات غير الحصر و البوارى فلا بد من حمل ما في قوله عليه السّلام «ما أشرقت عليه الشمس» او كلما في قوله عليه السّلام «كلما اشرقت عليه الشمس» على خصوص الارض و الاشياء الثابتة في الارض فرارا عن لزوم تخصيص الاكثر.

و قد يقال جوابا عنه، أمّا أولا، بان تخصيص الاكثر فرع كون المنقولات اكثر من غير المنقولات و ليس كذلك بل غير المنقول افراده اكثر فلا يلزم من تخصيص المنقول غير الحصر و البوارى تخصيص الاكثر.

و فيه انه ان كان افراد العام افراد المنقول و غير المنقول فلا اشكال في كون المنقول اكثر فيلزم المحذور.

و أمّا ثانيا فلان تخصيص الاكثر يلزم ان كان افراد المنقول كالفرش و الظرف

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 381

و اللباس و غيرها فردا للعام فيستشكل استثناء المنقول غير الحصر و البوارى لانه توجب تخصيص الاكثر. و أمّا ان كان العام له فردان احدهما غير المنقول و الآخر المنقول فلا يوجب عموم الرواية و شموله للمنقول و غير المنقول و استثناء غير الحصر و البوارى من المنقول تخصيص الاكثر، لأنّه على هذا بقى تحت العام احد فرديه و هو غير المنقول و بعض افرد من الآخر و هو الحصر و البوارى من المنقول و لهذا نقول، بان الرواية الثانية بإطلاقها او عمومها تشمل الحصر و البوارى فتكون الشمس مطهرة لهما، نعم هنا كلام و هو انه لا يبعد عدم كون اطلاق او عموم من رأس للرّواية

يشمل الغير المنقول، بل المتيقن او المنصرف إليه منها هو غير المنقول بدعوى ان المراد ما يكون من شانه ان تشرق عليه الشمس لثباته و تمكنه فلا تشمل المنقول من رأس و على هذا لا تشمل الرواية الحصر و البوارى أيضا.

و بما قلنا فى الجواب الثانى يمكن ان يقال بدلالة شمول عموم المكان في قوله «او في المكان الذي يصلى فيه» في الرواية الاولى للحصر و البوارى لان المكان اعم و لم يفصّل في الجواب بين الامكنة نعم يخرج منه ما لم يفت به من غير الحصر و البوارى من المنقول و لا يوجب تخصيص الاكثر، لكن كما قلنا في الرواية الثانية يمكن دعوى كون المتيقّن او المنصرف إليه هو خصوص غير المنقول، ثم انه ان قلنا بدفع الاشكال عن تخصيص الاكثر بما قلنا فهو و الا نقول بعد كون الاخذ بالعموم موجب لتخصيص الاكثر فاستعمال العام و إرادة بعض الافراد يكون مجازا فلا بد من الاخذ باقرب المجازات و هو خصوص غير المنقول فأيضا لا تشمل الرواية الثانية و كذا الاولى الحصر و البوارى.

الأمر الثالث: الرواية 3 من الباب 29 من ابواب النجاسات من الوسائل.

المتقدمة ذكرها و قد بيّنا عدم دلالتها على مطهرية الشمس للحصر و البوارى.

الأمر الرابع: الشهرة بل الاجماع المدّعاة على مطهريّتها لهما.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 382

و فيه انه مع احتمال كون المشهور او المجمعين مستدلّين عليه ببعض الروايات مثل اطلاق الرواية الاولى او الثانية او على الرواية السادسة فلا يمكن التعويل عليها هذا.

و بعد اللتيا و التي ما يمكن ان يكون وجها لمطهّريتها لهما أمّا الرواية الاولى و الثانية و أمّا الشهرة او كلها مع ما

بيّنا من الاشكال في الوجوه المتمسكة على مطهريتها لهما، فالاحوط ترك تطهيرهما بها.

الفرع الثالث: هل الشمس تطهر السفينة و الطّرادة

من غير المنقول بل و المكارى و الچلابية و القفّة أم لا، قال المؤلف رحمة اللّه عليه بمطهريتها للاوليّين فقط، و لم اعرف فرقا، فان قلنا بان المكان في الرواية الاولى او اطلاق الرواية الثانية او عمومها يشمل للسفينة و الطّرادة فكذلك للمكارى و اخواتها و ان لم نقل فلا فرق أيضا، و الاحوط عدم مطهريتها لهذه الامور لما قلنا من الاشكال في شمول مطهريتها للحصر و البوارى مع انه في الحصر و البوارى قامت الشهرة او الاجماع على مطهريتها لهما بخلاف السفينة و اخواتها.

الفرع الرابع: و يشترط في تطهيرها ان يكون فيما يطهرها رطوبة مسرية

تجفّ باشراق الشمس عليه لما عرفت من اعتبار ذلك الشرط في بعض اخبار الباب و به يقيّد الاخبار المطلقة.

الفرع الخامس: يشترط أن يكون اشراقها على الموضع النجس بلا حجاب على الشمس

كالغيم و نحوه و لا يكون حجاب على الموضع فلو جف بها من دون اشراقها و لو باشراقها على ما يجاوره لم يطهر الموضع و هذا أيضا لظهور الاخبار لان معنى تطهير الموضع بالشمس هو هذا، نعم لا يضر الغيم الرّقيق الغير المانع من استناد اشراق الشمس بالموضع بلا واسطة.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 383

الفرع السادس: لا بد و ان يكون الجفاف بنفس اشراق الشمس

لا بمعونة الريح لان هذا معنى كون الجفاف بها نعم لو كان الريح قليلا بمقدار لا يضر باستناد الجفاف الى الشمس عرفا كما يكون هذا المقدار موجودا غالبا لا يكون مانعا عن مطهريّتها.

و أمّا ما ورد في الرواية الثالثة من قوله عليه السّلام «ان كان تصيبه الشمس و الريح و كان جافا فلا بأس»، المتوهم دلالته على كون الطهارة متوقفة على اصابة الشمس و الريح كليهما و هذا دليل على مدخلية الريح في المطهرية.

و فيه انه بعد كون المسلم عدم مطهرية الريح و عدم دليل عليه و كون ساير الاخبار نصّا، في مطهرية الشمس بدون دخل شي ء آخر و كون ظاهره دخل استناد التجفيف الى خصوص الشمس لا بد من حمل الرواية على ما قلنا من انه بعد ما لا يكون الهواء خاليا عن الريح غالبا و لكن ليس بحيث يخلّ باستناد التجفيف بالشمس، فقال ان كان تصيبه الشمس و الريح، و ان ابيت عن ذلك فلا بد من طرح الرواية من هذا الحيث لعدم كونها معمولا بها من هذه الجهة.

الفرع السابع: هل يكفي في مطهرية الشمس اشراقها على المرآة ثم من المرآة الى الارض

او لا.

وجه الاكتفاء وقوع التجفيف باشراق الشمس غاية الامر بواسطة المرآة.

وجه عدم الكفاية ظهور قوله عليه السّلام «اذا جفّفتها الشمس» و غير ذلك من التعبيرات الواردة في الروايات فى حصول التجفيف من الشمس بلا واسطة و لو سلمنا اطلاق الروايات فالمنصرف منها صورة عدم وجود الواسطة و لهذا لو لم نقل كون المعتبر عدم الواسطة فلا اقل من كونها احوط.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 384

[مسئلة 1: كما تطهر ظاهر الأرض كذلك تطهر باطنها]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 1: كما تطهر ظاهر الأرض كذلك تطهر باطنها المتصل بالظاهر النجس باشراقها عليه و جفافه بذلك بخلاف ما اذا كان الباطن فقط نجسا او لم يكن متصلا بالظاهر بان يكون بينهما فصل بهواء او بمقدار طاهر او لم يجفّ او جف بغير الاشراق على الظاهر او كان فصل بين تجفيفها للباطن كان يكون احدهما في يوم و الآخر في يوم آخر فانه لا يطهر فى هذه الصورة.

(1)

اقول: للمسألة صورتان:

الاولى: ما اذا كان الباطن متصلا بالظاهر النجس و كان رطبا كالظاهر و اشرق عليه الشمس و تجفّه مع الظاهر فيطهر الباطن كالظاهر لانها شي ء واحد أشرق عليه الشمس و جفّقته نعم اذا كان عمق الباطن السّارى إليه النجاسة من الظاهر كثيرا يشكل الحكم بمطهّريتها له باشراقها لظاهره لخروجه عن مورد الاخبار اذ السّطح او المكان او موضع الارض المتنجس بالبول و غيره لا يسرى النجس بحسب النوع الا الى مقدار من الباطن فاذا كان الباطن عميقا يشكل الحكم بمطهريتها له بتبع الظاهر فليتأمل.

الثانية: ما اذا فقد احد الشرائط المذكورة في الصورة الاولى بان لم يكن الباطن متصلا بالظاهر بل كان منفصلا عنه بسبب الهواء أو بمقدار طاهر أو غيرهما لعدم صدق اشراق الشمس عليه

بلا واسطه، او كان الباطن نجسا فقط لا الظاهر، لعدم اشراق الشمس عليه بلا واسطة، او لم يجف الباطن باشراق الشمس لعدم كون الجفاف باشراقها او جف بالشمس لكن لا مع جفاف الظاهر بل جف الظاهر في اليوم و الباطن في الغد لانه بعد انفصال الجفاف ففيما يجفّ الباطن بالشمس يكون

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 385

الظاهر واسطة فلم تشرق الشمس عليه بلا واسطة و ان كان جفافه بسببها.

***

[مسئلة 2: اذا كانت الارض او نحوها جافة و اريد تطهيرها بالشمس]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 2: اذا كانت الارض او نحوها جافة و اريد تطهيرها بالشمس يصبّ عليها الماء الطاهر او النجس او غيرها مما يورث الرطوبة فيها حتى تجفّفها.

(1)

اقول: لأنّه بعد اعتبار حصول التجفيف باشراق الشمس عليها كما عرفت من بعض الاخبار في حصول التطهير بالشمس فاما يكون رطوبة في الارض فهو و الا فيصب الماء على الموضع حتى تشرق عليه الشمس و يجفّفه كى تحصل الطهارة.

***

[مسئلة 3: الحق بعض العلماء البيدر الكبير بغير المنقول]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 3: الحق بعض العلماء البيدر الكبير بغير المنقول و هو مشكل.

(2)

اقول: ان اريد الحاقة به موضوعا فواضح الفساد و ان اراد الحاقة به حكما فهو مبنىّ على شمول اطلاق ما اشرقت عليه الشمس في الرواية الثانية او المكان في الرواية الاولى له، بناء على اطلاق او عموم لهما و قد عرفت الاشكال فيه.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 386

[مسئلة 4: الحصى و التراب و الطين و الاحجار]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 4: الحصى و التراب و الطين و الاحجار و نحوها ما دامت واقعة على الارض هي في حكمها و ان اخذت لحقت بالمنقولات و ان اعيدت عاد حكمها و كذا المسمار الثابت في الأرض او البناء ما دام ثابتا يلحقه الحكم و اذا قلع يلحقه حكم المنقول و اذا ثبت ثانيا يعود حكم الاوّل و هكذا فيما يشبه ذلك.

(1)

اقول للمسألة صور:

الاولى: ما اذا كان الحصى و التراب و اشباههما واقعة على الارض و تنجّست و اشرقت عليهما الشمس و جففا بها فلا اشكال في حصول التطهير لانها تابعان للارض و هي مطهرة لها.

الثانية: ما اذا اخذت هذه الاشياء عن الارض و صارت منفصلة عنها و تنجّست حال الانفصال و اشرقت عليها الشمس في هذا الحال و جفت بها فلا تطهر الا ان تلزم بمطهرية الشمس للمنقولات، و قد عرفت الكلام فيه و المشهور على انها لا تطهر من المنقول الا الحصر و البوارى و تقدم الكلام فيه.

الثالثة: ما اذا صارت هذه الامور منفصلة من الارض ثم عادت و وقعت على الارض و تنجست حال وقوعها على الارض و اشرقت عليها الشمس و جفت بها فهل تطهرها فى هذه الصورة أم لا.

وجه الاول: انها فى هذا الحال من

الارض و هي على الفرض تطهر الارض.

وجه الثاني: ان الظاهر او المنصرف إليه من الاخبار مطهريّتها لغير هذه الصورة و لا يبعد كون الحقّ هو مطهريّتها لها لوجود الملاك و هو كونها من الارض

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 387

و معدودة منها.

الرابعة: ما اذا كانت نجاستها حال اخذها عن الارض و عدم كونها واقعة عليها ثم تقع على الارض و كانت رطبة فاشرقت عليها الشمس و تجفّفها قد يتأمل في مطهريّتها لها في هذه الصورة لان الظاهر من الرواية الاولى و بعضها الاخرى كون النجاسة واقعة على الارض او على المكان او على السطح فاشرفت عليها الشمس و تجفّفها لا ما صار نجسا قبل ان يصير جزء الارض او في حكمها كاجزاء البيت من الحجر و الآجر و كالباب و غيرها ثم بعد صيرورتها جزء الارض اشرقت عليه الشمس و تجففها، نعم بناء على استظهار الاطلاق و العموم من قوله ما اشرقت عليه الشمس او كلما اشرقت عليه الشمس يمكن ان يقال بمطهريتها لهذه الامور فى هذه الصورة، و لكن الاقوى مطهريتها لها في الفرض لانه بعد مطهريتها للارض و ما هو جزء لها و هي في الحال جزء لها فتطهرها.

***

[مسئلة 5: يشترط في التطهير بالشمس زوال عين النجاسة]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 5: يشترط في التطهير بالشمس زوال عين النجاسة ان كان لها عين كالدم و العذرة.

(1)

اقول: وجه اعتبار زوال العين ما قلنا من ان المطهر يكون لاجل ازالة اثر النجاسة كما قلنا في اشتراطها في مطهريّة الماء فمع بقاء العين كيف يمكن ازالة النجاسة.

ان قلت انه مع الجفاف بالشمس يطهر الموضع و ان كانت العين

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 388

واقعة عليه.

قلت مع بقاء

العين و كونها فوق الموضع المتنجس فما اشرقت الشمس على الموضع بلا واسطة مضافا الى دعوى انصراف اخبار الباب الى صورة زوال العين و مضافا الى نقل الاجماع على اعتباره.

***

[مسئلة 6: اذا شك في رطوبة الارض]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 6: اذا شك في رطوبة الارض حين الاشراق او في زوال العين بعد العلم بوجودها او في حصول الجفاف او في كونه بالشمس او بغيرها او بمعونة الغير لا يحكم بالطهارة و اذا شك في حدوث المانع عن الاشراق، من ستر و نحوه يبنى على عدمه على اشكال تقدم نظيره في مطهرية الارض.

(1)

اقول: أمّا فيما يكون الشك في رطوبة الارض حين اشراق الشمس او في زوال العين بعد علمه بوجودها او في حصول الجفاف بالشمس او في كون الجفاف بالشمس او بغير الشمس او كون الجفاف بنفس الشمس او بها و معونة غيرها لا يحكم بالطهارة للشك في الطهارة مع العلم سابقا بالنجاسة فيستصحب نجاسة الارض و أمّا فيما شك في حدوث المانع عن الاشراق من اتفاق وجود ستر او نحوه فلا يحكم بالتطهير و يستصحب النجاسة السابقة.

ان قلت، ان اصل عدم وجود المانع يقتضي عدم المانع.

قلت انّ هذا الاصل لا يثبت كون اشراق الشمس على المحل النجس بلا ستر

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 389

الا على القول بالاصول المثبتة و لا بد في التطهير اثبات كون اشراق الشمس عليه بلا ستر في المطهرية.

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى؛ ج 3، ص: 389

***

[مسئلة 7: الحصير يطهر باشراق الشمس على احد طرفيه]

قوله رحمه اللّه

مسئلة 7: الحصير يطهر باشراق الشمس على احد طرفيه طرفه الآخر و أمّا اذا كانت الارض التي تحته نجسة فلا تطهر بتبعيته و ان جفّت بعد كونها رطبة و كذا اذا كان تحته حصير آخر الا اذا خيط به على وجه يعدّان، معا شيئا

واحدا و اما الجدار المتنجس اذا أشرفت الشمس على احد جانبيه فلا يبعد طهارة جانبه الآخر اذا جف به و ان كان لا يخلو عن الاشكال و اما اذا اشرقت على جانبه الآخر أيضا فلا اشكال.

(1)

اقول: قد عرفت الاشكال في مطهرية الشمس للحصر و البوارى و على فرض كونها مطهرا لهما يقع الكلام في انه اذا تنجس طرفا حصير فاشرقت الشمس على احد طرفيه و جفّ كل من طرفيه فهل يطهر خصوص الطرف الذي أشرقت عليه الشمس بلا واسطة او يطهر بها حتى الطرف الذي لم يشرق عليه الشمس بلا واسطة بل اشرقت عليه مع الواسطة، عندى في ذلك التفصيل لانّه تارة يتنجّس احد طرفيه و يرسب في باطنه حتى تصل رطوبة النجس الى جانبه الآخر فلا يبعد القول بمطهريتها لظاهره المماس مع النجاسة و لباطنه و لطرفه الآخر الذي تصل النجاسة به لانه على هذا شي ء واحد و تنجّس فاشرقت الشمس عليه و جففته

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 390

فيصير طاهرا كما قلنا في الارض اذا تنجست ظاهرها و باطنها بالنجاسة.

و تارة تنجس طرف من الحصير مستقلا و طرفه الآخر مستقلا بدون ان يكون نجاسة طرف الآخر من باب نفوذ النجاسة من طرف الآخر إليه فلا يطهر طرفه الآخر باشراق الشمس على طرفه المقابل و ان جففت بالشمس لانه لم يشرق عليه الشمس الا بالواسطة و قد عرفت كون الظاهر او المنصرف إليه من الاخبار الباب مطهريّتها اذا اشرقت على المحل بلا واسطة.

و أمّا الارض التي وقعت تحت الحصير اذا كانت نجسة فلا تطهر باشراق الشمس على الحصير و ان جفت بالشمس لانها شي ء آخر و قد جففت بالشمس مع

واسطة الحصير.

و مثلها اذا كان حصير تحت هذا الحصير فاذا اشرقت الشمس على الحصير الفوقانى لم يطهر الحصير التحتانى و ان كان له رطوبة و جففت بالشمس، لما عرفت من عدم اشراق الشمس على التّحتانى بلا واسطة الا فيما يعدّ ان شيئا واحدا مثل ما اذا خيط التحتاني بالفوقاني بحيث يعدّ ان حصيرا واحدا.

و أمّا الجدار المتنجس فهو عندى مثل الحصير فان اشرقت الشمس على كلى جانبيه فلا اشكال في طهارتهما مع اجتماع ساير الشرائط.

و أمّا لو لم تشرق الا على احد جانبيه فان تنجّس احد طرفيه و سرت النجاسة منه الى الباطن و من الباطن الى طرفه الآخر و اشرقت الشمس عليه و تجفّ الطرف الواقع عليه النجاسة و باطنه و طرفه الآخر فيطهر الا اذا كان قطر الجدار كثيرا فيمكن القول بعدم تطهير طرفه الآخر بل و بعض باطنه بدعوى خروج هذه الصورة من مورد الاخبار.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 391

و أمّا اذا تنجس احد طرفيه لا باطنه و تنجّس طرفه الآخر أيضا فلا يطهر طرف الآخر باشراق الشمس على مقابله و ان جفّ طرف الآخر أيضا بالشمس لان الباطن واسطة بين الطرفين فلا يكون اشراق الشمس على طرفه الآخر بلا واسطة فلا يطهر.

***

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 392

[الرابع من المطهرات الاستحالة]

اشارة

قوله رحمه اللّه

«الرابع» من المطهرات الاستحالة و هي تبدل حقيقة الشي ء و صورته النوعية الى صورة اخرى فانها تطهّر النّجس، بل و المتنجس كالعذرة تصير ترابا و الخشبة المتنجسة اذا صارت رمادا و البول و الماء المتنجس بخارا و الكلب، ملحا و هكذا كالنطفة تصير حيوانا و الطعام النجس جزء من الحيوان و اما تبدل الاوصاف

و تفرق الاجزاء فلا اعتبار بهما كالحنطة اذا صادت طحينا او عجينا او خبزا و الحليب اذا صار جبنا و في صدق الاستحالة على صيرورة الخشب فحما تأمل و كذا في صيرورة الطين خزفا او آجرا و مع الشك في الاستحالة لا يحكم بالطهارة.

(1)

اقول: أمّا البحث عن موضوع الاستحالة و أنها هل تكون موضوعها و بعبارة اخرى معناها ما قاله المؤلف رحمه اللّه او غيرها فلا ثمرة له لعدم ورود كلمة الاستحالة في آية و لا رواية و لا معقد اجماع حتى تحتاج الى فهم معناها.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 393

كما انه لا اشكال في مطهرية الاستحالة في الجملة. فما ينبغى ان يقع التكلم فيه

هو ما يمكن ان يكون دليلا عليها
اشارة

فنقول إن شاء اللّه ان ما يستدل به عليها امور:

الأمر الاوّل: و هو العمدة في المقام ان يقال بان الاحكام الثابتة في الشرع ثابتة لموضوعات خاصة

و متعلقة بهذه الموضوعات فتكون بقائها و ارتفاعها ببقاء موضوعاتها و ارتفاعها و بعبارة اخرى مثل الاحكام مثل العرض بالنسبة الى الجوهر فكما ان بقاء العرض و ارتفاعه ببقاء الجوهر و ارتفاعه بارتفاع فكذلك الحكم الشرعي يكون ثابتا لموضوعه فيكون بقائه ببقاء موضوعه و ارتفاعه بارتفاع موضوعه فاذا ثبت حكم لموضوع فما دام يكون الموضوع باقيا يكون الحكم ثابتا و اذا ذهب الموضوع يذهب الحكم و بعد ذهاب الموضوع اسراء الحكم منه الى الموضوع آخر محتاج الى الدليل و مع فقد الدليل لا وجه لاسراء حكم موضوع الى موضوع آخر فاذا كان حكم الماء الطهارة فحكمها باق ما دام يكون الماء باقيا فاذا لم يكن الماء يكن حكم الطهارة باقيا و اذا كان حكم الكلب النجاسة فما دام الكلب باقيا تكون الحكم بالنجاسة باقيا و اذا لم يكن الكلب باقيا و هو موضوع حكم النجاسة لم يكن الحكم بالنجاسة باقيا.

الأمر الثاني: الاخبار

و هي روايات الرواية الاولى ما رواها عبد اللّه بن زبير عن جده قال سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن البئر يقع فيها الفارة او غيرها من الدواب فتموت فتعجن من مائها أ يؤكل ذلك الخبز قال اذا اصابته النار فلا بأس بأكله «1» بدعوى ان دلالتها على استحالته خبزا بسبب النار.

و فيه انه بعد ما عرفت في محله من عدم تنجّس ماء البئر بملاقاة النجاسة يكون عدم الباس في اكل الخبز لعدم نجاسة ماء البئر فلا ينجس ماء البئر بموت الفارة فيه

______________________________

(1) الرواية 17 من الباب 14 من ابواب الماء المطلق من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 394

فلا بأس باكل الخبز الداخل في عجينه ماء البئر.

و أمّا قوله

عليه السّلام «اذا اصابته النار فلا بأس» فيحتمل ان يكون وجهه رفع القذارة العرفية الحاصلة من وقوع الفارة في الماء و موته فيه فصار النار كالنزح المقدّر في ماء البئر على ما مضى الكلام فيه في محله.

الرواية الثانية: ما رواها محمد بن ابى عمير عمّن رواه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في عجين عجن و خبز ثم علم ان الماء كانت فيه ميتة قال لا بأس اكلت النار ما فيه «1» بدعوى دلالتها على مطهرية الاستحالة له لدلالتها على طهارة العجين المستحال بالخبز بسبب النار.

و فيه أولا: ما يقال من ان الرواية مما اعرض عنها الاصحاب.

و ثانيا: يحتمل كون الماء الواقع فيه الميتة ماء عاصما مثل ماء البئر فتكون الرواية مثل الرواية السابقة في عدم كون عدم الباس لاجل عدم النجاسة لا للاستحالة و صيرورة العجين خبزا.

و ثالثا: وردت روايتان من شخص هذا الراوي اعنى ابن ابى عمير الدالة على نجاسة العجين الذي صار خبزا بالاستحالة.

الرواية الاولى: ما رواها ابن ابى عمير عن بعض اصحابنا و ما احسبه الا عن حفص البخترى قال قيل لابى عبد اللّه عليه السّلام العجين يعجن من الماء النجس كيف يصنع قال يباع بمن يستحل آكل الميتة «2».

الرواية الثانية: ما رواها ابن ابى عمير عن بعض اصحابه عن ابي عبد اللّه عليه السّلام

______________________________

(1) الرواية 18 من الباب 14 من ابواب الماء المطلق من الوسائل.

(2) الرواية 1 من الباب 11 من ابواب الاسئار من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 395

قال يدفن و يباع «1» لان وجوب البيع ممن يستحله او التخيير بين بيعه به و بين الدفن يدل على عدم طهارته بصيرورته خبزا بالنار و

مع هذه المعارضة لا يمكن الاخذ بالرواية الدالة على عدم الباس بالعجين اذا صار خبزا.

اقول اعلم ان مجرد وجود المعارض لا يكفي لدفع الاشكال بل لا بد من الجمع بين هذه الروايات الثلاثة ان امكن الجمع و ان لم يمكن الجمع فتصل النّوبة باعمال قاعدة التعارض أمّا بترجيح رواية الاولى على الأخيرتين و ان لم يكن ترجيح تصل النّوبة بالتعارض فلا بد من القول بالتّخيير او التساقط على الكلام فيه و في مقام الترجيح لو وصلت النّوبة به يمكن ان يقال بكون الترجيح مع ما يدل على البأس لكونه موافقا للمشهور لكن اقول في مقام الجمع الدلالى في المقام بان ما يخطر ببالى عاجلا هو ان بقال بان الرواية الاولى من روايات ابن ابى عمير مطلق باعتبار كون الماء المذكور فيها مطلقا و إطلاق الماء يشمل الماء الطاهر و الماء المتنجس و على هذا وجود الميتة فيه لا يوجب نجاسة الماء اذ لو كان الماء عاصما لا ينجس بمجرد ملاقاة الميتة معه.

و الروايتان المتعارضتان للرواية الاولى موردهما كون الماء نجسا لقوله فيهما «يعجن من الماء النجس» فيحمل الرواية الاولى المطلقة بظاهرها على صورة عدم كون الماء نجسا بقرينة الروايتين الدالتين على البأس اذا كان الماء نجسا و بذلك يجمع بين المتعارضين و يرفع التعارض بينهما بما قلنا و لا ينافي هذا الجمع ما في الرواية الاولى من قوله «اكلت النار ما فيه» لانه من المحتمل كون النظر في هذا الكلام الى رفع القذارة العرفية بذلك.

فتكون نتيجة الجمع هو عدم البأس بالعجين اذا كان الماء عاصما لا ينجس

______________________________

(1) الرواية 2 من الباب 11 من ابواب الاسئار من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص:

396

بملاقات النجاسة و الباس اذا كان الماء نجسا.

الرواية الثالثة: ما رواها الحسن بن المحبوب قال سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الجص يوقد بالعذرة و عظام الموتى ثم يجصص به المسجد أ يسجد عليه فكتب إليّ بخطّه ان الماء و النار قد طهّراه» «1».

اقول و في هذه الرواية احتمالان:

الاحتمال الاول: ان يكون نظر السائل في سؤاله عن الجص الذي يوقد بالعذرة و عظام الموتى الى ان الجص بعد وقوده بهما و خلطه بهما يصير نجسا لخلطه بالنجس و صيرورته مع العذرة و عظام الموتى رمادا فيصير الجص نجسا فجواب الإمام عليه السّلام «ان الماء و النار قد طهراه» بان النار قد طهرته باستحالته رمادا و أمّا الماء فمطهّريته باعتبار رفع القذارة الحاصلة من باب توهم نجاسة الجص و على هذا الاحتمال تكون الرواية دليلا على مطهرية الاستحالة لدلالتها على صيرورة العذرة و عظام الموتى طاهرا بسبب استحالتهما رمادا بسبب النار.

الاحتمال الثاني: ان يكون نظر السائل عن نجاسة الجص و عدمها من باب فهم حكم نفس الجص المتنجس بسبب العذرة و عظام الموتى لا من اختلاط رمادهما معه فاجاب عليه السّلام ان الماء و النار قد طهّراه أمّا الماء فبإيصاله بالجص المتنجّس تطهره و على هذا تدلّ الرواية على عدم لزوم انفصال الغسالة في مطهرية الماء القليل و امّا النّار فذكرها كان باب دخلها في تجفيف المتنجّس حتى ينفذ فيه الماء بسهولة و على هذا لا تدلّ الرواية على مطهرية الاستحالة و مع مجي ء الاحتمالين في الرواية و عدم ترجيح الاحتمال الاول على الثاني فيصير الرواية مجملة لا يمكن الاستدلال بها على مطهرية الاستحالة كما هو مقتضى الاحتمال الاول و لا على عدم

______________________________

(1) الرواية

1 من الباب 81 من ابواب النّجاسات من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 397

اعتبار انفصال الغسالة في الماء القليل كما هو مقتضى الاحتمال الثاني.

الرواية الرابعة: ما رواها زكريا بن آدم، قال، سألت أبا الحسن عليه السّلام عن قطرة خمر او نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير و مرق كثير قال يهراق المرق او يطعمه اهل الذمة او الكلب و اللحم اغسله و كله قلت فانه قطر فيه الدم قال، الدم تاكله النار إن شاء اللّه قلت فخمر او نبيذ قطر في عجين او دم قال فقال فسد قلت ابيعه من اليهودي و النصراني و أبيّن لهم قال نعم فانهم يستحلّون شربه قلت و الفقاع هو بتلك المنزلة اذا قطر في شي ء من ذلك فقال اكره ان اكله اذا قطر في شي ء من طعامي «1» بدعوى دلالة قوله «الدم تاكله النار» على مطهرية النار و طهارة الدم بالاستحالة الى الماء المرق بسبب النّار و فيه أمّا أوّلا، فكون الرواية ما اعرض عنها الاصحاب كما قيل، و ثانيا يلزم منها الفرق بين نجاسة الدم و ساير النجاسات من حيث ان الخمر و النبيذ يفسد المرق و الدم لا يفسده و ثالثا، مخالفة مفاد الفقرة الثانية مع الفقرة الثالثة منها لان مفاد الثانية عدم النجاسة اذا كان الدم في المرق و مفاد الثالثة النجاسة اذا كان الدم في العجين و هذا التفصيل في الدم لا يمكن الالتزام به.

الرواية الخامسة: ما رواها على بن جعفر في كتابه عن اخيه عليه السّلام و فيها قال «و سئل عليه السّلام عن بيت قد كان الجصّ يطبخ فيه بالعذرة أ تصلح الصلاة فيه قال لا بأس

و عن الجصّ يطبخ بالعذرة أ يصلح ان يجصص به المسجد، قال لا بأس» «2» بدعوى دلالتها على ان الجصّ مع اختلاطه بالعذرة يجوز تجصيص المسجد به من باب الاستحالة بالنار.

و فيه ان الوقود بالعذرة غير مستلزم لوقوع العذرة في الجصّ و تنجسه بها

______________________________

(1) الرواية الرواية 8 من الباب 38 من ابواب النجاسات من الوسائل.

(2) الرواية الرواية 3 من الباب 65 من احكام المساجد من الوسائل.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 398

دليل السؤال كان من باب ان مجرد ايقاده بالعذرة حصول القذارة العرفية به هل يمنع عن تجصيص المسجد به أم لا، فاجاب عليه السّلام لا بأس، هذا جملة من الاخبار المتمسكة بها على المسألة و قد عرفت الاشكال في دلالتها.

الأمر الثالث: الاجماع،

اعلم انّ الاجماع على كون المطهر الاستحالة بحيث يكون هذا معقد الاجماع فهو غير معلوم بل يكون معلوم العدم و انما الاجماع المدّعى في بعض الصّغريات ففي كلّ مورد قام الاجماع نلتزم بمطهرية الاستحالة.

هذا حال المسألة باعتبار الدليل ثم بعد ذلك نعطف عنان الكلام الى

صغرياتها في طى فروع
اشارة

إن شاء اللّه.

الفرع الاوّل: اذا صارت العذرة ترابا

فالمعروف هو طهارة التراب و هو الحق لما قلنا من انّ هذا بعد استحالته ترابا لم يكن عذرة عند العرف فلا يمكن اسراء حكم العذرة إليه و ان حكى عن الشيخ رحمه اللّه في المبسوط عدم طهارته و بعد عدم كونه عذرة و غير محكوم بها فهو محكوم بما يكون التراب محكوما به و هو الطهارة و ان اشكل في ثبوت حكم التراب له من باب دعوى انصراف دليل طهارة التراب عنه و نشك في حكمه فاصالة الطهارة يكفي للحكم بالطهارة لكن الفرق كما اشرنا سابقا هو انه ان قلنا بكونه محكوما بحكم التراب تكون طهارته واقعية و ان قلنا بطهارته لاصل الطهارة تكون ظاهرية و أمّا الاخبار فقد عرفت الاشكال في دلالتها و لا مجال لاستصحاب النجاسة لتبدل الموضوع.

الفرع الثاني: اذا صارت الخشبة المتنجسة رمادا

يحكم عليه بالطهارة لما قلنا في الوجه الاول لعدم كون الرماد، خشبة و النجاسة كانت موضوعها الخشبة و نقل الاجماع على طهارته و بعد عدم كون الخشبة صادقة عليه عند العرف فهو طاهر لكون هذا الرماد مصداق الرماد و هو طاهر و أمّا من باب اصالة الطهارة و لا

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 399

مجال لاستصحاب النجاسة لتبدل الموضوع.

الفرع الثالث: اذا صار البول او الماء المتنجس بخارا

فهل يكون البخار طاهرا أم لا، الكلام ينبغى ان يقع في موردين:

المورد الاوّل: في البخار المتصاعد عن البول او الماء المتنجس حال كونه بخارا قبل ان يقع بصورة الماء.

المورد الثاني: فيما يصير ماء بعد صيرورته بخارا.

فنقول، لا اشكال في ان البخار بعض الاجزاء المائية يتصاعد بسبب الحرارة و الخفّة الحاصلة فيه الى الهواء و صار جزء له فهو في هذا الحال بخارا ثم بعد صيرورته جزء الهواء يحصل له بمرور الزمان ثقالة حيث يصير باردا فينزل بصورة الماء الى الارض و يميل في المركز و اذا كان الامر كذلك فالماء الّذي صار بخارا بالدقة العقلية لا تتبدل حقيقته بل هو باق على حقيقته المائية الّا انّه دخل في الهواء فان كان نظر العرف مثل الدقّة العقليّة بحيث يرونه ماء لا شيئا آخرا فلا يكون من صغريات الاستحالة لعدم تبدّل حقيقته بحقيقة اخرى و ان كان يمكن دعوى عدم تنجس الشي ء بهذا البخار في هذه الصورة لعدم صدق الملاقات و ان كان هو بنظر العرف شيئا آخرا و لا يعدونه ماء فيمكن ان يقال بطاهرته و لا يبعد كون نظرهم الى ان البخار ليس ماء فيكون طاهرا كما عرفت وجهه في الوجه الاول فبهذا يظهر لك ان الحق في المورد الاول هو طهارة

البخار و من هذا يظهر لك الحال في المورد الثاني اعني فيما يصير الماء المتبدل بخارا ثانيا ماء فانه ماء و الماء محكوم بالطهارة.

و ان قلت هذا الماء هو البول النجس او الماء المتنجس الذي صار بخارا فهو نجس و لو شككنا في نجاسته و طهارته يستصحب نجاسته و لا مجال للاشكال في بقاء الموضوع لان الموضوع باق و هو الماء.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 400

اقول ان قلنا بعدم الاستحالة في صيرورة الماء و البول بخارا بل هو باق على المائية بنظر العرف فاذا صار هذا البخار ماء ثانيا فلا اشكال في نجاسته كما انه على هذا نجس حال كونه بخارا أيضا.

و أمّا لو قلنا بان البخار ليس ماء بنظر العرف بل يعدونه شيئا آخرا و يكون من صغريات الاستحالة تقع الاشكال فيما يصير هذا البخار ماء ثانيا من حيث صدق الماء عليه و ليس هو الا الماء الذي صار بخارا او البول الذي صار بخارا فيكون نجسا و من حيث انه على الفرض صار ببخاريته شيئا آخر فكيف يمكن ان يقال باعادته مجددا ماء و لهذا لا يكون نجسا.

و نقول بناء عليه ان الاحوط الاجتناب عن الماء الحاصل من البخار الذي كان من البول او الماء المتنجس.

و مثل البخار الدخان المتصاعد من النجس او المتنجس من حيث انه بالدّقة العقلية ليس الا الاجزاء النارية المخففة المنضمة مع الهواء و لعل الالتزام بنجاسة السقف المتصاعد إليه دخان الدهن المتنجس من هذا الحيث، حيث انه ليس الا الاجزاء الدهنية المتصاعدة بسبب الاحراق و يمكن ان يكون وجه نجاسته هو انه بعد الاجتماع في السقف يعود دهنا فيكون نظير البخار الذي يصير ماء

و لكن حكى الاجماع على طهارته فان تمّ الاجماع و الا فالاحوط الاجتناب عما يصير النجس او المتنجس ثانيا بعد ما صار دخانا، و أمّا في حال الدخانية فلا يبعد طهارته لكونه بنظر العرف غير النجس او المتنجس ففي الدهن المتنجس لا يعدّ العرف دخانه دهنا و ان كان دهنا بالدقة العقلية.

الفرع الرابع: اذا صار الكلب ملحا

فلا اشكال في طهارته لما قلنا في الوجه الاول في وجه مطهرية الاستحالة فلو لم يكن اجماع في البين لقلنا بطهارته و ان

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 401

خالف فيه بعض الفقهاء.

الفرع الخامس: اذا صارت النطفة حيوانا

فأيضا لا اشكال في طهارته لما قلنا في الوجه الاول من وجوه مطهرية الاستحالة.

الفرع السادس: اذا صار الطعام النجس جزء للحيوان

كما عرفت في الفرع الرابع و الخامس و ادعى الاتفاق عليه.

الفرع السابع: اذا صارت الحنطة المتنجسة طحينا او عجينا او خبزا

فهل تطهر أم لا.

اعلم ان الوجه في طهارتها ان كان دعوى استحالتها طحينا او عجينا او خبزا.

ففيه ان صيرورتها هذه الأشياء ليس من الاستحالة بمعني تبدل الموضوع حتى يقال بالطهارة للوجه الاول من الوجوه الثلاثة المستدلة بها على مطهرية الاستحالة بل ليس هذا التغيير الا من قبيل تغيير الاوصاف فالطحين و العجين و الخبز ليست الا الحنطة بحسب الحقيقة و الموضوع غاية الامر تغير بعض اوصافها بالطحن و اخويه و باعتبار تغيير بعض اوصافه سمى بهذه الاسماء فكلها شي ء واحد و حقيقة واحدة مسمّى باسماء مختلفة باعتبار الاختلاف في اوصافه.

و ان كان الوجه بعض الروايات كالرواية الاولى و الثانية من الروايات المتقدمة، فقد عرفت الاشكالات الواردة فيها و انه لا يمكن الاستدلال بهما على المسألة.

الفرع الثامن: اذا صار الحليب المتنجس جبنا

هل يطهر بصيرورته جبنا أم لا.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 402

اعلم انه بعد عدم اجماع على طهارته به و عدم نص دال عليها بل ادعى الاتفاق على عدم طهارته و عدم كون الجبن في نظر العرف شيئا آخر غير الحليب غاية الامر حصل تغيير في بعض اوصافه و الا فهو ليس غير حقيقة الحليب في نظرهم فلا يبقى وجه لصيرورة مجرد تغيير الوصف مطهّرا له و مثله اذا صار لبنا حامضا المعبر عنه لغة «بماست» فهو مثل الجبن.

الفرع التاسع: اذا صار الخشب المتنجس فحما

فهل يطهر أم لا قد يقال بان المستفاد من الرواية 1 و 2 و 3 و 4 كون النار بنفسها من المطهّرات في مقابل الاستحالة و يؤيد ذلك أفراد بعض الفقهاء النار بالذكر و جعلها بنفسها مطهرا فيقال ان النار مطهّر بصيرورته الخشب على الفرض فحما و فيه انّه قد عرفت الاشكال في دلالة الروايات على كون النّار مطهّرا و افراد بعض الفقهاء النار بالذكر لعلّه كان من باب ان الاستحالة تتحقّق في بعض الموارد به او كان من باب ما في هذه الاخبار و قد عرفت الاشكال فيها و قد يقال بصيرورة الخشب فحما طاهرا من باب الوجه الاول و هو انه بسببه يتبدل الموضوع لكون موضوع الفحم غير موضوع الخشب و مغايرا معه.

اقول ان ثبت ذلك و ان العرف يرى الفحم غير الخشب و لا يقول ببقائه بتبدّله فحما فيطهر بالاستحالة لما بيّنا في الوجه الاول من الوجوه الثلاثة المتمسّكة بها على مطهرية الاستحالة و الا فلا و كما قال المؤلف رحمه اللّه يشكل الحكم بطهارته لعدم اطمينان النفس بهذا الحكم العرفي و كون النظر عرفا على ان الفحم شيئا آخر

غير الخشب و ليس كالدقيق الذي صار عجينا او خبزا فافهم.

الفرع العاشر: اذا صار الطين المتنجس خزفا او آجرا

هل يطهر او باق على نجاسته قد يقال بطهارته بصيرورته خزفا او آجرا من باب الاجماع و الاتكال بنقل

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 403

الاجماع مع نقل المخالف لا يصح و دعوى كون الخزف و الآجر موضوعا آخرا غير الطين بنظر العرف و مع ذهاب الموضوع و استحالته لا يبقى حكم النجاسة غير مسموع لعدم كون الامر كذلك بل هما هو الطين غاية الامر تغير بعض عوارضه و صفاتة و هذا لا يوجب ارتفاع الحكم حتى يرتفع الموضوع.

بقى في المقام شينى تعرّض له المؤلف رحمه اللّه و هو انه قال و مع الشك في الاستحالة لا يحكم بالطهارة و الظاهر كون نظره الى صورة كون الشّبهة المصداقية مثل ما إذا شك في صيرورة كلب ملحا او عذرة ترابا أم لا بعد معلومية صيرورة الكلب باستحالته ملحا طاهرا او العذرة بعد صيرورتها ترابا طاهرا فلا اشكال في انّه لا يحكم بالطهارة بل يستصحب بقاء الكلب و العذرة و ترتّب عليهما حكمهما و هي النجاسة و ليس نظره الى صورة كون، الشّبهة في المفهوم كما توهم في المستمسك و اورد عليه. «1»

***

______________________________

(1) المستمسك، ج 2، ص 96.

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 404

الفهرس

فصل فى اشتراط ازالة النجاسة عن البدن و اللباس فى الصلاة 5

فى مواقع الّتي يقع الكلام فى الفصل المذكور 8

فيما تجب ازالة النّجاسة عن اللّباس فى الجملة 10

تجب طهارة ما تتمّ فيه الصّلاة 11

لا فرق فى الحكم بوجوب الازالة بين كون اللّباس ساترا او غير ساتر 12

كما يجب ازالة النّجاسة عن الثوب و البدن فى صحّة الصّلاة فكذا يجب ازالتها فى الاحتياط

و قضاء الاجزاء المنسيّة كالتّشهد و السّجدة و نحوها 12

يشترط فى صحّة الصّلاة ازالة النّجاسة عن موضع السّجود دون المواضع الآخر 14

فى روايات الّتي استدلّ بها على طهارة مسجد الجبهة 14

يكفي طهارة مقدار الواجب فى السّجود لاتمام ما يمسّ الجبهة حين السّجود 15

فيما يدلّ على انّ المعبر هو طهارة موضع الجبهة بمقدار الواجب في السّجود 16

تجب ازالة النّجاسة عن المساجد بنحو الفور العرفي و يحرم تنجيسها 19

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 405

فى دعوى دلالة الآية على عدم جواز دخول المشركين فى المسجد الحرام لأجل نجاستهم 20

فى قوله تعالى و طهّر بيتى للطائفين الآية انّ المراد هو التّطهير من النّجاسة 22

في الاستدلال ببعض اخبار النّبوى على وجوب تجنّب المساجد عن النّجاسات 22

فى بعض الاخبار الدّالة على جواز اتّخاذ الكنيف مسجدا بعد تنظيفه 23

فى الاجماع على عدم جواز ادخال النّجاسة فى المساجد 24

اذا لم تكن النّجاسة مسرية و لم تكن موجبا للهتك فهل يجوز ادخالها فى المسجد أم لا؟ 26

ازالة النجاسة عن المسجد واجب فوريّ 27

وجوب ازالة النجاسة عن المساجد كفائي 28

فيما اذا راى نجاسة فى المسجد و قد دخل وقت الصّلاة 28

فيما اذا لم يتمكّن من الازالة مطلقا 29

فيما اذا صلّى ثمّ تبيّن له كون المسجد نجسا 30

اذا كان موضع من المسجد نجسا لا يجوز تنجيسه ثانيا، بما يوجب تلويثه 32

النّجاسات، بعضها فى النّجاسة و التنجيس أشدّ و أغلظ من الآخر 22

فيما لو توقف تطهير المسجد على حفر ارضه جاز بل وجب 34

فيما توجه الازالة تخريب المسجد ازيد من مقدار المتعارف 35

بعد فرض جواز تخريب المسجد للازالة هل يجب على المخرّب تعميره و هل هو ضامن أم لا؟ 36

اذا تنجّس حصير المسجد وجب تطهيره او قطع موضع النّجس منه 37

فيما اذا توقّف تطهير المسجد على تحزيبه اجمع 38

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 406

لا يجوز تنجيس المسجد الّذي صار خرابا و لا يصلّى فيه أحد 39

فيما اذا توقّف تطهير المسجد على تنجيس بعض المواضع الطّاهرة 40

اذا توقّف التّطهير على بذل المال وجب 40

اذا تغيّر عنوان المسجد ففي جواز تنجيسه و عدم وجوب تطهيره اشكال 42

فيما اذا رأى الجنب نجاسة فى المسجد 43

فيما اذا لم يتمكّن الجنب من الازالة بدون المكث فى المسجد 44

فى جواز تنجيس مساجد اليهود و النّصارى اشكال 46

فيما اذا علم عدم جعل الواقف صحن المسجد او سقفه او جدرانه جزء من المسجد 47

فيما اذا علم بنجاسة احد المسجدين او احد المكانين من المسجد 48

لا فرق بين كون المسجد عامّا او خاصّا 48

اذا لم يتمكّن من الازالة هل يجب اعلام الغير أم لا؟ 49

المشاهد المشرّفة كالمساجد في حرمة التنجيس 50

في وجوب الازالة عن ورق المصحف الشّريف و خطّه بل عن جلده و غلافه مع الهتك 51

في حرمة مسّ خطّه او ورقه بالعضو المتنجّس و ان كان متطهّرا من الحد 52

في حرمة كتابة القرآن بالمركب المتنجّس 54

في عدم جواز اعطائه بيد الكافر 54

في حرمة وضع القرآن على العين النّجسة 55

في وجوب الازالة عن تربة الحسينية بل عن تربة الرّسول و سائر الائمّة عليهم السّلام 55

اذا وقع ورق القرآن او غيره من

المحترمات في بيت الخلاء او بالوعة وجب اخراجه و لو بأجرة 56

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 407

تنجيس مصحف الغير موجب لضمان نقصه 57

وجوب تطهير المصحف كفائى و لا يختص بمن نجّسه 58

اذا كان المصحف للغير ففي جواز تطهيره بغير اذنه اشكال 60

في وجوب ازالة النّجاسة عن المأكول و عن ظروف الاكل و الشّرب 61

الاحوط ترك الانتفاع بالاعيان النّجسة 62

في جواز الانتفاع بالاعيان النّجسة حتّى الميتة 63

في غير ما يشترط فيه الطّهارة 64

في الجمع بين رواية يعقوب ابن شعيب و رواية محمّد ابن مضارب 65

في عدم امكان الجمع بين الرّوايتين بما تقدّم 65

في عدم جواز بيع المنى 66

في بيان ما يستفاد من الآية و هي قوله تعالى حرّمت عليكم الميتة و الدّم 68

في بيان ما يستفاد من رواية تحف العقول 68

في دعوى الشّهرة بل الاجماع على حرمة الانتفاع بنجس العين 70

في بعض الرّوايات الّتي يستدلّ بها على جواز الانتفاع بالميتة في غير ما يشترط فيه الطّهارة 71

في توجيه الرّوايات الدّالة على عدم جواز الانتفاع بالميتة 72

في حرمة الأكل و الشّرب للشّي ء النّجس 73

في حرمة التّسبيب لأكل الغير النّجس أو شربه 74

في دعوى دلالة بعض الرّوايات على حرمة تقرير الجاهل على عمله 76

في بعض الرّوايات الدّالة على لزوم اعلام الجاهل بالنجاسة 78

في عدم جواز سقى المسكرات للاطفال 80

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 408

في بعض الرّوايات الدّالة على عدم جواز سقى المسكرات للاطفال 80

في وجوب ردع الصّبيان عن سقى المسكرات 81

اذا كان موضع من بيته او فرشه

نجسا فورد عليه ضيف ففي وجوب اعلامه اشكال 83

اذا استعار ظرفا او فرشا او غيرهما من جاره فتنجّس عنده فهل يجب عليه الاعلام عند الرّد أم لا؟ 84

فصل فى الصّلاة فى النّجس 87

فيما اذا صلّى في النّجس عالما عامدا بالحكم و الموضوع 88

فيما اذا صلّى في النّجس جهلا و كان جهله، الجهل بالموضوع 88

في مفاد بعض الرّوايات الّتي تدلّ على عدم وجوب الاعادة على من علم بالنّجاسة بعد الصّلاة 89

في بعض الرّوايات الّتي تدلّ بظاهرها على وجوب اعادة الصّلاة اذا صلّى في النّجس و علم به بعد الصّلاة 91

في الجمع العرفي بين الطّائفتين من الرّوايات 92

في تفصيل الّذي حكى عن بعض المتأخّرين 92

في أنّ الشّهرة سواء كانت فتوائية او روائية فانّها مع الرّوايات الّتي تدلّ على عدم وجوب الاعادة 93

في ما اذا رأى الشّخص في بدنه او ثوبه نجاسة حال الصلاة 95

في بعض الرّوايات الواردة فيمن رعف و هو في الصلاة 96

في ما اذا رأى الشّخص في بدنه او ثوبه نجاسة حال الصّلاة و شك انّها حدثت في هذا الآن أو حدثت قبل ذلك 99

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 409

فيما اذا رأى الشّخص في حال الصّلاة نجاسة في بدنه او ثوبه و علم بانّ ما مضى من صلاته وقع في النّجس 100

في ما يستفاد من التّعليل في رواية زرارة 101

في الاخبار الدّالة على عدم فساد الصّلاة في المسألة المفروضة 103

في وجوب التّطهير في اثناء الصّلاة اذا لم يكن منافيا 104

في دعوى رواية محمد ابن مسلم على التّفصيل، ففي صورة تفسد الصّلاة و في صورة

تصحّ الصّلاة 105

في الرّوايات الدّالة على العفو من الدّم الذي لم يبلغ حدّ الدّرهم في الصلاة 106

في دلالة بعض الرّوايات على فساد الصّلاة لو علم بالنّجاسة في الأثناء مع علمه بكونها سابقة 110

في وجه اتمام الصّلاة في ضيق الوقت باحد النّحوين امّا بتطهير الثّوب او طرحه و امّا بالصّلاة فيه 110

اذا علم بالنّجاسة فنسيها و صلّى فيها 111

اذا نسى النّجاسة و لم يتذكّر بها الا بعد الصّلاة ففيها اقوال 111

في الرّوايات الواردة في من اصاب ثوبه او بدنه شيئا من البول او الدّم فنسيه و صلّى فيه 111

في التفصيل في المسألة بين صورة التّذكر بالنّجاسة بعد الصّلاة في الوقت و بينها في خارج الوقت 114

في عدم مساعدة العرف مع هذا الجمع التّبرعى 116

يشكل الجمع بهذا النّحو المذكور لإباء بعض الرّوايات عن ذلك 117

ناسى الحكم تكليفا او وضعا يجب عليه الاعادة و القضاء 118

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 410

في حكم ما اذا غسل ثوبه النّجس و علم بطهارته ثمّ صلّى فيه و بعد ذلك تبيّن له بقاء نجاستة 120

في حكم ما اذا وقعت قطرة بول او دم مثلا و شكّ انّها وقعت على ثويه او على الارض فصلّى فيه ثمّ تبين انّها وقعت على ثوبه 123

فيما اذا شكّ في نجاسة الثّوب فصلّى فيه ثم تبيّن بعد الصّلاة نجاسته 123

فيما اذا رأى الشّخص في بدنه او ثوبه دما و قطع بانّه من الدّماء الطّاهرة فصلّى فيه ثمّ انكشف الخلاف 124

فيما اذا علم بنجاسة شي ء فنسى و لاقاه بالرطوبة و صلّى ثم تذكّر انّه كان نجسا 126

في حكم

ما اذا انحصر ثوبه في النّجس و لم يمكن نزعه لبرد و نحوه 127

اذا انحصر ثوبه في النّجس و امكن نزعه فهل تجب عليه الصّلاة فيه او يصلّى عاريا او يكون مخيّرا 128

في بعض الرّوايات الدّالة بظاهرها على وجوب الصّلاة في الثوب النّجس 129

فيما يمكن أن يستدلّ به على وجوب الصّلاة عاريا 130

في ما قيل بالتّخيير بين الصّلاة في الثّوب النّجس و بين الصّلاة عاريا 131

في اجراء قواعد التّزاحم 132

في فروع اخرى تتعلّق في الصّلاة مع النّجاسة 133

في ما اذا كان عنده ثوبان يعلم بنجاسة احدهما يكرّر الصّلاة 134

في الاستدلال برواية صفوان على تكرار الصّلاة في المسألة المفروضة 135

في دوران الامر بين حفظ شرطيه الستر و حفظ شرطيّة الطهارة عن الخبث و مانعيّتها 136

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 411

في ما اذا كان عنده مع الثوبين المشتبهين ثوب طاهر 138

في ما اذا كان اطراف الشّبهة ثلاثة 138

في ما اذا كان كلّ من بدنه و ثوبه نجسا و لم يكن له من الماء الّا ما يكفي احدهما 140

في ما قيل بتعيّن تطهير البدن في مفروض المسألة 141

في ما اذا تنجّس موضعان من بدنه او لباسه و لم يمكن له ازالتهما 143

في موارد الاهميّة كما اذا كان احدهما اكثر أو أشدّ أو متعدد العنوان مثلا 144

في ما اذا امكن من ازالة عين النّجاسة عن اللّباس او البدن دون أثرها 145

في ما اذا كان عنده مقدار من الماء لا يكفي إلّا لرفع الحدث او لرفع الخبث من الثوب او البدن 146

في ما اذا صلّى مع النّجاسة اضطرارا

لا يجب عليه الاعادة 147

في ما اذا حصل التّمكن من التطهير في أثناء الصّلاة 148

في ما اذا اضطرّ الى السّجود على محل النجس 150

فصل فيما يعفي عنه في الصّلاة 153

الاوّل يعفي عن دم القروح و الجروح في الثوب و البدن ما لم تبرأ 155

في روايات الواردة في من به الجرح او القرح 156

هل يعتبر السّيلان في الجرح او القرح أم لا؟ 158

هل يجب فيما يعفى عنه منعه من التنجّس أم لا؟ 160

كما يعفي عن دم الجرح كذا يعفي عن القيح المتنجّس 160

في ما اذا تلوثت يده في مقام العلاج يجب غسلها 162

في العفو عن دم البواسير خارجة كانت او داخلة 162

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 412

في عدم العفو عن دم الرّعاف 164

يستحبّ لصاحب القروح و الجروح ان يغسل ثوبه من دمها كلّ يوم مرّة 164

اذا شكّ في دم انّه من الجروح او القروح أم لا؟ 166

اذا كانت القروح و الجروح المتعدّدة، متقاربة 167

الثانى مما يعفى عنه في الصلاة الدّم الاقلّ من الدّرهم 169

في الروايات الواردة في الدّم الاقلّ من الدّرهم في الصلاة 169

في انّ المعفوّ عنه هو خصوص ما كان اقلّ من الدّرهم 171

في الاحتمالات الّتي نقل عن الاصحاب في الرّوايات المذكورة 171

في عدم الفرق بين كون الدّم في ثوب المصلّى او فيه بدنه 173

في عدم الفرق أيضا بين كون الدّم في بدن المصلّى او ثوبه من نفسه او من غيره 174

في ان العفو المطلق؟ فيشمل الدّماء الثلاثة او لا يشملها؟ 175

في انّ القليل من دم الحيث و كثيره

سواء 176

ادّعى الاجماع على عدم العفو في دم الاستحاضة و النّفاس أيضا 177

في انّ العفو في اقلّ من الدّرهم يشمل دم نجس العين أم لا؟ 177

في ما قاله العلّامة الهمداني رحمه اللّه من الفرق بين المطلق و العامّ 179

في انّ العفو في الاقلّ من الدّرهم يشمل دم مطلق غير المأكول اللّحم او يختص بالانسان 180

في ما اذا كان الدّم متفرّقا في البدن او اللّباس و كان المجموع اقلّ من الدّرهم 182

أنّ الميزان في الدّرهم هنا سعته 184

الكلام في المراد من الدّرهم 185

في ادّعاء الاجماع بانّ المراد بالدّرهم هو الوافي او البغلي 186

اذا تفشّى الدّم من احد طرفي الثّوب إلى طرف آخر 187

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 413

الدّم الأقلّ اذا وصل إليه رطوبة من الخارج 188

اذا علم كون الدّم اقلّ من الدّرهم و شك في انّه من المستثنيات أم لا؟ 189

في عدم وصول النّوبة الى الاصل العملي فيما نحن فيه، لوجود الاصل اللّفظي 190

في انّ المتنجّس بالدّم ليس كالدّم في العفو عنه 192

الدّم الأقلّ اذا ازيل فالظاهر بقاء حكمه 192

الدّم الاقل اذا وقع عليه دم آخر أقلّ و لم يتعدّ عنه 193

الدّم الغليظ الّذي سعته أقلّ عفو 194

اذا وقعت نجاسة اخرى كقطرة من البول على الدّم الأقلّ 194

الثالث في ما يعفى عنه فى الصلاة ما لا تتمّ فيه الصّلاة من الملابس كالقلنسوة و العرقجين و الجورب و النّعل و الخاتم 196

في الرّوايات الّتي وردت في العفو في ما لا تتمّ فيه الصّلاة 196

في عدم الفرق فيما لا تتم فيه الصّلاة بين ان

يكون من جنس الثّياب و الملبوس و بين كونه من غيرهما 198

يشترط في العفو عن نجاسة ما لا تتم فيه الصلاة ان لا يكون هو، من اجزاء الميتة او نجس العين 199

في الروايات الدّالة على عدم جواز الصّلاة في اجزاء الميتة و ان كان ممّا لا تتمّ فيه الصّلاة 200

في انّ الحكم الواقعى في الصّلاة في الميتة ما هو؟ 202

في ما اذا شك في كون ما لا تتمّ فيه الصّلاة من الميتة أم لا؟ 202

التّحقيق في الروايات الواردة في المقام و بيان الجمع بينها 203

عدم العفو فيما يكون ما لا تتمّ فيه الصّلاة من غير المأكول 204

المناط في ما لا تتمّ فيه الصّلاة هو عدم امكان ستر العورة به لصغره 204

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 414

في بيان المراد ممّا لا تتمّ فيه الصّلاة 204

الرابع مما يعفى عنه فى الصّلاة في المحمول المتنجّس الّذي لا تتمّ فيه الصّلاة مثل السكين و الدّرهم و الدّينار 206

في ما اذا كان المحمول من الاعيان النّجسة 207

في المحمول المتنجّس اذا كان ممّا تتمّ فيه الصلاة 208

في ما تمسّك به القائل بعدم العفو اذا كان المحمول المتنجّس ممّا تتمّ فيه الصّلاة 209

في الاشكال على ادلّة القائل بعدم العفو 210

في ما تمسّك به لعدم جواز الصّلاة فى المحمول اذا لم يكن ذكيّا 212

التّحقيق و بيان المراد من كلمة «في» الّتي ورد في روايات الباب 212

التّحقيق في رواية الثّانية و الثّالثة من هذا الباب 213

المستفاد من هذه الطّائفة من الرّوايات هو عدم العفو من خصوص العذرة 215

في الخيط المتنجّس الذي خيط

به الجرح 216

في ثوبت المربّية للصبيّ 218

هل يختصّ الحكم بما كان المربى امّا او يشمل غير الامّ؟ 219

اذا كانت المربّية غير أمّ للصبىّ 220

في انّ الواجب على المربّية تطهير ثوبه في كلّ يوم مرّة 220

هل تكون المربّية مختارة في تطهير ثوبها في أيّ ساعة من ساعات النّهار 220

القول بلزوم ايقاع الصّلاة بعد الغسل بلا مهلة 221

في انّ اليوم المذكور في الرّواية اعمّ من اليوم و اللّيل 222

هل يكون وجوب غسل الثّوب للمربّية شرطا بنفسه أم لا؟ 224

لو لم تغسل المربّية ثوبها كلّ يوم مرّة 225

انّ الحكم المذكور فيما اذا كان الثّوب منحصرا بثوب واحد 226

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 415

الحاق بدن المربّية بالثّوب في العفر عن نجاسته محلّ اشكال 227

في الحاق المربّي بالمربّية اشكال 227

في العفو من كلّ نجاسة في البدن و الثوب حال الاضطرار 229

فصل في المطهّرات 231

أحدها الماء و هو عمدتها لانّ ساير المطهّرات مخصوص بأشياء خاصّة 233

لا اشكال في مطهّرية الماء في الجملة و انّه من ضروريّات الدّين 234

في الاستدلال بالآيات الشّريفة على طهارة الماء و مطهّريته 235

في الاستدلال ببعض الرّوايات على مطهّرية الماء 235

في مطهّرية الماء للمضاف النّجس 237

هل يعتبر في التّطهير عن النّجاسة زوال أثرها كاللّون و الرّيح أم لا؟ 237

في الرّوايات الواردة بعدم اعتبار زوال الرّيح و اللّون في الغسل من النّجاسة 238

يعتبر في حصول التّطهير عدم تغيّر الماء في اثناء الاستعمال بالنّجاسة 240

من شرائط التّطهير، طهارة الماء و لو في ظاهر الشّرع 240

و من شرائطه أيضا اطلاق الماء 241

في

ما يعتبر في تطهير خصوص ماء القليل 242

هل يعتبر في تطهير ماء القليل ورود الماء على المتنجّس أم لا؟ 242

في ما قبل بعدم اعتبار ورود ماء القليل على النّجس 242

في بعض الرّوايات الدّالة على عدم اعتبار ورود الماء على النّجس 243

المدار في التّطهير زوال عين النّجاسة دون اوصافها 247

انّما يشترط في التّطهير طهارة الماء قبل الاستعمال 248

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 416

في كيفيّة اشتراط طهارة الماء و اطلاقه في التّطهير به 249

في ما اذا صار الماء مضافا بمجرّد وصوله الى المتنجّس و لم ينفذ فيه الا مضافا 250

في انّ ما يحتاج الى العصر من المتنجّسات ما دام يخرج منه الماء الملوّن لا يطهر 250

في حكم التّطهير بماء الغسالة الطّاهرة 251

يجب في التّطهير بالماء القليل من بول غير الرّضيع الغسل مرّتين 252

في الرّوايات الواردة في تطهير المتنجّس بالبول 253

في ما توهّم انّه يكفي في الغسل المتنجّس بالبول مرة واحدة 254

في اعتبار التّعدد في التطهير من البول و عدمه 255

هل يعتبر التّعدد في المتنجّس بالبول في ماء المطر أو لا؟ 256

لا يعتبر التّعدد في المتنجّس بالبول اذا غسل في ماء البئر 257

هل المعتبر في المتنجّس بالبول في مقام تطهيره بالماء الكثير الرّاكد التّعدد أم لا؟ 257

في انّ الماء الرّاكد البالغ حدّ الكرّ بمنزلة الجارى 257

يكفي صبّ الماء مرّة في بول الصّبى الغير المتغذى بالطّعام 257

قيل بانّ عدم وجوب الغسل فيه كناية عن عدم النّجاسة 258

هل يكفي في تطهير ساير المتنجّسات غير المتنجّس بالبول الغسل مرّة واحدة او يجب التّعدد 258

في الاشكال بالاستدلال

بالرّوايات لكفاية الغسل مرّة في المتنجّس بسائر النّجاسات 258

فى بعض الروايات الواردة فى ماء الحمام 259

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 417

فى بول الرضيع الغير المتغذى 260

فى الفروع المذكور فى المسألة 262

الكلام فى المقامين فى الباب 264

فى الروايات المستدلة بها فى الباب 265

فى الاشكال بالاستدلال بالروايات 267

في استصحاب النّجاسة بعد الغسل مرّة 268

في اطلاقات الواردة في الغسل 269

في وجوب الغسل ثلاث مرّات بالماء القليل في الأوانى اذا تنجّست بغير الولوغ 270

في كيفية تطهير الاوانى فى الماء القليل 271

في انّ المراد من الولوغ شربه الماء او مائعا آخر بطرف لسانه 272

هل يختصّ الغسل ثلاث مرّات بخصوص ما يغسل بالماء القليل او يعم الجارى و غيره 273

في الغسل مرّة بعد التّعفير بالتّراب 275

في ما هو المراد من ولوغ الكلب 277

انّ المستفاد من الرّواية وجوب الغسل بالتّراب في ولوغ الكلب 278

في دوران الامر بين حفظ ظهور الفعل و بين حفظ ظهور المتعلّق 279

في وجوب غسل الإناء بالماء مع شي ء من التّراب 281

يجب في ولوغ الخنزير غسل الإناء سبع مرّات 282

هل يجب التّعفير في ولوغ الخنزير 283

يستحبّ في ظروف الخمر الغسل سبعا 284

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 418

التّراب الذي يعفّر يجب ان يكون طاهرا 285

في ما اذا كان الإناء ضيّقا لا يمكن مسحه بالتّراب 286

لا يجرى حكم التّعفير في غير الظّروف ممّا تنجّس بالكلب و لو بماء ولوغه 288

لا يتكرّر التّعفير بتكرّر الولوغ من كلب واحد و ازيد 288

يجب تقديم التّعفير على الغسلتين 289

اذا غسل الإناء

بالماء الكثير لا يعتبر فيه التثليث 290

في مستند القول بوجوب الغسل ثلاث مرّات 291

انّ التعبير بالصبّ في بعض الروايات مناسب مع كون الماء هو الماء القليل 292

هل يجب التّعدد في ولوغ الكلب في الكثير أم لا؟ 293

في غسل الإناء بالماء القليل 293

اذا شكّ في متنجّس انّه من الظّروف او غيره؟ 294

في ما اذا كان أمر الخاصّ دائرا بين الأقلّ و الاكثر 295

يعتبر في التّطهير بالقليل انفصال ماء الغسالة 296

القول بأنّ الغسل لا يتحقّق الّا بانفصال الغسالة 297

في انّ مقتضى الاطلاق المقامي تنزيل المطلقات على المتفاهم عند العرف 298

في دعوى الاجماع على اعتبار اخراج الغسالة 299

في بعض الرّوايات المستفادة منها، اعتبار انفصال الغسالة 300

الكلام في ما يتحقّق به انفصال الغسالة 302

انّ المقدار المعتبر من اخراج الغسالة هو المقدار المتعارف من الماء الباقي في المحلّ النّجس بالتّطهير 303

في ما قيل من وجوب العصر تعبّدا 305

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 419

اذا تنجّس القند او السّكر و امثالهما 305

اذا نفذت النّجاسة بباطن جسم الشّي ء 306

في ما يبقى في الباطن من الماء 308

في ما اذا تنجّس مثل اللّحم 309

في ما يستدل به على قابليّة تطهير باطن الاجسام 310

في الغسل بالماء الكثير وقوع الكلام في امور: 312

في الغسل بالماء الكثير و عدم اعتبار انفصال الغسالة و العصر فيه 312

بعد زوال النّجاسة عن المتنجّس بمجرّد غمسه في الماء الكثير يطهر في عدم اعتبار العصر و نحوه في ما تنجّس ببول الرّضيع 314

يشترط في لحوق الحكم ان يكون اللّبن من المسلمة 314

يشترط في الصبيّ ان

لا يكون متغذّيا بالغذاء 316

في ما اذا شكّ في نفوذ ماء النّجس في الباطن، مثل الصّابون و نحوه 317

لا يطهر الدّهن المتنجّس بوضعه في الكرّ الحارّ بحيث يختلط معه 318

كيفية تطهير الحبوب بوضعه في الكرّ الحارّ بحيث يختلط معه كيفية تطهير الحبوب كالأرز و الماش و نحوهما 320

كيفيّة تطهير الحبوب كالأرز و الماش و نحوهما 320

كيفيّة تطهير الثوب النّجس في المركن يعنى الطّشت 321

في اللّحم المطبوخ بالماء النجس او المتنجّس 322

في الطين النّجس اللّاصق بالابريق 322

في الطّحين و العجين النّجس 323

في حكم ما اذا تنجّس التنّور 323

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 420

في كيفية تطهير الارض الصّلبة و الطّرق المفروشة بالآجر و الحجر 324

مجمع الغسالة يبقى نجسا اذا كان الماء قليلا 325

لو أريد تطهير البيت لو السّكّة بالماء القليل 325

في حكم ما اذا صبغ الثّوب بالدّم او النّيل النّجس 326

فيما يعتبر فيه التّعدد لا يلزم توالى الغسلتين او الغسلات 327

هل يشترط ان يكون العصر بعد الغسل فورا أو يجوز تأخيره 328

في الغسلة المزيلة للعين 329

النّعل المتنجّسة تطهر بغمسها في الماء الكثير 330

في الذّهب المذاب و نحوه من الفلزات 331

في ما اذا كان الذّهب و نحوه نجسا فأذيب 332

في حكم الحلّى الّذي يصوغه الكافر اذا لم يعلم ملاقاته له مع الرّطوبة 333

النّبات المتنجّس يطهر بالغمس في الكثير 333

في الكوز الّذي صنع من طين نجس او كان مصنوعا للكافر 334

في حكم اليد الدّسمة اذا تنجّست 334

في كيفية تطهير الظّروف الكبار 335

الوجوه المذكورة في تطهير الظّروف الكبار المثبتة تجرى في

الظّروف الغير المثبتة أيضا 336

كيفيّة تطهير الحوز بالماء القليل 337

في كيفيّة تطهير افراغ ماء الغسالة عن الظّروف الكبيرة 338

في افراغ الغسالة عن الظّروف الكبيرة بالآلة 339

مقتضى اطلاق رواية عمّار عدم اعتبار تطهير الآلة في كل مرّة 340

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 421

هل يشترط اخراج الغسالة عن الظّرف فورا 341

في القطرات الّتي تقطر عن الغسالة حين إفراغها في الظّرف 342

في حكم الحياض بانّها ملحقة بالظّروف موضوعا و حكما او لا؟ 342

في تطهير شعر المرأة و لحية الرّجل 343

اذا غسل ثوبه المتنجّس ثمّ رأى بعد ذلك فيه شيئا من الطّين او من دقاق الاشنان 343

اذا تعدّت الغسالة من المحلّ النّجس الى المحلّ الطّاهر 344

حكم الطّعام النّجس المتخلّف بين الأسنان و الطّعام الطّاهر الملاقي للدّم داخل الفم 346

آلات التّطهير كاليد و الظّرف تطهر بالتّبع 347

الثّاني من المطهّرات: الارض و هي تطهر باطن القدم و النّعل بالمشي عليها او المسح بها مع زوال عين النجاسة 348

في الرّوايات الواردة في مطهّرية الارض 349

في بيان، انّ الارض يطهر بعضها، بعضا 350

عدم الفرق بين كون النّجاسة في القدم او النّعل حادثة من الارض او من غيرها 351

في مطهّرية الارض بحسب فتاوى الاصحاب 352

هل مطهريّة الارض تختص بخصوص باطن القدم او يعمّه و يعمّ غيره 354

في انّ المطهّر خصوص التّراب و الرّمل و الحجر او يعمّ غيرها أيضا 355

ما هو المعتبر في مطهريّة الارض هو وقوع المشى عليها 356

يشترط في مطهّرية الارض زوال عين النّجاسة عن المحلّ 357

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 422

في

كفاية مسمّى المشى او المسح على الارض 358

لا يعتبر في مطهرية الارض وجود الرّطوبة في القدم او النّعل 359

الكلام في شرطيّة يبوسة الارض و جفافها 360

في انّ رطوبة الغير المسرية غير مضرّة 361

هل يعتبر زوال اثر النّجاسة كالرّيح أم لا؟ 362

في عدم صحّة التّمسك بقاعدة لا حرج لرفع الحكم الوضعى و هو النّجاسة 363

هل يجب ازالة الاجزاء الصّغار العارضيّة 364

اذا سرت النّجاسة الى داخل النّجاسة لا تطهّر بالمشي 365

في طهارة ما بين اصابع الرّجل بالمشي اشكال 366

الكلام في كفاية المسح على الحائط 367

اذا شكّ في طهارة الارض بينى على طهارتها 368

اذا علم وجود عين النّجس او المتنجّس لا بدّ من العلم بزوالها 368

في ما اذا كان شاكّا بانّ ما تحت قدمه ارض او غيره 369

في طهارة النّعل المرقوع برقعة طاهرة اذا تنجّست بالمشي دون المرقوع برقعة نجسة 370

الثّالث من المطهرات: الشّمس و هي تطهّر الارض و جميع ما لا ينقل من كلّ نجاسة 371

في ذكر الاخبار المربوطة بمطهّرية الشّمس 372

الكلام في ما يحتمل من قوله عليه السلام ان كان تصيبه الشّمس او الرّيح 373

في ذكر الاخبار المربوطة بمطهّرية الشّمس 375

في ذكر فتاوى الاصحاب لمطهريّة الشّمس 376

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 423

انّ مطهّرية الشّمس مخصوصة بالارض او تعمّها و غيرها من غير المنقول 378

الكلام في خصوص الحصر و البوارى 379

في الاستدلال بالرّواية لتطهير الحصر و البوارى بالشّمس و الايراد عليها 380

الكلام في شمول اطلاق بعض الرّوايات الواردة للحصر و البوارى 381

هل الشّمس تطهّر السّفينة و الطّرادة من غير المنقول

382

في اشتراط ان يكون اشراق الشّمس على الموضع النّجس بلا حجاب 382

لا بدّ من ان يكون الجفاف بنفس الاشراق 382

هل يكفي في مطهريّة الشّمس اشراقها على المرآة ثمّ منها الى الارض 383

الكلام في طهارة باطن الارض بالشّمس 384

اذا كانت الارض جافّة و اريد تطهيرها بالشّمس 385

في الحاق بعض العلماء البيدر بغير المنقول 385

الحصى و التّراب و الطّين و الاحجار و المسمار و نحوها تطهّر بالشّمس ما دامت في الارض 386

يشترط في مطهريّة الشّمس زوال عين النّجاسة 387

اذا شكّ في رطوبة الارض حين الاشراق او بعده او في زوال عين النّجاسة 388

الكلام في طهارة الجانب الّذي لم تشرق عليه الشّمس تبعا للجانب الّذي أشرقت عليه من الحصر و البوارى و الجدران و نحوها 389

الكلام في الارض الّتي وقعت تحت الحصير اذا كانت نجسة 390

الرّابع من المطهرات: الاستحالة، تحقيق مفهوم الاستحالة و انواعها 392

في الاستدلال على مطهريّة الاستحالة 393

الكلام في بعض الاخبار الواردة في الباب 393

ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، ج 3، ص: 424

لا يطهّر العجين النّجس بصيرورته خبزا 394

في بيان رفع التّعارض بين الرّوايتين في ما اذا صارت الخشبة النّجسة رمادا 395

في ما اذا صار البول او الماء المتنجّس بخارا 399

في ما يصير ماء بعد صيرورته بخارا 399

في ما اذا صار الكلب ملحا 400

في ما اذا صارت النّطفة حيوانا 401

اذا صار الطّعام النّجس جزءا، للحيوان 401

اذا صارت الحنطة المتنجّسة طحينا او عجينا او خبزا 401

في ما اذا صار الحليب المتنجّس جبنا 401

اذا صار الخشب المتنجّس خزفا او آجرا 402

الكلام في

الطّهارة مع الشّك في الاستحالة 402

الفهرس 405

________________________________________

گلپايگانى، على صافى، ذخيرة العقبى في شرح العروة الوثقى، 10 جلد، گنج عرفان، قم - ايران، اول، 1427 ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.